الأربعاء 04 أيلول 2024

05:14 pm

الزوار:
متصل:

كنيسة مار جرجس اهدن: معلم ديني على خارطة السياحة المحلية والدولية

تحقيق كلاريا الدويهي معوض

في الثالث من تموز 2024، وخلال مؤتمر صحافي لمؤسسة البطريرك اسطفان الدويهي ورعية اهدن زغرتا  في بكركي، فاجأ وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار الحضور بالإعلان عن قرار بإدراج كنيسة مار جرجس في إهدن على "خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية"، وذلك تكريما للبطريرك اسطفان الدويهي الطوباوي العتيد وبطل لبنان يوسف بك كرم،
فما هي اهمية هذه الخطوة بالنسبة لاهدن وللكنيسة؟ وماذا عن تاريخها؟

كنيسة مار جرجس
بنيت كنيسة مار جرجس عام 1880 وفي كتابه "اهدن فردوس الكنائس والأديار حجارة تتكلم"، كتب الخوري يوحنا مخلوف عنها: نظرا لصغر حجم كنائس اهدن، شعر الإهدنيون بأهمية وجود كنيسة كبيرة تسع جمهور المؤمنين الذين يتزايدون يوماً بعد يوم. فطلبوا من وكيل الوقف يومذاك حبيب بك كرم إقامة كنيسة كبيرة على إسم مار جرجس، وفاء لأجدادهم الذين شيّدوا على هذه القلعة كنيسة قديمة تحمل اسم هذا القديس.
 

صمّم وكيل الوقف على تلبية مطلبهم، فقصد البطريرك الماروني بولس مسعد يستأذنه للقيام بهذا البناء.
 

قبِلَ غبطته الطلب، وكلّف حبيب بك القيام ببناء كنيسة كبيرة وفسيحة، مع الإذن بالبيع من أراضي الوقف إذا اقتضت الضرورة ذلك.

بناؤها

اما عن تاريخ بناء كنيسة مار جرجس، فذكر ان "كاتدرائية مار جرجس الجديدة بنيت بالقرب  من الكنيسة القديمة وبدأت الأعمال فيها سنة 1859 ، غير أن الأحداث التي شهدها جبل لبنان ومذابح سنة 1860، وكذلك ثورة يوسف بك كرم ضدّ الأتراك أوقفت البناء زهاء عشر سنوات ثم أكمل سنة 1870 وانتهت الأعمال سنة 1880."

العونة
وما يميز بناء هذه الكنيسة، ما ذكره المؤرخون عن "الطريقة التي اعتمدها الإهدنيون أي "العونة "، وهي تعبّر عن روح الإيمان والتضامن فيما بينهم، اذ اصطف الأهالي من مقلع قزحيا ، قرب قرية العربة، حتى ساحة الكتلة وراحوا ينقلون الحجارة من يد الى يد .

أراد الإهدنيون هذه الكنيسة صورة عنهم، شامخة، صلبة، تتعانق حجارتها عناقاً لا رجوع فيه."

ويُروى ان  حبيب بك كرم استقدم المعلّم أبو داوود الشويري ليبني الكنيسة وكان بناؤه مشهورا، وعاونه البناؤون جرجس وحنا وسليمان صوطو الإهدنيون.

قبّة الكنيسة
شيّد قبة كنيسة مار جرجس المعلّم بولس ابن الشدياق جرجس يمّين سنة 1898 وساعده سركيس مخائيل موسى شكري كرم، وكلاهما من إهدن، وزينّاها بالنقوش الجميلة حتى غدا من بين أجمل قبب كنائس لبنان.

تحتوي الكنيسة سبعة مذابح كبيرة، مذبح مار جرجس في الوسط، مذبح مريم العذراء عن يمينه ومذبح مار يوسف البتول عن شماله على الجانب الأيمن مذبحان : مذبح مار أنطونيوس البادواني، ومذبح القديسة تريزيا الطفل يسوع الذي كان قديماً مذبح مار سمعان العامودي على الجانب الأيسر .
 

مذبح مار يوحنا مارون ومذبح قلب يسوع الأقدس.
الموهف(السكرستيا)
في الموهف(السكرستيا) مذبح يقدّس عليه الكهنة أيضاً.
 

بني الموهف سنة 1884 أي بعد أربعة أعوام بعد الانتهاء من بناء الكاتدرائية مبلغ وقدره ستة آلاف ليرة ذهبية دون أن يباع أي متر من أوقاف الرعية، واشترى حبيب بك كرم شجرة زيتون ووقفها للكاتدرائية دلالة على أن يد الله رافقته في هذا البناء، دون أن يضطر الى بيع قطعة أرض للوقف."
 

ترميم كنيسة مار جرجس
بدأت أعمال ترميم كنيسة مار جرجس – إهدن في الشهر الثالث من سنة 2016 حيث عمدت اوقاف رعية اهدن – زغرتا الى اقفال الكنيسة الاثرية، وبدأت فيها اعمال التدعيم والترميم بعدما تم اخراج محتوياتها ونقلها الى كنيسة مار بولس المجاورة لها، بعد التشققات التي طالت جدرانها وشكلت خطرا على بنائها وعلى المصلين فيها، وتم تدعيم الكنيسة المهددة من الداخل والخارج بأعمدة "انابيب"  وربطها بجسور من الباطون المسلح تحت اساسات الكنيسة المبنية وفق الطرق القديمة "رك حجر" دون أعمدة او "راديه" وذلك لتفادي التشققات التي ظهرت في الجدران والمذابح والسكرستيا مهددةً الكنيسة الاثرية التي بناها الاهدنيون منذ اكثر من 200 سنة على رابية صغيرة وسط البلدة .

ووفق مصادر الرعية فقد بلغ مشروع التدعيم الذي  نحو مليون ومئة الف دولار دَفعت تكاليفه الهيئة العليا للاغاثة لان العوامل الطبيعية هي المسؤولة عما آل اليه الوضع راهناً، والتدعيم تمّ  وفق دراسة هندسية أشرف  على تنفيذها شركة خطيب وعلمي كمستشارين من هيئة الإغاثة وبإشراف مديرية الآثار وبمراقبة وقف إهدن – زغرتا و نفذ المشروع شركة أنطوان مخلوف.

رفات البطريرك الدويهي
وما يضفي على كنيسة مار جرجس اهمية اضافية هو انها تحتضن رفات البطريرك الدويهي مع مجسم له تحدث عنه الخورأسقف اسطفان فرنجيه قائلا: "لقد أعلنا نحن كمؤسسة للبطريرك الدويهي، انتهاء المرحلة الأولى من البحث عن رفات البطريرك الدويهي، الذي أصبح داخل هذه الكنيسة، فلنصلِّ ونطلب شفاعته لأنه كان خادما لهذه الرعية قبل أن يصبح بطريركا، ونطلب من الرب أن تتم احتفالات إعلان تطويبه بنجاح".

اما الدكتورة ندى الياس فقالت عن البحث عن الرفات: "في ربيع 2018 أطلق البحث عن رفات البطريرك الدويهي في مدفن القديسة مارينا. وشملت الترتيبات الأثرية التي جرت في مدفن القديسة مارينا حيث وجدت كومة عظام من دون أي ترابط مفصلي، تم نقلها كلها إلى الكرسي البطريركي في الديمان ومن هناك وفي مختبر خاص أُنشئ لهذه الغاية بدأت مرحلة تجميع الجثامين عبر فحص الحمض النووي لأربعة وأربعين شخصاً. واستطعنا الوصول إلى38  جثمانا كاملا من بينها رفات البطريرك الدويهي.
الزلوعا
بدوره، اعرب البروفيسور بيار الزلوعا عن سروره بالعمل مع المجموعة على توثيق تاريخ بطريرك من إهدن، وقال: "لقد كان مشهد العظام المتراكمة فوق بعضها البعض مريباً جداً، ولكن مع وجود الإيمان لا شيء صعب، وتمكننا بعد عمل دؤوب من التوصل إلى تحديد جثمان البطريرك الدويهي".

جثمان يوسف بك كرم

كما وتحتضن كنيسة مار جرجس جثمان بطل لبنان يوسف بك كرم، الذي فتح ملف دعوى تطويبه بفضل جهود المهتمين وصلوات الناس، والذي يبعث في حناياها بعضاً من نسمات روحه الطاهرة، وقد ارتبط اسم هذه الكاتدرائية باسم "كرم" ويقصدها الكثيرون لرؤية ظاهرة جثمانه غير البالي، ولطلب شفاعته.
 

ولد يوسف بك كرم في اهدن سنة 1825. تربى على التقوى والفضيلة ومحبة العلم وعشق الوطن. في العشرين من عمره نصّبه الأمير حيدر اسماعيل حاكماً على إهدن، وعيّن سنة 1861 قائمقام النصارى. رفض نظام المتصرفية تعيين متصرف أجنبي على لبنان لأنه سيعمل لصالح السلطنة على حساب الشعب اللبناني.
 
رفض كل أنواع الإستعباد الداخلي والخارجي وحمل لواء الحرية والتحرر للشعوب، وحقها المقدّس في تقرير مصيرها.
أطلق مشاريع رائدة سابقة لعصره كمشروع "التكامل المشرقي" الذي تحقق سنة ١٩٤٥ مع قيام جامعة الدول العربية.
استبق ما قامت عليه الأمم المتحدة سنة 1945 من أهداف وما وضعته الكنيسة في صلب تعليمها الرسمي في المجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1965، حيث ظل ينادي بكرامة الشخص البشري.
ترك يوسف بك عدّة كتب وقصائد يتغنى فيها بالإبن المتجسد وأمه مريم، والقديس يوسف والكنيسة.
 

توفي في منفاه في إيطاليا سنة 1886، ونقل جثمانه الى إهدن ووضع في ضريح مفتوح في كنيسة مار جرجس."
 

اجمل الكنائس
ويقول المطران يوسف الدبس: "إن كنيسة القديس جرجس في اهدن من أجمل الكنائس في لبنان وأفسحها."

السياحة المحلية والدولية
من الطبيعي بعد كل ما ذُكِر، ان تتحول كنيسة مار جرجس وجهة للسياحة الدينية بعد وضعها على خارطة السياحة الدينية المحلية والدولية مع ما يعني ذلك من تنشيط نسبة الزوار والسياحة الدينية في اهدن والمنطقة .

مكتبة اهدن
مواكبة لاحتفال تطويب البطريرك اسطفان الدويهي ووضعها على خارطة السياحة الدولية، تم افتتاح مكتبة اهدن التابعة لرعية اهدن زغرتا بالقرب من الكنيسة وهي تضم مجموعة من الكتب الدينية والتماثيل والأيقونات وتماثيل وصور خاصة بالطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي .

مزار القديسة مريم سيدة لورد

كما يقوم وقف رعية اهدن - زغرتا ببناء مزار على اسم القديسة مريم سيدة لورد بعدما تمت إزالة المزار القديم  من سنوات عدة بسبب الضرر الذي كان يسببه على كنيسة القديس بولس (بيت الكهنة) أي مطرانيّة اهدن القديمة، بسبب الرطّوبة وإخفائه الدير القديم الذي يعود بنائه الى القرن السادس على يد الآباء اليسوعيين.
وقد قام المغترب  ريمون أنطوان جبران بالتبرّع لبنائه لراحة نفس سايد يوسف يعقوب الحجّ كما قام بصيانة تصوينة الكتلة وبناء التصوينة قرب المزار المذكور وقام بأعمال الدهان اللازمة للتصوينة.

 

                         ===========

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب