تحقيق فاطمة عيسى
وطنية - تكاد لا تخلو قرية في منطقة بنت جبيل جنوبا من مدرسة رسمية. مبان مجهزة تتسع لأعداد كبيرة من التلامذة، وقد استقبلت في الأعوام الأخيرة عددا كبيرا من طلاب المدارس الخاصة وذلك بعد ارتفاع أقساطها التي لم ترحم جيوب اللبنانيين، فازداد الاقبال على التعليم الرسمي الذي شهد تطورا ملحوظا في جودته التعليمية، ومعالجات فعالة للنهوض به، كل ذلك أعطاه فرصة لإثبات نجاحه ومنافسة التعليم الخاص، وبالتالي التخفيف عن كاهل الأهالي وردم الهوة وإعادة الثقة بالمدرسة الرسمية.
بحسب المنطقة التربوية في منطقة النبطية، فإن القطاع التعليمي الرسمي يشهد عموما وفي محافظة النبطية والأقضية التابعة لها خصوصا، نهوضا ونموا مستمرا لجهة تزايد عدد الطلاب وذلك بفعل استعادة ثقة الأهالي بالمدرسة الرسمية، والإنجازات التي تقوم بها وزارة التربية، سواء على مستوى تدريب وإعداد المعلمين او على مستوى العمل على تأهيل المدارس وتجهيزها، وذلك بالتعاون والشراكة مع مؤسسات المجتمع الدولي و"اليونيفيل" والجهات المحلية الداعمة وبتمويل من المجتمع المحلي ومجلس الجنوب.
المواطنون في منطقة بنت جبيل، ولدى استيضاحهم عن أي نوع مدارس يفضلون، يؤكدون بغالبيتهم "كنا نتجه سابقا نحو المدرسة الخاصة بعد أن رأينا تراجعا للمستوى التعليمي في الرسمي، ولكن الآن لم يعد باستطاعتنا تحمل أعباء الأقساط هناك. نحن نرى اهتماما متزايدا بالطلاب في المدرسة الرسمية، ونتائج تعليمية مرضية".
هذه الثقة المتزايدة من قبل الأهالي لوحظت بعد العمل الجاد لتطوير التعليم الرسمي فعلى سبيل المثال، المدارس التي صنفت سابقا متعثرة، وأقفلت كمدرسة يارون الرسمية ومركبا وتولين وكفرفيلا وعديسة، أعيد فتحها خلال عام 2018-2019 وشهدت اقبالا واسعا، ومدارس أخرى دمجت بهدف تقويتها أولا، وتوسيع الخيارات للغات المطلوبة (الفرنسية والإنكليزية)، هذا الدمج من شأنه أيضا التوفير على خزينة الدولة من ايجارات مبان ومتعاقدين ومدراء ونظار، والاهم المحافظة على الطلاب في المدرسة الرسمية. فازدادت نسب النجاح في الامتحانات الرسمية وفي 60% من المدارس الرسمية كانت نسبة النجاح تقارب الـ 100%.
عاشور
اطلق اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل منذ ما يقارب الخمسة أعوام مشروع "النهوض بالتعليم الرسمي" ، في بلدات القضاء، ويعنى المشروع بحسب رئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل رضا عاشور، "بدعم المدرسة الرسمية في هذه المنطقة، إن لجهة تأمين أساتذة من ذوي الاختصاص في حال النقص في المعلمين وإن لجهة إقامة دورات تعليمية ودورات تقوية للطلاب المستهدفين، بالإضافة الى ورش تعنى بالجانب السلوكي والصحي والرياضي للطلاب".
وأشار عاشور الى ان "هذا المشروع لاقى دعم المنطقة التربوية في النبطية ووزارة التربية التي قدمت كل التسهيلات القانونية لتطوير عمله وتذليل كل العقبات التي تعيق هذا التطور".
أبو شقرا
من جهته رحب رئيس المنطقة التربوية في النبطية أكرم أبو شقرا بـ "مبادرة اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل"، وأكد أن "المنطقة التربوية منفتحة على كل المبادرات وتدعمها وذلك لقدرتها على المساعدة في الوقوف على احتياجات المدارس من الإمكانات المتوفرة".
وعن ابرز المشاكل التي يعانيها قطاع التعليم الرسمي قال: "إن المدارس الرسمية في منطقة بنت جبيل تتشارك مع غيرها من المدارس الرسمية في لبنان لجهة زيادة عدد معلمي ومعلمات الملاك من خريجي كلية التربية ودور المعلمين، لا سيما وان كلفة التعاقد باهظة ولا يمكن لجميع مدارسها تغطية كلفة التعاقد مع معلمين من ذوي الاختصاص، فضلا عن ان الصناديق تعاني عجزا دائما بفعل ارهاقها بمصاريف تغطية الخدم وعمال المكننة والصيانة وغيرها من المصاريف، ما يحرم المدرسة من الأنشطة ومن التطور( تجهيزات ومختبرات...)".
وأشار إلى أن "هناك مشكلة النزوح من مدرسة رسمية الى أخرى بحيث يجبر الاهل بسبب طبيعة عملهم الى نقل أولادهم من مدرسة الى أخرى ما يحرم القرى الصغيرة من تطوير نفسها"، لافتا الى أن "هناك احجاما من الأهالي عن تسجيل أولادهم في القسم الفرنسي واختيارهم اللغة الإنكليزية، ما أدى الى زيادة عدد الطلاب في المدارس التي تعتمد تدريس الإنكليزية على حساب تلك التي تعتمد اللغة الفرنسية وفي ظل وقف التعاقد على نفقة الوزارة تزيد الحاجة الى التعاقد مع مدرسي لغة انكليزية. وفي معرض ذكر الحاجات فإننا نؤكد حاجة مدارسنا الرسمية الى أساتذة مواد إجرائية ( تربية - رياضة- رسم - موسيقى) وبالتالي الحاجة الى تأمين هذه المواد من خلال التعاقد".
وتابع: :اذا، كباقي المدارس، تعاني بعض المدارس الرسمية عقبات تحول دون تطورها وقدرتها على منافسة المدارس الخاصة، ولكن ذلك لا يلغي الجهد المستمر لتطوير الأداء التعليمي، فالمنطقة التربوية تشرف بشكل مباشر ودائم على العمل في المدارس وتواكب تطورها بدءا من مشاريع الترميم وإوضاع الأبنية، مرورا بالامور الصحية ، فهناك تعاون مع مكتب الارشاد الصحي والتنسيق المباشر واليومي مع غرف العمليات الموجودة في الوزارة بهذا الخصوص والمرشدين الصحيين في المدارس لحماية التلامذة وضمان سلامتهم".
وأوضح أنه "ومن أجل ضمان حق التعليم لكل الطلاب، عمدت الوزارة الى تعزيز غرف الدعم بإشراف أخضائيين نفسيين وتقويم نطق في بعض المدارس" ، آملا "تعميم التجربة في مدارس أخرى وذلك بالتعاون مع جمعية CLESS وبإشراف مباشر من المديرية العامة على دعم الطلاب ذوي الصعوبات التعليمية من اجل تعزيز قدراتهم".
وأكد أن "المنطقة التربوية تعمل على فتح صفوف روضات باللغة الإنكليزية وذلك تلبية للاقبال الكثيف من قبل الأهالي، وتساهم على قدر امكاناتها المتواضعة بدعم بعض صناديق المدارس وهذه آليات متبعة في مدارس أقضية المحافظة".
إذا، تشهد مدارس منطقة بنت جبيل نموا وتقدما يوما بعد يوم، وهذا ما تؤكده اعداد الطلاب الوافدين اليها ونتائج الامتحانات الرسمية، اذا بلغ عدد التلامذة المسجلين هذا العام في المدارس الرسمية في منطقة بنت جبيل ، سبعة الاف طالب في مرحلتي الروضات والاساسي والفي طالب في المرحلة الثانوية وذلك بحسب المنطقة التربوية التي تؤكد أن" المدرسة الرسمية وجدت لتكبر وان أي تعثر لن يعالج بالاقفال، بل بالدعم والمساعدة والرعاية، لان وجود هذه المدارس في كل قرية وكل مدينة هو حماية لحقوق الطلاب بالحصول على التعليم المجاني الرسمي وحماية لهم من التسرب المدرسي".
===================