تحقيق نظيرة فرنسيس
وطنية - تطل علينا الاعياد على التوالي: الشعانين والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي والشرقي ويليها عيد الفطر السعيد، فتكثر التحضيرات والاستعدادات وتلبس المحال التجارية حلة العيد وتزدان الواجهات بالالوان الزاهية، هي ألوان الفرح، وتمتلئ محال الحلويات بأطيب انواع الشوكولا والبيض ومعمول العيد، وينتظر الاطفال يوم العيد بفارغ الصبر ليحملوا على الاكتاف وهم يرفلون بأثوابهم المزركشة ويسيرون في زياح الشعانين مع الشموع المضاءة وهم يرنمون "هوشعنا في الاعالي، مبارك الآتي باسم الرب".
ولكن هل الأوضاع الاقتصادية التي يرزح تحتها المواطن ما زالت تسمح له بأن يستعد لاستقبال الأعياد المجيدة بفرح؟ وهل البطالة التي تطال معظم لا بل غالبية الشعب والتي تشكل عائقا كبيرا امام مصاريف العيد ستلقى الحلول المنشودة؟ وهل تفي المدخرات بالحاجة الى كسوة العيد أم أن على رب العائلة ان يكتفي بتأمين الضروري من المأكل والمشرب واقساط المدارس ويجدد ثياب العام الماضي من دون الحاجة الى المزيد من التكاليف؟.
هذه الأسئلة حملتها "الوكالة الوطنية للاعلام" الى أصحاب المحال التجارية في سوق فرن الشباك الذي يفتقد رواده وقد بدا خاليا الا من بعض المشاة والمتنزهين فقط، بعدما كان يعتبر المقصد الاول لمحبي الموضة والازياء الراقية، إذ تتنوع فيه المحال وتلبي حاجة كل الاذواق اكان لناحية الالبسة او الاكسسوارات او العطورات والمجوهرات وغيرها ام لناحية الحلويات والشوكولا ومعمول العيد، وكان للتجار آراء واقتراحات للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تكبل عملهم وتشل الحركة العامة.
تجار الالبسة
وأشار جورج بجاني وهو صاحب محل ألبسة نسائية جاهزة يستورد بضاعته من الخارج كما لديه بضاعة مصنعة محليا، الى أن "نسبة المبيعات تراجعت جدا هذا العام، اذ باتت السيدة تشتري الضروري فقط وخصوصا الملابس السوداء الرسمية، ما اضطره الى تخفيض الاسعار حتى وصلت الى سعر الكلفة، كما انه خفض أسعار التشكيلة الجديدة الNew Collection بنسبة خمسين في المئة، وحتى انه اضطر الى تخفيض عدد الموظفات لكي يخفف من الاعباء المفروضة عليه من ايجار وضرائب وبلدية وكهرباء وفاتورة هاتف وغيرها، في انتظار حصول معجزات الحلول الإقتصادية التي تنقذه وغيره من التجار من الاستيراد غير المشروع".
وأوضح ستيف بوياجيان وهو صاحب محل outlet، ان "سوق فرن الشباك التجاري المعروف باكتظاظه بالمستهلكين لم يعد كسابق عهده وخصوصا بوجود "المولات" واستحواذها على الناس التي باتت تستسهل وجود كل البضائع في مجمع واحد، كما ان الطلبات عبر الاونلاين الOnline اصبحت كثيرة ويعود سببها الى ضيق الوقت والى الاسعار الاوفر بالتأكيد، كما ان اللبناني لديه مخاوف من الاضطرابات التي تحيط به ولهذا فتراه يوفر "قرشه الأبيض ليومه الأسود" والمطلوب هو الحد من العمالة الأجنبية وخلق فرص عمل اكبر لجميع اللبنانيين الصامدين في ارضهم مهما صعبت الظروف".
تجار الاحذية
مهدي الخنسا أحد أصحاب محال الاحذية النسائية، قال: "ان نسبة المبيعات انخفضت بشكل ملحوظ، على الرغم من ان اسعارنا تناسب كل الميزانيات، فمثلا سعر الحذاء الرياضي النسائي يتراوح بين العشرين والثلاثين الف ليرة لبنانية، والحقائب من الجلد الاوروبي المميز تتراوح اسعارها مع التنزيلات بين الخمسة واربعين الف ليرة والخمسين. اما الاحذية الصيفية (الصنادل) التي يتم انتعالها في المناسبات كالاعراس والحفلات فهي بمئة دولار اميركي، وعلى الرغم من كل التسهيلات يراوح الوضع مكانه ولا يكفي لتسديد مصاريف المحل ورواتب للموظفين".
ايلي حرب وهو صاحب محل لبيع الاحذية الجلدية النسائية والرجالية والولادية منذ اكثر من خمسين عاما في سوق فرن الشباك، رأى أن "الركود الاقتصادي يعود الى عوامل عدة، ولا سيما ان "العالم طفرانة"، كما ان فرص العمل شبه معدومة، والمحلات الجديدة تفتتح عشوائيا وتنافس المحال القديمة التي تراها تقفل ابوابها الواحد تلو الآخر بسبب كثرة المصاريف وقلة الأرباح".
وقال: "ان المجمعات التجارية او "المولات" استحوذت على اهتمام الكثيرين، ولكن حتى في "المولات" تراجعت نسبة المبيعات بنسبة كبيرة، اذ اصبح المواطن يصطحب عائلته ليشتري خلال فترات التنزيلات من المواد الغذائية الأساسية مكتفيا بالنزهة والإطلاع على كل جديد من وراء الواجهات الزجاجية فقط، بسبب تدني القدرة الشرائية لديه اولا ولعدم قدرته على العمل ثانيا".
بدوره أوضح فيكان نحاس وهو صاحب محل لبيع الأحذية النسائية انه "هذا العام، تمر فترة الاعياد المجيدة بشكل عادي وخصوصا أن نسبة البطالة وصلت الى الاربعين في المئة بين فئات الشعب اللبناني، وهذا طبعا سينعكس على القدرة الشرائية لديها، وكيف سيوفق رب العائلة بين تأمين الضروريات من مأكل ومشرب واقساط المدارس والطبابة وهو من دون اي عمل واي مدخول شهري ثابت".
واشار الى ان "سوق فرن الشباك معروف بالزحمة في فترة الاعياد، وكذلك بالنسبة لسوق برج حمود، ولكن الذي يمكن تأكيده هو انخفاض نسبة البيع من تسعين بالمئة او حتى مية بالمية الى 35 بالمئة، ولا يمكننا القول الا الرزق على الله ونحن نرضى بقسمته".
وتابع: "ولا بد لي هنا من الاستشهاد بقول النبي جبران خليل جبران ويل لامة تلبس مما لا تنسج، وتحصد مما لا تزرع، واناشد في هذا الاطار كل لبناني ان يدعم صناعة بلده وان يشتري من منتوجات ابناء شعبه ويوقف الاستيراد من الخارج بحجة انها الارخص والاوفر، لأن هذا يفاقم الازمة الاقتصادية ويضاعف الدين العام، علما ان البضائع المصنعة في لبنان تعد من النوعية الممتازة وحاصلة على افضل المعايير العالمية، وبهذه الطريقة تتاح فرص عمل اكبر لاولادنا وشبابنا رجال المستقبل. وساعطي مثالا على المعامل المنتجة في برج حمود وهي اليوم في حال يرثى لها، والمطلوب فقط دعم الصناعة والزراعة الوطنية كي نتمكن من الانطلاق مجددا، ولكي نخطط لمستقبل اولادنا الذين يسعون الى الهجرة والابتعاد عن كل هذه المشاكل".
يوسف كريديه أحد تجار الاحذية النسائية والولادية بالجملة والمفرق، أشار الى أنه "اضطر في فترة الاعياد الى تخفيض الاسعار وحتى على البضاعة الجديدة ال New Collection بنسبة ما بين الخمسين الى الستين بالمئة وذلك كي يخفف ولو القليل على أرباب العائلات وعلى ذوي الدخل المحدود ولكي تكون الاعياد مباركة على الجميع".
محال الشوكولا والاكسسوارات
ولفت إيلي زاخر الذي يملك محلا لبيع الشوكولا الخاص بالمناسبات، الى انه "من المعروف ان الشوكولا يحسن المزاج ويعطي حيوية لكل انسان مهما كان عمره، وهو يعد السلعة الاكثر مبيعا في العالم، بالاضافة الى انه "الهدية المثلى" في كل مناسبة ولا سيما في الاعياد، ولهذا فانني اعتبر ان المبيعات تسجل ارتفاعا ملحوظا في فترة الأعياد والمناسبات، ولكنها تنخفض بشكل كبير في الايام العادية وطبعا كل ذلك يعود الى الأزمة الاقتصادية في البلد ".
وأوضحت منى احمد وهي مسؤولة في محل لبيع الأكسسوارات النسائية والعطورات والماكياج والحقائب الجلدية قالت ان "صاحب المحل اضطر الى صرف الموظفات، ولم يبق غيرها وذلك بسبب كثرة المصاريف وقلة المبيعات. وفي موسم الشعانين بعت شمعة واحدة لغاية اليوم، مع العلم ان الاسعار مخفضة جدا وتبلغ العشرة آلاف ليرة للشمعة الواحدة المزينة، كما ان سعر الحقيبة الصغيرة لا يتعدى العشرة آلاف، وكذلك سعر القبعات الخاصة بالشعانين، ويتبع ذلك اسعار العطورات والاكسسوارات وغيرها. وعلى الرغم من ذلك لا توجد حركة تدل على أننا في أيام العيد"، داعية الى سياسة اقتصادية مدروسة وفعالة تضبط التهريب".
سوق فرن الشباك مثال لمعظم الأسواق اللبنانية التي تعاني تراجعا كبيرا في المبيعات، وعلى رجاء القيامة، نأمل قيامة هذا الوطن من الازمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق تقدمه لانه آن الاوان لهذا الشعب الذي عانى الكثير وما زال، ان ينعم بالاستقرار والبحبوحة وان يعيش بسلام في بلد مزدهر ومتطور.
====================== و.خ