تحقيق ريما يوسف
وطنية - كم مرة كان يومنا قاسيا وحاجتنا تدعو إلى فيلم أو أغنية، أو ربما لوحة، كي نفرغ فيها يأسنا من الازمات المعيشية اليومية، أو وجدنا أنفسنا مأخوذين بشخصية خيالية، في هذه الرواية أو ذاك الفيلم!. وربما اراد الواحد منا في كثير من المرات عبور حدود النص الأدبي أو الكادر السينمائي ليكون إلى جانب أحد أبطال عمل فني محبب، لمشاركته لحظات فرحه وألمه وتلمس حقيقته على نحو أقرب. وكم من مرة تحملنا نوتات موسيقية الى عالم خيالي يأخذنا من واقعنا الحياتي والمعيشي، فهل تتخيل نفسك من دون الفن وتعيش فقط في عالم السياسيين واهوائهم؟.
صندوق التعاضد الموحد للفنانين الذي يضم النقابات الفنية الثمانية يقرع جرس الانذار، فوضعه بات مهددا جراء اقتراح قانون نيابي ينص على خفض ضريبة 10 % على قيمة عقد الفنان الاجنبي الذي سيعمل في لبنان، مع العلم ان البلدان المجاورة تفرض ضريبة اكثر بكثير من التي هي مفروضة في لبنان. فهذه الضريبة تغذي صندوق التعاضد الذي بدوره يؤمن للفنان اللبناني الحد الادنى من العيشة الكريمة.
نسأل المسؤولين السياسيين هل يمكنكم الاستغناء يوما عن الفن بكل أنواعه؟ فالازمة مقبلة اذا لم يتم ايجاد حل سريع.
سيف الدين
"الوكالة الوطنية للاعلام" التقت رئيس مجلس ادارة صندوق التعاضد الموحد للفنانين نقيب الفنيين السينمائيين في لبنان صبحي سيف الدين الذي شرح الوضع الخطير فقال: "الصندوق يتغذى من رسمين، الاول يقع على الفنان الاجنبي الذي يدفع رسما يوازي 10 بالمئة من قيمة عقده، انطلاقا من المعاملة بالمثل للفنانين اللبنانيين في الخارج، والرسم الثاني يبلغ 2 بالمئة من بطاقات الحفلات الفنية في لبنان".
اضاف: "الصندوق تأسس عام 2008، بموجب قانون رقم 56 صادر عن مجلس النواب، وتحولت النقابات الفنية بموجب هذا القانون من وصاية وزارة العمل الى وصاية وزارة الثقافة وتسلمنا ترخيص كل نقابة، والجباية صدرت في تموز 2006 في عهد وزير الثقافة طارق متري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وتحدد فيه قيمة 10 % يدفعها الفنان الاجنبي في لبنان لمصلحة الفنان اللبناني وقيمة 2% للصندوق من قيمة كل حفلة تقام في لبنان، عبر وزارة المالية. وفي 17 كانون الثاني عام 2012 صدر المرسوم 7535 في عهد الوزير غابي ليون، وفي كل موسم كنا نحارب للحصول على 10 بالمئة. وتقريبا، كانت كل هذه الحفلات تابعة لجمعيات وهمية في البلد، فكان المتعهد يريد حماية الفنان الاجنبي عند قدومه الى لبنان بأن لا يدفع 10 % لصالح الصندوق، مع العلم اننا، مطربين وممثلين وجميع الفنانيين، نجاهد لذلك".
وأشار الى انه "في مصر مثلا، يدفع الفنان الاجنبي 40 % للدولة وفي سوريا 20 % وفي الاردن 15%، وفي اي بلد اوروبي فرنسا او ايطاليا او استراليا الا في لبنان. فالمتعهد يريد ابعاد الفنان الاجنبي عن أي ضريبة". وقال: "احموا هذا الفنان بعيدا عن المس بحقوق الفنان اللبناني، فهذا الصندوق يضم 1500 عضو ويدفع هذا الصندوق حاليا 50 % لشركة تأمين الاعضاء".
اضاف: "الفنان الاجنبي يدفع بعد مطالبة قوية من قبلنا، الا ان المتعهد يحاول في احيان كثيرة تهريب هذا الفنان، ويحاول مجهول التدخل مع النواب لايجاد اقتراح قانون يلغي من خلالها 10 %، ومن خلال "الوكالة الوطنية للاعلام" أسأل هؤلاء النواب، من أنتم لتحموا الفنان الاجنبي وتحرموا الفنان اللبناني من أدنى حقوقه؟".
وأكد سيف الدين ان "الامر بحاجة الى ثورة فنية كبيرة، عبر مطالبة النواب بعدم الضغط من اجل هكذا أمر. شعارنا دائما، اذا ابتسم الفنان اللبناني ابتسم الوطن، فالسياسيون سيحرمون الوطن والفنان كما الشعب من أي ابتسامة. زرنا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووعدنا خيرا، كما زرنا رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وعدنا ايضا خيرا، طلبنا موعدا من رئيس الحكومة سعد الحريري ونحن بانتظار تحديد الموعد، وسنلتقي كل الكتل النيابية للتوضيح".
وختم: "الفنان لا يكلف الدولة اي قرش، بل ان الصندوق يأخذ الضريبة من الفنان الاجنبي، وما على الدولة الا الجباية عبر وزارة المالية، لذا اقول لهم "حلوا عنا".
ابو سعيد
من جهته، قال نقيب محترفي الموسيقى والغناء فريد ابو سعيد: "لقد تأسس الصندوق ليتحمل العبء عن الدولة. في كل الدول، ابن البلد له الافضلية إلا في بلدنا. لماذا يحاول النواب الطعن بقيمة 10 %، التي لن يدفعوها هم اصلا ولا اي لبناني، بل هي على عاتق الفنان الاجنبي. عندما نقيم اي حفلة في اي دولة خارج لبنان علينا دفع الضريبة، وقيمتها اكثر بكثير مما يدفعه الفنان الاجنبي في لبنان، فلماذا يريدون الغاءها؟".
اضاف: "في المرسوم 7535، 10 % هي ضريبة على الفنان الاجنبي، وما يحصل ان المتعهد يتعاقد مع الفنان فيأخذ الارباح ويحاول توفير الضريبة. فهل يا ترى من المسموح ان نرى كبار الفنانين اللبنانيين يموتون على أبواب المستشفيات ولا يمكن تطبيبهم، او لا يستطيعون شراء حتى ربطة الخبز، هل هذا مسموح. لذلك وجد هذا الصندوق وهذه الضريبة، واليوم تحاول المافيات الغاءها".
واشار الى ان "الدولة نظمت عبر مرسوم 3705 الجباية، اي عدم اعطاء تأشيرة الدخول الا بعد دفع الضريبة ، والسنة الماضية كانت جيدة وتم تفعيل الضريبة والجباية. نقول للمسؤولين عن المهرجانات، نحن لسنا اعداءكم، ونجاحكم يصب في نجاحنا. واذا كنتم تعتقدون انها تتعلق بالسياحة فهذا غير منطقي وغير صحيح وبعيد كل البعد عن السياحة لانه أمر مشروع، فلتدعمهم الدولة".
وقال: "هناك اقتراح قانون في مجلس النواب بالغاء ضريبة الـ 10 %، وباسمي وباسم كل الاعضاء، فان أي محاولة لذلك او حتى ان تكون الضريبة 9 %، سنقوم بثورة ثقافية وفنية ولن نسكت او نستكين. نحن جزء مهم من الشعب اللبناني، فهل يا ترى الشعب والفنان سيدفعون الثمن دائما، لماذا؟؟".
واعلن ان الفنان بافاروتي أقام حفلة في لبنان وقبض مليون ونصف دولار، ولانه فنان حضاري سأل أين سيدفع الضريبة لانه معتاد على دفعها، فقيل له لا يوجد ضريبة في لبنان. في اي دولة تحترم نفسها، هذا المطلب حق ولن نهمله، وقد وجد الصندوق ليقوم بواجبه تجاه كل الفنانيين، وسنبادر بتقديمات اكثر واكثر، وهو لا يغذى من الدولة بل من الضريبة، ومشكورة وزارة الثقافة على مساهمتها السنوية. وأتوجه الى اصحاب المهرجانات، وأسألهم هل هناك اي رقيب عليكم؟ هناك ايضا ضريبة 2 % على البطاقة وهي ضريبة رمزية بالنسبة للارباح".
وختم: "اذا كان الفنان الاجنبي يكلفكم فاستعينوا بالفنان اللبناني، اذكر ان العملاق العربي وديع الصافي تلقى دعوة خاصة من الملك الاردني حسين، وعند عودته الى لبنان لحقوا به الى الطائرة وطالبوه بالضريبة، مع العلم انها كانت حفلة خاصة وللملك، واستحصل على براءة الذمة وعاد الى بلده".
الصمد
من جهته اعتبر المدير العام للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد "ان هذه المسألة حساسة ودقيقة، ونحن كوزارة من واجبنا ان نحافظ على الصندوق وندعمه ونحرص جدا عليه، وفي المقابل، نحن نرى ان هذه المهرجانات تظهر صورة جميلة عن لبنان، وان توقفت تعطل البلد".
اضاف: "في المبدأ نحن وزارة وصاية على الصندوق، لذلك نحن ندرس الاقتراح النيابي في الدائرة القانونية ليمكننا الرد عليه وابداء الرأي فيه بالطرق الرسمية".
وعما يتضمنه الاقتراح قال: "المطالبة بتخفيض الرسم من 10 % الى 5 % من قيمة عقد الفنان الاجنبي، اضافة الى تخفيض الضريبة على البطاقات التي تباع من 2 % الى 1 % ".
وعن سبب التخفيض، مع العلم ان الضريبة في الدول المجاورة مرتفعة بالنسبة للضريبة في لبنان، قال الصمد: "صحيح، وعلى الدول ان تتعامل بالمثل. فكيف يدفع الفنان اللبناني في الخارج ضريبة كبيرة نسبيا ولا يدفع الفنان الاجنبي 10 % في لبنان. ان الاقتراح النيابي مطلوب من رؤساء المهرجانات الذين أكدوا انهم يخسرون سنويا بسبب الضريبة".
وختم: "المسألة حساسة ودقيقة، وما يهمنا هو حقوق الصندوق والفنانين وحقوق اصحاب المهرجانات. واذ تم البت بالاقتراح، على الدولة ان تؤمن مصدر تمويل ثان".
يذكر ان صندوق التعاضد الموحد للفنانين يضم 8 نقابات: نقابة الفنيين السينمائيين - نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان - نقابة نقابة ممثلي المسرح والسينما والاذاعة والتلفزيون- ونقابة الفناننين المحترفين - نقابة ممثلي المسرح في الشمال - نقابة محترفي الفنون التخطيطية الغرافيك ديزاين - الفنانين التشكيليين - شعراء الزجل.
===========