تحقيق - د.مطانس وهبه
وطنية - واحة مضيئة في سماء ادارة هذا البلد الملبدة بالسواد، نقطة بيضاء نأمل لها أن تنتشر وتتمثل بها كل ادارت الدولة حتى يستوي مفهوم الادارة في لبنان وتؤدي المهمة التي وجدت من اجلها فتكون في خدمة المواطن لا وسيلة لاسترزاق بعض المنتفعين، إنها وبكل احترم تعاونية موظفي الدولة.
ففي صبيحة يوم شتائي بارد وصلت قرابة التاسعة والنصف الى مبنى التعاونية الكائن في منطقة الدورة، لاقدم طلب استشفاء، ودون أن أتوجه بأي سؤال أو استسفار لأحد عن شباك تقديم الطلب، لوجود لوحات واضحة تشير الى المكان المقصود. قمت بتقديم الطلب في القلم الكائن في الطابق الثاني وبعد أن حصلت على رقم للطلب، توجهت الى شباك ملاصق لمكتب القلم هو مكتب الطبيب المراقب للاستحصال على الموافقة الطبية حيث دقق في المعاملة واعطى موافقته، وبعد ذلك توجهت الى الشباك الذي يليه أي الى مكتب رئيس الدائرة الادارية للحصول على الموافقة الادارية حيث حصلت عليها لتنجز معاملتي في وقت قياسي لا يتجاوز العشر دقائق. وهكذا في كل المعاملات كما عرفت، فهذه هي تعاونية موظفي الدولة.
عندما تدخل الى مبناها الرئيسي الكائن في منطقة الدورة تشعر وكأنك في بلد آخر، موسيقى هادئة، شاشات الكترونية للاعلانات ترشد المستفيدين الى مكان تقديم معاملاتهم وتعلمهم بكل جديد في إجراءات التعاونية، مكاتب نظيفة ومرتبة، انتظام في حركة الموظفين والمواطنين، حيث لا يستغرق انجاز المعاملة أكثر من دقائق معدودة، ما يعطي صورة بهية عن الدولة ومؤسساتها، ويعطي الأمل بأنه عندما تترافق الارادة الطيبة والموظفون الأكفاء والشرفاء يكون الاصلاح. نعم تعاونية الموظفين اليوم هي نموذج للادارة التي نطمح اليها في لبنان.
تعريف بالتعاونية:
تعاونية الموظفين هي مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية ذات الإستقلالية المالية والإدارية، أنشئت بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بالمرسوم رقم 14273 والصادر بتاريخ 29 تشرين الاول 1963. تعمل على تأمين الخدمات الصحية (الاستشفائية والمرضية) والاجتماعية ( منح التعليم والزواج والولادة ومساعدات الوفاة)، لموظفي جميع الإدارات العامة وموظفي الجامعة اللبنانية باستثناء الاسلاك العسكرية والأمنية والقضاة واساتذة الجامعة اللبنانية. وهي تخضع لوصاية مجلس الخدمة المدنية ولرقابة مؤخرة من ديوان المحاسبة.
كيفية الانتساب الى التعاونية
الانتساب إلى التعاونية بجميع منافعه وموجباته إلزامي للموظفين الدائمين. وتحدد أنظمة التعاونية، شروط قبول الموظفين غير الدائمين ومدى إفادتهم من خدماتها. أما مستخدمو المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والبلديات فيمكن لسلطة الوصاية أن تقرر بناء على طلبهم وعلى اقتراح مجلس إدارة التعاونية قبولهم فيها بعد الاتفاق مع كل مؤسسة معنية على شروط القبول ومقدار المساعدة التي قد تترتب على كل منها.
أما منافع التعاونية فهي:
- الاستشفاء بسبب الاصابة بمرض أو علة أو حادث، مساعدات مرضية ومساعدات علاج الاسنان، منح زواج، منح ولادة، منح تعليم، منح وفاة لعائلة الموظف في حال وفاته، مساعدة الموظف في حال وفاة أحد أفراد العائلة الذي في عهدته.
مؤسسة تواكب التطور
المدير العام للتعاونية الدكتور يحيى خميس الذي سمعنا عنه الكثير فارضا احترامه عند القريب والبعيد من خلال أدائه الوظيفي الراقي والذي يتابع من مكتبه ادق تفاصيل العمل، أشار الى أن "الهدف الاساسي للادارة هي خدمة المواطن، من خلال تبسيط وتسهيل المعاملات والاجراءات الادارية" مؤكدا ان "ما تقوم به التعاونية من انجازات وحفاظها على الشعارات والمبادىء الانسانية التي تتبناها ترتكز على جهود جميع العاملين حاليا وسابقا والمدراء العامين الذي توالوا على ادارتها وخاصة المدير العام السابق الاستاذ انور ضو"، لافتا الى أن "الشعارات التي ترفعها التعاونية تتجلى في الممارسة اليومية (الانتقال من الادارة الحاكمة والمتحكمة الى الادارة الخادمة والمتفهمة - المواطن صاحب حق وليس طالب خدمة - نعمل بشرعة الانسان لا بشرعة الراتب - لا تؤجل عمل اليوم الى الغد فللغد عمل آخر- أبواب مفتوحة ...تواصل مستمر... وعمل مباشر).
أضاف خميس معددا لنا الانجازات التي تحققت في التعاونية في ظل هذه الروحية الهادفة الى رفع مستوى الخدمة المقدمة الى المنتسبين وتحسين مستوى الخدمات وهي كالتالي:
- اعتمدت مقاربة موظفي الدولة بشكل أساسي على النظام الممكنن MSCP-COOP. MEDICAL AND SOCIAL COMPENSATION SYSTEM. وهو يتضمن تطوير مكننة نظام الشؤون الصحية والاجتماعية والنظام المالي والاداري بعد أن كان بدأ العمل به سابقا (وقد حازت التعاونية جائزة الامم المتحدة للعام 2012 من حيث الاستخدام الجيد للمكننة).
- وقد برزت الآثار الايجابية لهذا الاتجاه في النواحي التالية: - الاستغناء عن الكثير من الاعمال اليدوية - اختصار المراحل التي كانت تمر بها المعاملات - الدقة في الانجاز مع تلافي الاخطاء بشكل كبير - أصبحت نتائج الاحصاءات أكثر دقة مما يساعد على اتخاذ القرارات المناسبة - التدريب المستمر لجميع العاملين في التعاونية على استخدام الكومبيوتر للانظمة والبرامج التي تستخدمها التعاونية - تأمين التجهيزات الحديثة للتعاونية بشكل مستمر وبدعم ومساندة من مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية - تم ربط الادارة المركزية بباقي الفروع والمكاتب عبر DSL connextions اعتبارا من العام 2004 - تطوير الانظمة والبرامج المعتمدة بشكل متواصل بما يتلاءم مع التطور التكنولوجي الحاصل ومع تبسيط الاجراءات الادارية وتكييف هذه الانظمة والبرامج معها انسجاما مع طبيعة العمل الاداري - إجراء دورات تدريبية مستمرة لموظفي التعاونية بالتعاون مع وزارة التنمية الادارية ومعهد باسل فليحان المالي والمعهد الوطني للادارة.
وتابع قائلا: ان نتائج ما تم ذكره بالاضافة الى خطوات أخرى تم انجازها أدت الى رفع مستوى الخدمة المقدمة الى المنتسبين للتعاونية على جميع الصعد ونذكر منها ما يلي:
- تم فتح فروع جديدة على صعيد المحافظات في جبل لبنان - بعلبك - الهرمل وعكار ومكاتب على مستوى الاقضية في بنت جبيل، سبلين، البقاع الغربي وراشيا، مرجعيون وحاصبيا، الهرمل، صور، جزين، بيت الدين وساحل علما في جونيه - تطوير قاعدة البيانات الموحدة بين الجهات الضامنة لتفادي ازدواجية الاستفادة - متابعة المنتسب لسير معاملاته في التعاونية من خلال الموقع الالكتروني العائد لها عبر الانترنت - تقديم الطلبات العائدة للمنتسبين عبر (ليبان وست)- تحديث وتجديد الصفحة الالكترونية للتعاونية بشكل يواكب التطور وتسهيلا للمراجعات - تم جمع جميع الموظفين والاطباء والصيادلة الذين لهم علاقة مع الجمهور في مبنى الطابق الاول في الادارة المركزية للتعاونية تسهيلا لوصول المستفيد واتمام معاملته - تحسين التقديمات ورفع التعرفات على اختلافها على المستويين الصحي والاجتماعي - رفع تغطية أدوية الامراض السرطانية والمستعصية من المبدأ الذي تعتمده التعاونية لتصبح التغطية 100% للمنتسب وأفراد عائلته - زيادة في نسب منح التعليم 20% في المرحلة الاولى و30% في المرحلة الثانية - تعزيز دائرة المراجعات والشكاوى لتلقي مراجعات المنتسبين والاصغاء الى مشاكلهم والعمل على معالجتها - شراء مبان جديدة بدل الايجار حيث تم شراء أربعة مبان للتعاونية في زحلة - بيروت - جبل لبنان وطرابلس مما يوفر مبالغ مالية كبيرة على التعاونية وبالتالي على خزينة الدولة - اعتماد نقل البريد بين فروع ومكاتب التعاونية بواسطة (ليبان بوست)- تأمين وسائل العمل والصيانة المستمرة للآلات والتجهيزات المختلفة - اعتماد نموذج جديد للمساعدات المرضية ولكافة المنح والمساعدات الأخرى - التشدد في الموافقة على عهدة الأخوة والأخوات للتثبت من أن المنتسب هو المعيل الوحيد والفعلي للعائلة - مكننة عملية فصل أتعاب الأطباء العاملين في المستشفى المتعاقد مع التعاونية، عن المستحقات العائدة لهذه المستشفيات - تشجيع الطب الوقائي من خلال الموافقة المسبقة لكثير من الأعمال الطبية كالنواظير والصور الشعاعية لا سيما الماموغرافي والصوتية للثدي وبعض الأدوية ونشر التوعية للمنتسبين وللناس الى أهمية الوقاية - زيادة الأعمال الطبية التي توافق التعاونية على تغطيتها: تغطية بطاريات القلب، صور متطورة، مستلزمات طبية... - استبدال طلب الاسترحام بطلب اعادة نظر - انجاز برنامج ممكنن لابلاغ المنتسبين عن مصير معاملاتهم بالوسائل الالكترونية عبر SMS مثلا - المشاركة في نظام مدفوعات الدولة paygov الذي يعتمد شبكة swift العالمية - انجاز برنامج ممكنن يسمح للمتقاعد بتعويض صرف بدفع نسبة اشتراكه عبر المصارف أو عبر ليبان بوست.
- عدد المنتسبين الى التعاونية:
-يستفيد من التعاونية حاليا 351777 (ثلاثماية وواحد وخمسون الفا وسبعماية وسبعة وسبعون) منتسبا ومستفيدا.
- الاستراتيجيات التي وضعت من قبل المدير العام بمعاونة فريق العمل ومجلس الادارة.
- التركيز على الناحية الانسانية للتعاونية من خلال التعاطي مع المنتسبين والمستفيدين، واحترامهم والحفاظ على كرامتهم وتقديم الخدمة لهم في اطار المحبة والاندفاع والاحترام - تسهيل الحصول على الخدمة، ووضع الآليات التي تساعد على ذلك واختصار المراحل وتسريع الانجاز - الاصرار على انجاز المكننة التي تساعد على تحقيق الاهداف المرسومة بالسرعة والدقة اللازمتين - تشديد الرقابة على المستشفيات من خلال اقرار تفرغ الأطباء - تعزيز الموارد في التعاونية عبر ملء الشواغر - اعتماد مبدأ التدريب الدائم لتعزيز الكفاءة لدى الموارد البشرية - التواصل الدائم مع المستشفيات ومراجعتها لجهة الاسعار والتعرفات واعادة النظر بالعقود وتفعيل المراقبة الطبية فيها منعا للهدر - ضبط الانفاق من خلال لجان مختصة من الأطباء ولجنة من أطباء الاسنان لاعادة تدقيق المعاملات في مكتب المدير العام بعد تدقيقها في المصالح - العمل على خفض كلفة الفاتورة الصحية، والتعاون من أجل ذلك مع وزارة الصحة وباقي المؤسسات الضامنة، بهدف توحيد التعرفات والأنظمة بينها تمهيدا للتكامل فيما بين هذه المؤسسات - توسيع عملية توطين المستحقات في المصارف، للمنتسبين والمستشفيات ومقدمي الخدمات ومنع الوسطاء.
- الموارد التي تم استخدامها لتنفيذ هذه المبادرة
- التقنية:
- تأمين الشق المتعلق بمشروع المكننة والبرامج الممكننة بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية وتأمين وسائل العمل المختلفة التي كانت تفتقر اليها التعاونية.
-البشرية:
-تم تأمينها لتغطية المراكز الشاغرة من موظفين واطباء وصيادلة عن طريق اجراء مباريات باشراف سلطة الوصاية. كذلك عن طريق التدريب المستمر، والتوجيه الدائم نحو تقديم الخدمة بمحبة واندفاع واحترام لطالبيها.
-المالية:
- زيادة موازنة التعاونية واستقرارها في السنتين الاخيرتين لتغطية النفقات المرتقبة.
- الاستفادة من دقة المراقبة ومنع الهدر وما ينتج عن ذلك من وفر يوظف لصالح تحسين التقديمات ورفع التعرفات.
- استدامة المبادرة ونشرها في جميع ارجاء الخدمة العامة:
- تم وضع الأسس على مستوى الموارد البشرية والتقنية.
- استدامة هذه المبادرة تتحقق عبر التمويل الدائم من قبل المراجع المختصة، والاستمرار في تحديث الأنظمة الادارية والتقنية بصورة دورية لتكون متلائمة مع تطور العصر.
- يمكن نشرها على الادارات التي تقوم بتقديم هذه الخدمات للمواطنين كالجهات الضامنة الأخرى.
اهم الدروس المستفادة من تجربة تعاونية موظفي الدولة خصوصا أن هذه التجربة يمكن الاحتذاء بها من اجل تنشيط الادارة ونجاحها في تأمين الخدمة للمواطن، وهي تعطي الامل بإمكانية النهوض بالقطاع العام واصلاح أوضاعه:
- عندما تتوفر الارادة والرؤيا والقرار الحازم والشجاعة والشفافية والاندفاع لدى المسؤول.
- عندما يتوفر فريق عمل متجانس يقتنع بمشروع التغيير، ويعمل لتنفيذه وفق الخطط المرسومة، باصرار ومحبة.
- بالامكان السير بالادارة الحديثة نحو توجهات اكثر انسانية.
- التعاطي مع فريق العمل بروحية ديموقراطية.
- أهمية اعتماد سياسة الابواب المفتوحة.
- أهمية اعتماد التدريب المستمر.
========