تحقيق الدكتور مطانيوس وهبي
وطنية - يتفق أغلب الخبراء العقاريين والإقتصاديين على أن القطاع العقاري اللبناني في حالة تعثر شديدة، وأن تراجعه المتواتر منذ سنوات الذروة في العامين 2009 و2010 أصبح مصدر إنشغال كل المهتمين من أهل الإختصاص.
ومع تسارع الأحداث منذ العام 2011 تراجع منسوب القطاعات المنتجة في لبنان في ظل تصاعد منسوب التوترات الإقليمية المعطوفة على ظاهرة النزوح السوري وما نتج عنه من معوقات على الصعد كافة. كل هذه العقبات أدت إلى اختلال توازن العرض والطلب ما أفضى إلى توافر أعداد كبيرة من الشقق السكنية في العاصمة بيروت كما خارجها دون توفر سوق تصريفية أو طلب داخلي، هذا دون استعادة هاجس الآلاف من المواطنين اللبنانيين الذين أصبحوا غير قادرين على تملك منزل بعد تجميد قروض الإسكان المدعومة منذ فترة.
ومع الأخذ في الإعتبار أن السياسة الإسكانية المستدامة في لبنان غير منوطة بالبنك المركزي، بدا وكأن الأمور تتجه إلى الجمود السلبي في ظل إنحسار أي مبادرة للخروج من القمقم وعدم إدراج هذه القضية الحيوية ضمن أولويات الدولة التي ما زالت تتلمس حتى اليوم طريق الخروج من حالة اللاإستقرار إلى حالة إستنهاض قواها.
وتشير آخر الاحصاءات الى تراجع مقلق للقطاع العقاري بنسبة بلغت 20,6 % في غضون ثمانية أشهر من هذه السنة، في ظل جمود مقلق في تصريف الشقق المتوسطة المساحة وغير الفخمة، حيث يؤكد الخبراء العقاريون أن مرد ذلك يعود الى عاملين مباشرين دون ذكر العوامل الأخرى.
الأول: التخبط في تشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات النيابية والمناخ الإقليمي السائد، وما أمكن تلمسه من خلال تراجع اتمام الأجانب بالإستثمار في هذا القطاع.
الثاني: قرار مصرف لبنان وقف القروض المدعومة لأغراض سكنية. هذا الأمر تسبب في تراكم المزيد من الوحدات غير المباعة، ما أفضى الى تضخم في عدد الشقق.
فالخبراء العقاريون يقدرون اليوم وجود نحو 4 آلاف شقة فاخرة في بيروت وحدها بمساحة إجمالية تصل الى 1,2 مليون متر مربع يعجز المطورون العقاريون عن بيعها. ووفق التقديرات فإن المبالغ المجمدة في هذا المخزون المنجز تصل الى نحو 7 مليارات دولار.
والأزمة من هذا المنظور تطال حوالي 70 مهنة وحرفة تبدأ بالمتعهدين وتجار مواد البناء ولا تنتهي عند صناعة المفروشات وموفري الخدمات، وهي باتت تفاقم في أزمة الديون بين المطورين والمصارف إضافة إلى تعثر في الإقتصاد المحلي المحيط بالمجمعات السكنية عموما، من محال البيع بالتجزئة والمؤسسات السياحية والتربوية وغيرها.
فارس
أمين سر جمعية المطورين العقاريين في لبنان والرئيس الفخري لنقابة وسطاء العقار مسعد فارس أشار في حديث لـ"الوكالة الوطنية" أنه "إزاء هذا التعثر الكبير في القطاع العقاري وما تركه من تداعيات سلبية على الدورة الاقتصادية بأكملها، وبهدف إيجاد الحلول لهذه المشكلة، قررت مجموعة من شركات التطوير العقاري مواجهة هھذا التعثر في سوق العقار". وقال: "هذا القطاع الذي بات يعتبر مصدر الدخل الأبرز بالنسبة الى تسليفات المصارف (35,8% من التسليفات الإجمالية للمصارف للقطاع الخاص بحسب أرقام جمعية المصارف). حيث تم وضع مبادرة هي عبارة عن منصة استثمارية في محاولة لإعادة الروح لهذا القطاع.
هذه المنصة تنضوي تحت اسم شركة "CENTRAL LEGACY" التي تستهدف إعادة تحريك القطاع والمكونات المرتبطة به من مقاولين ومطورين ومنشئين ومصارف وكل ما يتعلق من صناعات وخدمات تتعلق بالقطاع العقاري.
والتي تدير ما اتفق على تسميته "صندوق الإستثمار العقاري الوطني- ليغاسي وان" في محاولة لبث حقنة من النشاط في نسغ القطاع الذي يعاني ظروفا صعبة للغاية.
و"الصندوق- المنصة" هو مشروع بدأ التفكير به على وقع الأزمة المتفاقمة منذ ست سنوات وبشكل مضطرد مع رئيس جمعية المطورين العقاريين السيد نمير قرطاس وبتحفيز من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه. حيث تم طرحه منذ نحو أربعة أعوام وحظي بدعم الحاكم سلامة ومتابعته، وحصل على موافقة هيئة الأسواق المالية".
وكشف أن "ليغاسي وان" ستكون "أول شركة مدرجة على المنصة الإلكترونية التي تنوي هيئة الأسواق المالية إطلاقها". وأوضح فارس أن "هذا المشروع استحوذ على ثلاث سنوات من البحث والتخطيط والتنظيم والإعداد قبل أن نشهد على حفل إطلاقه في الأيام القليلة المقبلة حيث سيتم ذلك في الثالث والعشرين من الجاري في مجمع نيو بيال- سن الفيل برعاية وحضور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري".
وشرح آلية عمل هذه المنصة، قائلا: "سيتم من خلالها شراء بعض الشقق أو العقارات غير المباعة التي يواجه اصحابها مشكلات سداد للمصارف، ثم يصار الى تسويقها للراغبين في شرائها إما في لبنان أو في الخارج، أي أن المنصة ستكون قاعدة لتسويق الشقق بشكل أفضل بمفھوم جديد واستراتيجية حديثة تعتمد طريقة تمويل جديدة ومستوى تسويق سيكون مختلفا للتواصل من أجل بلوغ الكم الأكبر من المستهلكين".
وقال فارس أن "الشركة سوف تستهدف مشترين محتملين في أنحاء العالم، مع التركيز على الإنتشار اللبناني في أميركا الشمالية، وفي مدن لندن وباريس وموسكو والصين، وهي كونت مجموعة من ذوي الخبرة من المتخصصين في الشأن العقاري وفي المبيعات والتسويق من أجل التفاعل بشكل أفضل مع هؤلاء العملاء المحتملين وتزويدهم بأعلى معايير الخدمة والمشورة".
أضاف: "ستسمح لها مروحة الخبرات التي تمتلكها بالوصول الى أفضل الشقق وتكوين محفظة عقارية من وحدات فريدة من نوعها في أكثر الأماكن المرغوبة في بيروت الكبرى بهدف تسويقها وبيعها... ويشرح ما يعانيه المطورون العقاريون حاليا من ضائقة قاتلة على الصعيد المالي، ما يضطرهم الى بيع شقق محسومة السعر لغرض سداد الدفعات المصرفية. ولأجل ذلك تأتي هذه المنصة لتوفر حلا لكل من المستثمرين والمطورين والمقاولين والمصارف وغيرهم في الوقت نفسه. وسيتم البحث عن الذين يواجهون مشكلات جدية في بيع شققهھم ومضطرون في الوقت نفسه الى سداد دفعاتهم الى المصارف، فتشتري الشركة منهم الوحدات غير المباعة بسعر الجملة لتقوم بعد ذلك بتسويقها".
ولفت إلى أن دراسات تفصيلية مدعومة من خبراء موثوقين صارت بحوزة "ليغاسي سنترال" تؤكد وجود أسواق واعدة في الولايات المتحدة الأميركية وأميركا الشمالية وروسيا والصين وأفريقيا وأوروبا وتحديدا في بريطانيا تشير إلى أن أجيال الهجرة بعيد إندلاع الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975 ما زالت مربوطة عاطفيا بوطنها الأم وهي تبحث عن فرص جدية لإعادة التملك فيه مع توافر عروض تنافسية تشجعها على ذلك مثل الإستحصال على صك ملكية نظيف ووجود خدمات وسيطة تؤمن لها تسديد الضرائب والرسوم وأشغال الصيانة الضرورية للشقة المشتراة وهو ما يتوفر في "ليغاسي سنترال" التي أعدت العدة كاملة للوقوف عند هذه المتطلبات".
وأكد فارس أن "توفر مروحة من الخيارات في كل بيروت الكبرى من اليرزة إلى سن الفيل إلى الحمرا فرأس بيروت والرملة البيضاء والعديد من المناطق الأخرى، كما توفر مروحة أخرى في غاية التنوع من حيث مساحة الشقق وموقعها وفخامتها ستحفز المقيمين والمغتربين على التملك في بلدهم من جديد".
قرطاس
أما رئيس جمعية المطورين العقاريين نمير قرطاس فيقول عن هذا الموضوع: "إن "ليغاسي وان" تستهدف إعادة شحن إقتصاد العقار بمنصة من المزمع أن تبلغ حوالي مليار دولار في المرحلتين اللتين نخطط لهما اي الثانية والثالثة، على أن تستكمل المرحلة الأولى منها قبل نهاية العام الجاري بمبلغ قدره 325 مليون دولار سيتم استعماله للشراء بالجملة والبيع بالمفرق".
وتابع: "للحصول على التمويل المطلوب، فقد تعاونت الشركة مع "لوسيد إنفستمنت بنك" الذي استحصل مؤخرا من هيئة الأسواق المالية على الموافقة لتسويق أسهم ذات أولوية بقيمة 75 مليون دولار، بالإضافة الى سندات دين بقيمة 250 مليون دولار (أي ما مجموعه 325 مليون دولار).
وإن "Lucid Investment Bank SAL" هو مصرف متخصص بالصيرفة الإستثمارية ومرخص من مصرف لبنان، ويقدم الى أصحاب الأعمال، وخصوصا اللبنانيين في لبنان وبلاد الإغتراب، خدمات الصيرفة الإستثمارية لشركاتهم وفرصا استثمارية متعددة تلبي متطلبات إدارة ثرواتهم".
====================