تحقيق محمد الحسن
وطنية - منذ سنة ونيف، لفتت الأوساط المحلية في مدينة طرابلس الى ضرورة اعادة تأهيل بعض أقسام المباني في معرض رشيد كرامي الدولي، وترافق ذلك مع حديث ليس بالجديد يتعلق بقدرات مجلس إدارة المعرض وصلاحياته المالية واستقلاله، وقد سبق كل ذلك مطالب مزمنة بالعمل بقانون الحصرية الوارد في النص من دون أن ينفذ ذلك فعلا.
ويحظى المعرض في مقابل كل ذلك باهتمام غير مستجد شمالا، لا سيما من قبل الهيئات الاقتصادية الشمالية التي تطالب بدوام إقامة المعارض فيه إلى جانب التأكيد على بندي إعادة النظر بالنصوص القانونية وصلاحيات مجلس الإدارة وسلطة الوصاية.
عويضة
وفي هذا المجال، أكد رئيس مجلس ادارة المعرض المهندس اكرم عويضة، في حديث الى "الوكالة الوطنية للاعلام" أهمية معرض رشيد كرامي الدولي، "فهو على مستوى المساحة يقوم على مليون متر مربع، وهو بمثابة صرح عمراني مميز ليس في لبنان وحده بل في منطقة الشرق الاوسط، بني بخصوصية تولى اعدادها المهندس العالمي اوسكار نيماير، وهو في الاصل مشروع طرابلسي تنازل لصالحه الطرابلسيون عن ممتلكاتهم شرط اقامة معرض دولي للبنان".
وقال: "مما لا شك فيه اننا نمتلك معلما ومنشآت هامة بل بالغة الاهمية، ولكننا في المقابل نواجه جملة من المشكلات التي تعيق عملنا وتحول دون قيام المعرض بدوره المفترض والمطلوب اساسا، ولعل ابرز الاسباب مبدأ الحصرية. فالعارضون اللبنانييون يحصلون على تراخيص لاقامة معارض دولية في البيال او الفوروم، ووزارة الاقتصاد تمنح التراخيص لهذه المعارض غير آبهة بالقانون الذي انشىء على اساسه المعرض في طرابلس لجهة الحصرية. وهنا تكمن المشكلة، نعم انها مشكلة كبيرة تعيق عمل المعرض وقدرته على الاستمرار والتقدم".
اضاف: "لذلك، فاننا نلفت مجددا الى ان العمل بمبدأ الحصرية اساس، والدولة معنية بذلك بشكل عملي والتوجه لرفض اقامة اي معرض دولي خارج المعرض في طرابلس. فالمساحات والميزات غير متوفرة ابدا في أي منشآت اخرى وهذا اكيد، وسؤالنا لماذا لا تقوم الدولة بدورها في هذا المجال، وكيف يمكننا ان نعمل هنا في طرابلس، فمردود المعارض الدولية يمكننا من ان نعمل. وعلى سبيل المثال فان بعض اقسام المعرض يتهاوى، ونحن عاجزون عن القيام باعمال الاصلاحات لان امكاناتنا لا تسمح لنا بان نقوم بأي اعمال تأهيل او اعادة تأهيل واصلاح واستصلاح. اضافة الى كل ما ذكرت، فثمة حاجة ماسة لتعديل القوانين الخاصة بالمعرض كي تتمكن ادارتنا من اتخاذ اجراءات فاعلة، وهذه مسؤولية الدولة ايضا".
وردا على سؤال، قال: "نرحب باقامة المعارض وندعم العارضين، ولكن المعارض الدولية هي التي يعول عليها، الا اننا نقوم فعلا بخطوات عملانية تدعم العارضين والشركات التي تعرض في قاعاتنا والتي تلقى منا كل الدعم".
وعن مستقبل المعرض قال عويضة: "نحن نساهم في امداد الحياة الاقتصادية في طرابلس والشمال بمساهمات نقدر عليها، فثمة تفاهم اساسي وشراكة مع غرفة طرابلس ولبنان الشمالي، نحن نعمل معا باندفاع لتوفير الدعم المطلوب لجعل مبادرة الرئيس الصديق توفيق دبوسي حقيقة، ونعول عليها، ونريد فعلا ان تعتمد الحكومة "طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية"، وان يكون معرض رشيد كرامي الدولي جزءا اساسيا من هذه العاصمة الاقتصادية".
وعن التعاون مع المنطقة الاقتصادية الخاصة، اشار عويضة الى "ان المنطقة الاقتصادية الخاصة مشروع شمالي ولبناني بالغ الاهمية، ونحن نتطلع الى مستقبل واعد لهذا المشروع". وقال: "مؤخرا، استأجرت ادارة المنطقة مساحة خمسة وسبعين الف متر مربع من المنطقة غير المشغولة في المعرض لاستخدامها كمبان ادارية للمنطقة الاقتصادية وللشركات التي ستعمل ضمن مشروعها ومنطلقا لاعادة اعمار سوريا. وقد وقعنا ذلك بالفعل، وننتظر الاجراءات التالية لتصبح هذه المساحة من المعرض منطلقا لدور اقتصادي أفعل واكثر فائدة للبنان وكل الشمال وخصوصا لطرابلس".
واكد "ان المعرض من مسؤولية الجميع، فالطرابلسيين قدموا اغلى ما لديهم من اجل هذا المشروع الهام، باختصار معرض رشيد كرامي الدولي مسؤولية جامعة على عاتق الجميع في طرابلس وكل لبنان".
سلطان
من جهتها، قالت مديرة غرفة طرابلس ولبنان الشمالي ليندا سلطان: "تكمن الفائدة في إستمرار إقامة المعارض التجارية في معرض رشيد كرامي الدولي وكذلك العمل على عقد المؤتمرات الإقتصادية على أنواعها، في أنها تعطي دلالة واقعية على أن طرابلس التي تحتضن هذا المرفق الإقتصادي الكبير باتت وجهة رائدة للمؤتمرات والمعارض والإجتماعات، وتعطي صورة متألقة عن مدينة نسعى من خلال مبادرة غرفة طرابلس ولبنان الشمالي نحو إعتمادها "عاصمة لبنان الإقتصادية" وتتلازم معها صيغة التكامل بين المعارض والأنشطة التجارية، وبالتالي تتبلور معها أيضا الصفة "الدولية" التي يمتاز بها معرض رشيد كرامي الدولي ويشكل حافزا حيويا يخدم الإقتصاد اللبناني بإتجاه تعزيز علاقات لبنان الإقتصادية الدولية من طرابلس، ويتأكد هذا الواقع من خلال المكانة التي يحتلها معرض رشيد كرامي الدولي عبر مساحة واسعة من إهتمامات القطاع الخاص بإحتضانه لمختلف الفعاليات التي تجعل منه ملتقى الأعمال والمعارض الرائدة في لبنان من طرابلس، ومنصة تستقطب أبرز الشركات والمؤسسات الفاعلة لبنانيا وعالميا في مختلف القطاعات الإقتصادية ويجسد التلازم الفعلي بين أنشطة الحركة التجارية مع المعارض الهادفة وهو المرفق الإقتصادي الكبير الذي نراه مرتكزا محوريا من مرتكزات مبادرتنا الوطنية بتحقيق النهوض بالإقتصاد الوطني والإنفتاح على حركة الإقتصاد المعاصر عربيا ودوليا من طرابلس".
وعن مطلب حصرية إقامة المعارض اللبنانية في معرض رشيد كرامي ومطالبة الهيئات الإقتصادية بإعتماد هذه الحصرية قالت سلطان: "ان قراءة الواقع الإقتصادي المعاصر يدفعنا الى العمل الجدي على إدخال التعديلات الجوهرية على النظام القانوني الذي يدير هذا المرفق الإقتصادي الحيوي للبنان من طرابلس، إذ أن "الحصرية" لم تعد من الناحية الواقعية قائمة في المرحلة الراهنة، لان من يراجع قرار الحصرية الصادر في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1995 يرى انه كان قد اشترط في مادته الرابعة على إدارة المعرض العمل على إقامة 8 معارض في السنة وإلا تعتبر الحصرية ساقطة حكما، إذا لم تتم إقامة المعارض المشار اليها".
اضافت: " على الرغم من ذلك فإننا في غرفة طرابلس ولبنان الشمالي نرى ضرورة حيوية بمقاربة دور معرض رشيد كرامي الدولي ووظيفته الجديدة بطريقة ننظر من خلالها الى أبعد من مسألة إعتماد "الحصرية" لأننا وبالإستناد الى عقلية القطاع الخاص اللبناني والديناميكية التي يتحلى بها في إدارة الشؤون العامة الإقتصادية، نريده مرفقا إقتصاديا إستراتيجيا يفسح المجال واسعا أمام الترجمة العملية لقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأن يكون لمعرض طرابلس الدولي دور حيوي في الحاضر والمستقبل لأن المرافق العامة التي تحتضنها العاصمة السياسية والإدارية بيروت لم تعد تكفي من حيث الدور في عملية تطوير الإقتصاد اللبناني وتحديثه، إضافة الى الإكتظاظ الذي بدأت تعاني منه بيروت لا سيما في مضمار المعارض التجارية على خلافها، وكذلك التكاليف المرتفعة التي تترتب على تلك المعارض، في وقت نرى في معرض رشيد كرامي مركزا جاذبا يستقطب كل أنواع المعارض سواء أكانت متخصصة أو غيرها من المعارض التي نراها اليوم ونشارك في إطلاقها، أو تلك التي نشجع على إطلاقها في المستقبل الواعد مستندين في مختلف تحركاتنا وانشطتنا وتطلعاتنا الى إغناء عملية التنمية الوطنية الشاملة من طرابلس بحيث أننا لا نريد إنماء متوازنا ولا إنفاقا متوازنا بل إنماء وطنيا شاملا تظهر من خلال برامجه "طرابلس" حاجة وطنية وعربية ودولية إقتصاديا وإستثماريا بكل المعايير والمقاييس".
وأكدت "العلاقة التي تجمع بين غرفة طرابلس ولبنان الشمالي ومعرض رشيد كرامي الدولي هي علاقة موغلة في القدم، إلا أنها تترسخ وتتعمق في المرحلة الراهنة عبر تطلعات غرفة طرابلس الى إضفاء الحيوية المطلوبة على هذا المرفق الإقتصادي الكبير من خلال دور أوسع للقطاع الخاص، والبداية إنطلقت بطرح إمكانية إدخال تعديلات تشريعية على الانظمة والقوانين التي تدير المعرض لإخراجه من دائرة الروتين الإداري المعهود في القطاع العام، وفي ذلك تطلع الى دور كبير للمعرض إنطلاقا من مبادرة "طرابلس عاصمة لبنان الاقتصادية" والتي تشدد على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وترى في صيغة الشراكة بين الغرفة والمعرض نموذجا تطبيقيا عملانيا، وقد تجلت تلك الصيغة بالعمل المشترك وبرعاية من وزارة الإقتصاد والتجارة على إقامة مشروع لتوليد الكهرباء الصديقة للبيئة عبر إقامة محطة للطاقة الشمسية سيكون لها مردود ايجابي على المدينة واقتصادها وتعود بالمنفعة العامة على إنارة شوارع مدن الفيحاء والمرفأ والمنطقة الإقتصادية الخاصة والمعرض نفسه".
واوضحت "ان إطلاق مشروع توفير الإنارة العامة لشوارع المدن المنضوية ضمن إطار إتحاد بلديات الفيحاء (طرابلس- الميناء- البداوي- القلمون) هو وليد فكرة تأخذ في الإعتبار أهمية دور الغرفة في نشر ثقافة إستخدام الطاقات البديلة للتخفيف من الآثار السلبية للانبعاثات الكربونية، وكذلك التخفيف من المفاعيل السلبية التي تضر بالمناخ وتعميم هذه الثقافة ودعم تطبيقاتها. وكما بات معلوما لدى الرأي العام ان غرفة طرابلس ولبنان الشمالي قد اعتمدت خيار تشييد محطة على سطح قسم مبنى المعارض من معرض رشيد كرامي الدولي على مساحة واسعة تقدربـ 40 ألف متر مربع، وتنسجم الغرفة في مشروعها مع سياسة التشجيع على إستخدام الطاقات المتجددة، وتلتزم بالتالي بالخطة الوطنية للطاقة المتجددة للعام 2016- 2020، وفقا لتعهد لبنان في مؤتمري باريس وكوبنهاغن حيث حددت هذه الخطة التكنولوجيات الأساسية التي يجب العمل عليها من أجل التوصل الى الهدف الإستراتيجي في مضمار الطاقة البديلة وهو بلوغ نسبتها 12% في المئة من إجمالي إستهلاك الطاقة في لبنان في حلول العام 2020، ونحن شركاء فعليون مع معرض رشيد كرامي الدولي في مختلف المجالات التي تعزز من مكانة مرافق طرابلس العامة ودورها الحيوي في إغناء المالية العامة للدولة اللبنانية".
=============