تحقيق ابراهيم طعمة
وطنية - تتفاقم مشكلة الصرف الصحي في منطقة الجومة في عكار يوما بعد يوم، وتزيد حدة الخلافات بين بلديات المنطقة وبخاصة بلديات بينو وبيت ملات وتكريت وجبرائيل، حيث رفعت شكاوى ودعاوى بين البلديات، والتي من الممكن ان تطاول بلدات أخرى.
وتكمن المشكلة في حصول البلديات خلال فترات زمنية متباعدة، على مبالغ مالية نفذت خلالها شبكات صرف صحي، داخل كل بلدة على حدة، بحيث تم الاستغناء عن الحفر الصحية التي كانت معتمدة في المنازل التي ربطت بشبكة مجارير تصرف مياهها بواسطة محطة تكرير خاصة بها، لتعود المياه الناجمة عن التكرير الى الجريان في الأنهر التي تجف صيفا مسببة حالة كبيرة من التلوث، تشكو منه كل البلدات على حد سواء.
هذا التنفيذ العشوائي لشبكات الصرف الصحي، ناجم عن عدم وضع خطة لتنفيذ مشروع متكامل ومدروس من كل النواحي التقنية المتخصصة والبيئية والصحية، وضرورة حماية المياه الجوفية في المنطقة، وذلك من مسؤوليات الوزارات المختصة المتعاقبة وكذلك الاتحادات البلدية والبلديات والمجتمعات المحلية مجتمعة.
ويجمع عدد من رؤساء البلديات في الجومة على ضرورة وحتمية انشاء مشروع متكامل للصرف الصحي يربط كل شبكات البلدات التي تم تنفيذها بخط او خطين رئيسيين يصبان في محطة مركزية تكرر المياه و تراعي المتطلبات البيئية، وتكون هذه المحطة بديلا عن المحطات الفرعية الموجودة حاليا التي لم تعط النتائج المرجوة.
شاهين
وفي لقاء مع المهندس شاهين شاهين المكلف من قبل بلدية بيت ملات متابعة مشروع الصرف الصحي الذي يتم تنفيذه حاليا، تحدث عن الصرف الصحي في منطقة الجومة، فاعتبر أن "هناك مشكلة تعانيها المنطقة ككل، وهذه المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم، ونحن في بيت ملات عندنا مشكلة مع البلدات التي تقع فوقنا، والتي تصل مياه مجاريرها إلى أرضنا، خاصة بينو والبرج، البلدات الأخرى التي تقع فوقنا، كما وصلت مياه مجارير من تكريت الى أراض بيت ملات".
ورأى أن "الحل يقع على عاتق الدولة لكننا نعرف كيفية تعاطي الدولة مع عكار، باعتبار عكار منطقة محرومة والمجتمع المدني للأسف لا يستطيع القيام بأي مبادرة على هذا الصعيد، سوى ايصال صوته".
أضاف: "في بلدية بيت ملات وضعنا دراسة متكاملة لمشروع صرف صحي خاص بالبلدة، يلحظ عدم إلحاق أي ضرر بيئي وغيره بالبلدات المجاورة، بالنسبة لإتحاد البلديات ليس قادرا ماديا على حل المشكلة، وقد اتبعت سابقا سياسة توزيع أموال على البلديات، استخدمتها في تنفيذ مشاريع صرف صحي في كل بلدة لوحدها، بدل اعداد مشروع مشترك، وهذا واقع لم يعد بالإمكان تغييره، والحل الجذري يكمن في قيام الاتحاد بإعداد خطة متكاملة لمعالجة مشكلة الصرف الصحي بدعم من الدولة، وهذا أمر هام وضروري لنا وللأجيال الطالعة".
وتابع: "لا يمكن للانسان أن يعيش براحة اذا لم تكن بيئته نظيفة، وللاسف المؤتمنون على هذه الامور لا يملكون المال للقيام بهذا المشروع وعلينا البحث لإيجاد الحلول، ولابد من لفت النظر الى مشكلة أخرى للصرف الصحي لجهة إمكانية تلوث المياه الجوفية التي تؤمن مياه الشفة للجومة وخارجها، حيث توجد الآبار الجوفية وسط البلدات التي تعاني مشكلة الصرف الصحي".
واعتبر أن "الحل الأفضل هو بإنشاء شبكة صرف صحي لمنطقة الجومة بأكملها، لأن طبيعتها الجغرافية المنحدرة تصب في واد واحد، يمكن إقامة محطة تكرير مركزية فيه او جر مياه المجارير الى محطة تقام في منطقة السهل. هذا هو الحل الأنسب وكلفته عالية جدا، لا قدرة للاتحاد على تحمله، ولا البلديات، والدولة اللبنانية الوحيدة القادرة على تنفيذ هذا المشروع".
ياسين
وتحدث محمد ياسين رئيس بلدية البرج التي تنفذ مشروعا لإقامة محطة مشتركة للصرف الصحي مع بلدية بينو - قبولا للوكالة الوطنية للاعلام، لافتا الى "أن مجلس الانماء والاعمار يعمل على تنفيذ مشروع كبير للصرف الصحي في منطقة الشفت والقيطع الساحلي، ونحن في الجومة 18 بلدة، فيها أكبر محطة لمياه الشفة، تغذي مناطق الشفت والسهل والقيطع الساحلي، لذلك نأمل من مجلس الانماء والاعمار وبتمويل من الدولة تنفيذ مشروع الصرف الصحي للجومة، دراسته موجودة لدى المجلس منذ زمن طويل، وعندما راجعنا بخصوصه، أبلغنا أن هذا المشروع على لائحة المشاريع اللاحقة، وليس على المدى المنظور".
وحذر ياسين من الخلافات التي تحصل بين البلدات جراء تسرب مياه المجارير من بلدة الى أخرى، قائلا: "هناك خلافات تحصل اليوم بين بلدات المنطقة بسبب أزمة الصرف الصحي، مثل بينو وبيت ملات وبين تكريت وجبرائيل، وهناك شكاوى متبادلة بين البلديات، ونحن مقبلون على موسم الصيف حيث ستتفاقم المشكلة اكثر فأكثر".
وأوضح أن "المشروع المشترك مع بلدية بينو اصطدم بقرار من وزارة البيئة يمنع استكمال المشروع، الى حين وضع البلدية دراسة للأثر البيئي، في وقت أن الوزارة ذاتها لا تقترح حلولا جذرية للمشكلة، ومع ذلك سوف نضع دراسة الأثر البيئي، ونحن جاهزون لتلبية أي مطلب، ضمن الامكانيات المتوفرة، ونحن في البرج على أتم الاستعداد لوضع ميزانية البلدية من أجل الصرف الصحي بالتعاون مع بلدية بينو، ولكن هذا لا يكفي، وهذا أشبه بالمسكنات، وقد تبلغت بلدية بينو - قرارا من وزارة البيئة عبر وزارة الداخلية بمنع وصل منازل إضافية على الشبكة، كي لا يزيد الضغط على محطة التكريرالقديمة الموجودة حاليا في بينو، ريثما يتم البت بالمشروع الجديد. وحتى ذلك الحين فإن مياه الصرف الصحي ستتجمع في مجاري النهر وهذه مشكلة بحد ذاتها، بعدما تم ربط المنازل في البلديتن بالشبكة وهناك استحالة في اعادة وصلها بالحفر الصحية التي كانت مستخدمة سابقا".
وأشار ياسين إلى أن "هناك زيادة سكانية كبيرة في المنطقة اضافة الى النازحين السوريين، "المشكلة سوف تستمر وسوف تتفاقم، لأن المحطات الفرعية المستخدمة حاليا، تحل المشكلة جزئيا، مثلا عيات تصرف مياهها في المجرى المائي (نهر جاف) وتصل الى أراضينا في البرج ونحن نصرف في المجرى الذي يصل الى بينو بينو، ومن بينو الى بيت ملات ثم الى جبرائيل وهكذا، هذه المشكلة تطاول كل البلدات دون استثناء".
وأخيرا، الحل - بحسب شاهين - يكون من خلال مشروع متكامل، من عكار العتيقة حتى جبرائيل وايلات، وينتهي بمحطة تكرير مركزية، وتنفيذه من مسؤولية الدولة فقط عبرمجلس الانماء والإعمار ومسؤولية اتحاد بلديات الجومة والبلديات ملاحقة هذا المشروع مع السياسيين والمسؤولين وكل معني في الدولة بهذا الأمر.
================= ج.س