الأربعاء 30 تشرين الأول 2024

12:21 pm

الزوار:
متصل:

مشكلة مكب طرابلس تنتظر الفرج كبارة:المعالجة تأخرت وقريبا نعلن عن مبادرة للحل

تحقيق شفيقة عبد الرحمن

وطنية - كما في بيروت كذلك في طرابلس، تحولت مشكلة النفايات الى شغل يشغل اللبنانيين، وباتت تؤرق راحة المسؤولين في البلديات واتحادات البلديات ومجلس الانماء والاعمار والحكومة، ويجهد الجميع من أجل إيجاد حلول ناجعة ونهائية للمشكلة.

وفي طرابلس، فاحت في أرجاء المدينة ومدن اتحاد بلديات الفيحاء روائح كريهة بدل رائحة زهر الليمون الذي كانت تمتاز به الفيحاء، وتوجهت الانظار الى جبل النفايات الجاثم على رئة طرابلس البحرية، وتبين ان مصدرها معمل فرز النفايات الممول من حكومة كاتالونيا وبلدية برشلونة باشراف برنامج الامم المتحدة الانمائي، وزاد مشكلة النزوح السوري من الازمة، اذ ازدادت النفايات أكثر من ثلث الكمية التي كانت تجمع يوميا وهي في الاساس أكثر من القدرة الاستعابية للمكب.

مشكلة مزمنة
تعود مشكلة مكب نفايات طرابلس الى أواخر السبعينيات، وفي العام 1998 بدأت الحرائق والانبعاثات الغازية الكريهة تفوح منه، أما في العام 1999 فتم وضع خطة تأهيليه لفترة 10 سنوات، على أن يتم تأمين البديل عام 2005. وتم تأهيله عام 2000 في عهد رئيس البلدية الراحل العميد سمير الشعراني، وأنشئت محطة حرق الغاز المنبعث من داخله مع شبكة تجميع، بالاضافة الى بناء حائط دعم حوله لتثبيته ومنع الانهيارات فيه، وتم استحداث محطة لمعالجة الوحول، وهي إجراءات أتاحت تمديد العمل في المكب لعشر سنوات على ألا يتجاوز ارتفاعه ال 20 مترا، ويتوقف بعد ذلك، ليصار إلى تأمين بديل. لكن البديل لم يتوافر، واستمر المكب متحملا الضغط ، ووصل المكب الى القدرة الاستيعابية القصوى في عام 2012 وبدأت علامات الخطر تظهر فيه وتم معالجتها.

وفي العام 2013 تعطلت محطة معالجة الوحول ومحطة حرق الغاز وما زال الامر على ما هو عليه الى يومنا هذا، وظهرت بعض التشققات الخطيرة في حائط الدعم، عام 2014 مما يهدد انهياره وتم تسوية التشققات. وحاليا تجاوز ارتفاعه 39 مترا، ودق الجميع ناقوس الخطر.

كبارة
ولتسليط الضوء على مشكلة المكب، التقت "الوكالة الوطنية للاعلام" وزير العمل محمد كبارة والوزير السابق فيصل كرامي ورئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمرالدين والخبير البيئي الدكتور جلال حلواني.

حلواني
وكانت البداية، مع رئيس قسم الصحة والبيئة في كلية الصحة في الجامعة اللبنانية ورئيس لجنة البيئة في المجلس البلدي السابق الخبير البيئي الدكتور جلال حلواني، فأوضح ان "المشكلة الاساسية لادارة النفايات تكمن في غياب منظومة ادارة متكاملة حديثة لادارة النفايات، سواء في مرحلة الجمع والكنس او مرحلة المعالجة، وبات من الضروري تطبيق سياسة حديثة متطورة حضارية تأخذ في الاعتبار الواقع الديمغرافي والتقنيات الحديثة في ادارة هذا القطاع ومستقبل المدينة الاقتصادي، بالاضافة الى طمر النفايات في مكب عشوائي تخطى امكانيات الاستيعاب ويمكن ان يتهدد بكارثة بيئية لا سابق لها في لبنان، بالاضافة الى وقوعه بجانب المنطقة الاقتصادية الواعدة والذي يشكل وجوده تهديدا لانطلاقتها ومستقبلها الواعد، وكذلك انبعاث روائح كريهة في المدينة منذ أكثر من شهرين حيث باتت تغطي مساحات كبيرة في المدينة تؤثر سلبيا على البيئة ومناخها ويمكن أن تتسبب بأمراض وخيمة بالاضافة الى الصورة السيئة عن طرابلس، ومصدر هذه الروائح الكريهة التي تشهدها المدينة معمل الفرز الجديد، ومعمل الكومبوست أو التسبيغ الجديد وجبل النفايات".

وعن كيفية تشغيل عمل الفرز، قال:"إن إلانتاج اليومي لمدن الفيحاء من النفايات هو ما بين 400 و 500 طن، تم تعديل إمكانية معمل الفرز الجديد الممول من الاتحاد الاوروبي عن طريق مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية على أن يستوعب في حالته القصوى 200 طن كل 8 ساعات بدلا من 150، وقد تم تدشينه في شهر حزيران الماضي، ويعمل بدوامين، وفي حال زادت كمية النفايات المنتجة عن 400 طن يتم إرسالها مباشرة الى المكب من دون خضوعها الى الفرز المسبق".

أضاف: "تفرغ شاحنات شركة لافاجيت حاليا حمولتها في هنغار شركة AMB في داخل معمل الفرز الجديد، ويتم وزن الإنتاج اليومي على قبان متواجد أمام معمل الفرز، وفي حال وصولها الى الرقم 400 طن يتوقف المعمل عن استقبال النفايات وتذهب الشاحنات بعد ذلك مباشرة الى المكب وتلقي بحمولتها دون أي فرز. وإن التأخير في عملية فرز النفايات المكشوفة يصل أحيانا الى ست ساعات من هنا يأتي جزء من الروائح الكريهة التي تزكم أنوف المواطنين وخاصة اذا كانت النفايات موجودة خارج الهنغار".

وتابع: "أما معمل الكومبوست أو التسبيغ فيعتمد تقنية التخمير الهوائي، بحيث يتم فرش النفايات العضوية في هنغار كبير مخصص لها ويجري تقليبها أسبوعيا بانتظار ان تختمر النفايات بشكل طبيعي، وتبقى على هذا المنوال لخمسة أسابيع، تصدر روائح كريهة وقوية خلال الأسبوعين الأولين للتخمير. ويفترض عند بناء هنغار التخمير لهذا المعمل ان يكون هناك بيوفلتر مربوط بمضخة تشفط الهواء من داخل الهنغار، ويتم معالجته وتنقيته من الإنبعاثات الغازية وبخاصة المركبات الكبريتية مصدر الروائح البشعة، ولم يتم تركيب هذا الفلتر، ووعدت الشركة بتركيبه".

وختم: "تقوم الشركة المشرفة على إدارة المكب من وقت إلى آخر بعملية تنظيف للأقنية المتواجدة في إطار المكب لكي يتم تمرير مياه الأمطار عبر تلك الأقنية المكشوفة ومنعا من أي إنهيارات مستقبلية في فصل الشتاء. كما ان هناك آليات وجرافات متخصصة تقوم بحفر بعض الأماكن في المكب الحالي لتمرير مياه الأمطار والوحول التي تنساب دائريا داخل المكب حتى تصل الى النهر. هذه الاشغال تتسبب بانبعاث روائح كريهة لانها تكشف النفايات التي في مرحلة التحلل البيولوجي،  ولا بد من الاشارة الى ان حائط الدعم الدائري الذي يحتضن المكب ما زال صامدا الى الان عكس كل التوقعات الهندسية وكل يوم يزيد احتمال انهياره في اي لحظة بسبب زيادة الضغط عليه نتيجة زيادة حجم النفايات التي يتم طمرها مما قد يتسبب بكارثة بيئية خطيرة لا تحمد عقباها، من هنا ضرورة الاسراع في ايجاد الحلول الناجعة وابعاد الخطر".

كبارة
وقال الوزير كبارة:"لقد  تأخرت معالجة مكب النفايات إلى اليوم، وهذا أمر مؤسف، بحيث ترك آثارا سلبية جدا على المدينة التي لم تعد تحتمل لاسيما وانه ينذر بوقوع كارثة بيئية في طرابلس جراء تفاقم الأزمة ولا يمكن السكوت عنها".

أضاف: "لقد أثرت قضية المكب في احدى جلسات مجلس الوزراء، وشددت على ضرورة ايجاد حل سريع، وتلقيت وعدا من الرئيس سعد الحريري بمعالجة هذه الأزمة، والآن نحن نملك تصورا وخطة للمعالجة والملف بين أيدينا، وقريبا نعلن عن مبادرة لحل قضية مكب طرابلس".

كرامي
أما كرامي، فقد كشف أنه "أثار قضية المكب مع وزير البيئة طارق الخطيب الذي زاره في دارته بطرابلس قبل ايام"، وقال: "أكدت للوزير المعني ان مكب نفايات طرابلس بات يهدد بكارثة بيئية، وهذا يستدعي تضافر جهود كل القيمين في الحكومة والبلدية واتحاد بلديات الفيحاء لإيجاد علاج نهائي لهذا الخطير الذي تتعرض له طرابلس، والمشكلة ان عمر المكب الافتراضي 5 سنوات، ومددت البلدية 5 سنوات إضافية، اي كان المفترض ان تنتهي في عام 2010، وبدأ جدار العزل فيه بالتشقق وقد ينهار في اي لحظة وانهياره سيؤدي الى كارثة بيئية في البحر واليابسة وارتفاعه لامس 40 مترا والمفترض ان يكون 20 مترا على أكثر تقدير، وكان يفترض أن يكون داخل المكب محرقة وهذه المحرقة معطلة، وايضا المفترض ان يقام فيه عازل والعازل غير موجود، لذلك نحن نحذر من كارثة بيئية ونطلب من الحكومة والبلدية واتحاد بلديات الفيحاء الاهتمام وان يضعوا خططا لايجاد علاج نهائي لهذه الكارثة فالخطر قريب جدا وبدأ يلوح بالأفق لا سمح الله".

أضاف: "لقد أخبرت وزير البيئة بأننا حضرنا ملفا كاملا للحلول التي يجب ان تعتمد في المدى المنظور وفي المدى الطويل بالتعاون مع مهندسي جامعة المنار مؤسسة - رشيد كرامي للتعليم العالي، وسنوفد فريق عمل لعرضه على وزير البيئة في مكتبه في الوزارة من اجل اتخاذ قرارات سريعة ووضعه موضع التنفيذ، فالكارثة ان وقعت لاتهدد اهل طرابلس بل تحدد الشمال ومحيطه لاسمح الله".

قمرالدين

من جهته، أقر قمرالدين ب "وجود المشكلة وتفاقمها"، وقال:"لقد تحول موضوع النفايات الى الشغل الشاغل للجميع حكومة وبلدية واهالي، ونحن كمجلس بلدي في طرابلس عمره سنة واربعة أشهر، فيما المشكلة في المدينة عمرها 25 سنة وأكثر وسنويا تتفاقم الازمة، ومنذ تسلمنا مهامنا قمنا بدورنا وأرسلنا كتبا الى المعنيين في الحكومة وفي مجلس الانماء والاعمار نحذرهم من مغبة الامر والمخاطر المحدقة بطرابلس واهلها جراء المكب، وطالبنا بضرورة ايجاد حل جذري، فالحلول الموقتة تصل الى حدودها القصوى، ونعود لنقع بالمشكلة ذاتها، لقد اجرينا اتصالاتنا في لبنان والخارج لمساعدة الحكومة اللبنانية لايجاد الحلول ونعلم ان الحكومة كان لديها حل بديل بإنشاء مكب آخر في دير عمار والاهالي هناك رفضوه ولم يوافقوا".

أضاف: "إن إيجاد البديل للمكب والحلول الناجعة للنفايات هو أكبر من بلدية طرابلس واكبر من اتحاد بلديات الفيحاء، وهذا أمر يحتاح الى أموال ضخمة لا نستطيع تأمينها بل تعجز الدولة التي هي مسؤولة عن النفايات عن تأمين هذه الاموال، ومعلوماتي ان الحكومة تنكب حاليا على دراسة الموضوع".

وتابع: "وضع المكب مأسوي، لدينا مكب كان من المفترض ألا يتجاوز الخمسة عشر مترا، وهو اليوم يصل الى 39 مترا، والشركة المتعهدة العمل في المكب أرسلت كتابا أوضحت فيه أنها ستتوقف عن العمل لعدم قدرتها تحمل أي مسؤولية عما سيحدث خاصة في فصل الشتاء حيت تزيد مياه الامطار الضغط على حائط الدعم وهناك خوف كبير من ان ينفجر، قلنا اننا لا نريد الذهاب الى حلول موقتة اذا لم يواكبها حلول طويلة الأمد من اجل الانتقال بعد السنتين الى الحل الدائم لتصريف نفاياتنا، وهذا لا يتم الا بالتعاون مع الحكومة لايجاد خطة متكاملة للمشكلة، ولقد أجرينا اتصالات وندرس المشكلة مع كل الجهات المعنية بالبيئة وادارة مشاكل النفايات والمكبات، وقمنا بزيارات خاصة الى الخارج للاطلاع على كيفية معالجة النفايات والحلول، وأعتقد أنه بالنسبة للمدن التي ليس لديها مساحات أهم معالجة للنفايات هي المحارق بطرق حديثة تحافظ على البيئة والسلامة العامة، أو عن طريق حل البايوغان، وهناك شركات تتقدم بخبرتها وتتصل بنا وانا حاليا أكون ملفا وسأعرضه على على رئاسة الحكومة وعلى مجلس الانماء والاعمار لدراسته والسير به بعد مقاربته وتطابقه مع الدراسات التي بحوذتهم".

وعن قراره حيال الوضع الحالي، قال:"أكيد لن نصدر قرارا بإغلاق المكب، لان السؤال بعد الاغلاق اين سنذهب بالزبالة والنفايات؟ نحن نسعى بكل جهد وحماس، من اجل وضع تصور متكامل ولقد استضفنا في طرابلس في السابع من الشهر الجاري مؤتمرا لمعالجة مشكلة النفايات الصلبة بالتعاون مع منظمة المدن المتوسطية، وتمكنا من تحويل اعمال المؤتمر لايجاد حلول ناجعة لمشكلة النفايات في مدن الفيحاء، وسنعقد طاولة مستديرة مع  خبراء البيئة محليين وأجانب للوصول الى حل نقدمه للحكومة، ونأمل أن تسرع الحكومة في تنفيذه حسب الاصول".

                        ================= ج.س

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب