الأربعاء 30 تشرين الأول 2024

12:13 pm

الزوار:
متصل:

مرتكزات صناعة السياحة بين الازدهار والتعثر مقاربة اقتصادية اجتماعية (لبنان نموذجا)

بقلم الدكتور جوزيف شليطا
مقدمة
تتنازع دول العالم اليوم، سوقا سياحية قارب حجمها مليار ومئتان وخمسة وثلاثين مليون نسمة، معتمدة بذلك سياسات تنافسية شرسة، تلامس في بعض الأحيان حد الممارسات الاغراقية. ومن أبرز ركائز هذه السياسات،  تعزيز كل القطاعات السياحية، في طاقتيها الاستقطابية والاستيعابية. فرفع القدرة الاستيعابية توفره سياسات أسعار مغرية، مقابل نوعية خدمات ذات معايير دولية. أما توسيع القدرة الاستيعابية، فيقوم على تدفق الرساميل المحلية والأجنبية المستثمرة في البنية التحتية لهذا القطاع، والتي يتم جذبها بفضل حوافز مالية ونقدية تؤمنها السياسات التنافسية التي ذكرناها.
فالتركيز على القطاع السياحي، بوصفه قطاعا استراتيجيا، لا يندرج في اطاره المغلق، بل يصنّف في مصاف القطاعات المحركة للاقتصاد، كقطاع البناء وسواه. فبفضل  عامل الطلب الذي يوفّره، بات هذا القطاع يشكل سوقا بحد ذاتها لسائر القطاعات الاقتصادية، من زراعية وصناعية وتجهيزية وغيرها، فضلا، عن انها سوق للاستخدام لا يستهان بها في بعض الدول. وبالتالي أصبح ارتباط هذه القطاعات بالنشاط السياحي وثيقا، لدرجة أن وتيرة  تبدّل ظروفه الاقتصادية ارتفاعا أو هبوطا، أصبحت من العوامل الأساسية المؤثرة على وتيرة نمو القطاعات الأخرى، خاصة وان مناطق متعددة من العالم عرضة للمخاوف الأمنية، ولو بدرجات متفاوتة.
اخترنا في هذه الدراسة، نقاط ذات أهمية، تتعلق بتطور السياحة العالمية وازدهارها وايراداتها، والعوامل والمعوقات المؤثرة في تنشيطها، والاضطرابات الأمنية وانعكاساتها على أعداد السياح القادمين، وأشرنا الى ضرورة التفكير بسياسة سياحية تتناسب مع الظروف الاقتصادية الراهنة، ومع المتطلبات الجديدة للمنافسة في الأسواق السياحية الاقليمية والدولية.
كما قمنا بمقاربة اقتصادية اجتماعية، آخذين لبنان نموذجا، وعالجنا موضوع تطور السياحة اللبنانية منذ سنة 1951 حتى اليوم، وقمنا باستشراف اعداد السائحين الى لبنان، وما نراه من توقعات سياحية مستقبلية، معتمدين على فرضية أن الظرف الذي كان قائما في السنوات الماضية، سيستمر في الفترة المقبلة. بالاضافة الى ذلك، قمنا باحتساب الاتجاه العام لأعداد السائحين على ضوء انجازات القطاع، بهدف ابراز العدد الذي كان مفترضا أن يأتي الى لبنان.
شملت دراستنا هذه، معطيات وثائقية واحصائية استقيناها من مراجع أجنبية وعربية، ويمكن اعتبارها، محطة علمية في ميدان الدراسات، حول القطاع السياحي في لبنان والعالم.
أولا – السياحة في العالم، أهميتها تطورها وازدهارها:
السياحة عنصر فعّال في اقتصاد الدول، فهي تهدف الى استغلال المعطيات الطبيعية، وتنسيقها وترتيبها وتصنيعها، كي تصبح صالحة لخدمة نشاطات الانسان، ولتحقيق رغباته في الترفيه والاستشفاء والتثقيف، والتعرف الى عادات الآخرين وتقاليدهم، خصوصا، وان السياحة أصبحت وسيلة الاتصال الفكري والثقافي والاجتماعي، بين الشعوب.
انها فن تقديم الخدمات.... فهي بكل أشكالها، واحدة من خدمات العصر الرئيسية، ماضية في التطور، تشغل الاغنياء والفقراء في كل دول العالم، وتحتل مساحات جديدة في حياة الامم، تعكس مدى التقدم الحضاري والعلمي للشعوب، لكونها نشاطا انسانيا حركيا، رغم كل العوائق والصعوبات الناتجة عن الأزمات الدولية، والأحداث الأمنية المتنقلة في أقطار كثيرة من العالم.
فتطورها السريع والمستمر، هو من الدلائل الرئيسية على أنه ليس لها حدود أو نهاية، وان حركتها قد فاقت كل التوقعات. فهي صناعة مركبة، أو الصناعة الأم، أو الصناعة المتكاملة، أو صناعة المستقبل، انها صناعة بلا مداخن. ............، السياحة قطاع لا ييأس.
أ- أهمية قطاع السياحة:
يقوم الواقع السياحي، على تقديم كل التسهيلات والخدمات اللازمة للمسافرين، من المواطنين والاجانب، كي يشاهدوا أو يستهلكوا ما يشبع دوافعهم، في اطار يتفق مع رغباتهم وميولهم، وذلك في أماكن قد تكون ذات مغريات طبيعية أو صناعية أو انسانية، تعدّ وتهيّأ وتدار بطريقة معيّنة لاستقبال السيّاح وتسهيل اقامتهم فيها.
تتوقّف درجة النجاح في هذا النوع من الخدمات، في أي بلد من البلدان، على توفّر انسجام عنصري العرض والطلب السياحيّين، بمعنى وجود المرغبات السياحية التي تشبع دوافع السفر، في مجالات المتعة والثقافة والعلاج والدين والرياضة وغير ذلك، ووجود ما يقابلها من جهود تسويقية وتنشيطية، تتفق مع الامكانيات السياحية المتاحة، وأساليب التسويق والدعاية المتطورة.
يقوم النشاط السياحي على استخدام عدد متنوع من المشاريع الاقتصادية، كأماكن الاقامة والمطاعم ومرافق النقل ومراكز البيع والشراء الخ... بالاضافة، الى استغلال عناصر الجذب السياحي، سواء أكانت طبيعية أو مناخية أو من صنع الانسان.
فالسائح، عبر التاريخ، يقصد دائما الاماكن التي تقدم له أكبر منفعة ممكنة مقابل النفقات التي يبذلها، لذلك وجدت المنافسة الشديدة بين الدول في تقديم التسهيلات وعرض المغريات وتحسين مستوى الخدمات.
ب – نشأة السياحة الحديثة وتطورها:
بدأ المهتمون منذ القرن التاسع عشر، الى جانب المغريات الطبيعية والانسانية، بتقديم عناصر تقنية متميّزة لتنمية السياحة، وتمثّلت بتطوير وسائل النقل، واصدار أول دليل سياحي، بالاضافة الى ولادة فكرة وكالات السفر والسياحة والرحلات.
فخطوط سكة الحديد، التي أنشئت في الفترة الواقعة بين عامي 1830 و 1848 في عهد الملك لويس فيليب، شكّلت شبكة مواصلات كبيرة، أتاحت تنمية السياحة الداخلية، بشكل سريع ومريح، الى جهات فرنسا الاربعة .
وفي عام 1839، أصدر الألماني كارل بادكر أول دليل سياحي، فكان ممهّدا للدلائل التي صدرت فيما بعد. استمر هذا الدليل في الصدور طوال القرن التاسع عشر، واستفاد منه الرحالة والمستشرقين، بتنقّلاتهم وأسفارهم الدولية، بالكثير من المعلومات، كمعرفة أسعار العملات، والاطلاع على أحرف الأبجديات وطريقة لفظها.... (نشير الى أن الأحرف العربية وردت في هذا الدليل) .
في الفترة عينها، ولدت في بريطانيا فكرة وكالات للسفر وللرحلات المنظمة بأسعار مقبولة، وكان أوّل من نظّم رحلة جماعية من هذا النوع، الانكليزي توماس كوك، الذي نقل سنة 1841، بواسطة قطار خاص 570 شخصا، شاركوا في مؤتمر لمكافحة تعاطي المسكرات. كما نظّم سنة 1846 أول رحلة يقودها دليل سياحي، وأنشأ سنة 1851، أول شركة حقيقية للسفريات باسم توماس كوك وولده، وانتشرت مكاتبها في 68 بلدا، وكان لها مكتبا في بيروت .
في حدود عام 1870، اعتمد كوك قسائم استفادة من بعض الخدمات الفندقية، وحدّد أسماء الفنادق التي تقبلها. وفي عام 1874 ابتدع استعمال شيكات السفر، وطوّرها، فعرفت بالأميريكان اكبرس، ونظّم بعد ذلك، عدد كبير من الرحلات .
وفي نهاية القرن التاسع عشر (1898)، نظّم كوك الابن رحلة القيصر غليوم الثاني الى الأراضي المقدسة، وزار خلالها قلعة بعلبك، وأمضى ليلة في ظلال أعمدتها على ضوء القمر .
ج - ازدهار السياحة العالمية
شهدت السياحة العالمية نموا مذهلا منذ الحرب العالمية الثانية، واصبحت قطاعا من قطاعات التصدير الرئيسية في العالم، الى جانب قطاعي النفط وصناعة الطائرات.
فبحسب منظمة السياحة العالمية بلغ عدد الوافدين من السياح الدوليين سنة 1950  خمسة وعشرين مليون سائح، وزاد صعودا الى أن بلغ مليار ومئتان وخمسة وثلاثون مليون سنة 2016.
واعتبر عام 1936 تاريخ بدء ازدهار السياحة العالمية وذلك للأسباب التالية :
1- صدور قانون في 30 حزيران 1936، عمّم العطل السنوية المدفوعة في فرنسا. في حين كان القانون نفسه، قبل سنة 1848، يفرض على العامل 14 ساعة عمل يوميا، بما فيها أيام الآحاد. سنة 1848 عدّل القانون ليصبح عدد الساعات 12 ساعة يوميا، في حين أصبح 10 ساعات سنة 1912، وثماني ساعات سنة 1919.
وخلال مئة سنة، امتدت بين عامي 1830 و1930، تضاعف أجر العامل اليومي في أوروبا، مما انعكس زيادة في قدرته الشرائية، وشكّل واقعا اجتماعيا جديدا زاد أعداد السائحين، ودفع مجموعات من الناس للسفر بمفردهم أو مع عائلاتهم لقضاء عطلهم.
2- تزايد مداخيل البلدان الصناعية، وتأثر الاقتصاديات العالمية بها، مما أدى الى ارتفاع دخل الفرد، وبالتالي استعمال مداخيله الاضافية للاستجمام والراحة.
3- تطور صناعة السيارات، وانخفاض نفقات السفر، وتقدم النقل الجوي وتوافره بأسعار متهاودة.
4- تقدم أساليب الاعلام والترويج السياحيين.
5- تنشيط الحكومات للحركات السياحية، كتحسين أنواع الخدمات وتسهيلها، وخلق مناطق مجهزة لكل أنواع السياحة.
د – الاحصائيات السياحية الدولية:
اتسعت السياحة، وازدهرت خلال النصف الأول من القرن العشرين، بشكل لم تعرفه من قبل. فاهتمت بها الدول على اختلافها، ونظّمت شؤونها، ووفّرت لها التسهيلات اللازمة، وتعدّدت العوامل المؤثّرة، وظهرت واضحة في قيمة الايرادات وأعداد السيّاح.


1 - العوامل المؤثرة في تنشيط السياحة:
تتنوّع العوامل التي تحدّد نمو السفر العالمي بين اقتصادية واجتماعية، ويقع بعضها الى حدّ كبير خارج سيطرة البلد المستقبل، لارتباطها بالظروف السائدة في البلدان المصدّرة والمستقبلة على السواء. تتوزع هذه العوامل بين ايجابية وسلبية.
العوامل الايجابية:
- الدخل الفائض، وطول الاجازة المدفوعة، وزيادة اوقات الفراغ للسياح المتوقعين(ازدهار أكبر ورفاه أوسع).
– حسن اختيار أماكن الزيارة من قبل المنظمين، يدعو السيّاح للاهتمام بهكذا رحلات ويدفعهم للسفر.
- الخدمات الجيدة المقدّمة الى السياح من نقل واقامة وطعام ........الخ
- الظروف المناخية والصحية المناسبة في البلد المستقبل.
- توفّر المعارض  والأسواق الدولية والمؤتمرات والسياحات على أنواعها في أماكن متعددة من العالم.
الآخرين. - عامل نفسي واجتماعي، يتمثل بالمفاخرة الشخصية وبتقليد
أما المعوقات فهي:
- ارتفاع تكاليف السفر.
– صعوبة ايجاد الوقت المناسب واللازم والكافي للقيام برحلات سياحية.
– قد يكون السفر متعبا برفقة الأطفال.
– هناك الكثير من السياح الذين يحتاجون للعناية الطبية خلال السفر.
– قد تكون اللغة عائقا أمام عدد كبير من السياح.
– التخوف من المخاطر الطارئة بسبب قضايا تتعلق بالسلامة الشخصية والأمن العالمي.
– الخوف من الغش.
– التعقيدات في التأشيرات والجمارك.
2- الايرادات السياحية
شهد قطاع السياحة نموا كبيرا على الصعيد العالمي، اذ يعد الأعلى، مقارنة ببقية القطاعات الاقتصادية الاخرى، حيث ارتفع أعداد السائحين الدوليين 3.9% خلال سنة 2016 ليسجّل أعلى معدل على الاطلاق.
نشرت منظمة السياحة العالمية التابعة للامم المتحدة تقريرها السنوي للعام 2016. وبحسب هذا التقرير احتلت الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الأولى من ناحية ايرادات السياحة المحققة لسنة 2015، مع ايرادات اجمالية بقيمة 204 مليار دولار، بفارق يزيد عن 90 مليار دولار عن الصين التي حلّت في المرتبة الثانية، بينما حلت اسبانيا ثالثة بنحو 65 مليار دولار .
اما فيما يتعلق بعائدات السياحة في العالم العربي، فقد حققت دولة الامارات العربية المتحدة عام 2015 عائدات اجمالية بنحو 16.038 مليار دولار، تلتها المملكة العربية السعودية ب 10.13 مليار، ثم لبنان ب6.857 مليار دولار، ومصر 6.065 مليار، ومن بعدها المغرب 6.003 وقطر 5.035 والاردن 4.065 وعمان 1.540 وتونس 1.354 والكويت 499 مليون دولار .

جدول رقم 1
الايرادات السياحية بحسب الدولة والتاريخ

الايرادات(مليار دولار)

البلد (العالم العربي)

الايرادات(مليار دولار)

البلد (العالم)

16.38

الامارات العربية المتحدة (2015)

204

الولايات المتحدة الاميركية(2016)

10.13

المملكة العربية السعودية (2015)

114

الصين (2016)

6.857

لبنان (2015)

65

اسبانيا (2016)

المرجع: منظمة السياحة العالمية 2016.

3- أعداد السياح العالميين

أظهرت السياحة العالمية مرونة وقوة غير عاديتين في السنوات السبع الأخيرة (2010-2016)، على الرغم من التحديات، لا سيما تلك المتعلقة بالسلامة والأمن العالميين. وقد واصل الطلب على السياحة في العالم تزايده عام 2016، وارتفع عدد السائحين الدوليين ليصل الى ما مجموعه 1235000000 نسمة، بزيادة أكثر من 46 مليون سائح سافروا لمختلف دول العالم، أي بنسبة (+3.9%) مقارنة مع سنة 2015.

من خلال الجدول رقم 2، نجد أن سنة 2016 هي السنة السابعة على التوالي التي شهدت نموا بأعداد السياح، في أعقاب الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية (2009)، حيث أنه لم يسجل نموا مماثلا دون انقطاع منذ عام 1960. ويبدو أن عدد سياح العالم لسنة 2016 فاق ب 300 مليون عدد الوافدين الدوليين لسنة 2008، أي ما قبل الأزمة العالمية.

جدول رقم 2
تطور أعداد السياح في العالم (2007-2016)

العدد (مليون)

السنة

العدد (مليون)

السنة

1.040

2012

903

2007

1.088

2013

928

2008

1.134

2014

892

2009

1.184

2015

950

2010

1.235

2016

994

2011

المرجع: احصاءات منظمة السياحة العالمية 2017.

من خلال احصاءات المنظمة العالمية للسياحة للعام 2016 أيضا، نجد أن منطقة آسيا والمحيط الهادىء سجّلت نموا سياحيا بنسبة 8.3%، ومنطقة جنوب آسيا 9%، وذلك بسبب تزايد أعداد السائحين الصينيين الى تلك المناطق.
كما تبين لنا أن أفريقيا قد سجلت نموا فاق 8%، وذلك بعد عامين من الضعف والتراجع، كما زاد النمو في الأميركيتين 4%، أما في أوروبا فقد ارتفع فقط  2%، وذلك بسبب تأثر بعض دولها بمعدلات السلامة والأمن، كبلجيكا وفرنسا وبريطانيا ... حيث بلغ عدد السائحين اليها مجتمعة 620 مليون سائح  للعام 2016، اي بزيادة بلغت 12 مليون سائح .
4- الاضطرابات وانعكاساتها على الواقع السياحي في دول الشرق الاوسط ومحيطها
تفاوت أعداد السياح بين منطقة واخرى من مناطق العالم، تبعا لأوضاعها الأمنية، وتظهر الانعكاسات السلبية واضحة على منطقة الشرق الأوسط ومحيطها، هذه المنطقة التي شهدت وما زالت تشهد اضطرابات، ومخاوف من القيام بأعمال عسكرية، خصوصا الهجمات الدموية في العديد من دولها، هذا عدا الحروب الدائرة في كل دول المحيط وصولا الى اليمن.
وبحسب المنظمة العالمية للسياحة أيضا، شهدت منطقة الشرق الأوسط ومحيطها تراجعا بأعداد السياح عام 2016، اذ قصدها 54 مليون من السياح الدوليين الوافدين، أي بانخفاض يقدر ب 4% سنويا مقارنة مع سنة 2015، وان هذه الارقام تتراجع سنويا منذ سنة 2011 وذلك بسبب الاضطرابات، وثورات الربيع العربي، والحروب الأهلية وعدم الاستقرار.
فمصر مثلا، وبحسب تقرير المنظمة العالمية للسياحة لسنة 2016، كان نشاطها السياحي الأكثر تدهورا في العالم منذ سنة 2010، بنسبة وصلت الى 80% نتيجة عدم الاستقرار السياسي والعمليات الارهابية. وفي العام 2016، تراجعت عائدات السياحة فيها، بما يزيد عن 68.4%، لتصل الى أقل من 30 مليار جينه مصري، أي 1.6 مليار دولار، وذلك مقابل ما يزيد عن 140 مليار جينه عام 2010، وتراجع عدد السائحين في تلك الفترة من 14 مليون سائح الى خمسة ملايين فقط، كما تراجع نصيب السياحة من الناتج المحلي الاجمالي الى 3.2% مقابل 9% عام 2007 .
أما على مستوى الجوار الاقليمي، فقد تراجعت العائدات السياحية في تركيا بنسبة 31.4%، لسنة 2016، وجاءت بعد مصر كأكبر خاسر سياحيا، وذلك نتيجة الارهاب ومحاولة الانقلاب الفاشلة، وهي التي كانت تتفوق في مجال التنمية السياحية، حيث أن دول مجلس التعاون الخليجي كانت تساهم بنسبة مرتفعة تقارب ال 5% من ايرادات تركيا السياحية في السنة، وكان السائح الخليجي يزور تركيا على مدار العام، ما بين 3و4 مرات سنويا، فضلا عن انه كان يعتبر الأكثر انفاقا بين السياح القادمين .
وفي الفترة عينها، وبناء لتقرير المنظمة العالمية للسياحة، لم يتراجع عائد القطاع السياحي في تونس، خلال الأحداث المأساوية التي عصفت بها، سوى 2.5%، فيما زاد عدد السائحين اليها بنسبة قليلة عام 2015، ليصل الى 6 مليون زائر، بعائد نحو 3.7 مليار دينار اي 1.6 مليار دولار، وقد اعتبر التقرير أن هذا الواقع، هو استقرارا للقطاع بعد الهجمات على السائحين سنة 2015  .
تجدر الاشارة، الى غياب الاحصاءات في بعض دول المنطقة، بسبب توقفها عن النشاط السياحي الاقليمي والدولي، وذلك بسبب ظروفها الداخلية، وتعتبر كل من سوريا والعراق نموذجا عن هذه الواقع المأساوي الذي أصاب العديد من الدول من المحيط الى الخليج، هذا بعد ان كانت من أبرز دول المنطقة المستقبلة للسياح.
5- وجهات سياحية سنويّة
تولدت أفكار تسويقية جديدة في عالم السياحة، وأصبحت الجهات المنظمة، تروّج لمناطق مختلفة في العالم، وتدعو السياح للتعرف عليها وعلى معالمها بطرق مشوّقة، وراحت تعلن كل سنة عن مجموعة من هذه المواقع، وتسوّق لها، وتضعها على لائحة الأماكن السياحية العالمية، المؤهلة لاستقبال الزوار من كل النواحي، الطبيعية والثقافية والانسانية والخدماتية. ....
ففي سنة 2016، اعتمد المهتمون 10 أماكن جذابة وجميلة كوجهات سفر، وهي: كيتو في الاكوادور، دبلن في ايرلندا، جورج تاون في ماليزيا، روتردام في هولندا، مومباي في الهند، فريمانتل في اوستراليا، مانشستر في بريطانيا، ناشفيل في الولايات المتحدة، كوتور في الجبل الأسود، وروما في ايطاليا، فاستقبلت هذه الأماكن زائريها بالكثير من المشوقات والحوافز، ووفرت لهم التسهيلات اللازمة. فكان من بينها السياحة الراقية، والتي اعتبرت من أغلى الأماكن في العالم، بالاضافة الى السياحة الشعبية لمحدودي الميزانية.
لكل هذه المعطيات وغيرها من العوامل المحيطة، نجد الكثير من المؤشرات التي أثرت على النمو السياحي العالمي، فنراها تجتمع كلها بين الاقتصاد والتسلية وحب السفر....
كما برزت عوامل مالية نافرة خلال السنوات القليلة الماضية، كتراجع اسعار النفط، الذي خفّف من تكاليف السفر، وهبوط قيمة اليورو، مما شجّع على السفر الى أوروبا، بالاضافة الى الدفعات السياحية الصينية الكثيفة الى الدول القريبة من الصين .
ثانيا - السياحة اللبنانية:
تعد السياحة في لبنان، الدولة الصغيرة بمساحتها ، وبعدد مواطنيها ، أحد أهم مصادر الدخل في خزينة الدولة، فهي تمثل دعامة جيدة للاقتصاد اللبناني، وتؤمن فرص عمل للعديد من الشباب.
كان ينظر الى لبنان قبل سنة 1975 على أنه سويسرا الشرق، حيث كان يستقطب رؤوس الأموال والأعمال الأجنبية، والعديد من السائحين الذين يرغبون بالتعرف على ثقافته وعاداته ... فطبيعته وتنوعه الثقافي والتاريخي، كنتيجة للحضارات المختلفة التي مرت عليه، جعلته مقصدا بارزا للسائحين الأجانب، فهو يضم عددا كبيرا من المعالم الأثرية والسياحية، والنشاطات الفنية والرياضية والثقافية والتجارية، والمنتجعات الشتوية والصيفية، كل هذا عدا المطبخ اللبناني المتميز عالميا.
بالاضافة الى كل ذلك، نشير الى أن هناك العديد من الاستثمارات الخاصة، وشركات الفنادق الدولية، وأماكن التسلية المميزة، كالمسارح والمعارض والمتاحف والملاهي، دون أن نتنكر للدور السياحي والاستعراضي الذي لعبه كازينو لبنان.
كل هذا مجتمعا، شكّل ثروة وطنية قلّ مثيلها في كل الدول المحيطة، بالتالي نجد أن هذا التنوع يهم فئات مختلفة من الناس، وبذلك يصبح مقصدا للذين يهتمون بسياحات متعددة، كالسياحات الثقافية، والدينية، والعلاجية، وسياحات الأعمال، والترفيه، والرياضة، والتسوق، الخ...
أ – نمو القطاع السياحي اللبناني:
شهد القطاع السياحي نموا سريعا منذ أوائل الخمسينيات، هذا على الرغم، من عدم استقرار الوضع السياسي،  الذي خيّم وما زال على لبنان ومنطقة الشرق الأوسط. فقد ارتفع عدد القادمين الى لبنان حوالي 16 ضعفا بين عامي 1951 و1974، حيث غدا عدد السائحين يقارب مليون وأربعمائة ألف سائح عام 1974.
ادى هذا التطور الى زيادة في الواردات، حيث ارتفعت من 125 مليون ليرة عام 1961 الى621 عام 1974، أي بزيادة متوسطة بلغت 13.1% سنويا، ونتيجة لهذا النمو الملحوظ، ارتفعت مساهمة القطاع السياحي في الناتج القومي من 312 مليون ليرة سنة 1964، الى1576 مليون سنة 1974، أي خمس هذا الناتج تقريبا .
لقد استقينا أعداد السيّاح الذين يزورون لبنان سنويا من سجلات وزاة السياحة، حيث تظهر البيانات أعداد القادمين الى لبنان عبر الحدود تبعا لجنسياتهم، وتعكس هذه الأرقام عدد الزيارات لا عدد الزائرين، هذا اذا أخذنا بعين الاعتبار، أن السائح يأتي الى لبنان أكثر من مرة في السنة الواحدة، كما تتضمن أرقام وزارة السياحة أعداد الزائرين الأجانب مهما كان الغرض من زيارتهم، (قضاء عطلة، أعمال خاصة، تحصيل علمي، بقصد الاستشفاء، سياحة ثقافية دينية...) باستثناء الفلسطينيين والسوريين.

فترة 1951-1970: بلغ عدد السياح الذين زاروا لبنان سنة 1951 (87192) سائحا، ويعتبر هذا الرقم نقطة انطلاق لعملنا الاحصائي (راجع جدول رقم 3)، حيث لم تتوفر لنا أية أرقام قبل ذلك التاريخ، مع العلم أن الاتحاد العالمي للمنظمات الرسمية للسياحة، بدأ بجمع الاحصاءات على المستوى الدولي لأول مرة سنة 1947.
ابتداء من سنة 1951 سجل عدد القادمين الى لبنان ارتفاعا ملحوظا، الى أن حصلت أحداث واضطرابات دموية، طالت معظم المناطق اللبنانية سنة 1958، حيث تراجعت السياحة بنسبة 48%.
جدول رقم 3
تطور أعداد السائحين الأجانب في لبنان (1951-1974)

503984

1967

162384

1959

87192

1951

702930

1968

230573

1960

118731

1952

763327

1969

294355

1961

121964

1953

808281

1970

316185

1962

148972

1954

997617

1971

383372

1963

176535

1955

1028798

1972

462108

1964

187927

1956

939523

1973

588199

1965

178834

1957

1423950

1974

688567

1966

92412

1958

المرجع:احصاء وزارة السياحة اللبنانية.

في السنوات التي تلت، نشطت مجددا السياحة الى لبنان، حيث بلغ عدد القادمين اليه في سنة  1966 ما يقارب 688567 سائحا، مع العلم، أنه خلال هذه السنة، انهار بنك انترا. وفي سنة 1967 حصلت الأزمة الوزارية، ووقعت الحرب العربية الاسرائيلية، فتأثرت السياحة اللبنانية، وتراجعت حركتها بنسبة 26.8%.
عادت السياحة لتحقق أرقاما قياسية جديدة، متجاوزة بذلك الأحداث والظروف والأزمات التي حصلت في تلك المرحلة، كالاشتباكات العسكرية بين الجيش اللبناني والفلسطينيين في 23 نيسان 1969، حيث تصدّع مناخ الثقة بين الطرفين اللبناني والفلسطيني. كما تأثرت السياحة سلبا في فترات متعددة، بسبب تحسّن سعر صرف الليرة مقابل العملات الاخرى، مما رفع كلفة المعيشة، وقد أدى ذلك الى تراجع في مجيء السيّاح.
فترة 1971-1974: شهدت السياحة تطورا ايجابيا في تلك الفترة، مع العلم أن الوضع الداخلي كان مرهونا للفوضى السياسية والأمنية، بسبب المناخ الاقليمي المشحون نتيجة الصراع العربي الاسرائيلي، والذي ترجم في عدة أحداث أمنية، كحادثة الهجوم على مطار اللد في شهر أيار سنة 1972، ومقتل الرياضيين الاسرائليين في دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ خلال شهر أيلول 1972، والهجمات المتكررة على بيروت وعلى المخيمات الفلسطينية في شهر نيسان سنة 1973، ورغم كل هذا حققت السياحة  سنة 1974 رقما قياسيا، بلغ 1.4 مليون سائح (راجع جدول رقم 3) .
فترة 1975-1976: أدى عنف المعارك خلال حروب الآخرين على أرض لبنان، بين سنتي 1975و1976 الى أضرار جسيمة في البنية التحتية للاقتصاد اللبناني، حيث بلغت ما يقارب 4.78 مليار دولار، كما قدرت خسائر القطاع العام ب 600 مليون دولار، والقطاع الخاص 2.6 مليار دولار، والقطاع الصناعي 650 مليون دولار، والقطاع التجاري 430 مليون، بالاضافة الى تدمير 80% من وسط بيروت التجاري، حيث كانت أولى خطوط التماس. وانقطع الارتباط بين أوصال الوطن الواحد، وهجر الشباب، وفرت رؤوس الأموال والشركات والمصارف الأجنبية، وتراجعت الصادرات وتوقفت كل المشاريع .
فترة 1977-1982: انعدمت الاحصائيات السياحية خلال تلك الفترة، وانحصرت زياراتهم بعدد قليل من الأجانب، بعضهم من رجال الأعمال الذين بقيت تربطهم مصالح حيوية مع الشركات اللبنانية، وبعضهم الآخر من المراسلين الأجانب الذين جاؤوا لتغطية الأخبار السياسية والعسكرية. دون أن نهمل زيارات المغتربين لأهلهم التي كادت تتوقف بسبب الظروف السيئة التي كانت قائمة، وظروف السفر الصعبة  التي أدت الى تعذّر الانتقال من والى لبنان.
فترة 1983-1991: شهد النشاط السياحي اللبناني في بداية هذه المرحلة انطلاقة جديدة، لكنها تعثرت بعد فترة قليلة، وبلغ التدهور ذروته باندلاع ما عرف بانتفاضة 6 شباط 1984، وخروج جزء من بيروت عن السلطة المركزية، وانقسام الجيش، وعمليات اختطاف أجانب واغتيال بعضهم، ومهاجمة القوات المتعددة الجنسية، وبدء الانهيار الخطير للعملة الوطنية، وارتفاع معدلات التضخم، حتى أن مؤتمري السلام الذين عقدا بعهد فخامة الرئيس أمين الجميل في لوزان وجنيف لم يتمكنا من ايجاد حل للمسألة اللبنانية.
من خلال ما سبق ذكره، يمكننا اعتبار القطاع السياحي بشكله العام، أكثر القطاعات الاقتصادية تضررا، من حيث خسائره المادية التي لحقت بمؤسساته، مما أدى الى انخفاض في نسبة اشغال الفنادق في بيروت ومناطق الاصطياف، وتوقفت بالكامل كل الخدمات الجانبية للسياحة، بالاضافة الى الأضرار التي لحقت بالمطار وبالمرفأ وبمعظم وسائل النقل المتوفرة، مما أدى الى توقف معظم وسائل السفر من والى لبنان، باستثناء توفر بعض السفن المتوسطة الحجم والصغيرة، التي كانت تستعمل المرافىء المحلية الغير مجهزة، للسفر الى قبرص وسوريا ومصر.. وغيرها، ومنها الى العالم.
في هذه الفترة انخفض سعر صرف الليرة اللبنانية بشكل دراماتيكي، ووقع لبنان في المحظور، اذ دخلت الحروب كل مفاصل الوطن ومذاهبه وطوائفه، وهاجر الكثير من الشباب الى دول العالم قاطبة، غير آبهين ببلدهم الذي ينزف دما وشبابا واقتصادا.
وعاد المغتربون، الذين جاؤوا لزيارة الأهل، من حيث أتوا، بطرقهم الخاصة أو بأية وسائل توفرت لهم في حينه، وغالبا ما تعرضت وسائل السفر التي استقلوها، خاصة البحرية منها، للمخاطر والأهوال من اعتداءات وقصف.
خسر لبنان الكثير، وتصدّعت كل محاولات المعالجة التي عمل المجتمع الدولي على السير بها. فتوقفت كل شرايين الخدمات، وكان القطاع السياحي من أكثر القطاعات تضررا على الاطلاق. تعرّض المطار للقصف عدّة مرّات، وبلغ مجموع التعطيل فيه 800 يوما، ما بين سنة 1975 وسنة 1991، منها 118 يوما متتالية بين سنتي 1989 و 1990، كما توقف مرفأ بيروت فترات عديدة عن العمل بسبب تعرضه للقصف، وتدمير مستودعاته ومعداته .
فترة 1992-2000: بعد اتفاق الطائف وعودة السلام الى لبنان واستعادة الدولة لمرافقها ومنشآتها ومواردها، سجلت الحركة السياحية تصاعدا منذ مطلع التسعينيات، وانعكست سياسة الانماء والاعمار التي أطلقتها حكومات تلك المرحلة ايجابا على القطاع السياحي، الا ان استمرار اسرائيل في سياستها العدوانية على لبنان (الاجتياح الجوي في الاسبوع الاخير من تموز 1993 واجتياح لبنان عام 1996 الذي عرف بعناقيد الغضب ...) كلها، أثرت سلبا على النمو الاقتصادي، حيث تراجع سنة 1996 الى 4%، بعد أن كان قد بلغ معدلا وسطيا قدره 7% ما بين 1992 و1995.
ظل الوضع في جنوب لبنان وعملية السلام عاملان رئيسيان متلازمان يتحكمان بأرقام السياحة، الى ان جاء الانسحاب الاسرائيلي في 25 أيار 2000، الذي أشاع جوا من الانفراج جذب اليه المغتربين اللبنانيين، خاصة منهم ابناء المناطق الجنوبية (راجع جدول رقم 4).
جدول رقم 4
تطور قدوم السياح الى لبنان 1992-2000

التطور السنوي

أعداد القادمين

السنة

التطور السنوي

أعداد القادمين

السنة

35.8

536502

1997

 

177485

1992

11.9

600447

1998

49.7

265710

1993

12.1

673084

1999

26.1

335212

1994

9.7

738142

2000

22.2

409730

1995

 

 

 

-3.6

394967

1996

فترة 2001-2016: على الرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تؤثر عادة على ازدهار السياحة، حافظت السياحة العالمية الى لبنان على نمو مضطرد اذ ارتفع العدد من 837072 سائح سنة 2001 الى 1688357 سنة 2016، أي بنسبة + 10.69% سنويا، (راجع جدول رقم 5).
شهد لبنان خلال هذه الفترة، نشاطا سياحيا ملموسا، نتيجة لقدوم الضيوف الأجانب والمصطافين والمغتربين اليه، من مختلف القارات والبلدان بقصد السياحة والزيارة. يرتبط هذا الاقبال بقيام العديد من الأنشطة السياحية والثقافية من جهة، كالرحلات الهادفة والمنظمة  والتي تشمل الزيارات الى الأماكن الأثرية المنتشرة في كل الأراضي اللبنانية،  كما برزت السياحة الثقافية الدينية، بالاضافة الى المهرجانات المحلية المتميزة  التي تعم كافة الأراضي اللبنانية، خاصة خلال فصل الصيف.
كل هذا، دون أن ننسى مجيء العديد من المغتربين والمواطنين العرب والأجانب لتمضية عطلهم، وذلك رغم الحظر الذي فرض عليهم من قبل حكوماتهم بعد سنة 2010، وقد نلحظ ذلك من خلال التراجع في أعداد القادمين، من 2167989 سائح سنة 2010 الى ما دون ذلك بكثير، في السنوات التي تلت.
تشير الأرقام بشكل واضح الى أن العام 2011 كان بداية لمنحى تراجع عدد القادمين الخليجيين الذين كانوا يقصدون لبنان وسوريا في وقت واحد. وان الأرقام الصادرة عن وزارة السياحة خير دليل على ذلك، اذ تشير الى تراجع عدد الخليجيين القادمين الى لبنان بنسبة 40.2% سنة 2011، العام الأول للأزمة السورية، مقارنة بالعام 2010. وفي العام 2012 هبط عددهم بنسبة 57.8%، في حين سجل تراجعا بنسبة 40.6% في العام 2013....ثم جاءت سنة 2014 لتسجل نموا ضئيلا بنسبة 12.8%، كما سجلت سنة 2015 نموا أيضا نسبته 6.8%، وهكذا يلاحظ تراجع أعداد الخليجيين، الذين يصعب التعويض عن عدم مجيئهم ان لجهة الانفاق الضخم، أو لجهة مدة الاقامة، من 385984 سائح في ال2010 الى 104551 سنة 2015، أي بانخفاض حاد بلغت نسبته 73% .
بغياب السائح الخليجي، حاولت السوق اللبنانية الاعتماد على السياح القادمين من الاردن ومصر والعراق وغيرها ...، التي لم تتأثر بتوتر العلاقات اللبنانية الخليجية، ولكن دون تمكنها من استبدال السائح الخليجي الذي يمثل العمود الفقري للقطاع السياحي اللبناني.
منذ العام 2011 حتى اليوم، تتراوح نسبة اشغال الفنادق بين 25 و45%، مقابل 76 و80% خلال الأعوام 2009 و2010، اضافة الى أن أيام الاقامة في الفنادق تراجعت أيضا بحوالي 60%. كما تراجعت نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 7 مليارات سنة 2010 الى 3.5 مليار في سنة 2015. أما الانفاق بحسب المناطق اللبنانية، فتوزع على بيروت 80%، المتن 14% ثم كسروان وبعبدا 2% لكل منهما، و2% لباقي المناطق .
طيلة هذه الفترة، شهد لبنان أسوأ الأحداث الأمنية، حيث تم اغتيال عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية اللبنانية، كما تعرض لاجتياح مدمر من قبل اسرائيل سنة 2006، بالاضافة الى حصول العديد من العمليات الارهابية التي طالت الكثير من  المرافق والمناطق اللبنانية.
هذا عدا الأحداث الدموية التي حدثت في محيطنا العربي عامة، والنزاع الدموي السوري خاصة، والذي نتج عنه نزوح ما يقارب المليوني سوري الى لبنان.
بات واضحا من الاحصاءات التي وردت، أن تراجع القطاع السياحي في لبنان، قد أثار المخاوف من نتائج اقتصادية سلبية واضحة المعالم، وسط قطاع الأعمال المحلي، وبدأ هذا التراجع في حركة الوافدين منذ العام 2011، متزامنا مع تداعيات الأزمة السورية، والعمليات الارهابية التي حدثت، وبالتالي تعكير العلاقات اللبنانية الخليجية، حيث انكفأ السائح الخليجي كليا عن زيارة لبنان.

جدول رقم 5

حركة السياحة اللبنانية 2001-2016

%

أعداد السياح

السنة

%

أعداد السياح

السنة

+38.91

1851081

2009

+13.4

837072

2001

+17.12

2167989

2010

+14.2

956464

2002

-23.66

1655051

2011

+6.2

1015793

2003

-17.47

1365845

2012

+25.8

1278469

2004

-6.7

1272362

2013

-10.86

1139524

2005

+6.3

1354647

2014

-6.75

1062562

2006

+12.05

1517927

2015

-4.29

1017072

2007

+11.23

1688357

2016

+31.02

1332551

2008

المرجع: احصاءات وزارة السياحة


ب - فنادق لبنان وأماكن الايواء فيه

كان السياح والتجار الذين يأتون الى لبنان، ينزلون في "الخان"، كما درجت تسميته "لوكندة"، وهو عبارة عن مبنى محصن، يتيح للمسافرين فرصة للاستراحة، ولحماية مواشيهم وبضائعهم . كان عدد خانات بيروت قليلا، وقد ذكر "هنري غيز" سنة 1949 في كتابه بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن، أسماء عدد من الخانات كان ينزل فيها مستشرقون وسياح ومواطنون، كان أجملها خان أنطون بك الذي بني سنة 1860 . عرف لبنان أول فنادقه سنة 1843، لصاحبه الايطالي أنطونيو بيانكي. كانت مهمات الفنادق التاريخية، استقبال رجال الدين والسياسة وأصحاب المراكز الاجتماعية، ونذكر أن فندق صوفر الكبير الذي انشىء سنة 1897، كان مقرا لكل القيادات الأجنبية التي كانت تزور لبنان .
تعتمد الدولة اللبنانية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سياسة التثليث الاقتصادي، وهي التي جعلت مساهمة قطاعي الزراعة والصناعة ضعيفة أمام الهيمنة الكاملة لقطاع الخدمات، مما دفع، بقسم لا يستهان به من الرساميل، للاستثمار في القطاع السياحي عامة، والفندقي خاصة. كما عمدت الدولة الى تسهيلات سياحية، من خلال وضع تشريعات خاصة، واعفاءات ضريبية، ساعدت على نمو القطاع في كل لبنان. 
تكاثرت التسهيلات الفندقية منذ بداية الفورة السياحية اللبنانية، حيث ارتفع عدد المؤسسات سنة 1961 من 238 مؤسسة و8175 غرفة، الى 346 مؤسسة و15827 غرفة سنة 1972، وها هي اليوم واستنادا الى احصاءات وزارة السياحة  تبلغ 460 فندقا تضم حوالي 23000 غرفة .
قد يكون هذا القطاع بحاجة الى وضع استراتيجيات خاصة به، لمواكبة أعداد وأنواع القادمين الدوليين سنويا الى لبنان. في هذه الحال، تجدر الاشارة، الى القيام بمقارنة عدد فنادقه وغرفه الحالية بأعداد السياح القادمين، حيث تبدو الحاجة ضرورية لانشاء مؤسسات فندقية من كل الدرجات، هذا اذا أقام جميع القادمين المتوقعين الى لبنان في فنادقه .
وان قرار انشاء هذا النوع من المؤسسات يعود الى المستثمرين وحدهم، حيث يكلفون مؤسسة متخصصة لدراسة الجدوى الاقتصادية، وبناء على تقريرها يتخذ  المستثمر قراره بالاستثمار أو بعدمه.
أما، على صعيد الدولة اللبنانية، فبامكانها تحديث التسهيلات السياحية الحالية، ووضع سياسة توجيهية خاصة للقطاع الفندقي، تقضي بتنظيمه، بشكل يؤمن استقبال أعداد القادمين المتوقعين.
ج - حركة الزيارات الى المواقع السياحية اللبنانية
يحوي لبنان الكثير من المواقع الأثرية التي يقصدها السياح الأجانب، بهدف الزيارة والتعرف والاستكشاف، وقد تكون هذه المواقع، من أهم امكانات السياحة اللبنانية، فهي مصدر فخر لكل اللبنانيين بما تختزن أرضهم من حضارات وثقافات.
ان الدولة اللبنانية بأجهزتها الثقافية والسياحية، هي السلطة المخولة للاهتمام بهذه المعالم، التي تحتاج الى اهتمامات ادارية ولوجستية وخدماتية وهندسية وفنية، كدراسة محيطها وتأمين طرق الوصول اليها، كما وتجهيزها اللائق لاستقبال الزوار، بموظفين متخصصين، ومنشورات وخرائط، وانارة وموسيقى وحدائق، وأماكن استراحة.. ومواقع الكترونية، وكل التجهيزات المتطورة للتواصل الاجتماعي.
عمدت الادارات المختصة في الدولة الى تنظيم الدخول الى البعض القليل من هذه الأماكن، وذلك بالاشراف عليها والسهر على صيانتها، ولو بالحد الأدنى، وبفرض رسوم دخول مالية على الزوار بحسب الجنسيات والأعمار. بينما بقي البعض الآخر، وما أكثرها، دون اشراف الدولة، وبالتالي دون مراقبتها وتجهيزها وتأمين بناها التحتية وطرق الوصول اليها.
أما في ما يتعلق بمغارة جعيتا، المغارة المتميزة في العالم، والتي تقع في وادي نهر الكلب، على بعد 15 كلم الى الشمال من بيروت، فهي خارج ادارة الدولة، اذ تدار عن طريق (       ) بادارة شركة ماباس الألمانية ، وهي تستقطب سنويا أعدادا لا بأس بها من السيّاح  (الجدول رقم 6)، وتعتبر من أهم التحف السياحية الطبيعية في محيطنا العربي والشرق أوسطي، وهي التي كانت مرشحة لنيل لقب احدى عجائب الدنيا السبع الطبيعية.


جدول رقم 6
أعداد الزوار (بالآلاف) بحسب بعض المواقع (2013-2016)

2016

2015

2014

2013

الموقع

51665

36870

33900

48792

بعلبك

90730

89259

72007

59508

جبيل

45227

27250

24069

30468

صيدا

14217

11867

8383

5656

صور

39117

32045

23476

28936

المتحف

72967

62430

48353

48774

بيت الدين

186737

221782

182521

____

جعيتا

المرجع: وزارة السياحة اللبناية 2017
انعكس التقلب في أوضاع البلاد الأمنية والسياسية، على نسبة التردد الى المواقع الأثرية، التي عانت بدورها من تدنّ في أعداد الزائرين، ولكن بعض هذه المعالم، بقيت مقصدا معتلما، من قبل شركات سياحية عالمية، ومن قبل سياح منفردين أيضا، كبعلبك  وجبيل، وصيدا، وصور، وبيت الدين، وفقرا.. بالاضافة الى غابة الأرز الشهيرة، وطرق الجبل، والوديان المميزة (قاديشا)، والمغاور، وكل الغابات المنتشرة في أرجاء لبنان،  التي تعتمدها شركات السياحة العالمية كجزء من السياحة البيئية، بالاضافة الى جعيتا، المقصد الأهم...الخ
باختصار، يجب جعل كل معلم من هذه المعالم مقصدا مميزا، يؤمن المعلومات الصحيحة والراحة اللازمة، لكل قاصد مهما كانت جنسيته أو اهتماماته، على أن توضع هذه المعلومات على الموقع الالكتروني الخاص بالمعلم المقصود، وأن يتم تحديثها خلال فترات زمنية غير متباعدة، وبذلك تصبح كل المعالم الأثرية بمتناول جميع المهتمين (تلامذة، طلاب، سياح...)  فيزداد بذلك عدد الزوّار، وتنتعش الحركة الاقتصادية بكل جوانبها (النقل والاقامة والطعام والتذكارات والهدايا...) خاصة في أماكن تواجد هذه المواقع..
ثالثا- استشراف أعداد السائحين
ان كل الانعكاسات والتحديات التي أشرنا اليها، لم تقف عائقا أمام النمو السياحي، لكن دون أن يصل الى ما كان يجب أن يصل اليه. ويبدو هذا واضحا، من خلال دراستنا لاستشراف أعداد السائحين الى لبنان، من سنة 2001 الى سنة 2010، والتي بامكاننا مقارنتها مع الأرقام الفعلية المتوفرة لدينا لهذه المرحلة.
تكمن أهمية استشراف المستقبل، في أنه يساعد على النظر الى الاحتمالات المختلفة، وعلى اتخاذ القرارات التي تيسر تحقيق أفضل لهذه الاحتمالات. ان استشراف المستقبل يتراوح بين التفكير والتصور، ونقطة الصواب التي يمكن أن نلتقي حولها، هي أن المستقبل غير أكيد وغير ثابت. هذا لا يعني أن نتوقف عن التفكير بالمستقبل، فاشكالية الاستشراف تفسح لنا في المجال فهم واقعنا القائم بكل تفاصيله، وتسهل تصور بدائل له. وهذا يستدعي مقارنته بسواه، والتطرق الى جزئياته، عن طريق تحليله في ضوء الماضي والخبرة، ثم العمل على اعادة تنظيمه وتطوير نظرتنا اليه، كما يقتضي التذكير، بأن عملية الاستشراف ترتكز على الوتيرة المتوسطة لتغير عدد السائحين، خلال عدد من السنوات الماضية، على أن لا يقل هذا العدد عن ثماني سنوات. أما في استشراف الواقع السياحي اللبناني يجب التنبه الى نقاط عدة:
-التوقعات المستقبلية للسنوات العشر القادمة، والتي يجب أن تكون مبنية على ضوء انجازات القطاع السياحي خلال فترة 1992-2000.
-لا يأخذ الاستشراف بعين الاعتبار، التغيرات المستقبلية المتوقعة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فهو يعتمد على فرضية أن الظرف الذي كان قائما في السنوات الماضية سيستمر في الفترة المقبلة.
استنادا الى ما ذكرناه، وبناء على عدد السائحين في سنة الأساس أي سنة 2000،
الذي بلغ 738142 سائحا ( راجع الجدول رقم 4)،
نقوم بمحاولة تقدير الحجم المتوقع لقدوم السائحين، فنحتسب في المرحلة الاولى متوسط التغير السنوي  بالاستناد الى قاعدة:                              من سنة 2001 الى سنة 2010
ونصل الى تقدير الحجم الذي كان من المفترض أن يكون عليه عدد السيّاح، لولا الظروف الأمنية والاقتصادية التي طرأت على البلاد.
عدد السائحين المتوقع في سنة
عدد السائحين في سنة الأساس
متوسط التغير السنوي بالارقام المطلقة
الفارق في عدد السنوات بين سنة الاستشراف                               وسنة الاساس
وتأتي النتائج على الشكل التالي:

جدول رقم 7
استشراف أعداد السائحين 2001-2010

عدد السياح

السنة

عدد السياح

السنة

2204080

2006

885770

2001

2644896

2007

1062924

2002

3173875

2008

1275509

2003

3808650

2009

1530611

2004

4570380

2010

1836733

2005

المرجع: بالاستناد الى قاعدة:

يظهر في الجدول رقم 7، وفي الرسم البياني رقم 1، تقدير عدد السياح الذي كان من المفترض أن يأتي الى لبنان بين عامي 2001 و2010، ولو كان ذلك محققا بالواقع، لكان تبين لنا مدى النواقص في الخدمات السياحية كالفنادق أو غيرها (بكل فئاتها ومناطقها) ... وهذا ما يتطلب وضع دراسة دقيقة، لاستراتيجية للقطاع السياحي من كل جوانبها.
وبمقارنة أرقام الجدول رقم 7، بأرقام الجدول رقم 5، وبما حققته سنة 2010 من أرقام واقعية، كمجيء 2167989  سائحا، يمكننا القول، أن الأرقام المستشرفة كادت أن تكون واقعية، لولا كانت الظروف الأمنية والسياسية بأفضل حال.

الرسم البياني رقم 1
استشراف عدد السائحين بين عام 2001 و2010

المرجع: جدول رقم 7

رابعا - الاتجاه العام لعدد السائحين
يهدف احتساب  الاتجاه العام لعدد السائحين، الى ابراز العدد الذي كان من المفترض أن يأتوا الى لبنان خلال فترة 1992-2000 و 2006- 2016، هذا بغض النظر، عن التطورات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، التي حصلت خلال هاتين الفترتين. أما الغرض من احتساب هذا الاتجاه، فهو لمقارنة معطيات الاتجاه العام مع المعطيات الحقيقية التي حصلت فعلا. وهذا من شانه، أن يسمح لنا بتحديد التقلبات لدفقات السائحين ارتفاعا أو انخفاضا، بالنسبة لمنحى الاتجاه العام، ويتيح لنا بالتالي تحديد المسببات الفعلية لهذه التقلبات.
ان الرسمين البيانيين رقم 2 و3  يظهران التطور الفعلي لعدد السائحين  خلال فترتي 1992-2000 و2006-2016 من جهة، وتطور عدد السائحين الذي كان مفترضا حصوله في لبنان من جهة اخرى، هذا بغض النظر عن ما حصل من أحداث سياسية وعسكرية، والمتمثل بمنحى الاتجاه العام.
نلاحظ من خلال الرسم البياني رقم 2، أن المعطيات الفعلية لقطاع السياحة تكاد تأخذ شكل الاتجاه العام، لولا تعثر الاحوال الامنية سنة 1996، وذلك جراء الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وقصف منشآته الكهربائية. وقد برز ذلك جليا، في انخفاض عدد السياح الذين اتوا الى لبنان في تلك السنة، وبالتالي كان العدد الفعلي أدنى من أعداد السائحين المفترضين.

الرسم البياني رقم 2
الاتجاه العام لعدد السائحين 1992-2000

المرجع: جدول رقم 4
اما في الرسم البياني رقم 3، فنجد أن التعثر بدأ سنة 2006، وذلك بعد الاغتيالات التي حصلت ابتداء من سنة 2005. وتتالت الأحداث بشكل هدّد السلامة العامة والأمن. كما حصل أيضا  الاعتداء الاسرائيلي على لبنان سنة 2006، فظهر التراجع واضحا في ال 2006 و2007، ليعود ويتحرك صعودا حتى 2010، بسبب فورة القدوم الخليجي الى لبنان.
ومنذ ذاك التاريخ، وبسبب تداعيات الحرب في سوريا، أحجم السياح الخليجيين عن المجيء الى لبنان، فتراجعت الأعداد والنسب، ليصبح الواقع الفعلي لمجيء السياح، أدنى من خط الاتجاه العام.

الرسم البياني رقم 3
الاتجاه العام لعدد السائحين 2006-2016

المرجع: جدول رقم 5

خلاصة:
بعد تحليل الوقائع التي وردت في هذه الدراسة، لا بد من الاشارة  الى عدة نقاط أهمها:
1- ان لبنان، على الرغم من صغر مساحته، فهو ذو عوامل جعلت منه بلدا يتميز باهتمامات كبرى في الميدان السياحي، حيث عرف هذا القطاع تطورا لافتا ونجاحا باهرا، وقد لوحظ تطوره المميز منذ سنة 1951.
2-أظهرت الدراسة، أن الانتكاسات الأمنية شوهت صورة لبنان في الخارج، وأساءت الى استقراره الأمني، وبالتالي الى حركته السياحية. فالسياحة قطاع حساس، تجاه أية عوامل سلبية، اقتصادية كانت أم سياسية. وبما أن لبنان أصبح منذ ما قبل 1975 مسرحا لحروب وتجاذبات خارجية، أضحى المردود على الحركة السياحية ضعيفا، نتيجة تعطل المؤسسات أو اغلاقها. كما تعذر الوصول الى المعالم الأثرية الموجودة في الأطراف، أو في المناطق التي شهدت حوادث أمنية، وبذلك فقدت السياحة اللبنانية مفهومها المتعارف عليه.
3- ان الواقع الأليم الذي عاشه لبنان خلال سني الحرب أفقده الكثير من مكاسبه المادية والمعنوية، وان المبالغ الطائلة التي لم يجنها كادت لو توفرت، أن تغطي الكثير من عجزه والتزاماته وديونه.
4-على رغم تنوعه، ان الانتاج السياحي اللبناني، هو عرضة للمشاكل التي يستوجب تلافيها في كل المجالات، الترويجية منها والاعلامية ... ، كي يطال كل الفئات والأعمار، الشابة منها خاصة، مما يساعد على النهوض، والسير في ركب السياحة المحلية والاقليمية والدولية.
5- قد يكون لبنان بحاجة الى زيادة منشآته السياحية، نظرا للتوقعات التي تنتظرها الايام السياحية المقبلة، في حال قدوم السلام المرتجى، مما يشجع المستثمرين، للقيام بمبادرات اقتصادية، تزيد من طاقات كل القطاعات، والسياحة في طليعتها، مما يضع الدولة أمام مسؤولياتها لتشجيع هذه الاستثمارات.

 

فمن أجل ذلك، وعند وضع أية استرتيجية سياحية،
يجب مقاربة الموضوع السياحي بمفهومه الحديث، وذلك لتحقيق اقبال على مدار السنة، بأسعار تنافس الدول التي تحيط بنا، وذلك عبر الترويج لأنماط سياحية متنوعة، خوفا من أن يحصر الموسم السياحي بفصل الصيف فقط، بذلك تهدف الخطط السياحية الى الخروج من الموسمية.
يجب العناية بسياحة العائلات العربية، واقامة برامج وتسهيلات تحفز للنهوض بهذا النوع من السياحة.
يجب الاهتمام أكثر، بسياحة رجال الأعمال العرب والأجانب، الذين يأتون للعمل في لبنان لفترات قصيرة.
يجب تقديم الرعاية الكاملة للقادمين المهتمين بالجانب الثقافي والأثري، اضافة للذين يقضون عطل موسم الشتاء (موسم التزلج)، أو فصل الصيف (عطل طويلة)، والذين يعتمدون السياحة البحرية، كالسباحة والتزلج المائي وسياحة مشاهدة لبنان من البحر الخ...
يجب ادراك أهمية الاغتراب، الذي يعتبر امتدادا للأهل الموجودين في لبنان، وجزءا من الترويج العالمي، الذي يقوم به المغتربون في الدول التي يعيشون فيها. ومن الطبيعي أن يخلق هذا التوجه، تفاعلات وتأثيرات، لدى الجاليات اللبنانية المنتشرة في كل أنحاء العالم، التي تأتي الى الربوع اللبنانية لقضاء فصل الصيف.
تجدر العناية بالسياحة الداخلية، لأن لها دور فعال في نمو الاقتصاد، وتستمر طيلة أيام السنة، ذلك أن اللبنانيين يهتمون بها بأعداد مرتفعة، كذهابهم الى مناطق التزلج، أو ممارستهم الرياضات الصيفية (ساحلا وجبلا)، او بتنظيم رحلات سياحة دينية بيئية...أو نزهات مدرسية ثقافية وعائلية الى الأماكن الأثرية وغيرها. بالاضافة الى استعمالهم أماكن الايواء والطعام بكل أنواعها وفئاتها. الخ..
يجب وضع سياسة متحركة لوزارة السياحة اللبنانية، لمواكبة الانشطة السياحية العالمية، من خلال مكاتبها المنتشرة في العالم، والمؤسسات السياحية الدولية الخاصة، من مكاتب نقل وطيران، وشركات سفر وسياحة، وأماكن اقامة، ومعارض عالمية، وسلاسل الفنادق الدولية، بالاضافة الى المنظمة العالمية للسياحة (   ).
أما على الصعيد المحلي، فيجب تطوير الأنظمة والقوانين المتعلقة بالسياحة، وتحديثها، والسهر على تنفيذها، كي تواكب التطورات السياحية العالمية، مع مراعاة الخصوصية اللبنانية، وذلك من أجل حماية السياحة المحلية من أية منافسات غير متكافئة. 
أخيرا وليس آخرا، يجب ان تعتمد  الأنشطة الترويجية السياحية، على الدور الهام، الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي، بكل أنواعها، وذلك بغية الوصول الى كل الشرائح المقصود الوصول اليها، من دول ومؤسسات ومسافرين، من كل الفئات والأجناس والأعمار.
********
ختاما، مهما كانت امكانات السياحة اللبنانية متميزة، فهي بحاجة دائمة للتخطيط والترويج والتحديث، وتحتاج أيضا لوضع استرتيجيات مستقبلية لاستشراف الغد، وهي دون ذلك، تبقى عرضة للمنافسة من كل المناطق السياحية في العالم، وذلك مع فتح أسواق سياحية جديدة بديلة..
أضف الى ذلك، ان سوء الأوضاع السائدة منذ مدة في منطقة الشرق الأوسط، وصعوبتها، أثرت وتؤثر سلبا على كل أنواع الأنشطة الاقتصادية والخدماتية والرياضية والثقافية والفنية والانمائية، ..... وغيرها.
....فكيف بالأحرى، تأثيرها على أكثر القطاعات حساسية؟ .. السياحة.
فالسياحة والاضطرابات الأمنية عنوانين لنمطين مختلفين من الحياة،   .....    .
                                                الجداول:
الجدول رقم 1- الايرادات السياحية بحسب الدولة.
الجدول رقم 2- تطور اعداد السياح في العالم 2007-2016.
الجدول رقم 3- تطور أعداد السائحين الأجانب في لبنان 1951-1974.
الجدول رقم 4- تطور قدوم السياح الى لبنان 1992-2000.
الجدول رقم 5- حركة السياحة اللبنانية-2001 -2016.
الجدول رقم 6- أعداد الزوار بحسب بعض المواقع الأثرية 2013-2016.
الجدول رقم 7- استشراف أعداد السائحين 2001-2010.
                                            الرسوم البيانية
الرسم البياني رقم 1- استشراف أعداد السائحين 200-2010.
الرسم البياني رقم 2-الاتجاه العام لعدد السائحين 1992-2000.
الرسم البياني رقم 3- الاتجاه العام لعدد السائحين 2006-2016.

 

 

 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب