تحقيق خاص الوكالة الوطنية للاعلام
وطنية - يكشف السجل الوطني لداء السرطان في وزارة الصحة في لبنان إرتفاعا مضطردا في نسبة إصابة اللبنانيات بسرطان الثدي. فاستنادا إلى الإحصاءات الأخيرة التي تم إجراؤها في العام 2015، تم تسجيل 2473 إصابة بسرطان الثدي في لبنان، في مقابل 1993 إصابة في العام 2010 وحوالى 1300 حالة في عام 2003، وتشكل ال 2473 إصابة نسبة 36.6 % من السرطانات التي تصيب المرأة وحوالى عشرين في المئة من عموم أمراض السرطان في لبنان.
الياس
أما الخطير، فهو أن هذا السرطان الذي يصيب عادة سيدات في عقدهن الرابع وما فوق، يصيب في لبنان فتيات وسيدات في عقدهن الثاني والثالث. وتقول مديرة برنامج مكافحة السرطان في وزارة الصحة العامة الدكتورة فاديا الياس أن "النسبة المصابة من العمر الشاب في لبنان هي أعلى بكثير من النسبة المصابة من العمر الشاب في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية".
وتؤكد أن "الكشف المبكر هو السلاح الوحيد للحد من إنتشار هذا المرض"، مشيرة إلى أن "الحالات المسجلة في لبنان تنقسم بالتساوي بين حالات تم الكشف عنها مبكرا، وبين حالات متقدمة ومن الصعب شفاؤها".
وقالت: "إن الهدف المرجو هو تحقيق أعلى نسبة من الكشف المبكر عن مرض سرطان الثدي، لأن هذا الكشف هو الذي يؤدي إلى الشفاء من المرض بنسبة كبيرة تصل إلى تسعين في المئة ومئة في المئة".
الحملة الوطنية
في هذا الإطار، وتحت شعار "بلا حجة، اعملي الصورة الشعاعية للثدي"، تأتي الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة الصحة العامة والتي تشهد محطة بارزة في الثامن من تشرين الأول 2017 حيث تسعى الوزارة إلى تحقيق أول وأكبر شارة توعية من نوعها في العالم مكونة من ثمانية آلاف كرة قدم زهرية اللون تحمل شارة الحملة وإسمها. لذلك، تم اختيار المدينة الرياضية مكانا لهذا الحدث لتعزيز الوعي ضد سرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر عن هذا المرض من خلال جذب اهتمام أكبر عدد ممكن من السيدات وتشجيعهن على إجراء الصورة الشعاعية Mammography، على أن يتم إجراء الصورة مجانا في المستشفيات الحكومية، وبسعر مخفض في عدد من المستشفيات الخاصة المشاركة في الحملة وفي مراكز طبية موزعة على جميع المناطق اللبنانية، ليبلغ عدد المؤسسات المشاركة في الحملة 131 جهة من مستشفيات ومستوصفات ومراكز طبية على مختلف الأراضي اللبنانية، بعدما طالت المشاركة العام الفائت 116 جهة مختصة فقط. وتؤكد مصادر وزارة الصحة اللبنانية أنه بإمكان الفتيات والسيدات غير اللبنانيات أن يجرين الصورة في المستشفيات الحكومية بسعر مخفض قيمته أربعون ألف ليرة لبنانية بدلا من مئة ألف ليرة.
كما تم تمديد الحملة الوطنية إلى أربعة أشهر بين تشرين الأول وكانون الثاني، بدلا من ثلاثة أشهر كانت تقتصر عليها الحملة الوطنية في السابق، وذلك بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من السيدات لإجراء الصورة الشعاعية المطلوبة.
وتقول الدكتورة الياس: "إن الحملة الوطنية كانت قد وصلت في السابق إلى حوالى 45% من سيدات لبنان، فيما الهدف حاليا الوصول إلى ما يفوق 70% من هؤلاء السيدات وما يزيد عن ذلك في السنوات المقبلة".
سرطان الثدي أسبابه وتداركه
إن سرطان الثدي كناية عن انقسام الخلايا بطريقة غير منضبطة وتكاثرها ما يؤدي إلى الورم السرطاني. ومن عوارضه حصول تغير في حجم أو شكل أو لون واحد من الثديين كما قد يحصل تجعد واحمرار لسطح الجلد وتراجع وتغير لمكان الحلمة. كما قد ترى المصابة بالمرض إفراز الثدي لمادة سائلة.
لذا من الواجب على كل فتاة وسيدة بلغتا العشرين من العمر، أن تجريا فحصا ذاتيا مرة في الشهر، للتأكد من عدم وجوب أي تغييرات شكلية على الثدي، وذلك في اليوم الخامس الذي يلي بدء العادة الشهرية. وفي حال انقطعت العادة الشهرية مع تقدم العمر يجب المواظبة على هذا الفحص الذاتي في اليوم نفسه من كل شهر.
إضافة إلى ذلك، على المرأة إجراء الفحص الدوري السنوي لدى الطبيب إضافة إلى الصورة الشعاعية، على أن تبدأ بإجراء هذه الصورة ابتداء من سن الأربعين في حال لم يكن هناك عامل وراثي في عائلتها، أما إذا كانت إحدى قريباتها مصابة بهذا النوع من السرطان كوالدتها أو خالتها أو عمتها أو شقيقتها، فعليها البدء بالصورة الشعاعية في السن الذي يصغر المصابة بالعائلة بخمس سنوات.
وتتعدد أسباب الإصابة بسرطان الثدي، فبالإضافة إلى العامل الوراثي الكثيف في لبنان، هناك عوامل أخرى تسهم في الإصابة بالمرض مثل الوزن الزائد وقلة الحركة وتناول الطعام المشبع بالدهون وغير الصحي. لذا تنصح الدكتورة الياس السيدات على ممارسة النشاط الرياضي والمحافظة على وزن معتدل واعتماد نظام غذائي صحي. أما العامل الوراثي فيمكن تداركه بالفحوصات الجينية المبكرة.
العلاج وكلفته المرتفعة
من المعلوم أن وزارة الصحة العامة تغطي كلفة العلاج من بدايته. ففي حال برزت شكوك حول احتمال الإصابة بالسرطان تغطي الوزارة كلفة الصورة الصوتية للثدي وأخذ الخزعة للفحص المخبري. كما تغطي منذ العام 2016 كلفة الجراحة الترميمية للصدر بعد استئصال الورم. وقد أظهرت الدراسات في الوزارة أن كلفة علاج سرطان الثدي هي الأعلى حيث بلغت منذ عام 2008 إلى عام 2013 ستين مليون دولار سنويا؛ وتشير الدكتورة الياس إلى أن دراسة جديدة مرتقبة ستظهر ارتفاعا إضافيا لتكلفة العلاج مع ازدياد عدد المصابات به ومع ارتفاع أسعار الأدوية الجديدة التي تقدمها وزارة الصحة للمريضات مجانا.
وتشجع الدكتورة الياس السيدات والفتيات اللبنانيات على عدم التردد في إجراء الصورة الشعاعية، مكررة القول أن "الكشف المبكر هو السلاح الأمضى ضد المرض، كما أن العاملين في هذا المجال في المستشفيات الحكومية تابعوا دورات متخصصة كي يكونوا مؤهلين لإرشاد السيدات إلى كيفية الإستعداد للصورة من حيث تحديد الموعد بناء على موعد العادة الشهرية وعدم استخدام مزيل الرائحة في يوم إجراء الصورة وما إلى ذلك من دعم طبي ونفسي.
فسرطان الثدي الذي يشكل الداء السرطاني الأكثر شيوعا وتكلفة في لبنان، يمكن السيطرة عليه بالكشف المبكر. وليس فقط أن هذا الكشف هو أشبه بدرهم الوقاية الخير من قنطار علاج، بل إن هذا الكشف يحافظ على الحياة.
================== و.خ