الإعلام اللبناني يتجاهل الضنية.. أو يراها من الزاوية الأمنية - تحقيق مؤسسة مهارات 5
وطنية - تنشر "الوكالة الوطنية للاعلام"، وجريدة "النهار"، اليوم، التحقيقات الواردة في الملحق الصادر عن "مؤسسة مهارات"، في اطار مشروع دعم وتمتين البلديات والمجتمع المحلي في الضنية الممول من الاتحاد الاوروبي بالشراكة مع "مرسي كور" و"بيس لابس"، تتناول مواضيع عن بلدات وقرى في قضاء المنية الضنية، اضافة الى مواضيع عن دور الاعلام في بناء السلام وطريقة تعاطيه مع شؤون تلك البلدات.
الاعلام يتجاهل الضنية أو..
أجرت مؤسسة مهارات دراسة عن تغطية الإعلام اللبناني، المرئي والمقروء لشمال لبنان، على مدى أربعة أسابيع خلال شهري شباط وآذار 2016. تلفزيونيا، تم رصد 171 تقريرا إخباريا بثت في النشرات المسائية الإخبارية للمحطات السبع المرصودة وتناولت منطقة الشمال. كان لافتا أنه من أصل التقارير الـ171 هذه، لم يخصص لمنطقة الضنية سوى خمسة تقارير، أي ما نسبته أقل من 3 في المئة. توزعت مواضيع هذه التقارير على الشكل التالي: 3 تقارير أمنية ـ قضائية، تقرير واحد اجتماعي وآخر عن نشاط رياضي.
وخلصت الدراسة في القسم المتعلق بالمحطات التلفزيونية، إلى أنه إذا كان "حضور الضنية في التقارير الإخبارية التلفزيونية خجولا جدا (خمسة تقارير)، فإن ذلك لا ينسحب فقط على تلك المنطقة بل يشمل بقية الأقضية والمناطق "الصغيرة": خمسة تقارير عن الكورة، 4 عن المنية (ما يرفع عدد تقارير قضاء المنية ـ الضنية إلى 9)، ثلاثة عن كل من البترون وزغرتا، فيما لا نجد أي تقرير عن قضاء بشري.
ولفتت الدراسة إلى أن "هذا التهميش الكمي ينعكس أيضا على نوعية التغطية المتعلقة بمنطقة الضنية". وتضيف بأن أربعة من التقارير الخمسة لا يتناول الضنية بصورة مباشرة. "فجرود المنطقة في ثلاثة منها هي مركز لتركيب هوائيات في ملف الإنترنت غير الشرعي المرتبط بمناطق أخرى، فيما يتناول الرابع إشكالا حصل بين شبان من منطقة الضنية مع مواطن من قضاء عكار على خلفية تفريغ شاحنات محملة بالنفايات. وفي كل الأحوال، فإن صورة الضنية هنا سلبية ملتصقة بملفات أمنية وقضائية بحتة، أما التقرير الوحيد الخاص بالمنطقة والذي يعكس صورة إيجابية عنها، فجاء على محطة "المستقبل" وتناول إطلاق ناد للطيران الشراعي قدم أرضه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أي صاحب المحطة".
ورصدت الدراسة مضامين ست صحف يومية في الفترة الزمنية عينها، فرصدنا 315 مادة صحافية تناولت مناطق الشمال، ولم يتجاوز عدد المقالات المخصصة لمنطقة الضنية الـ12 من مجمل المقالات المخصصة لمناطق الشمال البالغ عددها 315 مقالا، أي ما نسبته أقل من 4 في المئة. ولفتت الدراسة إلى أن هذا "الرقم الهزيل جاء ليؤكد ضعف حضور هذه المنطقة في وسائل الاعلام، ليست فقط المرئية منها إنما أيضا المكتوبة. واللافت أن النوع الأكبر من هذه المقالات (4) ارتبط بالموضوع القضائي ــ الأمني". في المقابل، نجد ضمن مجموعة المقالات الـ12 أربعة مقالات أيضا تتعلق بـ"بناء قدرات وتنمية المجتمع المحلي" وبـ"مبادرات قصص ونجاح". أما المقالات الأخرى الباقية، فتتوزع على "المناسبات والنشاطات" (2)، قضية اللاجئين (1) و"الحوادث المتفرقة" (1). وتشير الدراسة إلى أن الغياب الأبرز لمنطقة الضنية، فهو في فئة "القضايا الاجتماعية" حيث لم يتم رصد أي مقال يتناول موضوعا اجتماعيا في قضاء المنية ـ الضنية، رغم ارتفاع عدد مقالات هذه الفئة نسبيا.
بالإضافة إلى الحضور الكمي الضعيف، أن معظم الأخبار عن الضنية عرضية، لا تشكل فيها المنطقة الفكرة الأساسية أو الموضوع الأساسي. فمن أصل 12 مقالا، تناولت 10 منها منطقة الضنية كموضوع ثانوي أو ضمن الحديث عن مناطق أخرى. أما الأخبار التي كانت فيه الضنية موضوع الخبر الرئيسي، فكان عددها اثنين فقط. الأول تناول موضوعا زراعيا، فيما كان الثاني أمنيا بامتياز، مرتبطا بالصورة النمطية التي تظهر الضنية كمرتع للمجموعات المسلحة (في كل الأحوال، فإن أربعة من التقارير الـ12 مرتبطة بملفات ذات طابع أمني ــ قضائي).
ومن الخلاصات التي خرجت في الدراسة، أن صورة الاضطراب الامني تلتصق بمنطقة الضنية اذ ان غالبية التغطيات التلفزيونية لاخبار هذه المنطقة تناولت الجانب الامني، كما ان جزءا كبيرا من مقالات الصحافة المكتوبة ركزت على هذه الناحية. فيما تغيب اخبار النشاطات الاجتماعية والثقافية وغيرها التي من شأنها الاضاءة على وجه اخر للمنطقة. وتظهر الدراسة أن المقاربة الإعلامية الأمنية ـ القضائية تشكل الغالبية المطلقة للمواد الإعلامية التي تأتي على ذكر منطقة الضنية. فهي تبدو كمنطقة خارجة عن القانون أو عن سيطرة الدولة.
ولفتت الدراسة إلى أنه كان بإمكان الاعلام المناطقي ان يخفف من هذه الصورة السلبية لمنطقة الضنية لأنه أكثر التصاقا بقضايا المواطنين وأكثر قدرة للإضاءة على ميزات هذه المنطقة، وهي كثيرة بالنظر الى غنى هذه المنطقة الاثري والتراثي والطبيعي. لكن الاعلام المناطقي (الشمال) لم ينجح في ايلاء هذه المنطقة اهتماما خاصا وان يسد النقص الحاصل من جانب الاعلام الوطني العام.
في ظل النقص في التغطية الاعلامية لقضايا منطقة الضنية المرتبطة بالتنمية في الاعلام التقليدي حسب ما بينته الدراسة الاولى التي أجرتها مؤسسة مهارات، سعت الدراسة الثانية للإجابة على اشكالية هل يمارس المجتمع المحلي دورا بديلا وفاعلا من خلال استخدام قنوات التواصل الفعال بين المكونات والجهات المختلفة في منطقة الضنية بهدف تعزيز فرص التنمية المحلية وجعلها اكثر شفافية وتشاركية؟ وكيف يمكن تفعيل وتطوير دور وسائل الاعلام والاتصال على صعيد هذه المنطقة لخدمة الحاجات الانمائية وطرح قضاياها على النطاق الاوسع؟
وأتت الاجابة في رصد الاعلام المحلي في منطقة الضنية. لا يوجد اذاعات تعمل او تبث في منطقة الضنية إلا ان عددا من الاذاعات التي تبث في طرابلس يصل الى الضنية مثل "اذاعة طريق الارتقاء" واذاعات اخرى تبث على كل الاراضي اللبنانية مثل "اذاعة الشرق" و"لبنان الحر" و"صوت لبنان" و"اذاعة الفجر" و"القرآن الكريم".
اما المواقع الالكترونية الاخبارية لمنطقة الضنية فلا وجود عملي لها، في حين ان الصفحات الاخبارية على الفيسبوك عددها كبير وتعمل بمعظمها بمبادرات فردية لشباب ونشطاء على الفيسبوك، تتمحور حول مواضيع اخبارية حيث تنشر الاخبار الاجتماعية والامنية في المنطقة بالإضافة الى نشاطات البلدات والبلديات.
اعتماد البلديات في منطقة الضنية في عملية التواصل على المواقع الالكترونية لا يتخطى نسبة الـ 8%، من أصل 25 بلدية تم رصدها.