تحقيق جمال الساحلي
وطنية - ارتبط المزارع في منطقة اقصى البقاع الشمالي بهذه الأرض وكان دائما تواقا لتطوير زراعته والتي تمثل مصدر العيش الوحيد لكثر مع عائلاتهم، من هنا كانت بداية التحول السريع مع الزراعات الجديدة والتكيف معها والتي وفرت فرص عمل جديدة بعد أن ضاقت السبل أمام الزراعات التقليدية والتي لم تعد تكفي لحياة كريمة بعد ان غزت الاسواق اللبنانية الأصناف الزراعية المستوردة من الجوار، حيث كان من الضروري التحول والتوجه نحو الزراعات الوافدة، فتم اقتلاع آلاف أشجار المشمش والتي طالما اشتهرت بها المنطقة وانطلقت ورش استصلاح الأراضي بهمة عالية وتم حفر العشرات من الآبار الارتوازية واستجر البعض المياه من مجرى العاصي لمسافات طويلة وانتشرت الانفاق والخيم البلاستيكية والتي أصبحت متلاصقة لتبدو للناظر بحيرات منتشرة في السهل الفسيح وازدهرت معها تجارة الادوية الزراعية باصنافها والأسمدة وكانت نواة لدورة اقتصادية تبشر بمستقبل زراعي زاهر ومن هنا كانت الظروف المهيئة لاستقبال زراعة البطيخ.
يعود تاريخ زراعة البطيخ في سهول القاع والهرمل إلى بداية التسعينيات حين وفد إلى المنطقة عدد من المزارعين من الأردن وجدوا في اراضي هذه المنطقة تربة صالحة ومناخا مناسبا بخاصة بعد ان نشطت عملية حفر الآبار الارتوازية ودخلت معهم شبكات الري بالتنقيط وخيم البلاستيك، فانطلقت معها هذه الزراعة الجديدة التي كانت بمثابة تحول نوعي في تاريخ الزراعة في هذه المنطقة والتي كانت تشتهر وعلى مدى سنين طويلة بزراعة الخضار من باذنجان وبصل وتوم لطالما اشتهر بها المزارع القاعي بالاضافة الى بساتين التين وكروم العنب التي كانت تغطي مساحات واسعة من البلدة يضاف اليها اشجار المشمش والزراعات الحقلية من فول وبازلاء وبندورة.
يعتبر البطيخ من أكثر نباتات العائلة القرعية أهمية من الناحية الاقتصادية يزرع في نهاية موسم الشتاء، حيث يكون الجو باردا ويجب، بحسب المزارعين إجراء عملية التنبيت بنقع البذور في الماء لمدة 30 ساعة تجود زراعة البطيخ في الأراضي الخفيفة او الرملية جيدة الصرف وتمتد فترة النمو لتصل إلى مئة يوم ويعتمد نموه على المياه بمعدل كل ثلاثة أسابيع، 4 إلى 6 ريات ينصح بها صباحا او ليلا، وتمتد مدة الأزهار إلى خمسة وأربعين يوما تنتقل بعدها إلى التعقيد والنمو الثمري. إن لزراعة البطيخ برنامج من التسميد والرش والمكافحة الحشرية مرة كل اسبوع لمحاربة الدودة القارضة والفطريات.
مع الأيام أثبتت زراعة البطيخ جدوى اقتصادية رابحة تم معها استثمار مساحات واسعة من ارضي القاع والمشاريع وشرقي الهرمل، ساهم في ذلك توفر اليد العاملة التي وفدت من سوريا ووفرة المياه والطقس المناسب الى جانب الإمكانات المادية لبعض المستثمرين لتوفير الأدوية والأسمدة وأجور العمال وثمن المازوت الذي يعجز عن توفيره المزارع الصغير بسهولة. وأضحت هذه الزراعة مصدر دخل محترم وعامل جلب استثمار بعد ان سجلت نجاحا في النوع والوزن والأحجام القياسية لتغزو سائر الأسواق اللبنانية. واليوم مع تحسن الطقس انطلقت اليد العاملة لموسم جديد منهم من يوزع البذور في الأرض بعد ان تم التجهيز ومنهم من يزرع الشتول بعد عملية التنبيت ضمن بيوت بلاستيكية وبشروط دقيقة، ويجري بعدها مد الأنفاق البلاستكية لمسافات وبطريقة متلاصقة يخيل للمشاهد والناظر الى أقصى البقاع الشمالي عن بعد، أنه على ضفاف برك صناعية بعد ان يكون تم إنجاز شبكات الري بشكل مدروس يؤمن المياه اللازمة، حيث تتطلب إنجاح الموسم لفترة تستمر لحوالي ثلاثة أشهر مع اضافة الأدوية الكفيلة بطرد الحشرات ومكافحة العفن حيث يهتم مختصون بالمتابعة منذ مرحلة الزرع والزهر وصولا للانبات والتعقيد لتزول معه مرحلة الخطر حيث يتم رفع الأنفاق البلاستيكية.
شتول البطيخ المزروعة في منطقة سهل القاع والهرمل بحاجة لفترة زمنية قد تصل لحوالي الشهرين للنضوج يصل معها وزن الحبة من 13 إلى 30 كلغ وهي من النوع الجيد الذي يماثل أجود الأصناف المستوردة. من هنا يواجه منافسة حادة في الأسواق، لهذا طالب المزارعون بتأمين الحماية اللازمة لها وخصوصا أنها بعيدة، في معظم مراحلها، عن المواد الكيماوية وتروى من مصادر مياه نقية. وعليه فإن هذا النجاح والتكامل في كل العناصر والمراحل لهذه الزراعة شكل منها دورة اقتصادية مهمة تبدأ من مرحلة قبل الزراعة أي حرث الارض وبذرها وصولا الى مد الانفاق البلاستيكية وشبكات الري والقيام بتنسيقها وصولا الى مرحلة التعقيد التي تؤشر الى زوال مرحلة الخطر عن النبتة وازالة الاكياس البلاستيكية وما يرافق ذلك من اعمال رش مبيدات وصولا الى مرحلة القطاف والتوزيع.
================ ج.س