تحقيق ليلى دندشي
وطنية - تعتبر طرابلس مدينة الجداريات وأعمال النحت والتزيين بامتياز، حيث تتوزع هذه الروائع الفنية في مختلف الساحات العامة في الوسط التجاري، أو على إمتداد بولفار المدينة الذي يخترقها من الشمال إلى الجنوب، وفي شوارعها لا سيما طريق الميناء من الجميزات شرقا إلى شاطىء البحر غربا، مرورا بشارع بور سعيد في الميناء أو على إمتداد شارع المئتين.
وشكلت معظم هذه الجداريات والأعمال الفنية علامة فارقة ومميزة نتيجة حرفيتها ودلالاتها الجمالية، ولاسيما أن تنفيذها كان ولا يزال يجري على أيدي فنانين كبار برعوا في إنتاج وصناعة فن راق ولوحات باهرة، توزعت على المعارض وغزت بيوت الطرابلسيين وصالوناتهم. وكذلك انتشر صيتها في الخارج وفي الأوساط والمدارس الفنية على إختلاف مذاهبها.
وكان لأعضاء مجموعة "العشرة" الدور الفاعل في إبراز هذه الجماليات، حيث تجمع وإلتقى عشرة فنانين طرابلسيين في ظاهرة محلية وعالمية فريدة من نوعها، وأطلقوا معارض مشتركة سواء في عاصمة الشمال أو في بيروت أو خارج لبنان، وإمتازت أعمالهم الفنية المتنوعة رسما ونحتا بالبراعة والدهشة.
غالب
ويتذكر الفنان محمد غالب أحد فناني مجموعة العشرة التي إنفض عقدها، أولى الأعمال الفنية العملاقة التي تم تنفيذها في طرابلس في صيف العام 1989، وأطلق عليه "المشروع الوردي" وتضمن تحويل درج "مقهى التل العليا" قبالة مبنى بلدية طرابلس، إلى متحف توزعت لوحاته على الجدران وعلى الدرج بما يشبه تحفة ناطقة بالجمال والفن والإبداع.
وأوضح غالب ان "الفكرة إنطلقت نتيجة البحث مع شقيقه الدكتور عبد الرحيم غالب ومع رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي آنذاك الدكتور نزيه كبارة لتنفيذ عمل فني، يبدد الغيوم السوداء التي سادت المدينة في حينه جراء الأحداث التي عصفت فيها، حيث تم التوافق على إقامة هذه الجدارية على درج مقهى التل العليا، ولقيت الفكرة تأييد محافظ الشمال آنذاك إسكندر غبريل ورئيس بلدية طرابلس عشير الداية".
شارك في التنفيذ مجموعة من أساتذة وخريجي معهد الفنون في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث في طرابلس، وطلاب من جامعات اخرى وبلغ عددهم 28 شخصا وإستغرق التحضير حوالى اربعة أشهر. أما التنفيذ فتطلب عشرة أيام وتوزع العمل الفني على الجدران وعلى 52 درجة من السلم وشمل مساحة حوالي 32 مترا مربعا.
كبارة
بدوره، أشار الدكتور كبارة الى ان "الدروس والعبر التي خرجنا بها آنذاك تتجلى بأن الديموقراطية حالة ومناخ وممارسة، وليست شعارا يطلق، وفي جميع مراحل إعداد المشروع وتنفيذه كان الحوار والتحاور سيد الموقف ولم يفرض على مجموعة الشباب والصبايا أي رأي فوقي، أو تشبث بل كانت كل جزئية تطرح للمناقشة. وبعد إتفاق الرأي تأخذ طريقها إلى التنفيذ".
منجد
ويرى الرئيس الحالي للمجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد أن "هذه الجدارية التي باتت تتوزع في مختلف أحياء طرابلس إلى جانب الأعمال التزيينية هي ظاهرة صحية وجمالية، ولكنها تحتاج الى متابعة من قبل فنانين ومختصين من ضمن لجنة يتم تشكيلها من قبل إتحاد بلديات الفيحاء لرفع التشوهات أو الأعمال المسيئة التي تنتشر تحت صفة التزيين والتحسين".
وطالب بأن "تتمتع هذه اللجنة بحصرية قبول أو رفض مثل هذه الأعمال التزيينية والتجميلية بعد تعليل أسباب الرفض أو القبول، وتحديد أماكن التشوهات والعمل على إزالتها، إضافة إلى وضع حد نهائي لأعمال لصق الإعلانات والنعوات وما شابه والتي تجري بصورة عشوائية وتكتسح كل الجدران والأماكن العامة والخاصة وتحديد مواقع معينة لها وبشكل نهائي من قبل البلديات".
=================== و.خ