تحقيق انطوانيت ابوالياس
وطنية - عرف على مدى العصور أن المرأة هي نصف المجتمع، وفي لبنان هي نصفه اذا لم نقل اكثر، ومع ذلك فهي ضحية الغبن المدقع، غبن في الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاسرية وغيرها.
وعلى مدى اكثر من نصف قرن والمرأة في لبنان في حال نضال ومثابرة لنيل أدنى حقوقها بدءا من الاحوال الشخصية والمدنية حتى السياسية، وفي هذا الاطار برزت جمعيات نسائية منذ الستينات وحتى اليوم عملت وتعمل على المطالبة بحقوق المرأة وانصافها في مختلف الميادين، لكن للاسف حتى اليوم لم تحرز تلك الجهود التقدم المطلوب في ايصالها الى سدة البرلمان او الحكومة بما يتطابق ومقوماتها وامكانياتها الثقافية والعلمية والانتاجية.
التحالف
من هنا جاءت فكرة نبتت من رحم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع المجلس النسائي اللبناني، بالعمل على انشاء تحالف وطني لدعم تحقيق المشاركة السياسية للنساء في لبنان، يسعى الى مشاركتهن في مواقع صنع القرار، وفي هذا الاطار وفي 10 كانون الثاني الماضي تم اطلاق التحالف، الذي شكل سلسلة لجان لتنظيم عمله ومنها اللجنة القانونية ولجنة المناصرة واللجنة الاعلامية واللجنة التنفيذية، بالاضافة الى شبكات وجمعيات ومؤسسات تمثل أكثر من 150 منظمة من المجتمع المدني.
وأعلن التحالف في ذلك اليوم إطلاق أعماله واهدافه وخطة تحركه، ومواقفه من مشاركة النساء في مواقع صنع القرار، مطالبا بكوتا للنساء بنسبة لا تقل عن ال 30% من المقاعد النيابية في اي قانون انتخابي يتم التوافق عليه، معتبرا أن الكوتا حق مكتسب لن يفرط به.
رندى يسير
ولتوضيح مسيرة التحالف وماهيته اوضحت عضو اللجنة التنفيذية رندى يسير ان "من اهداف التحالف، كسب تأييد ودعم صانعي القرار، إشراك الإعلام والرأي العام وإزالة العراقيل أمام مشاركة النساء في العمل السياسي، اما الرؤية فهي تواجد اللبنانيات في مراكز صنع القرار السياسي".
وعن وجود الكوتا في القانون، قالت:"لقد تم تحضير دراسات تشمل عدة سيناريوهات لتطبيقها على قانون الستين أو النسبي أوالمختلف، ولدينا فريق تقني يستطيع مناقشة التفاصيل مع أي جهة تطلب ذلك، واعتبرت انه في حال عدم تطبيق الكوتا يعني ذلك عدم التزام البرلمان اللبناني بتعديل القوانين الوطنية بما يتلاءم مع توقيعه المعاهدات الدولية التي تضمن مشاركة النساء اضافة الى عدم اعتراف الحكومات اللبنانية بالمساهمة القيمة التي تقدمها النساء وإبقاء لبنان في المرتبات الأخيرة عالميا وفي العالم العربي خصوصا لجهة تمثيل النساء السياسي".
وعن القانون الذي يريد التحالف تحقيقه، أجابت: "مناقشة القانون تتم على مستوى النظام السياسي فقط وأولويتنا هي وضع الكوتا النسائية على طاولة النقاش بغض النظر عن القانون المطروح، والإرادة السياسية هي المفتاح الوحيد لإقرار الكوتا. إن الدور العائلي والمهني لم يعد عائقا أمام فوز النساء، وان الدعم العائلي لترشح النساء يؤكد تغيير الصورة النمطية وتقبل وصول النساء للقرار".
سميدا
من جهتها المحامية باتريسيا الياس سميدا وهي عضو في اللجنة التنفيذية، أكدت أن "فكرة التحالف اتت بعد نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية سنة 2016، غير ان تلك الفكرة كانت دائما محط اهتمام من قبل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ان الهدف من هكذا تحالف هو اعلاء الصوت والتوحد في سبيل المطالبة بكوتا نسائية في أي قانون انتخابي مقترح أو متداول".
وعن الدعم المطلوب من الحكومة والمجلس النيابي، أوضحت أن "التحالف لم يجد صعوبة في الحصول على الدعم من قبل السياسيين وزراء ونواب، غير ان ذلك الدعم يختلف من حزب سياسي الى آخر، فهناك من هو داعم فعلي للكوتا النسائية وغيره رافض لأسباب ما زلنا نجهلها حتى الساعة. لكن نتمنى أن يترجم هذا الدعم الى انتصار حقيقي بادراج الكوتا النسائية في القانون الانتخابي".
وعن امكان وجود دور لوزير شؤون المرأة اللبنانية في دعم مشاركة النساء في السياسة، قالت:"يعتبر التحالف أن الوزير شريك أساسي في التحالف، وعليه يتمنى التحالف أن يمضي الوزير قدما في دعمه لنا من خلال اعلاء الصوت أكثر في الحكومة وعند المعنيين لتحقيق الهدف المبتغى".
وعددت سميدا الخطوات التي نفذها التحالف حتى الآن، مشيرة الى انه بمجرد انشاء تحالف يضم أكثر من 150 جمعية ونشطاء ولجان هو انجاز في حد ذاته، كما وكان للتحالف العديد من اللقاءات الرسمية وغير الرسمية (لقاءات مناصرة جانبية) مع المعنيين، ويتمنى لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لنشرح له مطالبنا وضرورة التزام لبنان بالمعاهدات الدولية".
حمزة
وفي هذا الاطار التقينا العضو المنسق في اللجنة التنفيذية الوزيرة السابقة السيدة وفاء الضيقة حمزة، للوقوف منها على فكرة واهداف التحالف، فقالت: "لقد أنشىء هذا التحالف، بهدف ضمان وصول النساء الى مواقع صنع القرار في المجالس المنتخبة وفي الحكومة عبر اعتماد كوتا نسائية تضمن حصول النساء على نسبة لا تقل عن ال 30% كحد أدنى، المشاركة في اعمال اللجان النيابية المعنية بوضع قانون الانتخابات النيابية، وفي نقاش وصياغة اشكال الكوتا والآليات المناسبة لضمان تحقيق هذه النسبة كواحدة من الإصلاحات التي نطلب اعتمادها ضمن أي قانون انتحابي يتم التوافق عليه، وفي السلطة التنفيذية ومراكز صنع القرار".
وأشارت إلى أن "التحالف نوه بموقف رئيسي مجلس النواب نبيه بري ومجلس الوزراء رفيق الحريري على الإيجابية والانفتاح اللذين طبعا اللقاء بهما أخيرا"، مؤكدة ان "التحالف سوف يتابع نتائج هذين اللقاءين من أجل تحقيق المشاركة الفعلية في اللجنة البرلمانية المعنية بمناقشة قانون الانتخاب، وعقد لقاءات عمل مع فريق الرئيس الحريري حول أشكال الكوتا المقترحة في القوانين الانتخابية".
وأكدت أن "المشاركة الفاعلة للنساء لن تتحقق ما لم تتدخل إرادة المشترع لإحقاق الحق وتأمين المساواة والعدالة بين المواطنين والمواطنات، وإن رغبة النساء بدخول العمل السياسي لا تكفي كي تتحقق الا اذا اقترنت بالتزام حزبي وسياسي من الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة اولا، وبقوننة هذا الحق ثانيا".
وختمت حديثها متمنية النجاح للتحالف في مسيرته، ومؤكدة "استنفاره كل الطاقات الوطنية لتصحيح هذا الخلل من اجل ان يتوقف هدر طاقات النساء التي لا يتم استثمارها في صنع القرار السياسي".
مجتمع خال من التمييز
ويبقى في النهاية اننا نتطلع جميعا مع النساء اللبنانيات بأمل كبير الى اليوم الذي يصبح فيه الميدان السياسي في لبنان، خاليا تماما من كل أشكال التمييز في حق جميع المواطنين نساء ورجالا، وترسخ فيه العدالة الاجتماعية ليتمكن المواطنون من الجنسين من القيام بواجبهم على الصعيد الوطني العام بدءا بالمشاركة الفعالة في الحياة السياسية والمساهمة في تحمل المسؤوليات الوطنية، فيكون لبنان قد أصبح فعلا واحة للديمقراطية والعدالة والسلم الأهلي، وفضاء تصان فيه حقوق الانسان، وخصوصا أن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ منها.
======================= ج.س