تحقيق - لينا غانم
وطنية - لا يعرف الكثير من اللبنانيين فحوى مصطلح "المعونة القضائية" اذا استثنينا أصحاب الاختصاص من قضاة ومحامين وعاملين في حقلي القانون والقضاء، واذا كانت العدالة لا تفرق بين معسر ومقتدر انطلاقا من حق كل انسان في الوصول الى حق الدفاع، فإن المعونة القضائية التي وردت في عدد من مواد قانون أصول المحاكمات المدنية باتت حاجة ملحة في ضوء زيادة الطلب عليها في مقابل زيادة مؤشر تدني الوضع الاجتماعي في لبنان ودخول عامل النزوح السوري كعبء إضافي، فما هي المعونة القضائية؟ من يستفيد منها؟ وما هي آلية تطبيقها؟
ينص الدستور اللبناني على أن جميع اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون وكذلك فإن شرعة الأمم المتحدة تحفز الدول المنضوية تحت لوائها على السعي الى إحقاق الحق إضافة الى مواثيق واتفاقيات صادرة عنها وتنص على حق الدفاع لكل متهم، وكذلك الى حق الوصول الى العدالة، من هنا أتى مصطلح المعونة القضائية للحؤول دون جعل العسر المادي عائقا بين أصحاب الحقوق وبين تمثيلهم بواسطة وكيل قضائي.
المعونة اذا هي تدبير أقره المشترع لمصلحة الشخص الذي لا تمكنه حالته المادية من دفع رسوم المحاكمة ونفقاتها حتى يستطيع بموجبها إقامة دعواه والسير بها وإتمام اجراءات التحقيق اللازمة لحين صدور الحكم وتبليغه والطعن به عند الاقتضاء بالطرق القانونية واجراء تنفيذه من دون إلزامه بدفع الرسوم والنفقات المقررة في القانون أو من قبل المحكمة، وذلك بصورة موقتة أو نهائية حسب الأصول.
ويؤكد رئيس لجنة المعونة القضائية في نقابة المحامين جورج فيعاني "أن منطلق مبدأ المعونة هو أن كل متهم لا يتم الدفاع عنه يكون نقيب المحامين ممثله عرفا فيطلب من لجنة المعونة القضائية ورئيسها ليساعده في هذه المهمات من خلال تعيين محام متطوع للدفاع عنه لقاء بدل رمزي ارتفع من 250 دولارا للملف في كل مراحله القضائية الى 400 دولار عن كل مرحلة من التحقيق القضائي وأمام درجات المحاكم. انها رسالة المحاماة في الدفاع عن الحق كما يقول فيعاني واللجنة تقوم بدورها الكبير من وراء الكواليس خصوصا وأن المعونة لا يعرف أهميتها الا من يحتاج اليها، وهم في الغالب من المعسرين وتوفيرها للمحتاج اليها أيا يكن الجرم المسند اليه يتضمن نفحة انسانية تواكب حق كل انسان في الوصول الى العدالة".
لكن من يستفيد من هذه المعونة وما هي شروطها؟
يستفيد من المعونة القضائية من حيث المبدأ جميع الأشخاص الذين لهم حق الادعاء سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين، لبنانيين أو أجانب ويشترط لمنحها توفر الشرطين الآتيين: الأول حال المعان (من إعانة) المادية التي لا تمكنه من دفع نفقات المحاكمة إذ يتوجب على المعان إثبات عجزه عن دفع النفقات ويتم هذا الاثبات من خلال ضم شهادة من مصلحتي الواردات والخزينة في وزارة المالية الى ملفه تبين الضرائب المباشرة التي يؤديها وشهادة من أي سلطة محلية تثبت عسره، والشرط الثاني هو أن لا يبدو من ظاهر النزاع أن طالب المعونة غير محق في دعواه".
مقر لجنة المعونة في نقابة المحامين في قصر العدل وهي تجتمع أسبوعيا وتتكون من هيئتين: الأولى إدارية تتألف من رئيس ونائبه ومقرر ومنسق والثانية هيئة عامة مؤلفة من ثمانين محاميا يديرون أعمال اللجنة ويتوزعون على ثلاثة مكاتب، الأول لاستقبال طالبي المعونة والتوثيق والثاني يتولى تنظيم جدول الطلبات ويتابع أداء المحامين المكلفين وشؤونهم ويقيم دورات تأهيلية، وهذه الناحية تخص تدريب محامين متدرجين يتم تكليفهم بدعاوى جنح بسيطة، أما المكتب الثالث فهو مكتب التواصل والاستثمار مع الجمعيات الجدية في المجتمع المدني العاملة في مجال المعونة القضائية في لبنان وخارجه مثل كاريتاس، ومن مهامها التواصل مع المساجين والاطلاع على أوضاعهم القانونية والمادية ومتابعة أوضاع العمال الاجانب من المتهمين من قبل أرباب عملهم أو من الذين دخلوا خلسة الى لبنان وتكليف محامين لهم عند الاقتضاء.
تتلقى اللجنة الطلبات من قضاة التحقيق والمحاكم الجزائية والمدنية ومن السجون إضافة الى الطلبات المباشرة، في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس اللجنة أن الهدف هو نشر ثقافة حق الوصول الى العدالة للمقتدرين والمعسرين على حد سواء ومشروع الوصول الى المنسيين في السجون ممن لا تتحرك ملفاتهم لوقت طويل قبل إحالتهم الى المحاكمة لكثرة عدد الموقوفين والدعاوى أمام المحاكم.
المعونة القضائية حقيقة وليست شعارا على الرغم من المعوقات التي تواجه عملها، ومن صعوبة التوفيق بين جودة خدمة المعونة والامكانات المادية الضئيلة المتاحة وضرورة اختصار اجراءات الحصول على قرارات المعونة التي هي باختصار حق الفقراء باللجوء الى القضاء ولو من خلال "محامي الأروانة"، وهي كلمة تستخدم بين المساجين للاشارة الى كل ما هو غير نافع.
=========== ل.خ