تحقيق نظيرة فرنسيس
وطنية - أنعمت علينا الألفية الثانية بسبق علمي لا مثيل له الا وهو اختراع الشبكة العنكبوتية او الإنترنت التي أمنت الإتصال بين الاشخاص كافة وعبر الكرة الأرضية، بحيث يمكن للشخص ان يتواصل ويحادث من يشاء بسهولة قصوى. وازداد الامر تطورا مع اختراع مواقع التواصل الإجتماعي التي قلبت موازين القوى لصالحها واصبحت دليلا لسكان العالم، كما اكد مخترع الفايسبوك مارك زوكريبيرج.
ومما لا شك فيه ان لهذه المواقع اهمية كبرى لاسيما من الناحية الإعلامية والإعلانية وغيرها من النواحي، لكن يقابلها مخاطر جمة منها القضاء على الكثير من السمات الإجتماعية التي تميز الإنسان عن غيره. وهنا نسأل: هل يمكننا ان نبتعد عن استخدام هذه الوسائل التواصلية المتعددة التي حققت انتشارا واسعا ونسبة ملحوظة من المستخدمين حول العالم وخصوصا موقع الفايسبوك اذ وصلت نسبة مستخدميه الى مليار ونصف شهريا؟ يليه موقع يوتيوب الخاص بمشاركة مواقع الفيديو والصوتيات والتابع لشركة غوغل، ثم يأتي تطبيق الواتساب الخاص بالمراسلة الفورية ويليه موقع الانستغرام والتويتر والغوغل بلاس وغيرها الكثير.
وفي لقاءات "للوكالة الوطنية للاعلام" مع عدد من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، أكد البعض أن "وجود الهواتف الذكية في الأسواق وانتشارها بين كافة الطبقات العاملة عزز وجود شبكات التواصل التي اصبحت حاجة ماسة للجميع خصوصا للفئات التي تقدم الخدمات اليومية: الاجتماعية، الطبية، الاقتصادية، السياسية، الرياضية، التثقيفية، القانونية، الموسيقية، التقنية والاستشارية وغيرها الكثير...".
كذلك، أكد أحد مسؤولي المواقع إلالكترونية أن "لكل اختراع جديد الحسنات والسيئات". وقال: "من جهتنا، علينا ان نكون وسطيين معتدلين في استخدام مواقع التواصل، فلا نفرط في ذلك على الرغم من صعوبة الوضع، كما علينا توخي الحذر الشديد والانتباه لشبابنا الذين يسعون الى الدخول في صلب التقنية العصرية ومجاراة العالم، ما يقودهم احيانا الى الانطواء والانعزال والهروب من المشاكل الروتينية، عبر خلق عالم خاص بهم يناسب احلامهم وطموحاتهم، ما يؤدي بالطبع الى آثار سلبية عدة تمعن في ايجاد شرخ بين افراد العائلة الواحدة، امتدادا الى مؤسسة الزواج بحيث بتنا نسمع الكثير عن حالات الطلاق الناجمة عن الغيرة وانعدام الثقة بين الشريكين جراء انشغال احدهم بالاستخدام المتواصل لهذه المواقع والتعرف الى عادات غريبة عن حياتنا ومجتمعنا".
موظفة
وأشارت صولانج شلهوب وهي موظفة في أحد المصارف الى انها شاركت جميع أصدقائها وصديقاتها، على موقع الفايسبوك، بكافة التحضيرات لزفافها "من اصغر الأمور الى اكبرها"، وحتى وصل بها الامر الى نشر صورة عن فواتير الصالة التي سيتم فيها الحفل مع ما يستلزم من زينة وازهار باهظة الثمن ومأكولات غير مألوفة ومشروبات متنوعة الى فستان الزفاف واسم المصمم والمزين والمصور والمطرب وفرقة الرقص وعازفي الكمان وفرقة الزفة وغيرها... مع العلم ان العريس موظف وقد حصل على قرض مصرفي لتسديد فواتير زفافه لمدة تزيد على الخمس سنوات او اكثر.
الموسوعات
وأشار أنطوان مرعب وهو صاحب إحدى المكتبات العلمية الكبرى الى ان "مبيعات الموسوعات العلمية في مكتبته "تدنى بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة"، عازيا السبب الى "كثرة المواقع الإلكترونية العلمية والأدبية والقانونية وغيرها وسهولة الوصول إليها من دون اي كلفة تذكر ومن دون اي جهد، اذ يكفي الضغط على أزرار الحاسوب وتدوين المطلوب والحصول على الموضوعات والمعلومات بثوان معدودة".
طلاب
وفي جولة على عدد من المدارس أيد الطلاب استخدام مواقع التواصل وخصوصا أنها "قربت المسافات البعيدة وجعلت تبادل المعلومات سهلا وسريعا ما يتيح الحصول على أي مدونة او اي دراسة وحتى اي بحث علمي او اختراع بسهولة مطلقة وهذا يعزز الاجتهاد الشخصي والعمل الدؤوب من اجل نتائج افضل".
اعلاميون
وفي دردشة مع بعض الاعلاميين أكدوا أن "التعليقات على مقالات ينشرونها في الصحف لا تأخذ حقها، وعندما ينشرونها على الفيسبوك تكثر التعليقات عليها".
ربات المنازل
وسألنا عددا من ربات المنازل غير العاملات عن الموضوع فأكدن ان "السلوى الوحيدة لهن وهن يواظبن على الأعمال البيتية الروتينية هي مواقع التواصل ولاسيما الفايسبوك الذي يربطهن بالعالم الخارجي ويجمعهن برفيقاتهن واقاربهن الموجودين في المهجر او حتى في قلب الوطن، خصوصا عندما توجد صعوبة في اللقاءات معهم ومعرفة اخبارهم، لذا فإنهن يتعلقن بشدة بهواتفهن الذكية، وكلما سمحت لهن الفرصة يتصفحن الأخبار، ويطالعن كل جديد ومتنوع، ولن يتخلين، بحسب رأيهن، عن هذه المواقع بتاتا، حتى لو على حساب حياتهن العائلية".
وختاما، لا بد من ذكر القول المأثور: "رب ضارة نافعة"، اذ لا يجب ان ننكر المنافع العدة لوسائل التواصل، مع معرفة كيفية استخدامها بطرق تخدم المجتمع وتوصلنا الى الهدف المنشود من دون اي اعمال مضرة بمصالح الآخرين، وبالطبع " خير الامور وسطها"، وفي هذا الاطار يتوجب علينا الحذر والانتباه وتوعية أجيالنا التي تتوق الى مستقبل واعد.
===============