تحقيق تمام حمدان
وطنية - ملف المهجرين اللبنانيين لم يقفل الى اليوم، رغم تعهد الحكومات المتعاقبة منذ العام 1992، أمام مجلس النواب واللبنانيين بإيجاد حل جذري له.
عن سبب التأخير في إقفاله وماذا تحقق منه وما لم يتحقق، اسئلة طرحتها "الوكالة الوطنية للاعلام" على مسؤولين معنيين بشؤون المهجرين.
جنجيان
رئيس لجنة شؤون المهجرين النائب شانت جنجنيان، اشار الى ان "الأسباب والزوايا والمطبات كثيرة"، وقال: "أبدأ بما استطعت أن أحققه منذ العام 2009. اقتراحات عدة كانت في أدراج اللجنة ومنها تمديد العمل بالقانون الرقم 322 الذي يسمح للمهجر بإعادة البناء في العقار الذي يمتلكه شرط أن يكون مستوفي الشروط حيال البلدية لجهة التراجعات وما الى ذلك، لكن للأسف الشديد هناك تكتم كبير في وزارة المهجرين، ونحن نعرف انه منذ العام 2005 لم توضع أي موازنة عامة للدولة، وطالما ليس هناك من موازنة فالحكومة مضطرة ان تصرف من خارج الموازنة، وبالتالي لا نستطيع أن نحاسب الوزارة إذا لم تعطنا رقما واضحا عن حجم الصرف والى أين وصل هذا الملف، وماذا تحقق منه".
اضاف: "خلال هذه السنوات، استطعنا تجميع المعلومات من خلال الإجتماعات والجلسات، سواء مع رئاسة الصندوق الوطني للمهجرين أو من قبل وزارة المهجرين، او من خلال تعاون البعض في اماكن عدة، وتؤكد ان ليس هناك من أرقام دقيقة ولا إمكانية للوصول الى المعلومات".
وذكر انه بعد اتفاق الطائف في العام 1989 تقرر إنشاء وزارة المهجرين، وكان مبلغ 300 مليون دولار مقررا لمعالجة المشكلة لاقفال الملف في كل القرى التي شهدت التهجير، إلا ان هذا الرقم تراكم نتيجة تعثر العودة لأسباب سياسية وغيرها من الأسباب".
ولفت جنجنيان الى ان "المبادرة التي قامت بها الوزارة بتاريخ 29 ايلول 2010 من خلال تأمين قروض ميسرة للمهجر الذي يود العودة، من المصارف اللبنانية بفائدة لا تتعدى 1,6 بالمئة، وترجمت هذه المبادرة باتفاقية وقعت بين وزارة المهجرين وجمعية المصارف اللبنانية في 29/9/2010 شرط أن يقدم المستفيد من هذه القروض الضمانات والأوراق الثبوتية، منها تأمين العقار التي يتم البناء عليه أو ترميمه. وظهرت بعض العقبات نتيجة توارث التهجير من الجيل الثاني والثالث، وحصول الوفاة للمهجر الأول، فيأتي الوريث المتضرر للحصول على جزء من التعويض ويضطر غالبا لإجراء حصر إرث وغيره من الشروط لأن الإستفادة محصورة بين شخصين".
وقال: "كل هذه الأسباب أخرت إنجاز الملف، اضافة الى السبب غير الظاهر وغير المعلن سواء في وزارة المهجرين أو في الصندوق الوطني للمهجرين، فقد وصل هدر المال العام الى أكثر من أربعين مليار ليرة لبنانية في صندوق المهجرين فقط، وهذا الامر هو الآن في يد القضاء ونحن لن نستبق كلمته وننتظر انتهاء التحقيق في الموضوع. هناك مبالغ باهظة لا نعرف أين والى جيوب ذهبت. اليوم نلاحظ بعض الشفافية في موضوع المهجرين وأصبحنا نتلقى كل شهر تقريرا مفصلا عن المبالغ التي صرفت وصورا عن الشيكات وأسماء المستفيدين منها، وهذا ما لم يكن موجودا من قبل ويمكن أن يساعدنا لإقفال ملف المهجرين، لكنه غير كاف لأننا بحاجة لمعرفة أين أصبح مبلغ ال300 مليون دولار التي صرفت في مطلع التسعينات، رغم ان هذا المبلغ لم يعد اليوم يكفي لإقفال ملف قرية مهجرة واحدة، فمواد البناء ارتفعت أسعارها فضلا عن غلاء المعيشة وتأخير الحل لأكثر من 24 سنة رافقته تطورات على مستوى العائلات المستفيدة، فبدلا من عائلة واحدة أصبح هناك أربع عائلات، ولا ننسى التحاصص السياسي الذي رافق الملف ونحن ننتظر ان نرى شفافية أكثر".
وعن مواكبة ملف المهجرين في ظل تعطل عمل المؤسسات، قال جنجنيان: "كل فترة، نعقد لقاءات مع المعنيين سواء مع المسؤولين في وزارة المهجرين أو في الصندوق الوطني للمهجرين. وننتظر حاليا تأمين الأموال للوزارة، كما ننتظر أن يزودنا القضاء بتقريره نتيجة التحقيق في هدر المال العام في هذا الملف".
وأشار الى انه "كان بإمكاننا الطلب الى رئاسة المجلس النيابي بتشكيل لجنة تحقيق نيابية، لكن هذه اللجان لم تصل يوما الى نتيجة. ونحن كمجلس نيابي لدينا ثقة بالقضاء ونتابع معه، ولكننا أحيانا نصطدم بالمجاهرة بالمحاصصة السياسية وبالإعتراف باستغلال هذه الوزارات الخ.. اليوم اختلف الأمر، وأنا كنائب لا أستطيع أن اصدر القرار القضائي، يمكنني أن أضيء على أماكن الخطأ والهدر ويبقى على القضاء أن يصدر أحكامه بالمسؤولين".
وأعلن جنجيان ان "ملف بريح كان آخر الملفات على صعيد الجبل، خصوصا وان هذه القرية شهدت مجازر وخطف وتهجير، وتم صرف 55 مليار ليرة لبنانية من اجلها. وفي تشرين الأول 2015 وعد وزير المالية علي حسن خليل بصرف عشر مليارات ليرة لبنانية. وعادت وزارة المهجرين فطلبت مبلغ 35 مليار ليرة لبنانية في العام 2016 للاخلاءات في بلدتي المريجة والحدث وبريح"، موضحا "ان ملف بريح استكمل منه ستين بالمئة في أواخر شهر شباط 2016، بعدها يأتي ملف بلدة كفرسلوان والضاحية الجنوبية".
وقال: "في كفرسلوان، حصلت بعض جرائم القتل وأحد الأشخاص تم قتل أهله أمامه، وهو اليوم موجود خارج لبنان والمفاوضات معه صعبة كي يتنازل عن الشكوى لإجراء المسامحة والمصالحة. ولا يزال حل الموضوع متعثرا الى حين حضوره، بالإضافة الى مواضيع الترميم والإعمار في باقي المناطق اللبنانية. نعطي مثلا الضاحية الجنوبية، ليس هناك رقم محدد للوحدات السكنية المحتلة أو المهجرة، ولذلك طلب مبلغ خمسة مليارات ليرة لاستكمال الإخلاءات دفعة واحدة، إلا ان الوزارة تلاحظ بعض الطمع والجشع وبدأ بعض الأشخاص بتكوين ملفات وهمية، كما ان كل وحدة سكنية كان يشغلها شخص بات يشغلها أشخاص من الفروع، فبدل أن يكون التعويض للأصل بات يشمل الفروع، فلو عولج هذا الملف في حينه لما كانت الكلفة مرتفعة. مثلا، بدل أن ندفع ثلاثين مليون ليرة لبنانية للأصل أي للأهل بتنا ندفع للأصل والفروع، واليوم مثل هذا المبلغ لا يكفي لبناء منزل واحد فكيف يستطيع أن يكفي لبناء ثلاثة أو أربعة منازل؟".
ولفت جنجنيان الى ان "التحويلات كانت في السابق، في السنة الواحدة، 150 مليار ليرة لبنانية قبل أن نتسلم نحن رئاسة اللجنة، وكانت تصرف بموجب قوانين خاصة تدفعها الحكومة للصندوق المركزي للمهجرين لأنه يتبع مباشرة لرئاسة الحكومة وليس لوزارة المهجرين، وتم استنفاذ كل هذه الإعتمادات، ولم يعد هناك من أموال لاستكمال هذا الملف إلا عبر مشاريع وقوانين من ضمن الموازنة العامة للدولة، ولذلك نحن ننتظر إعداد مشروع قانون خاص يقتطع بموجبه المبالغ التي يتطلبها إقفال هذا الملف".
وكشف عن "دراسة أعدها رئيس الصندوق المركزي للمهجرين للعام 2015 وقدمها الى وزارة المالية، من ضمنها قيمة المبلغ الذي يتطلبه الصندوق لدفع التعويضات لإقفال الملف وهو بقيمة ستين مليار ليرة لبنانية"، لافتا الى ان "إقفال الملف يكون بتأمين الأموال اللازمة". واعلن ان "وزارة المالية لم تدفع للصندوق سوى 10 مليارات ليرة لبنانية من احتياطي الموازنة بموجب المرسوم الرقم 1743 في شهر نيسان 2015، وهذه الدراسة قدمت في شهر حزيران 2014 وحصل الصندوق على 10 مليارات من أصل ستين مليار ليرة لبنانية بعد سنة من الإنتظار تقريبا، وهذا المبلغ لا يغطي سوى جزء صغير من متطلبات العودة، وبعد عملية المسح التي قام بها الصندوق، ومن دون الطلبات الموجودة لدى وزارة المهجرين، فهي تقدر بحوالى خمسمائة مليار ليرة لبنانية بعد التأكد من الأوراق الثبوتية واستيفاء الشروط".
وقال: "حتى الآن، لا نعرف عدد الملفات المخفية التي لم تنجز لدى وزارة المهجرين، ولذلك طلبنا أن يخصص اعتماد بقيمة مئة مليار ليرة لبنانية لتغطية قسم من المصاريف المتبقية كجزء من الكلفة، أي مئة من أصل خمسمئة مليار ليرة لبنانية، أقله لاستكمال دفع المساعدات للترميم والإخلاءات وإعادة الإعمار في مختلف المناطق اللبنانية بشكل متوازن". كما كشف عن "تقارير شبه دورية بدأت لجنة شؤون المهجرين بتسلمها من الصندوق المركزي للمهجرين"، وقال: "ان وزارة المهجرين تعطينا من حين الى حين آخر أرقاما، ولكن الوزارة حتى الآن لم تقل لنا أين وكيف تبخر مبلغ الأربعين مليار ليرة لبنانية".
وقال: "في آذار الماضي اجتمعت اللجنة وطلبت من الحكومة تخصيص مبلغ أقله 35 مليار ليرة لبنانية من مبلغ الخمسمئة مليار ليرة لتغطية جزء من الطلبات المستوفية الشروط، وحتى الآن لم يقتطع هذا المبلغ بحجة ان لا اعتمادات ولا أموال في الخزينة".مشيرا الى "ان اللجنة تتابع ملف تثبيت العاملين والمستخدمين في الصندوق المركزي للمهجرين وهو موضوع إنساني آخر وينتظر الحل منذ مطلع التسعينات".
وأعلن انه "تم إعادة بناء بيت الضيعة في بلدة بريح، مركز عبادة للموحدين الدروز وإعادة بناء كنيستين كانتا تهدمتا، وقد أشرفنا مع زملاء لنا من النواب على عملية البناء هذه، ونحن شجعنا ذلك. وإذا كان الهدف عودة المهجرين وعودة اللحمة بين أبناء البلدة فنحن نشجع على ذلك". مؤكدا "ان حل هذا الملف يبقى في يد السلطة التنفيذية أي لدى الحكومة، وكلجنة المهجرين نتابع ونراقب ونحاسب.. ولكن في ظل التعطيل الحاصل على مستوى مؤسسات الدولة ككل، للأسف فإن أي ملف لن ينجز، وأقل ما استطعنا إنجازه منذ العام 2009 لليوم هو تمديد القانون الذي يسمح بالبناء على أساسه وإلا يضطر صاحب العلاقة أن يدفع رسوما، كما شاركنا في المصالحات، وقمنا بزيارة ميدانية لإعادة الإعمار وأشرفنا على عمليات الإعمار وواكبنا كل العمليات، خصوصا وانه كان هناك اعتراض من الأهالي بأن المبالغ غير كافية، وفلان قبض أكثر من فلان الخ..وعالجنا الكثير من الثغرات لكن المشكلة تبقى في تأمين الأموال اللازمة، وهذا يتطلب المزيد من التعاون من قبل الجميع".
شبطيني
أما وزيرة شؤون المهجرين القاضية اليس شبطيني، فقد ربطت عدم إقفال ملف المهجرين الى الأسباب السياسية والإقتصادية، وانتظار الوزارة تأمين الأموال اللازمة، مؤكدة انها لم تميز يوما بين مهجر وآخر.
واوضحت انها منذ تكليفها بمهام الوزارة، تسلمت فقط من وزارة المالية في العام 2015 عشر مليارات ليرة لبنانية، ومن يقل إنني ميزت بين مهجر وآخر أو إنني صرفت قرشا في غير محله فليقل لي، ونحن كنا تمنينا على وزارة المالية أن تحول لنا مبلغا لمعالجة بعض الملفات المستوفية الشروط لكن دون فائدة وننتظر الفرج".
واكدت ان الأسباب، اضافة الى السياسية، اقتصادية ومالية وغيرها ما حال دون تحويل الاموال لإقفال هذا الملف".
ترو
أما الوزير السابق لشؤون المهجرين ترو فرفض الكلام عن الأسباب السياسية التي حالت دون إقفال هذا الملف، كما رفض الكلام عن "المبالغ التي صرفت لإغلاق ملف المهجرين والتي ذهبت الى جيوب المحسوبين". واكتفى بالقول "ان الملف أصبح بيد القضاء وهو الذي سيقول كلمته الفصل حيال التأخير في إقفال هذا الملف"