تحقيق - ريم شاهين
وطنية - لا يزال شبح الفراغ الرئاسي يهدد اللبناني في لقمة عيشه ويؤثر على تدهور الإقتصاد بشكل تدريجي، إلى جانب عوامل عدة أخرى، منها غياب الدور الفاعل للدولة والخطر الإقتصادي الناتج عن ارتفاع عدد النازحين السوريين في لبنان وترك أصحاب رؤوس الأموال منهم من دون حسيب أو رقيب.
وهنا سنسلط الضوء على مشكلات عدة أبرزها الأسباب الكامنة وراء انخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني و كيفية ضبط المنافسة غير السليمة التي فرضها واقع الأزمة السورية بين التجار المحليين والسوريين والحلول التي تقوم بها الجمعيات التجارية في غياب الدولة من أجل تحريك الإقتصاد.
واللافت أن وزير الإقتصاد آلان حكيم ورؤساء عدد من الجمعيات التجارية في لبنان أجمعوا على أن "الحل الأول لإعادة الثقة بلبنان و بالتالي تقويم الإقتصاد يتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية و إقرار قانون إنتخابي جديد وعودة الحياة الدستورية بالإضافة إلى إيجاد سبل لإجتذاب السياح إلى لبنان و حل سريع لمشكلة المنافسة غير السليمة و إلا سنشهد أزمة حقيقية تهدد لبنان بالزوال".
حكيم
وأكد الوزير حكيم أنه "على وزارات المال والعمل والاقتصاد والتجارة بالإضافة إلى وزارة الداخلية مراقبة السوريين للحد من تأثير دخولهم السوق اللبناني".
وشدد على أن "لبنان يعاني اليوم مشاكل اقتصادية واجتماعية ومالية جمة تعود بالدرجة الأولى إلى الإنقسام السياسي الذي أدى إلى فراغ في رئاسة الجمهورية ومن خلاله شلل في العمل الحكومي وعمل مجلس النواب. هذا الواقع الآليم أدى إلى فشل السلطة السياسية في التعاطي مع ملف النازحين السوريين والأزمة السورية في المطلق"، مضيفا أن "الأزمة في سوريا أثبتت مدى تأثيرها على استقرار لبنان السياسي والأمني وعلى أوضاعه الاقتصادية لا سيما لناحية كبح النمو عن طريق التأثير السلبي على السياحة والتجارة والاستثمار الأجنبي المباشر وارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي فاقت ال 35% ، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة على الانفاق العام والبنى التحتية والخدمات العامة وأسواق العمل".
وأشار إلى أن "هذا التأثير إستفحل بضرب الكيان اللبناني حيث شهد الاقتصاد اللبناني تراجعا في كل مؤشراته لا سيما تلك المتعلقة بالاستثمار والاستهلاك. أضف إلى ذلك أن "لبنان يعيش بدون موازنة منذ 11 سنة تقريبا وبحسب الخبراء، هذا الغياب أدى إلى رفع الدين العام من 38,5 مليار دولار في نهاية العام 2005 إلى أكثر من 70 مليار دولار في نهاية العام 2015.
ولفت إلى أنه "مع غياب النمو، لا يسعنا القول إلا أن المشاكل المالية بدأت بالظهور مع غياب كل القرارات الاقتصادية التي كان من الواجب إتخاذها ولم تتخذ، معتبرا أن "الأسباب التي تكمن وراء إنخفاض القدرة الشرائية للمواطن هي : إرتفاع معدلات البطالة وتراجع المداخيل و إنخفاض تحويلات المغتربين ونمو قروض المصارف وإنما بوتيرة أبطأ".
ورأى أن "هذه الأسباب تعكس تردي الوضع السياسي وخصوصا الشغور الرئاسي الذي يعطل عمل المؤسسات الدستورية وبالتالي يزيد من المخاطر ويعطي إنطباعات سيئة للمستثمرين وحتى للمستهلكين".
وعن غياب المنافسة السليمة بين التجار، أكد حكيم أن "النظام الاقتصادي في لبنان هو إقتصاد حر لكنه يفتقر في نفس الوقت إلى المنافسة بكل ما للكلمة من معنى خاصة مع غياب قانون المنافسة الذي ينظم العلاقة بين التاجر والتاجر ويضمن المنافسة السليمة والذي أرسله حزب الكتائب إلى مجلس النواب في العام 2012 ولا يزال عالقا"، مشيرا إلى أن سبب غياب المنافسة يعود بالدرجة الأولى إلى قلة عدد اللاعبين الإقتصاديين (أي التجار) من خلال الكلفة العالية للدخول إلى السوق. كما أن للفساد دورا كبيرا في غياب هذه المنافسة".
وأضاف: "لا شك في أن المنافسة أساس لتفعيل عجلة الاقتصاد وإنما مع غياب القانون، هل سيأخذ التجار المبادرة لتفعيل المنافسة فيما بينهم؟ يبقى هذا السؤال برسم التجار".
أما عن كيفية حماية المستهلك اللبناني، فقال:"نحن كوزارة إقتصاد نمتلك قانون حماية المستهلك ويهدف إلى إدارة العلاقة بين التجار والمستهلكين. وهذا الأمر جيد للاستهلاك، إلا أن العلاقة بين التجار في ما بينهم تبقى من دون قانون واضح".
من جهة أخرى، رأى الوزير حكيم أن "الطبقة الوسطى في المجتمعات الإستهلاكية هي أساس الناتج المحلي الإجمالي، أي أنها المسؤولة الأولى عن هذا الناتج إن من ناحية الإستهلاك أو القوة العاملة في الماكينة الاقتصادية. وبالتالي فإن تراجع الطبقة المتوسطة يدل على سوء الوضع".
وأردف أن "الطبقة الفقيرة تشهد زيادة ملحوظة على حساب الطبقة الوسطى في لبنان، الأمر الذي يجعل من المحافظة على الطبقة الوسطى أمرا ضروريا وذلك من خلال المحافظة على وظائف هذه الأخيرة".
وتابع : "من هنا، يكمن الحل الأول في الحد من تأثير دخول العمالة السورية إلى سوق العمل اللبناني والمنافسة غير العادلة التي تفرضها، و بالتالي فإن النازحين السوريين الذين يقومون بفتح المحال والمطاعم وغيرها في لبنان ليسوا رجال أعمال بالمعنى التقليدي، إذ أنهم لا يقومون بتسجيل شركاتهم في وزارة المال ولا موظفيهم في الضمان الاجتماعي وبالتالي فإنهم يشكلون منافسة غير شرعية للشركات اللبنانية".
وأضاف:"إنهم في الواقع فقط طبقة من النازحين السوريين الذين إستطاعوا الاستفادة من الفرص المتاحة في لبنان وبالتالي فرض منافسة غير شريفة مع الشركات اللبنانية التي تتأثر بشكل كبير من هذه المنافسة وتقوم بصرف العمال اللبنانيين".
وأكد الوزير حكيم أنه "من هذا المنطلق يتوجب على وزارات المال والعمل والاقتصاد والتجارة بالإضافة إلى وزارة الداخلية ملاحقتهم للحد من تأثير دخولهم على السوق اللبنانية".
وشرح أن "وزارة الاقتصاد والتجارة هي وزارة تعنى بالمستهلك والتاجر، وبالتالي فهي معنية بحماية المستهلكين من بعض التجار كما وحماية التجار من بعضهم البعض. من هنا تسعى الوزارة بكل ايجابية مع القطاع التجاري وخصوصا أنه يشكل أكثر من 26% من الناتج المحلي الاجمالي".
ولفت إلى أن "الوزارة تقوم من خلال مراقبتها للأسعار بترشيد هذه الأخيرة وبالتالي المحافظة على مستوى عال من الاستهلاك وبخاصة في غياب التشريع"، مؤكدا أن "هذه الرقابة هي محفز أساسي للاستهلاك وبخاصة في أسواق التجزئة".
وعن دور الوزارة في تفعيل العجلة الإقتصادية، قال:"انطلاقا من النظرية الإقتصادية يكمن دور الدولة في العمل الرقابي والتشريعي، إلا أنه وفي ظل الشلل الحكومي وتوقف عمل مجلس النواب الراهن، نعمل في الوزارة مع التجار من خلال تشجيعهم على أن تكون المبادرة مبادرتهم. نعول كثيرا على الحس الوطني للتجار وكلنا أمل في أن ينتج هذا التعاون ثمارا تسمح للقطاع والإقتصاد الوطني بالصمود في ظل الظروف الحالية".
وفي إطار تأثير الفراغ الرئاسي والغياب شبه التام للحياة الدستورية على الوضع الإقتصادي في لبنان، أكد حكيم " أن انتخاب رئيس للجمهورية وعمل المؤسسات الدستورية من مجلس النواب ومجلس الوزراء يؤثرون بشكل كبير على إعادة الثقة بالكيان الاقتصادي. هذا الأمر من شأنه السماح بأخذ القرارات الإقتصادية والتشريع المؤاتي وعلى رأسها إقرار مشروع موازنة العام 2017".
وأخيرا، تمنى على "القوى السياسية الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لأن العكس يعني هلاك الدولة والمواطن".
شماس
ووصف رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الحالة إقتصادية ب "السيئة جدا"، مشيرا إلى أنه "منذ بداية الحرب في سوريا أصيب الإقتصاد بالإنهيار التدريجي وكان الأكثر تضرر القطاع التجاري من هذا الإنهيار".
ولفت إلى أنه "في العام 2010 تراوحت نسبة النمو الإقتصادي بين 9 و 10 في المئة بينما انخفضت هذه النسبة في العام 2015 إلى واحد في المئة أي تراجعت بنسبة 90 في المئة ، ما يمثل فاجعة كبيرة على صعيد لبنان"، مشيرا إلى أنه "في ما يتعلق بالقطاع التجاري فجمعية تجار بيروت بالتعاون مع مصرف فرنسبنك لديها مؤشر لتجارة التجزئة، بحيث لاحظت أنه ما بين نهاية العام 2011 ونهاية العام 2015 تراجع النشاط بنسبة أربعين في المئة على صعيد لبنان وعلى صعيد كل القطاعات وتحديدا ما يسمى بالكماليات والسلع المعمرة كالسيارة وأثاث المنزل في حين قطاع السلع اليومية والمأكولات كان الأقل تضررا".
وأشار إلى أن "غياب الرواد العرب بشكل كلي وعدم زيارتهم للبنان أدى إلى تضرر القطاعين السياحي والتجاري"، لافتا إلى أنه "في العام 2010 و2011 كان هؤلاء يشكلون 25 في المئة من نسبة الإستهلاك في مواسم الذروة أي في فصل الصيف وفي عيدي الفطر والأضحى، ما يمكن إعتباره رقما مذهلا في الدورة التجارية".
وأضاف: "إن غياب الرواد العرب يفرض على القطاعين السياحي والتجاري الإعتماد على الرواد اللبنانيين بالرغم من أن النشاط التجاري وحركة رواد المطاعم تختلف بين منطقة وأخرى".
وكشف شماس عن الأسباب التي تكمن وراء إنخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني تكمن في غياب السياح والمغتربين يؤثر على كافة القطاعات من ناحية وعلى البطالة من ناحية أخرى الناتجة عن بروز اليد العاملة الأجنبية التي تقتنص الفرص من الشباب اللبناني و بالتالي تنخفض الكتلة الإستهلاكية عموما، بالإضافة إلى تراجع النمو الإقتصادي الذي يدخل لبنان في دوامة الفقر التي يصعب الخروج منها".
أما في ما يتعلق بموضوع رفع قيمة الحسومات على أسعار البضائع، قال: "إن التجار يقومون برفع قيمة الحسومات من أجل التخلص من البضائع القديمة ومواكبة الموضة، ولكن ضعف النشاط الإقتصادي والطلب الإستهلاكي يرغم التجار على استعمال سلاح الحسومات في هذه المرحلة الصعبة على مدار السنة ، ما يكبد التجار خسائر فادحة أحيانا ويجبر آخرين على إقفال محالهم التجارية".
وفي هذا الإطار، أشار إلى أن "ظاهرة المراكز التجارية لا رجوع عنها. فلقد تبنتها كل دول العالم"، معتبرا أن "التحدي أمام التجار بمؤازرة الجمعية والبلديات أن يحافظوا على قدرتهم على إجتذاب المستهلكين بمختلف الطرق".
وعن موقع الطبقة الوسطى في المجتمع اللبناني، قال شماس:"كل اقتصادات العالم قائمة على الطبقة الوسطى، لأن الأثرياء الكبار عددهم قليل والطبقات الميسورة لا تملك القدرة الشرائية الكفيلة بتحريك الإقتصاد، لذا فالتعويل يبقى على الطبقات الوسطى".
وتابع: "أما في لبنان فكانت الطبقة الوسطى تعتبر المدماك الرئيسي للاقتصاد اللبناني في فترة السبعينات أي قبل الحرب و قبل أن تبدأ بالزوال تدريجيا، لكن بعد الحرب و لغاية منتصف العقد المنصرم كنا قد اعتقدنا أن الإقتصاد بدأ يلتقط أنفاسه مجددا وعادت الطبقة الوسطى تتشكل من جديد".
وأكد أن "تراجع النمو الإقتصادي فرض واقعا مغايرا، فالتجار يشكلون حجر الزاوية في الطبقة الوسطى بالإضافة إلى أصحاب المهن الحرة والموظفين في فئات مختلفة وبالتالي فإن هذه الطبقة تشمل شرائح كبيرة من المجتمع اللبناني قد انخفضت مداخيلها نتيجة الأسباب الآنف ذكرها، ما فرض تفاوتا في الدرجات داخل ما يسمى الطبقة الوسطى التي انحسرت نوعا ما".
وأكد شماس من جهة أخرى أن "لبنان بدأ يتأثر بانعكاسات الوجود السوري على بعض قطاعاته، منذ العام 2012 في بعض المناطق النائية في الشمال والبقاع، إنما ومنذ فترة قصيرة شملت هذه الإنعكاسات كل القطاعات والمناطق وصولا إلى العاصمة".
وأضاف: "للأسف، إن الشريحة الأكبر من النازيحين السوريين هم من غير المقتدرين ولا يملكون إمكانيات مالية، إذ إن المتمولين السوريين توجهوا إلى مصر وتركيا والخليج ولم يبقى سوى قلة منهم في لبنان ما لبثوا أن افتتحوا مؤسسات ومحال تجارية ومطاعم بطرق غير شرعية وغير قانونية، وبالتالي هذا الواقع فرض منافسة شرسة بينهم و بين التجار و أصحاب المؤسسات المحليين في كافة القطاعات ، لأن التجار السوريين لا يدفعون الضرائب ولا رسوم الضمان الإجتماعي. من هنا لا وجود للمنافسة فالتسهيلات المقدمة لهم تدفع بالتجار و أصحاب المؤسسات اللبنانيين بالخروج من السوق لأنهم يبيعون السلع ويقدمون الخدمات بأقل سعر ويدفعون رواتب متدنية للعمال".
وألقى شماس "مسؤولية مشكلة المنافسة التي فرضها واقع وجود النازحين السوريين في لبنان على الدولة"، منوها "في هذا الإطار بالدور الذي يلعبه وزير العمل سجعان قزي واصفا إياه ب "المتراس الأساسي لمواجهة هذه المشكلة"، مشيرا إلى أن "الوزير قزي يردد باستمرار بأن الوزارة لا تملك سوى تسعة مفتشين فكيف لها بأن تؤدي واجبها على مساحة لبنان في مجال المراقبة والتدقيق؟ أضف إلى أنه يجب العمل على تنفيذ وتطبيق القوانين على اللبناني والسوري من أجل حماية القطاعات الإنتاجية واليد العاملة المحلية، ولهذا الغرض يجب أن يتكاتف القطاعين العام والخاص من أجل تحقيق الأهداف المرجوة".
وتابع: "أطلقنا الصرخة باستمرار إلى وزارة الإقتصاد والتجارة التي هي المرجعية الأساس في الحكومة للجمعيات التجارية و نبهنا من هذه المنافسة الخطيرة و سلبياتها لكننا لم نلق أي جواب، ربما لأن المشكلة كبيرة و لأن المجتمع الدولي يساعد على تثبيت السوريين في لبنان".
وشدد على "خطورة المشكلة"، لافتا إلى أن "وزارة الإقتصاد والتجارة مدركة للموضوع ولكنها ليست ضابطة عدلية أو جهازا أمنيا، فهي ربما تعتقد أنه على الأجهزة الأمنية أن تضبط هذا الموضوع وبالتالي ربما التوجيه يجب أن يصدر عن وزارة الإقتصاد أما التنفيذ فهو من إختصاص الأجهزة الأمنية".
وأكد أن "وزراتي الإقتصاد والعمل وغيرها من الأجهزة مدركة لأهمية وخطورة المشكلة ولكن هذه المشكلة قد تخطت التوقعات وتوسعت دائرتها بشكل كبير ، من هنا يجب أن تتكاتف الهيئات الإقتصادية والدولة من جهة لنخاطب معا المجتمع الدولي من جهة أخرى من أجل حل هذه الأزمة ووضع مصلحة لبنان فوق كل الإعتبارات والمصالح الخاصة".
وأضاف: "إن المجتمع الدولي يحمل لبنان عبئا لا يستطيع تحمله ، إذ جعل منه بلدا للهجرة واللبنانيين بالكاد يستطيعون تدبر أمورهم . لذلك يجب إقتناص كل فرصة في الإجتماعات والمؤتمرات والندوات الدولية للمطالبة بتخفيف هذا العبء عن لبنان و الإلتزام بتنفيذ القرارات التي تصدر في تلك المؤتمرات من تأمين مساعدات مالية وغير ذلك".
ودعا المسؤولين إلى "المساهمة في رفع نسبة النمو الإقتصادي من خلال ملء الفراغ الرئاسي وإقرار قانون إنتخاب وعودة الحياة الدستورية، على الرغم من أن إنتخاب رئيس لن يحقق المعجزات و يجد الحلول الناجعة لكل الملفات وإنما يساهم في إعادة الثقة بالبلد لأن وجود رئيس للجمهورية سيؤكد توافق اللبنانيين في ما بينهم وبالتالي سيحرك العجلة الإقتصادية تلقائيا، أضف إلى أنه يجب عدم الإستخفاف بملف النازحين السوريين"، منوها ب "دعوة رئيس الحكومة تمام سلام إلى تشييد مخيمات للسوريين في سوريا في المناطق المحايدة"، مشددا على "ضرورة مطالبة اللبنانيين بالعودة الآمنة للنازحين السوريين إلى بلدهم، لأن سوريا بلد كبير ومعظم النازحين جاءوا إلى لبنان لأسباب إقتصادية وليست سياسية أو أمنية".
وعن دور جمعية تجار بيروت، أكد شماس أن "دورها يتركز على الدفاع عن القطاعات أمام الحكومة والسفارات والمجتمع الدولي والمصارف والقطاعات الأخرى. أما على الصعيد الفردي دور الجمعية حل مشكلات التجار مع أي جهة معينة وإصدار من وقت لآخر بطاقات إستهلاكية بالتعاون مع بلوم بنك ما يساهم في تحريك الأسواق والتواصل مع الإدارات والتنسيق في المواضيع كافة".
ووجه شماس التحية إلى الجيش و الأجهزة الأمنية التي تسهر على حماية المواطن اللبناني من الإرهاب الذي لا يستثني أي دولة، مثنيا على "الدور الفعال لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والتدابيرالتي يقوم بها من برامج التحفيز وضخ الأموال ومساندة الدولة في غياب الموازنة. من هنا المطلوب من باقي المصارف والأطراف التصرف على غرار مصرف لبنان في إبتكار الحلول الناجعة لإنقاذ الإقتصاد".
كيروز
ورأى رئيس جمعية تجار جونيه وكسروان- الفتوح روجيه كيروز أن "الوضع الإقتصادي هو إنعكاس للوضع الأمني والسياسي"، مشيرا إلى أن "البلد هو شبه بلد والمؤسسات أشبه بمزارع لكل مصالحه الخاصة في منطقته، في ظل غياب رئيس للجمهورية ومجلس ممدد له وحكومة غير فاعلة".
وقال: "إن هذا الوضع يؤثر بشكل كبير على اللبناني سواء كان مستهلكا أو تاجرا فهو ليس قادرا على الإستسلام ولا على المضي قدما".
ولفت إلى أن "الوضع لم يصل إلى هذه النقطة من التدهور من قبل حتى في أيام الحرب فحينها كانت المناطق المستهدفة هي التي تتأثر فقط، أما اليوم فكل لبنان يعاني والحالة المتردية أصبحت منتشرة في كافة المناطق اللبنانية بدون استثناء وتطال كل لبناني".
وإذ أشار كيروز الى موضوع ضعف القوة الشرائية لدى المواطن، تناول الأوضاع المتردية للتجار وقال: " على الرغم من التدابير التي يحاول مصرف لبنان اتخاذها بالإضافة إلى صرخات الهيئات الإقتصادية المستمرة التي تطالب بحلحلة الأزمات وبأن تقوم الدولة بكل المسؤوليات المتوجبة عليها، يحاول التجار الهروب إلى الأمام، فمنهم من يستطيع المضي قدما إذا كان يملك "الأوكسيجين" والخبرة للاستمرار في هذه الظروف الحالكة ومنهم من يصبح مجبرا على الإستسلام والدليل على ذلك إقفال بعض المؤسسات في سوليدير وغيرها من المناطق التي لم تقو على تحمل تكاليف الإيجارات وتأمين رواتب الموظفين".
وانتقد عدم تطور الحد الأدنى للأجور للمستهلك اللبناني "ليصبح قادرا على شراء أي من الكماليات فبالكاد يكفي الراتب الذي يحصل عليه إذا كان لديه أسرة ويتوجب عليه دفع أقساط مدارس وجامعات بل يلجأ إلى الحصول على القروض من المصارف حتى يؤمن حاجاته الضرورية".
وأكد كيروز أن "المواطن اللبناني يفتقد الى الثقة، فأي مغترب لا يجرؤ على الإستثمار ببلده من أجل تحريك العجلة الإقتصادية في البلد، في غياب إستقرار سياسي وأمني وعجز عن حل الملفات الأساسية كملف النفايات الذي أصبح يؤثر على لبنان وأبنائه سواء من الناحية البيئية أو الصحية أو الإقتصادية، أضف إلى ذلك ملف الكهرباء وغير ذلك".
وقال: "إن الأمر لا يقتصر على الوضع الإقتصادي وتدابير المصارف وقدرة تحمل التجار بل على دخول ما يقارب مليون لاجىء سوري إلى الأراضي اللبنانية وبالتالي خلق مؤسسات تجارية وصناعية وحرفية وغير ذلك، خصوصا أن هذه المؤسسات وغيرها لا تخضع للجمارك ولا تدفع الضرائب المتوجبة عليها للدولة نتيجة الفساد".
وسأل عن قدرة التاجر اللبناني على الإستمرار "وخصوصا بعدما يجد نفسه مضطرا الى أن يرفع قيمة التنزيلات على بضائعه إلى 70 و80 بالمئة".
ورأى أن "الدولة غير قادرة على أن تفرض على التجار كما في السابق المدة التي تسمح لهم بها لرفع قيمة التنزيلات على البضائع حين ترتفع صرخة التجار الذين يهابون خطر الإقفال أو الإفلاس"، لافتا إلى أنه "بالرغم من موجة التنزيلات الكبيرة التي تجتاح الأسواق التجارية في كافة المناطق اللبنانية فتجاوب المواطن اللبناني على هذه العروضات يختلف من منطقة لأخرى بحسب قدرته الشرائية وبحسب وظيفته والأجر الذي يتقاضاه، في ظل غياب السائحين والمغتربين".
وعن تأثير المراكز التجارية الكبيرة على حركة أسواق التجزئة، اعتبر كيروز أن "هناك تأثيرا لكن لكل مكان زبائنه وأسعاره".
وسأل: "من المسؤول عن حماية التاجر اللبناني من المضاربة التي يواجهها نتيجة غياب أي دور للدولة، وأي ضوابط تحد من إفتتاح مؤسسات لأصحاب رؤوس أموال سورية أو من تهديد السوري الذي يقبل بأجور أدنى للوظائف التي كان يشغلها الشباب اللبناني مسبقا".
وأكد أن "التواصل بين الهيئات الإقتصادية والجمعيات التجارية مستمر ومطالبهم من أجل تحريك العجلة الإقتصادية مستمر". وقال: "لا جدوى من اجتماعاتنا والصرخات التي نطلقها في غياب تام للدولة. لم نعد نملك سوى الصلاة من أجل أن تنتهي الأزمة في سوريا ويعود اللاجئون إلى وطنهم، وإلا سنبقى نواجه خطر الإفلاسات وازدياد البطالة".
وختم: "في غياب محاسبة القضاء للفساد وغياب رئيس للجمهورية وعدم التوافق على إقرار قانون إنتخاب جديد وعجز الحكومة سيبقى البلد هشا ولولا بعض المبادرات الفردية للنهوض باقتصاد البلد لشهدنا زوال لبنان منذ زمن".
شهيب
من جهته، أكد رئيس جمعية تجار عاليه سمير شهيب أن "عاليه التي تعتبر منطقة سياحية إلى حد ما، إذ يعتمد فيها التجار على السائحين والمغتربين وعلى تجارة الترانزيت، فمنها يمر خط الشام، تأثرت بالأزمة في سوريا وإقفال خط الشام البري باتجاه الأردن ودول الخليج.
وقال: "ناهيك عن أن التصادم وشد الحبال الذي تشهده الساحة الداخلية وتأثر السياح العرب والإستجابة لتحذيرات بلادهم من زيارة لبنان، نلحظ تخوف المغتربين من زيارة بلدهم حتى في الأعياد والمناسبات، نتيجة الوضع السياسي والأمني السائد في البلد".
ورأى شهيب أن "هذه الأسباب مجتمعة بالإضافة إلى إنهيار الدولة والفساد المستشري في مؤسساتها أثر سلبا على الحركة التجارية في المنطقة تحديدا وعلى تدهور الوضع الإقتصادي في البلد بشكل عام وبالتالي على إنخفاض قدرة المواطن الشرائية".
و لفت إلى أن "ارتفاع قيمة التنزيلات على أسعار البضائع في الأسواق التجارية يعود إلى غياب السياح والمغتربين، بالإضافة إلى أن العرض أصبح يفوق الطلب ما يحتم على التاجر التخلص من بضائعه القديمة والإلتزام بالموضة السائدة في السوق ليرضي أذواق زبائنه".
وعن المنافسة التي فرضها واقع الأزمة السورية وتمكن بعض المتمولين من فتح مؤسسات ومحال تجارية ومطاعم والتأثير على التجار اللبنانيين، رأى شهيب أن "القانون اللبناني سمح لهؤلاء بدخول الأسواق ولم يفرض عليهم أي ضوابط"، مشيرا الى أن "عاليه لم تتأثر كثيرا كبقية المناطق بهذه المنافسة وإنما قطاع العمالة قد تأثر فقد أصبح لدينا في لبنان ما يقارب المليوني لاجىء سوري إضافة إلى 800 ألف من جنسيات مختلفة، وبالتالي ذلك يؤثر حتما على الإقتصاد بشكل عام".
ولفت إلى أن "عاليه تعتمد على زوار اكثر من ثمانين ضيعة محيطة بها والتي تعتبر أن اسواق عاليه هي المركز الرئيسي للتسوق، خصوصا في غياب السياح والمغتربين"، مؤكدا أن "الحركة التجارية تأثرت بظاهرة إفتتاح المراكز التجارية في كافة المناطق اللبنانية".
وقال: "إن اقتصاد لبنان يعتمد بنسبة 85% على المؤسسات والمحال الصغيرة التي ليس بإمكانها الدخول تلك المراكز التجارية الكبيرة".
وأشار شهيب الى أن "مطالب جمعية تجار عاليه هي نفسها مطالب الهيئات الإقتصادية"، لافتا إلى أن "الجمعية بالتعاون مع البلدية تعمل على تحريك الحركة السياحية والتجارية في المنطقة من خلال النشاطات التي يتم تنفيذها لتحفيز الناس على زيارة الأسواق التجارية والتبضع، وتسعى باستمرار إلى المحافظة على نظافة المنطقة وتنظيم نشاطات بيئية ومهرجانات خاصة بالأعياد، الى جانب التعاون مع بنك الموارد بإطلاق بطاقة تسوق مجانية للتسوق يستفيد حاملها من حسومات كبيرة من أسواق عاليه التجارية".
وكشف أن "الجمعية بصدد التحضير لمهرجان كبير من المتوقع أن يحصل بين آذار وأيار من العام المقبل، سيتم الترويج له إعلاميا وسيضم مهرجانات فنية ورياضية وكشفية وسيتم منح جوائز قيمة منها سيارات وبازارات في الأسواق ويتم درس هذا المشروع مع كافة الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص".
وشدد على أن "الدولة يجب أن تقدم بعض التسهيلات للقطاع التجاري لكي يتمكن أصحاب المؤسسات من تلبية متطلبات العمال، من خلال خفض الضرائب أو العمل على استقطاب السياح كما تفعل تركيا على سبيل المثال".
وتناول ما تقوم به الجمعية في عاليه لدعم التجار، فأوضح أنها "ساهمت بالتعاون مع شركة أمانة لتقديم تأمين صحي للتجار بأسعار الضمان الأصلية"، وقال: "لكن الخطة السياحية العامة فعلى الدولة والوزارات المعنية أن تضعها سواء من خلال خفض أسعار تذاكر السفر وتقديم سلة من الخدمات والرحلات إلى كافة المناطق اللبنانية أو من خلال ضبط أسعار الفنادق من أجل إجتذاب السياح وتحريك العجلة الإقتصادية".
وقال أخيرا: "إن الميزانية المحددة لوزارة السياحة ضعيفة جدا، علما أن هذه الوزارة يجب أن تكون سيادية في بلد مثل لبنان. وكل الحلول المطروحة هي رهن ببناء دولة قوية واتفاق المسؤولين أولا على انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون إنتخابي جديد يعيد الحياة إلى المؤسسات الدستورية في البلد".
عيتاني
وأشار رئيس جمعية تجار شارع الحمراء ومتفرعاته زهير عيتاني أن "الوضع الإقتصادي في لبنان هو الأسوأ منذ 57 عاما"، لافتا إلى أن "الأسباب التي تكمن وراء سوء الحال الإقتصادية و تراجع القدرة الشرائية للمواطن هي عدم دخول السياح إلى البلاد وغياب الإستثمارات و الأموال التي تدخل نتيجة زيارة المغتربين اللبنانيين لوطنهم".
وأضاف: "إن الشعب اللبناني مداخيله محدودة وقدرته الشرائية ضعيفة كما ذكرنا، ما يحتم على الدولة وبخاصة وزارة السياحة إجتذاب السياح والمغتربين من خلال تقديم عروض مميزة بأسعار مدروسة تحفز السياح العرب والأجانب إلى مراجعة خططهم السياحية، كما تفعل تركيا على سبيل المثال".
ولفت عيتاني إلى أن "هذه الأسباب مجتمعة تعود إلى عدم وجود دولة قوية وفاعلة، وذلك نتيجة غياب رئيس للجمهورية وعدم تفعيل الحياة الدستورية وبالتالي انعدام الإستقرار السياسي والأمني في البلد".
وعن دور الجمعية في تفعيل الحركة التجارية في أسواق شارع الحمرا ومتفرعاته في ظل غياب الدور الفعلي للدولة، قال عيتناني:"إن الجمعية تحرص على إقامة المهرجانات والمعارض الفنية والثقافية وأخرى خاصة بأسواق للأطعمة، كما تجذب المواطنين في الأعياد من خلال الحلة التي تلبسها المنطقة وذلك وفقا لكل مناسبة بالاضافة إلى الهدايا التي تقدمها المحلات".
وأكد أن "منطقة الحمرا و تحديدا في قطاع التجزئة لم تشهد أي منافسة من قبل متمولين سوريين، وانحسرت هذه المنافسة في قطاع المطاعم حيث شهدت شوارع المنطقة إفتتاح أكثر من مطعم لمالكين سوريين".
وشدد على أن "اجتماعات الجمعيات التجارية والهيئات الإقتصادية لا جدوى منها ويبقى الحل الوحيد في انتخاب رئيس للجمهورية و إقرار قانون إنتخابي وعودة الحياة الدستورية، وبالتالي تحمل كل وزارة المسؤوليات المترتبة عليها وانحسار الإنقسام السياسي الحاد لتجتمع كل الأطراف على مصلحة البلد بعيدا عن المصالح الخاصة والحسابات الضيقة.
أخيرا وليس آخرا، تبقى تساؤلات وهواجس المواطن رهن إتفاق المسؤولين ليتمكنوا من إنتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل الحياة الدستورية وإيجاد حلول لكل الملفات العالقة. وبإنتظار أن تتحقق المعجزة تبقى صلوات المواطن بأن يبقى بخير وبأن يتمكن من تأمين القوت اليومي له ولأولاده.
==================