تحقيق نظيرة فرنسيس
وطنية - اليوم العالمي للسلام، يوم أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أيلول لتعزيز مثل وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب وفي ما بينها. وموضوع فعاليات هذا اليوم لسنة 2016 هو "أهداف التنمية المستدامة: بناء أحجار أساس من أجل السلام".
وهنا نسأل: إلى أي مدى يساهم كل من الصحافة والاعلام ببناء أحجار أساس من أجل إحلال السلام، وإلى أي مدى يلتزمان بمعاييره ومبادئه في جو متوتر عالميا بفعل الإرهاب الذي يضرب بيد من حديد أسس السلام الذي تطمح إليه الشعوب بأطيافها ودياناتها كافة. أسئلة حملتها "الوكالة الوطنية للاعلام" إلى نائب رئيس تحرير جريدة "النهار" نبيل بو منصف، والصحافية والناشطة الاجتماعية مؤسسة ورئيسة "منظمة اعلام للسلام" (ماب) فانيسا باسيل، لالقاء الضوء على كيفية التعاطي الاعلامي مع الاحداث وما مدى تسويق ثقافة السلام في وسائل الاعلام.
بو منصف: لاظهار الحقيقة وعدم إخفاء البشاعة
فقد شدد بو منصف على "أهمية تعميم ثقافة السلام بين الشعوب ولا سيما في زمن الحرب"، مشيرا إلى أنها "مبادرة يمكن أن تنشر بين كل النخب والمراجع والقوى السياسية والمجتمع المدني، وكذلك الصحافة والاعلام. الجميع معني بتعميم ثقافة السلام بين الشعوب وخصوصا أننا في لبنان نعلم جيدا ما هي الحرب ونتائجها وكلفتها، ولهذا على اللبنانيين تعميم ثقافة السلام لأنهم يدركون أهمية هذه القيمة. فتطور الأوطان والشعوب يظهر من خلال أخذ العبر من الحروب وعدم الوقوع فيها مرة أخرى، ونحن معنيون تماما في أن نبرز هذه التجربة".
واعتبر أن "الصحافة معنية بإظهار كل هذه القيم المذكورة آنفا، لكن هذا لا يعني أن نخفي البشاعات، بل إن مهمة الصحافة معرفة إظهار بشاعات الحرب والفوضى، ليس من أجل تطبيع الناس على الحرب والفوضى، بل لتنمية ثقافة مقاومة الحرب والفوضى، اذ ليس هناك من مقاومة لهما إلا من خلال ترسيخ مشروع الدولة بكامل معاييره ومظاهره واحتياجاته الأهلية والرسمية والسياسية والثقافية والاقتصادية، وكل ذلك الصحافة معنية بإظهاره وبحمله كرسالة حقيقية لها وخصوصا في لبنان".
وأكد أن "العيش المشترك يدل على ثقافة حياة ووطن، والحفاظ على التعددية أمر شديد الأهمية خصوصا في هذه الظروف التي تشهد فيها المنطقة حروبا مخيفة على خلفيات دينية ومذهبية، وعلى لبنان أن يظهر نموذجه البديل من كل هذه الحروب المخيفة".
ودعا إلى "الصلاة من أجل السلام وخصوصا في لبنان والتي يجب أن تنبثق من طبيعة لبنان وتركيبته المتعددة والمنفتحة والتي تنسجم مع صورته كرسالة التي تحدث عنها البابا القديس يوحنا بولس الثاني".
باسيل: السلام مسؤولية القطاعين العام والخاص
أما باسيل، فأكدت أن "كل القطاعات في الدولة معنية بنشر السلام، لا سيما في بلدنا وفي البلدان التي تشهد نزاعات وحروبا واختلافات في الرأي، فالقطاع الخاص يمكنه أن يشارك من خلال دعمه لحملات توعية، وخصوصا أنه يترتب عليه مسؤولية اجتماعية يتبناها أولا في مؤسساته وينشرها لاحقا لدعم السلام في المؤسسات الخاصة المختلفة. وكذلك الامر بالنسبة لمؤسسات القطاع العام كالحكومة والوزارات والإدارات العامة والبلديات، اذ يجب أن تتمتع بثقافة الحوار والسلام".
أضافت: "أما القطاع الثالث بما يشمل من جمعيات وغيرها، فيجب أن يكثف العمل عبر إقامة نشاطات اجتماعية ثقافية وتربوية تهتم بكل الفئات العمرية وفي كل المناطق التربوية، وعلى سبيل المثال نظمنا في الجمعية يوما موسيقيا عرضت فيه المواهب الفنية لكل الأعمار تحت شعار "انضموا إلينا: اليوم العالمي للسلام"، وتعاونت معنا جمعيات مدنية أخرى بهدف نشر ثقافة السلام ولاقى هذا العمل الاستحسان لا سيما من خلال الاجواء الودية التي سادت بين المشاركين، فالموسيقى لغة عالمية تريح النفوس وتبعث على الفرح وتزيل الحزن والغم".
وأشارت إلى أن "منظمة ماب أسست لشراكة مع المكتب الإعلامي للأمم المتحدة في بيروت، ولمدة سنة، وهذا أمر هام جدا لأن المكتب سيدعم نشاطات الجمعية الخاصة بالسلام مما يعطي دفعا وزخما للعمل أكثر وأكثر لنشر السلام من خلال توحيد الجهود المحلية والعالمية".
وعن دور الصحافة والاعلام، رأت أن "الاعلام يشكل الصورة الحية في أي موقف أو أي أزمة تحدث وخصوصا أنه السلطة الرابعة وهو القادر على نشر الوعي والثقافة بين الشعب من خلال الوسائل التقنية المتعددة المتوفرة بكثرة في عصرنا، بالاضافة إلى أن الاعلام يلعب دورا تربويا للأجيال الطالعة ويتحمل مسؤولية بناء ثقافة معينة جامعة في المجتمع".
أضافت: "أما في زمن الحرب، فيقع على الاعلام الهم الأكبر لأنه يكشف مجريات الأحداث كافة وعلى المعنيين فيه أن يختاروا بدقة الطريقة التي تنقل فيها الأحداث إلى الرأي العام من خلال الكلمة والصورة، فكل تعبير أو مشهد يؤثر على عقل المشاهد وقلبه، وهنا يكمن دور الإعلام الاجتماعي الذي عليه أن يشدد على أمرين هامين هما: ماذا؟ وكيف؟ لأنهما الأساس في العمل الصحافي، وهنا يأتي دور الجمعيات التوجيهي الذي يهدف إلى لفت الإعلاميين إلى ضرورة تخفيف التحريض والاعلام التعبوي وعدم اثارة الفتن والسعي إلى تخفيف حدة النزاعات والصراع بين فئات المجتمع وإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المعنية بالنزاع لتأدية الدور الإيجابي الفعال الذي يؤثر بشكل إيجابي على أفراد المجتمع ككل".
وتابعت: "إن نظرتنا للمستقبل تنطلق من مقولة ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، ولولا ذلك لما أسست منظمة تعنى بنشر ثقافة السلام، وكم أفتخر عندما ألمس تأثير النشاطات التي ننظمها والتي أتأكد من خلالها يوما بعد يوم أن التجاوب كبير وأن هناك أشخاصا يعملون لأجل التغيير بشكل جدي لبناء غد أفضل، وأشكر فريق العمل الذي يشاركني النضال لنعيد الأمل إلى النفوس العطشى للحرية والسلام. ونأمل بانتخاب رئيس لتدب الحياة من جديد في أطراف هذا الوطن الجريح".
ودعت إلى "الصلاة كل يوم على نية السلام في العالم عموما ولبنان خصوصا وبناء الجسور بين مختلف الطوائف من خلال المحبة والحوار".
لبنان يحتفل
ويواكب لبنان الاحتفالات العالمية بالسلام مساء اليوم في مزار "سيدة لبنان" في حريصا، ويتزامن اللقاء مع الاجتماع العالمي الثلاثين من أجل السلام الذي سيعقد في مدينة أسيزي الايطالية، والذي دعا إليه البابا فرنسيس بعنوان "متعطشون إلى السلام: ديانات وثقافات من أجل الحوار".
بكلمة، على الصحافة والاعلام كسر الحواجز وتعزيز سبل التلاقي والحوار، وعدم تشويه الحقيقة والابتعاد عن التأويلات والاجتهادات في زمن أصبح فيه للكلمة أكثر من معنى وللحقيقة أكثر من وجه.