الأربعاء 30 تشرين الأول 2024

06:15 pm

الزوار:
متصل:

رياض طبارة في كتاب عن مشكلات لبنان الانمائية: الأسرة اللبنانية تشهد تغيرات

تحقيق: منى سكرية

وطنية - أكد الدكتور رياض طبارة (سفير لبنان الأسبق في واشنطن من 1994-1997)، وفي حديث خاص ل "الوكالة الوطنية للاعلام"، لمناسبة صدور كتابه الجديد بعنوان "لبنان - مشكلات إنمائية وإنسانية بالأرقام"، صعوبة إجراء دراسة شاملة ومستتمة حول الموارد البشرية اللبنانية، وذلك لعدم وجود المعلومات الكافية والموثوقة لها.

ونظرا لهذه العوائق، فقد ركز طبارة في دراسته هذه على بعض ما أسماه الإشكاليات الهامة وغير المعروفة عامة والمتعلقة بالموارد البشرية اللبنانية، وذلك عن طريق إعطاء فكرة ولو مقتضبة عن الطرق الناجعة للتعامل معها.

يتألف الكتاب - الدراسة من تسعة فصول، وخاتمة، إضافة الى المراجع (149 صفحة). أما الإهداء فله من الدلالة العميقة ما يشي بصعوبات البحث العملي والجاد في بلد يفتقد الأرقام "..لأن زملائي يعانون في ملاحقة الرقم الصحيح غير المسيس".

طبارة الحائز شهادة دكتوراه في الاقتصاد من جامعة "فاندربيلت" في الولايات المتحدة الأميركية، أمضى سنوات عدة كخبير في ملاك الأمم المتحدة، منها في الاسكوا، وممثل لها في تونس، ولدى الجامعة العربية، ومنسق مع منظمة التحرير الفلسطينية، الى أن شغل منصب مستشار للرئيس الراحل رفيق الحريري، ويرأس حاليا مدير مركز الدراسات والمشاريع الإنمائية (مدما)، وله عدد من المؤلفات في الاقتصاد والاجتماع والإحصاء والتاريخ والسكان، والعديد من المقالات المنشورة في صفحات المجلات العلمية، هدف في كتابه هذا - كما قال لـ "الوكالة الوطنية للاعلام"- الى نشر المعرفة بين القراء غير المتخصصين حول أهمية القضايا المتعلقة بالموارد البشرية، وأيضا لتحفيز الباحثين وواضعي السياسات ذات الصلة على مناقشة هذه الأمور الحيوية لعله ينتج عن ذلك بعض التحسن في المعلومات والاحصاءات المتاحة لوضع سياسات تنموية تتعامل بعقلانية أكبر مع التنمية البشرية الصحيحة".

يدحض طبارة في تفسيره "لعدم قيام لبنان بإجراء تعداد لسكانه إستنادا الى المخاوف الطائفية كما يشاع"، لأنه، و- كما يقول - أن "السبب غير علمي ولأنه وفي كل إحصاء في التعداد لا لزوم للسؤال عن الطائفية والمذهب، كما يحصل في غالبية الدول، ولأنه في الاستطلاعات التي تنفذها "مدما" تعطي فكرة جيدة عن التوزيع الطائفي في لبنان، إضافة الى أن اتفاق الطائف وضع الأسس للنظام الطائفي على أساس المناصفة".

ويعرض الى "مسألة تناقص عدد سكان لبنان وسيرهم باتجاه التقدم بالسن"، فيذكر أن "معدل الإنجاب عند المرأة اللبنانية 1,6 في المئة، مما سيجعل النمو الطبيعي للسكان في لبنان سلبيا في المستقبل المنظور، يضاف الى سلبيته عامل الهجرة"، متوقعا "أن ينخفض عدد الاطفال دون 15 عاما خلال 2010-2040 الى أقل من النصف، وأن يزداد عدد المسنين الى 65 وما فوق، ليصبح عدد المسنين أكثر من عدد الاطفال آخر هذه المدة"، مطالبا "بتوسعة عدد دور العجزة بدءا من اليوم، خاصة تلك المتعلقة بالنساء، لأن عدد المسنات سيفوق عدد المسنين بحوالي 44% بحلول سنة 2040، وأن عدد النساء الأرامل سيشكل الثقل الرئيسي والمتزايد في هذه الفئة العمرية".

ويشير طبارة الى الانخفاض التدريجي في الخصوبة في لبنان ومن دون الإحلال، والذي بدأ مع الحرب الأهلية، وقبل أي بلد عربي آخر، مستنتجا أن "العدد الوسطي لسكان لبنان سيبقى حوالي 3,9 ملايين حتى العام 2020".

وبناء على ما سبق من أرقام، فيذكر أن "الفئة العمرية ما بين 5 الى 14 سنة بدأت بالانخفاض، وهم الخزان الرئيسي للمدارس الابتدائية، ومن المتوقع أن ينخفض الى 21% ما بين 2010 و2020، وحوالي 40% بحلول سنة 2040"، موضحا أن "الجيل الماضي كان يعيل أطفالا أكثر ومسنين أقل، والجيل الحالي يعيل العدد نفسه من الأطفال والمسنين، أما الجيل القادم فإنه سيعيل أطفالا أقل من المسنين".

وعن الهجرة من لبنان يكشف أن "أكثر من 35 ألفا من المواطنين يخسرهم لبنان سنويا وغالبيتهم من الشباب، الأمر الذي أحدث خللا بالتوازن بين الجنسين في سن الزواج وإن كان قد حقق توازنا بسبب الهجرة من الجنسين، إضافة الى تشكيل الهجرة صمام أمان في وجه ارتفاع مستوى البطالة".
ولفت الى أن التحويلات المالية بسبب الهجرة تجاوزت ال 7 مليارات دولار سنويا، ولكن يقابلها تحويلات الأجانب العاملين في لبنان والتي تصل الى حوالي 4 مليارات دولار سنويا.

ويتابع طبارة في حديثه أن "من نتائج هذه الأوضاع أن الأسرة اللبنانية بدأت تشهد تغيرات، وهو ما يترك أثره على شبكة الأمان الاجتماعي، خاصة أن نسبة الأسر المؤلفة من شخص او أثنين قاربت ربع مجموع الأسر، وأن نسبة المطلقات تبلغ ضعف نسبة المطلقين، ونسبة الأرامل تبلغ أربعة أضعاف نسبة الرجال الأرامل، لأن الرجال يعاودون الزواج ثانية".

وإذ يشيد طبارة بـ"وعي المرأة اللبنانية في فترة الحمل ومتابعتها المراقبة لدى الطبيب المختص مما يقلل من وفيات الأمهات بسبب الولادة، وهو أقل مما هي عليه في الدول العربية، ويضاهي ما هو عليه في البلدان المتقدمة"، فإنه يلفت الى أن "توقعات الحياة عند الولادة في لبنان هي حوالي 80 سنة (77 للرجال و81 للنساء)"، مشيرا أيضا الى أن "نسبة الاصابة بمرض الايدز والوفيات الناجمة عنه هي في لبنان الأقل في العالم، حيث تبلغ في اوروبا مرتين الى أربع مرات مستواها في لبنان، وتصل في بعض الدول الافريقية الى ما بين 230 و260 مرة مستواها في لبنان، ولكن يقابل هذا النجاح في مجال الصحة الانجابية ومكافحة الايدز فشل في مجال حوادث السير والوفيات الناتجة عنه، كما أن نسبة استهلاك التبغ في لبنان قد تكون الأعلى في العالم" كما يقول طبارة من دون أن يفتري على أحد في هذا المجال.

وعن مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي يذكر ان "نسبة المشاركة ارتفعت إحصائيا من 17% الى 25% ما بين 1990 و2015، لكنها ما تزال منخفضة في المواقع الادارية العليا، في حين أن العامل الأكثر تأثيرا على معدل النمو الاقتصادي في لبنان هو الحالة الأمنية".

من القضايا التي أراد الدكتور طبارة الاشارة إليها ما يتعلق بالتعليم، فقال إن "نسبة الأمية في لبنان انخفضت بشكل كبير خلال العقود الماضية، ولكنها ما تزال تبلغ 6%، وبين النساء 8%، وأن التسرب المدرسي هو بين الذكور في المرحلة الابتدائية، وأن عدد النساء في الجامعات يفوق عدد الرجال بحوالي 12%، وأن عدد المتخرجات سنويا يفوق عدد المتخرجين ب14%، وأن هذا الفارق الأخير في ازدياد مستمر منذ 10 سنوات على الأقل". كما أنه يشير الى "تزايد عدد النساء في الجامعات في الاختصاصات التقليدية للرجال كالطب والهندسة، بينما تزداد نسبة الرجال في الاختصاصات النسوية تقليديا كالتمريض والعلوم الاجتماعية".

أما ما يأسف له طبارة فهو أن "كل المؤشرات المتاحة تدل على أن الأجور لم ترتفع في الحقبة ما بين انتهاء الحرب الأهلية وسنة 2015 بنفس نسبة ارتفاع الاسعار"، خاصة وكما قال لنا، أن "الاجور عند انتهاء الحرب الأهلية كانت منخفضة كثيرا بسبب انهيار سعر صرف الليرة والتضخم في الاسعار الذي رافقها، ما يؤدي الى تشوهات في الوضع المعيشي لهذه العائلات".

وختم طبارة حديثه بالقول إن "السياسات الآيلة للنهوض بالموارد البشرية عامة، في مجالات السكان، والعمالة، والبطالة، والصحة والتعليم وغيرها من السياسات الاجتماعية والاقتصادية ذات الصلة، تشكل العمود الفقري لسياسات التنمية بشكل عام ولكنها تبقى مهملة الى حد كبير في لبنان لصالح السياسات المالية والمصرفية والى حد ما التجارية والصناعية".

تجدر الإشارة الى أن الكتاب الذي أخذ أكثر من سنة من جهد مؤلفه لإكماله، يقول عنه طبارة: "لقد أخذ الكثير من الإحباط ما جعلني أفكر بالتوقف عن العمل مرات عدة، ولكن حب الاستطلاع تغلب في كل مرة على الشعور بالاحباط فولد هذا الكتاب".


==========إ.غ.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب