تحقيق منى سكرية
وطنية - لم ينته صيف بعلبك لهذا العام بعد. ولم تهدأ موسيقى مهرجاناتها المتوالية تباعا. كما لم تتعب حجارة معابدها من صدى أصوات تليق بسماء المدينة وفضاء أفقها المتسع ما بين النجوم والنجوم، ما بين الأبواب المفتوحة لكل آت، ولكل إبداع، ولكل زائر أراد او يريد إمتحان قدراته ومواهبه، الى أن يحين موعد قبوله في غير مكان.
سيشهد متحف قلعة بعلبك الأثرية في الفترة ما بين 17 الحالي و17 تشرين أول المقبل، على ثنائية من نوع جديد من الفنون. إنه إستنطاق الفن المعاصر لحجارة معابد باخوس، جوبيتير وفينوس، ثالوث الأزمنة الغابرة بجذورها التاريخية الى العام 27 ما قبل الميلاد، ليشكلوا معا هذا الموقع الأثري والذي يعد من أهم المواقع الرومانية في المنطقة بعد مدرج بصرى في سوريا.
متعددة ومتنوعة عناوين الأنشطة الفنية التي ستحكي "الصدى الصامت"، وهو العنوان الناطق لهذه السردية من الفنون التي سيحتفي بها فنانون من عدد من دول العالم، ومن لبنان، وقد عمدت جمعية ستديو كور/آرت الفرنسية الى تكليف "الجمعية اللبنانية لتطوير الفنون وعرضها"، ومتحف بيروت الفن "بما" والجمعية الثقافية "زقاق" الى تنفيذ برنامج "الصدى الصامت" والذي هو عبارة عن معرض يسلط الضوء على مفاهيم تتعلق بالتاريخ وعلم الآثار.
وسيشارك في أعمال هذا الشهر فنانون من دول من العالم ومن لبنان وهم: زياد عنتر، دانيكا داكيك، اوران غراسو، سوزان هيلر، تيو ميرسيه، مروان رشماوي، آي وي وي، بولا يعقوب وسنتيا زافين.
سيتضمن البرنامج ورشة تشاركية مع كبار السن في المدينة وتتمحور حول مسائل تتعلق بالتراث والتاريخ والهوية، والهدف التوعية حول الأهمية الثقافية والتراث، والى حوار بين الأجيال المتفاوتة في الأعمار في المجتمع المحلي، وذلك وفقا لقناعة المشرفين على تنظيم هذه الورشة بأن الفن المعاصر بما فيه المسرح يعد سبيلا أساسيا يساهم في إعادة قولبة العلاقة بين المجتمعات المحلية من جهة وبين الحيز العام من جهة أخرى.
ستمتد الحلقات التفاعلية على مدى الشهر المشار إليه، وترتكز على تمارين التمثيل والارتجال، وعلى تأليف القصص وسردها لإعداد عمل مسرحي وإنتاجه. كما ويختتم المشروع بمسرحية مفتوحة أمام الجمهور الوافد من كل المناطق.
وسيتولى هشام عدنان وكريستال خضر ادارة ورشة العمل التي ستتوزع على سبع جلسات عمل، وتستغرق كل واحدة منها 6 ساعات وستقام في فندق بالميرا في بعلبك أيام 6 و7 و8 و12 و13 و14 و15 تشرين الأول المقبل، وسيتم عرضها في معبد باخوس.
كما ستوثق الجمعية اللبنانية لتطوير الفنون برنامج التوعية المجتمعية في بعلبك وذلك من خلال تصوير حلقات العمل والعرض المسرحي الختامي. وسيقوم المخرج روي ديب على اعداد فيلم وثائقي قائم على سلسلة ندوات ثقافية.
في عمله بعنوان "فوندايشن" يطرح الفنان آي وي وي تساؤلات حول الأرض التي قد تبني عليها الأمم مستقبلا متناغما، وذلك من خلال بيت صيني مدمر، ويستكشف مروان رشماوي مفهوم علم الآثار المستقبلي، وتقدم سنتيا زافين تركيبة سمعية متعددة القنوات تتناول موضوع مرور الوقت، ويعرض زياد عنتر لمنحوتات الاسمنت التي عمل عليها، إضافة الى فيلم لوران غراسو،، في حين يستعرض تيو مرسييه آثارا تجريبية، كما وتظهر باولا يعقوب الطبقات المتعدة التي ينطوي عليها سرد الاحداث التاريخية من خلال حفريات مدينة بيروت. كما ستخرق سوزان هيلر صمت الأموات عبر مجموعة من التسجيلات للغات منقرضة أو مهددة بالزوال. وتتناول دانيكا دانيتش أوضاع المهاجرين الذين لا يملكون أوراقا ثبوتية.
تحاول مبادرة "الصدى الصامت" تحدي جمود الاوضاع وانعكاس الحروب المحيطة بلبنان على اوضاعه، فتأتي مبادرتها هذه مع الجمعيات المشاركة، والسفارات الداعمة والممولة لها كالسفارة السويسرية كنجمة مضيئة في بحر من تعقيدات الوضع الداخلي، على أمل بث الروح في حجارة تنطق بالتاريخ، ويشهد الانسان على عظمتها، ويبدع الفنانون في ميادين الزمن الذي مر عليها وحفر من الهمس والصمت على صخورها العابقة بالتزيين والنقوش.
عن المعرض قال المدير الاقليمي لمكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حمد الهمامي: "إنه إصرار على نشر الثقافة الفنية والوعي حول ضرورة تعزيز الحوار".
وعنه قال وزير السياحة ميشال فرعون "أحببنا عنوان المعرض الصدى الصامت، وهو تحد آخر ضمن أنشطة هذا الصيف في لبنان".
أما وزير الثقافة ريمون عريجي فقال عن المعرض: "تجمع هذه التظاهرة الفنية بين هدف الترويج للفن المعاصر واحتضان الأماكن الأثرية، والحاجة الى المحافظة على ذاكرة الحضارات. إنه مناسبة حوارية - تناغمية بين الفن المعاصر والفن التراثي".
نشير الى أن الدخول الى القلعة والإحتفالات سيكون مجانا، وسيستقبل المشرفون على الأنشطة من يرغب بالمشاركة والحضور من السابعة صباحا الى السابعة مساء طيلة أيام المهرجان.
=================== و.خ
