تحقيق علي بدر الدين
وطنية - يكتنز منزل رجل الأعمال عاطف ياسين في مدينة النبطية حكايات شعب وتاريخ وطن وأمجاد عبرت، بدلا من الجواهر والالماس والذهب. إنها كنوز نادرة أتت من البعيد بحث عنها وجمعها على مدى ثلاثة عقود في أحضان منزله ووضع عليها حراسا منها.
ويؤكد ياسين أن "ما جمعه من تراث وإرث لبناني وعالمي ليس مجرد هواية يفضلها، بل لأنها تجسد نتاج بشر أخلصوا وصدقوا وأثروا حضاراتهم الممتدة إلى اللانهاية حضارات باتت "ماركة مسجلة أوعلامة فارقة لإبداعاتهم لا يمكن لأحد تزويرها أو نسخها. وهي بمجملها تمثل حكايات الشعوب وسلوكياتها وعاداتها وتقاليدها وربما أكثر".
في جولة على الموجودات تكمن، المفاجأة والدهشة في حجمها واشكالها وتنوعها ومصادرها التى تتوزع على مساحة العالم مع أن أكثرية الموجودات تمثل التاريخ اللبناني البعيد. وأجزم أن لا أحد في لبنان أو خارجه قادر على جمع القليل منها لأنها بأعدادها وأنواعها وتواريخها ودقة حرفيتها تنبىء بعمر قد يعود إلى مئتي عام.
يعبر المتحف عن أصالة حقيقية لصاحبه الذي لم يرض أن يرى هذة الكنوز التى لا تقدر بثمن مرمية على قارعة الطرق، وقد تحولت بفعل سماسرة التراث سلعة تباع وتشترى في سوق عكاظ القصور والفيلات لمجرد التباهي الإجتماعي. وقد عمل ياسين على حمايتها من الإندثار والضياع في الكهوف والأقبية المهملة والمنسية، وهو يرد لها أن تبقى حية لها قيمتها ورمزيتها وتنتقل كالعدوى من جيل الى جيل حتى قيام الساعة. لا شيء يخطر على بالك أو تبحث عنه أو ترغب برؤيته والاستمتاع به إلا وتجده إما معلقا على جدار المتحف أو مركونا في زاوية تليق به أو مخبأ خلف ستار التاريخ خشية أن تمتد إليه يد إنسان من دون رحمة ولا يعرف للتاريخ والتراث قيمة. يضم المتحف احداث التاريخ وحكاياته ومنتجاته المتعددة الاشكال والأنواع والفنون والحاجات اليومية للناس ولكل قطعة أومجموعة حكاية تعيدك بالذاكرة إلى ماض لم تعشه ربما تكون قرأت عنه وإلى أحداث تمثل الزمان والمكان والجمال والروعة.
وكيف جمع الاف القطع النادرة بمفرده؟ قال :"لا أنفي إنني أهوى جمع الأثريات والتراثيات، كنني أعشق قيمتها التاريخية وما تمثله من عصور وحقبات وحضارات، كل يهون عند ترجمة شغف التعلق بالماضي المضىء والمشع قيما وأملا وديمومة وحضارة وحياة، وباستطاعة أي كان أن يحقق ما يريد بلإرادة والرغبة والصبر والشغف".
أجاب: "كم نحن بحاجة إلى العقل والإبداع وإحياء التاريخ والتراث الذي صنعته أيادي من سبقنا من دون ملل أو غش أو خداع أو تزوير والشاهد أمامكم ليدلنا على متانة هذه الصناعة التي لم تقدر أن تمحوها السنين أو ترمها على الطرقات بدليل شغف الناس لوجودها في بيوتهم والمحافظة عليها من التآكل والصدأ كحفاظهم على كل ثمين، بالاضافة إلى أنهم يأنسون بها ويتباهون بالعثور عليها و باقتنائها".
ولفت إلى أنه "منذ زمن يعشق كل ما هو عتيق وجميل ويحلم بجمعه واقتنائه، وقد تحقق الحلم بعد عقود من البحث والتنقيب وجمع حضارات الشعوب وأذواقها وأمزجتها وصناعتها".
وأكد أن "أبواب المتحف مفتوحة وموجوداته متاحة للمتابعة والإطلاع والبحث لأن الغاية أن تستمتع الناس وتتعرف على ما أنتجته أجيال تعاقبت على مدى عصور وقرون وعقود وبخاصة أمام الباحثين والطلاب، لأن الهدف هي الخدمة العامة والمنفعة لتستمر الحكاية، ولا تنطفىء شعلة الإبداع، فأهلا وسهلا بكل من يرغب للاستمتاع أو للاطلاع أو البحث".