تحقيق - حلا ماضي
في زمن الأحداث المتسارعة، وتشتت الذاكرة بين صور عن حرب دائرة هنا وهناك، وخطابات سياسية تمحى من الذاكرة لحظة إنتهائها. تبدو الحاجة أكثر من ضرورية لتصويب البوصلة وإنعاش ذاكراتنا وإشباعها بمعلومات قيمة تصدر عن حفنة من ذوي الاختصاص العلمي والاكاديمي.
وعلى الرغم من جغرافية لبنان الصغيرة، إلا أن دوره الثقافي والحضاري تجاوز مساحات دول ذات جغرافيا واسعة.
عبر التاريخ حضارات مرت على أرض لبنان فتفاعلت معه وتفاعل معها، أثر بها وأثرت به، فتشكل إرث لبنان الثقافي والفكري الممتلئ بعلماء ومفكرين وأدباء، غيروا ولا يزالوا يشغلون الحياة الفكرية والثقافية في العالم.
لذلك، صعبة هي تلك المهمة التي أخذها على عاتقه "مركز التراث اللبناني" برئاسة الاستاذ هنري زغيب وبالتعاون مع "الجامعة اللبنانية الاميركية" في بيروت، وذلك من خلال إصدار العدد الثاني من مجلة "مرايا التراث" والذي يحمل عنوان " لبنان في الارشيف الوطني والدولي". وهي عبارة عن سلسلة من الابحاث والتحقيقات الموثقة أجراها عدد من الاكاديميين، وتتمحور حول الارث اللبناني منذ الفجر الفينيقي والذاكرة الاسلامية والمملوكية والصليبية والمتصرفية ومحفوظات الاديار وأيام الحرير ودفاتر بيروت ووثائق أهلية من كل لبنان.
جبرا
خلال إطلاقه العدد الثاني من المجلة في مقر الجامعة اللبنانية الاميركية، تمنى رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا أن "يتذكر اللبناني أنه ينتمي الى بلد الاشعاع والعلم، ومن أرضه إنطلق الحرف الى كل أرجاء المعمورة".
وإذ لفت الى أن "لبنان إبتدأ كبلد يمتلئ بالفكر والفلسفة وسيبقى مركزا للتعايش السلمي بين مختلف أطيافه، لذلك يشدد جبرا ويدعو الشباب الى إبراز دور لبنان أبدا وتجنب قدر المستطاع إعطاء صورة سلبية عنه.
الشَهال
بدوره ذكر مساعد رئيس الجامعة البنانية للعلاقات العامة والاعلام الدكتور محمد بدوي الشهال أن "لبنان كان دائما منطلقا للحضارات إذ أنه كان يلعب دورا رياديا منذ ما قبل المسيحية والى وقتنا الحاضر"، لافتا الى أنه "لطالما كانت ثقة العالم كبيرة بلبنان، ولكن للأسف يحاول البعض تخريب هذه الثقة من الداخل، لذلك فإننا جميعا نتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الاطار، لأننا نهرب دائما من تواطئنا وتآمرنا على الوطن وحضارته، ومن هنا فالمسؤولية كبيرة على الجميع في المجتمع من أجل المحافظة على التراث اللبناني وفضح كل الادوار المشبوهة التي تحاول تشويهه".
غنام
بدوره تحدث الدكتور رياض غنام عن أهمية الاطلاع على يوميات الحياة في لبنان من خلال الارشيف الاهلي، مشددا على "أهمية قراءة الوثائق لأن الكتب أصبحت تكرر نفسها، ولكن الوثيقة ترصد الحدث التاريخي وتعيد صياغته على ضوء معطيات جديدة مع ضرورة التأكد من صحة تلك الوثيقة من خلال الخط واللغة المستعملة".
زغيب
بدوره دعا مدير مركز التراث اللبناني ورئيس التحرير هنري زغيب "الشباب الى الافتخار بماضينا لنقوي حاضرنا"، مشيرا الى "وجود أشياء جميلة جدا على الرغم من الشر الذي يحيط بنا. وقال: "من لا يوجد عنده تراث لا مستقبل له".
=============و.خ