الخميس 31 تشرين الأول 2024

12:13 am

الزوار:
متصل:

أعمال الترميم في سوق الخان الأثري تنقله الى عالم الحضارة

تحقيق طاهر ابو حمدان

وطنية - سوق الخان، سمي نسبة للخان الكبير، الذي بناه أبو بكر الشهابي عام 1350، مستعملا في تشييده الحجر القديم، والكلس والتراب الأبيض، في حين حافظ هذا السوق وحتى الأمس القريب على طرازه القديم بحيث يفلش التجار بسطاتهم تحت شوادر وخيم من القماش، ويعرضون بضاعتهم فوق الحجارة او على الواح خشبية، ومنها امام حيواناتهم أو سياراتهم العتيقة وذلك يوم الثلاثاء من كل اسبوع.

من أقدم الأسواق الشعبية في لبنان والشرق، يتوسط مناطق حاصبيا والعرقوب ومرجعيون، يقصده التجار والزبائن من الجنوب والبقاع وجبل عامل، وقديما من الحولة والجليل وفلسطين وحوران والجولان، لتنشط فيه مختلف أنواع المتاجرة ومنها المقايضة، أي تبادل بضائع بأخرى، رزق برزق، وفي مقدمتها المواشي والزيتون وبعض الصناعات المحلية خاصة الفخار، بمنتوجات زراعية، كالحبوب والليمون والموز كما وكان السوق، محطة إيواء قوافل البغال والجمال والدواب، الآتية من أنحاء جبل عامل وصفد والحولة الى بلاد البقاع وسوريا.

منذ العام 2005، دخل هذا السوق في طور جديد مغاير، من الحداثة والرقي، عبر مشروع حضاري ممول من وكالة التنمية الأميركية، وبتنفيذ مؤسسة ميرسي كور التي انجزت مخططا كاملا، يجعل من السوق القديم بالاضافة الى مركزه التجاري، محطة لمختلف النشاطات الثقافية والفنية والأجتماعية والى فسحة للاستجمام في أوقات العطل والأعياد بالاضافة إلى المناسبات والمهرجانات المتنوعة.

يمتد عند الضفة الغربية لمجرى نهر الحاصباني، على مساحة تزيد على الثلاثين ألف متر مربع، تنتشر فيه البسطات الشعبية مثل المكسرات والفلافل واللحوم المشوية، التي تجذب الناس إلى ربوعه، فضلا عن البضائع الزهيدة الأثمان، والتى يحضرها البائعون من مناطق النبطية، ميس الجبل، حولا، عديسة، كفركلا، إبل السقى، الخيام، شويا، كفرشوبا، عين قينيا، راشيا الفخار، راشيا الوادي وغيرها من البلدات، كما بات السوق بعيد العام 2006، مقصد عناصر قوات اليونفيل الذين تشدهم الأواني الفخارية والمصنوعات اليدوية والفضية كما البساطة الشعبية.

أبو هاني وهو أحد المعمرين من منطقة حاصبيا، يعيد أهمية هذا السوق الى قدمه وموقعه الجغرافي فى نقطة وسط بين وادي التيم وجبل عامل وسوريا وفلسطين والأردن، مما يجعله ملتقى للحضارات ولكن مع مرور السنوات، وبناء المجمعات التجارية الضخمة، تراجعت أهمية الخان الاستراتيجية، حسب قوله، لكنه يبقى قبلة للمئات من الذين لا يزالون يحنون لأيام البساطة، حيث كنا نبدل التين بحلي سنونك والزيت بالبندورة والزيتون بالبطاطا والحبوب بالتفاح، انها مقايضة رزق برزق هكذا كانت سمة تجارة هذا السوق والذي سيبقى يشكل بالفعل همزة وصل بين الماضي والحاضر، هو سوق استمر فيه التفاعل الاجتماعي والاقتصادي والتجاري منذ أكثر من ألف سنة حتى الحاضر الذي نعيشه اليوم.

بلدية حاصبيا وضعت هذا السوق ضمن اهتمامها، بحيث تعاونت مع جهات ممولة اجنبية، عملت على تحويله الى سوق حضاري، وبنائه من جديد حسب الطراز القديم مع اضافات عدة عليه، فكان أن وزعت الأشغال على مساحة 8000 متر مربع، بالاضافة الى ترميم الخان فوق مساحة 4000 مترا مربعا.

وشمل المشروع بناء 80 محلا تجاريا سقفت بالقرميد، أحيطت بمواقف تتسع لمئتين وخمسين سيارة، تتوزع بداخله مساحات خضراء تبقي الأشجار القديمة، ويضم المشروع مسلخا وحمامات ومعرض متعدد الأغراض مبني من الاسمنت المسلح، وتقوم على سطحه محال لبيع اللحوم. وهذا من تراث سوق الخان.

أعمال الترميم شملت أيضا الخان الشهابي القديم، ليشمل كل ما هو ظاهر من جدران خارجية، وأسقف وبقايا أعمدة، يعاد ترميمها باستخدام المواد المصنوعة منها سابقا، مع الحفاظ على طابع التراث القديم والذي يعود الى أكثر من 700 عام، وتجري عمليات الترميم بناء على اتفاق مسبق مع المديرية العامة للآثار، على ان يضم الخان قاعتين مبنيتين من الحجر الصلب، على شكل عقد قديم، مع بعض الممرات والغرف الصغيرة التي لا تزال قائمة، وترمم جميعا بتقنيات عالية، تضاف الى ذلك مساحة من أرض الخان مرصوفة ببلاط حجري صم.

ولفت رئيس بلدية حاصبيا السابق غسان خير الدين الى أن "الخان سيكون بعد إنجاز العمل، مركزا ثقافيا وسياحيا بالاضافة الى الأعمال التجارية، ويدرج ضمن إطار خطة إنماء سياحية، ثقافية، رياضية وتربوية، علما أن تكلفة المشروع بلغت حوالى ال 250 ألف دولار أميركي. أما الخان الشهابي فقد بلغت كلفة ترميمه نصف مليون دولار".

================ ج.س

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب