تحقيق كاتيا شمعون
وطنية - "الذي لا يملك صديقا لبنانيا فليذهب ويبحث عن واحد"، جملة مأثورة ومشهورة في دول أميركا اللاتينية قالها الرئيس الاسبق للمكسيك ادولفو لوبيز ماتيوس، مختصرا ببضع كلمات المنزلة الكبيرة والهامة والمميزة التي يحظى بها اللبناني في تلك الدول.
إنه ذلك اللبناني المشاغب الذي أبى أن تختصر أحلامه حرب أو مجاعة أو إضطهاد، فرفض الخضوع لواقع مدمر، وانطلق الى بلاد الله الواسعة وأراضيها حيث زرع فيها نجاحاته، وحط فيها رحاله، وهناك بنى بيتا وأسرة، ولكنه بقي يحلم بالعودة يوما ما الى وطنه، الى التراب او الى رؤية الأحباب..
مئة سنة مرت منذ العام 1915، ذكرى بداية الهجرة اللبنانية والتهجير، ما الذي تغير؟، أسباب الهجرة لم تتغير إنما تطورت وسائل نقلها، ووسائل الاتصالات سهلت لقاء الأحبة. من المسؤول؟ تبدلت الاسماء والدول، إنما النتيجة واحدة..
ولأن وضع الاغتراب اللبناني يستحق ان يكون على رأس أولويات الدولة اللبنانية وديبلوماسيتها، تجهد وزارة الخارجية والمغتربين لوضع تلك الرؤية موضع التنفيذ، في عدد من الخطوات الهامة بهدف تعزيز العلاقات بين لبنان المقيم ولبنان المغترب. وهذا الجهد تقوم به الوزارة بناء على توجيهات الوزير جبران باسيل منذ توليه مهامه في 19 شباط 2014، وهو الذي قال في الرسالة التي وجهها الى المغتربين لمناسبة "يوم المغترب اللبناني" في شهر آذار الماضي: "إن مقاربتنا لشؤون الاغتراب اللبناني تقوم على قناعتنا بكون هذا الإغتراب طاقة لبنان الخزينة، وبأن بناء جسور مؤسسية ومستدامة بين لبنان المقيم والمغترب هو حاجة مشتركة ومصدر قوة للطرفين. ويكون ذلك بالعمل على تحويل الرغبة في تعزيز أواصر التواصل بينهما من مجرد ميل عاطفي وحنين، إلى مصلحة مباشرة وملموسة".
مؤتمر الطاقة الاغترابية
من أبرز الخطوات التي تقوم بها "الخارجية" تنظيم مؤتمر "الطاقة الاغترابية اللبنانية 2015" للسنة الثانية على التوالي، والذي يعقد في بيروت من 21 إلى 23 من أيار الجاري في فندق هيلتون حبتور غراند أوتيل.
وأوضح مستشار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، إيلي الترك، أحد أعضاء اللجنة المنظمة للمؤتمر، "للوكالة الوطنية للاعلام" أن المؤتمر "سيستقطب نخبة من الشخصيات اللبنانية اللامعة والمتحدرة من أصل لبناني من أصحاب النجاحات المعروفة، تجمعهم الرغبة في استنهاض وتعميق الروابط مع وطنهم ومع بعضهم البعض، وتبادل الخبرات لما فيه مصلحة لبنان".
وحول القضايا التي يتمحور حولها المؤتمر يقول السفير الترك: "إنها قضايا تتعلق بالمغتربين اللبنانيين والسبل الفعالة للحفاظ على علاقتهم الوثيقة ببلدهم الأم. كما ويهدف هذا الحدث إلى خلق فرصة للتبادل التجاري والأعمال. وفضلا عن الجانب العاطفي الوطني، إن المؤتمر يشكل فرصة لتبادل الخبرات وتعزيز العلاقات واستكشاف إمكانات جديدة، من خلال إقامة روابط تجارية و اجتماعية".
اضاف: "نحن نريد أن نقول للمغتربين إننا نحبهم ونطلب منهم أن يفكروا بوطنهم الأم في بلاد اغترابهم، من خلال تأثيرهم في تلك الدول في كل المجالات، وبهذا يساعدون بلدهم ويرفعون من معنوياته. نحن نطلب منهم أن يتعرفوا الى ببعضهم البعض ويتعاونوا معا، وبهذا نخلق شريحة مميزة وشبكة ناجحة من اللبنانيين المغتربين، تتواصل مع بعضها البعض من كل أنحاء العالم، بغية توسيع نطاق أعمالهم وتأثيرهم على الصعيدين المحلي والدولي".
وأشار الترك الى أن هدف هذا الحدث هو "تنشيط الجهود لتعزيز الديبلوماسية الإقتصادية في لبنان، وتسويق المنتجات اللبنانية في الخارج وتعزيز صورة لبنان والتشجيع على الإستثمار فيه، والاهم العودة إلى الجذور وتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية مع الوطن الأم".
البرنامج
وعن برنامح المؤتمر يقول السفير الترك:" نتوقع أن يشارك في المؤتمر نحو الف شخصية لبنانية من أكثر من خمسين دولة. في اليوم الأول وبعد الجلسة الافتتاحية سيكون هناك جلسة اولى يروي فيها رجال أعمال قصص نجاحاتهم، وتتمحور الجلسة الثانية حول مشاريع الوزارة، ومنها استثمر لتبقى (مشروع لتشجيع الإستثمار في لبنان)، المدرسة اللبنانية (مع تعليم اللغة العربية)، بيت المغترب اللبناني (تجمع بيوت للاغتراب اللبناني)، غابة المغترب (أرزة باسم كل مغترب لبناني مشارك)، إشتر لبناني (من قلب لبنان) ومتحف الاغتراب اللبناني، فضلا عن مشروع "ليبانون كونيكت" الذي هو أحد المشاريع التي أطلقتها الوزارة في المؤتمر الاول للطاقة الاغترابية، وفي هذا المؤتمر سيصار الى تفعليه اكثر من خلال تأمين الدعم المادي له. إن كل لبناني في العالم معني بليبانون كونيكت مهما كان اختصاصه، إذ بإمكانه ان يضع إسمه ومهنته على هذا الموقع الالكتروني وبالتالي التواصل مع اللبنانيين الآخرين أينما كانوا".
وفي اليوم الثاني للمؤتمر، اضاف السفير الترك: "سيتم عقد 12 حلقة حوار حول 12 قطاعا بحضور شخصيات إغترابية لبنانية، وكل حلقة تعتبر مؤتمرا بحد ذاته. وهذه القطاعات هي: الطب والأدوية والتمريض - المال، المصارف، والتأمين - التعهدات والهندسة والإعمار والتطوير العقاري - المأكولات اللبنانية والخدمات والفرانشيز - إعلام وإعلان وموسيقى وسينما - الفنون والجواهر وتصميم الأزياء - التعليم والنشر والعلوم والثقافة - الصناعة والتجارة - النفط والغاز - الإتصالات والمعلوماتية - السياحة والفنادق والطيران - السياسة والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الإغتراب".
بيت المغترب
وأشار السفير الترك الى ان "الوزير باسيل يقوم بالاتصالات الهاتفية مع شخصيات لبنانية بارزة في العالم ويدعوها للحضور والمشاركة في المؤتمر، وتلاقي هذه البادرة استحسانا كبيرا من قبل هؤلاء".
وقال: "أود أن أركز على نقطتين، الاولى أن الدعوات وجهت الى المدعوين استنادا الى لوائح تم تحضيرها من قبل السفراء ورؤساء البعثات اللبنانية في دول الاغتراب. وقد جرى ذلك بناء على تعاميم أرسلها الوزير باسيل اليهم في هذا الشأن، إذ طلب منهم وضع جداول بأسماء اللبنانيين المغتربين الذين لديهم تأثير فاعل في مجتمعاتهم في كل القطاعات. طبعا باستثناء بعض الاشخاص الذين التقاهم الوزير باسيل خلال الجولات التي قام بها، حيث وجه اليهم الدعوات شخصيا".
أضاف: "ويسأل البعض لماذا بيت المغترب في منطقة البترون؟، لا بد من التوضيح هنا أن في البترون يوجد 9 منازل قديمة استملكتها الدولة اللبنانية من خلال وزارة الثقافة، ويحق لأصحابها استعادتها بعد عشر سنوات في حال لم يصر الى استخدامها او ترميمها. وبعد 12 عاما عادت واستملكتها بلدية البترون وكانت فكرة الوزير باسيل إنشاء بيت المغترب اللبناني بتمويل من المغتربين، وسيتم تحويل أحد هذه المنازل الى متحف وسيكون بمقدور كل مغترب المشاركة فيه من خلال تقديم أي غرض يعود اليه أو الى آبائه أو أجداده".
===================== ر.ي.