تحقيق - ميشالا ساسين
مستشفى البترون الحكومي، ملجأ الفقراء واصحاب الدخل المحدود، ليس فقط في قضاء البترون ساحلا ووسطا، بل في محافظة الشمال، يعاني نقصا في بعض المعدات الطبية، إلا أنه يبقى خشبة الخلاص الوحيدة للفقراء من اهل البترون من اجل تلقي العلاج بأقل قدر ممكن من النفقات المالية وتأمين أكبر قدر ممكن من الخدمات الاستشفائية.
والمستشفى الذي يعمل فيه نحو 160 موظفا و70 طبيبا ينتظرون معرفة مصيرهم المجهول، مهدد مع انتهاء العقد مع الضمان الاجتماعي في نهاية 2015، لكونه يستثمره منذ عام 1973. أما إذا أصبح خاضعا لوزارة الصحة، فستتخذ قرارات ادارية جديدة وسيخسر الموظف من حقوقه المعيشية.
الهاجس الاكبر اليوم لدى البترونيين هو عدم اقفال المستشفى، وعدم تلزيمه من وزارة الصحة لشركة خاصة، لأنها ستعمل بالتأكيد لمصلحة اصحاب رؤوس الاموال والربح المادي.
درغام
يؤكد رئيس اللجنة الطبية في مستشفى البترون يوسف درغام ل"الوكالة الوطنية للاعلام" أن "المواطن يريد أن يبقى المستشفى في عهدة الضمان الاجتماعي، وكذلك الاطباء الذين يجزمون بأن مستشفى البترون لم يتوقف في زمن الحرب، وبالتالي لا أحد يستطيع اقفاله في زمن السلم".
ويضيف: "إن المواطن يشعر بالراحة حين يدخل مستشفى البترون لان لا احد يسأله عن تسديد المال في حال عدم توافره، بل يتم تحويله الى نفقة وزارة الصحة التي تغطي في كثير من الاحيان التكاليف كاملة للعاجزين عن الدفع".
ويشير الى أن "هيئة الدعم المؤلفة من العديد من الهيئات والاحزاب السياسية في المستشفى تتعاون مع الخبير الاقتصادي انور محمود للقيام بدراسة تلخص مشاكل المستشفى، لتتم معالجتها كي تبقى في عهدة الضمان ويقوم السياسيون بتغيير وجهة نظرهم الداعمة لتسلم وزارة الصحة المستشفى، الامر الذي يؤثر على الموظفين والمواطنين".
وفي سياق متصل، يؤكد درغام أن "المستشفى ينقصه التمويل، فمنذ عام 1974 لم تحصل أي صيانة في البنى التحتية والهيكل الخارجي، ومع ذلك فهو يستقبل كل الحالات الطارئة. ويعمل قسم الطوارئ 24 ساعة ويؤمن كل الخدمات الاستشفائية، مع العلم ان الديون المترتبة على وزارة الصحة والمؤسسات الضامنة لمستشفى البترون، والتي تبلغ مليارات، لو استطعنا الحصول عليها لكنا بألف خير، لأن المداخيل المؤمنة من عمله لا تسد تكاليف الحاجات اللازمة لتحسين التجهيزات".
ويضيف: "منذ سنة 2002 يمنع الضمان التوظيف في المستشفى، واصبح النقص في عدد الموظفين نحو 25 في المئة".
باسيل
ويؤكد رئيس نقابة الموظفين والمستخدمين سعد باسيل أن "هناك نية لدى الضمان الاجتماعي للتخلي عن مستشفى البترون، والوزارة على استعداد لأخذه. نحن نعمل على الاستمرارية في العمل وعلى إبقاء الرواتب والمستحقات كما هي، ولكن إذا تسلمت وزارة الصحة المستشفى، فسيغير صندوق الضمان الادارة المعينة، لذلك من الافضل تجديد العقد مع الضمان، مع بعض الاستقلالية، ليتخذ مجلس الادارة قراراته بحرية من أجل تطوير المستشفى بما يليق بقضاء البترون وأهله وتوفير كل الخدمات الطبية، العلمية والانسانية، وفي حال عدم الحصول على الاستقلالية الادارية منه فليذهب المستشفى الى وزارة الصحة لعلها تتطور أكثر".
الاحزاب والأهالي
يدعم معظم الاحزاب السياسية والهيئات في البترون صمود المستشفى وبقاءه في عهدة الضمان الاجتماعي من أجل مصلحة الطبقة الشعبية، وصدرت بيانات عديدة تدافع عنه باعتباره يؤدي رسالة انسانية لمرضى الشمال بكفاءة طبية يشهد لها.
أما الاهالي فيطالبون باستمرارية المستشفى في العمل على رغم الازمة التي يمر بها مع الضمان الاجتماعي، كونه انقذ حياة الكثير من المواطنين العاجزين عن دفع الاموال من مختلف قرى القضاء. ويأملون "أن يبقى فاتحا أبوابه أمام المحتاجين لأن المستشفيات الخاصة لن تستقبل المواطن العاجز عن الدفع، وقد رأينا كثيرا من الضحايا الفقراء ماتوا على ابوابها ولم تستقبلهم".
يبقى مستشفى البترون مجهول المصير، وتكثر المخاوف والتكهنات، في ظل واقع مرير يضعه أمام ثلاثة خيارات: اما استمرار الاستثمار من ادارة الضمان، اما اعادته الى وزارة الصحة، وإما استثماره من القطاع الخاص.
=================