تحقيق ريما يوسف
وطنية - ايام المدافع مش كلها حزينة، حتى بالعذاب في مطرح للزينة، مرات المدافع بتفرق ناس، مرات المدافع بتجمع ناس، وبتكتب قصص وحب الناس"، لم يخطئ ملحم بركات في كتابة كلمات هذه الاغنية، لان الانسان يبقى انسانا على رغم الحروب ورائحة الدم والقتل حوله.
وهذه الواقعة ليست حبرا على ورق انما واقعة ملموسة دونها 5 طلاب في معهد الدراسات الاسلامية والمسيحية في جامعة القديس يوسف في فيلم وثائقي وهم: الاب نعمة صليبا، علا صقر، توفيق منصور، رباب الخطيب وعبد الناصر الصلح.
وحمل الفيلم عنوان "لانه...انسان"، ويتضمن شهادات حية لاشخاص عايشوا حرب الجبل المريرة يروون فيه كيف ساعد احدهم الاخر عبر نجدتهم احيانا او المحافظة على شيء يملكونه، والاشخاص هم من الطائفتين المسيحية والدرزية وكانوا اما جيرانا او تربطهم معزة خاصة، وقد اراد المعدون من خلاله ابعاد مشاهد حرب الجبل البشعة التي تحتل الذاكرة والبحث عن بصيص نور، وهو شهادة لتنقية الذاكرة والتشبث بالانسانية وشهادة حق لانسان انقذ انسانا ..لانه انسان.
احتفال الاطلاق
وسيقام احتفال لاطلاقه يوم الجمعة في 27 الحالي في جامعة القديس يوسف برعاية الاب سليم دكاش.
واعتبر الاب نعمة صليبا في حديث الى "الوكالة الوطنية للاعلام"، "ان القيم هي الغالبة وسلاح المحبة هو الابقى، والفيلم يتضمن شهادات رواها اناس عايشوا حرب الجبل وارادوا ان يظهروا ان الجيرة والمحبة التي كانت تجمع العائلات قد اضاءت بارقة امل في الحرب السوداء، فبزمن الحرب مارس العديد من الاشخاص عدوانيتهم على الآخر ناسين القيم التي تربوا عليها، وخصوصا انه لم يحصل عملية مصالحة حقيقية او معالجة موضوعية لذيول الحرب".
اضاف:"لقد ذهبنا الى معاصر الشوف وشاهدنا اسماء الشهداء مدونة على مجسم صخري في الكنيسة والشعور بالاشمئزاز يمتلك كل انسان وفي المقابل التقيت بسيدة اخبرتني ان اهلها تمكنوا من الهرب من القرية لان شيخا درزيا انجدهم واخذهم من طريق داخلية بين البساتين"، مشيرا الى ان "هناك الكثير من القصص لم نستطع تصويرها لضرورات تخصهم ولكننا لمسناها".
اما عن القرى التي تمت زيارتها فهي: بحمدون الضيعة، شاناي، بشامون، معاصر الشوف والخريبة.
وقال: "شعرت بفخر شديد بعد معاينة الاشخاص لان ذلك يبرهن ان الطينة والماء لا غنى عنهما وقد تمت المحافظة عليها، واردنا اعادة سلم القيم التي فقدناها خلال الحرب اللبنانية، وهذا يعطي دفعا بالتعلق بالارض والبقاء في الوطن لان الناس الخيرين والمعطاءين معنويا موجودون".
وختم الاب صليبا معتبرا ان "هذا الفيلم سينشر في كل الاندية الطلابية وسيدور حوله نقاشات وحوارات لايصال الافكار الى تم سردها فيه".
منصور
من جهته، اعتبر احد المعدين للفيلم توفيق منصور ان "الفيلم الوثائقي مدته 20 دقيقة وباللغة العربية وهو مترجم الى الانكليزية والفرنسية، واتى نتيجة ايماننا بالهدف وليس من باب الواجب للتحضير للمشروع الذي عملنا عليه نحن كطلاب خريجين في العلاقات الاسلامية- المسيحية، فالمبادرة اتت منا وتحت اشراف عميد الجامعة وبدعم من مؤسسة (انا ليند) Anna Lindh، وقد حضرنا له حوالي 7 او 8 اشهر، اما التصوير فكان في يوم واحد فقط".
اضاف: "التقينا بالكثير من المواطنين الذين رفضوا التحدث امام الكاميرا خوفا من طائفتهم وخوفا من الكلام الايجابي عن تلك المرحلة السوداء".
وتابع: "حرب الجبل تحمل في ذاكرتنا القتل والعنف الذي حصل، وكل ما قيل عنها كان سلبيا، الا انه يمكن ان يكون هناك خيط ايجابي، فالهدف منه كان توعية الشباب من خطر الحروب والذاكرة الايجابية من صعوبة الحرب وخصوصا بإسم الدين، وعلى الرغم من ذلك ساعد الانسان شقيقه الانسان معرضا حياته للخطر، وهو يضيء شمعة وبصيص نور في هذا الظلام الدامس".
صقر
واعتبرت السيدة علا صقر انه "كان لديها خوف كبير من فشل الفيلم الوثائقي لان موضوعه صعب خصوصا ان شعار حرب الجبل كان القتل والدم، وشعوري بالخوف ينبع من الفشل في ايجاد ما طمحنا له، الا انني صدمت عندما التقيت بالناس فاحساسي كان رائعا، وقد سعدت كثيرا بالنتيجة، فهذ الحالات قد انجحت عملنا فقد تغلبت الجيرة والعشرة على التعصب الطائفي، وقد خاطر اناس بحياتهم ورزقهم وبلقمة عيشه لاجل اخيه الانسان".
اضافت: "لقد تكلم الجميع مع بعضهم من دون تكلفة، وتذكروا ايام الشباب قبل الحرب والابتسامة التي لم تكن تفارقهم، والكل للكل في الافراح والاتراح، حتى قال احدهم وهو من الطائفة الدرزية الكنيسة هي كنيستي".
وختمت: "انا سعدت كثيرا بالنتيجة التي وصلنا اليها واتمنى ان تصل الى كل الشباب ليتعظ".
.... لانه انسان، بصيص نور في ليلة حالكة...
======================== ر.ي.