الخميس 31 تشرين الأول 2024

02:21 am

الزوار:
متصل:

لبنان الأخضر يحتضر طبيعيا فهلا أسرعنا أفرادا ومؤسسات لانقاذه؟

تحقيق إيمان سلامة

وطنية - "لبنان الأخضر" كلمات رددتها السيدة فيروز على مسامعنا منذ الصغر وكبرت معنا، متغنين بمعانيها مؤمنين بما تحمله هذه الأرض من كنوز طبيعية تجعلنا جنودا لحمايتها والدفاع عنها أينما اقتضت الحاجة. لكن صراعات البشر وحروبهم فوق تراب الوطن لم تبق للخضار متنفسا ولم يترك زحف العمارة بكافة أشكال تركيباته الإسمنتية زاوية إلا واستنفذها بطريقة أو بأخرى.

أين أصبحت ثروة لبنان الطبيعية؟ ونحن كمواطنين لبنانيين، ماذا فعلنا لهذا الكنز الثمين؟ هل استطاعت المؤسسات الرسمية وهيئات المجتمع المدني وحدها العمل للحد من إمكانية تصحر بلدنا؟ فكيف كانت مساحة الثورة الطبيعية التي يمتلكها لبنان وأين أصبحت؟

لبنان يتميز في المنطقة العربية بثروة طبيعية من غابات وأحراج ومياه قدرت ب35 في المئة من إجمالي مساحته في العام 1965، تراجعت في السنوات الأخيرة لتصل الى 13 في المئة في العام 2009 بحسب بيانات وزارة البيئة, ما دعا حينها جميع المسؤولين للاستنفار وإطلاق صفارات الخطر، للتكاتف وحدة متوحدة وحماية الغطاء الأخضر، الذي وصف بأنه مورد اقتصادي يستأهل من الحكومات المتعاقبة وضع سياسة واضحة وقانونية تنفذ وتطبق أينما تدعو الحاجة.

وقد نجح البيئيون والمتخصصون في هذا المجال عام 2009 بحمل السلطات على وضع (الإستراتيجية الوطنية لإدارة حرائق الغابات) حيز العمل التنفيذي عبر تعهد الحكومة الحالية ببيانها الوزاري "توسيع رقعة لبنان الخضراء" من خلال تفعيل الإستراتيجية الوطنية لإدارة حرائق الغابات ومتابعة أعمال التحريج وتنشيط "الإدارة البيئية للأحواض والإهتمام بالمحميات الطبيعية".

وأهم ما توفره هذه الإستراتيجية الممولة من الإتحاد الأوروبي والمنفذة بالشراكة بين وزارةالبيئة وجمعية الثروة الحرجية والتنمية رؤية شاملة وواضحة للحاجات على صعيد المؤسسات والإدارات وعلى الصعيد المحلي لإدارة حرائق الغابات. وتتضمن هذه الإستراتيجية خمسة محاور أساسية هي: الابحاث والمعلومات، تقليص الخطر، الجهوزية، الإستجابة وإعادةالتأهيل. والهدف منها الدعم المبكر وإدارة أفضل لحرائق الغابات وفوائدها المرتبطة بالبيئة خصوصا المناطق الريفية، إضافة الى انشاء فرق تطوعية في المجتمعات السكانية المحيطة بالغابات وتزويدها بالتجهيزات اللازمة لمكافحة الحرائق.


الحد من الاخطار
في المقابل، ما هي التهديدات التي يجب الحد منها للوصول الى تطبيق هذه الإستراتيجية؟ غابات لبنان كانت تغطي ما يقارب 13,2 بالمئة من مساحته حتى العام 2006 إلا ان معظم المعطيات المتوافرة اليوم تجمع على تراجعها الى حد كبير، لذلك يجب العمل على مكافحة الحرائق والوقاية منها، تنظيم التوسع العمراني بحيث يضمن وجود مساحات خضرا وتغيير نمط استخدام الأراضي بالوجهة التي لا تضر بالأشجار المتواجدة فيها أو حولها، والحد من وجود المقالع والكسارات إضافة للظروف الطبيعية والبيئية التي تسهم بشكل كبير في ازدياد مخاطر احتراق الغابات الذي يقضي سنويا على مساحات تتراوح بين ال1500 و2000 هكتار فيما قضى على أكثر من 3700 هكتار خلال موسمي 2006 و2007.

الجمعيات الأهلية
عندما أخذت الوزارات المعنية زمام مسؤولية إدارة تنمية الغابات في لبنان بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني، سعت كل واحدة في إطار مهمتها، بذل الجهود لتنفيذ مشاريع تحريجية على مستوى البلاد.

جمعية الثروة الحرجية والتنمية، ووفق ما جاء على لسان مديرها العام سوسن ابو فخر، لديها مشتل ينتج سنويا حوالى مليون ونصف مليون شجرة من الصنوبر ويزرع كل سنة مئة ألف شجرة في لبنان، وتنظم الجمعية هذا العام حملة تشجير كبيرة على مختلف الأراضي اللبنانية لزرع 450 الف شجرة بالتعاون مع بلديات المناطق. ويجري هذا العمل ضمن خطة وضعتها الجمعية في العام 2009 وتبنتها وزارة الزراعة لرفع رقعة الغطاء الأخضر من 13 بالمئة الى 20 بالمئة وتطلق بالتعاون مع وزارة البيئة، خصوصا وان عمليات التحريج بلغت نسبتها بين 70 و80 في المئة، إلا ان معلومات دقيقة حول هذا النجاح في التحريج لم تتوفر على مستوى البلاد ككل.

واوضحت ان وزارة الزراعة تقوم بدورها عبر منع قطع الأشجار تحت طائلة الملاحقة والمحاسبة القانونية لحماية الثروة الحرجية، ولكن تلازم مكافحة الحرائق في الغابات والتشجير لم يكن على قدم المساواة، فضعف التنسيق بين الإدارات والنقص في المعدات وعدم توافر عناصر الفرق المدربة لتطويق الحرائق وغياب شبكات الطرق الملائمة، حال في كثير من الأحيان دون أداء الدور المطلوب وتجنب وقوع الخسائر.

الفوائد الإقتصادية
حماية الممتلكات الحرجية الخاصة والعامة وتفعيل الإهتمام بالإدارة البيئية للموارد الطبيعية في الأملاك الدينية ضرورية بحاجة الى خطة متكاملة، خصوصا وان المعلومات تشير الى ان نحو 40 في المئة من المناطق الحرجية تملكها الأوقاف الدينية المحلية، وقد استفاد اللبنانيون عموما والمجتمعات الريفية خصوصا من الموارد الحرجية بوسائل عدة: رعاية النحل، إنتاج الصنوبر، المنتجات الحطبية، النباتات الطبية والعطرية وإنتاج الفحم. وتعتبر هذه الوسائل مصادر دخل مهمة يمكن التعويل عليها.

وبالنسبة الى قطاع الغابات، فلا يزال الأقل إسهاما في مجمل الدخل المحلي، لأن الإنتاج الخشبي لم يأخذ الحيز الأساسي في هذه العملية الإقتصادية لكثرة القيود المحيطة به، أما الصنوبر فهو المنتج الحرجي غير الحطبي، يخضع لسياسات ضريبية تشجيعية تميزه على الواردات.

تنمية وحماية
الكثير من الأشجار نستطيع زرعها والإستفادة منها ولا تقل أهميتها عن شجرة الأرز، على سبيل المثال شجرة اللزاب والتي يضعها الباحث كريستيان أخرس، بالمتفوقة أهمية على شجرة الأرز، كما تتمتع به من التفرد بالعيش على ارتفاعات عالية تصل الى 2700 متر بينما أقصى وجود لها يقع على ارتفاع 1700 متر وقوى صمودها بوجه الحرائق، وهي لا تغطى سوى عشر هكتارات من أراضي لبنان متفرقة الوجود في جبل لبنان وسفوحه الشرقية والغربية، تقتات الطيور من ثمارها وتعيد رمي بذورها، الأمر الذي يسهم في إنبات الشجر من جديد إثر تفاعلها مع عوامل الطبيعة المناخية وفقا لما ذكره الباحث البيئي أخرس، فلماذا لا تكون شجرة اللزاب مزروعة بكثافة في البقع اللبنانية بأكملها، لما لها من قدرات تحمل العوامل الطبيعية وعيشها في مناطق ذات ارتفاع عال".

تطبيق القانون
في كل مجتمع هناك حقوق للمواطنين كأفراد وواجبات تجاه دولتهم ترعى تطبيقها قوانين خاصة لكلا الطرفين، ضمن هذا الإطار وجب على كل مواطن التزام الواجب من خلال رؤية ومقترحات أجمع عليها كل من يحب "لبنان الأخضر" أفرادا وهيئات ومؤسسات لتكون مخرجا لبدء تطبيق قانون الغابات وتنفيذه وفق الروحية الأساسية وتصحيح الخلل القائم منذ زمن للحفاظ على المساحة الخضراء وزيادتها وهي كالآتي:

- إلغاء النصوص القانونية اللاحقة والمعطلة لبعض أحكامه.
- العمل على تشكيل لجنة فنية لمسح مواقع الغابات وتصنيفها وتحديد هوية مالكيها.
- إعادة العمل بنص المادة 93 من قانون الغابات لناحية وجوب الإستحصال على شهادة تحريج مقابل عدد الأشجار التي يسمح بقطعها.
- وضع خطة من قبل وزارة الزراعة والوزارات الأخرى للتحريج على أن تطبق النصوص القانونية الواردة في قانون الغابات والتي تعطى لوزير الزراعة هامشا كبيرا في التحرك ومنها تكليف الأفراد والبلديات بالتحريج الإجباري.
- التشدد في تطبيق العقوبات وخصوصا لناحية القطع وافتعال الحرائق والرعي والإستثمار غير القانوني للغابات.
- زيادة موازنة وزارة الزراعة.
- زيادة عدد مأموري الأحراج وتدريبهم بشكل جيد للقيام بمهامهم كما وزيادة نقاط المراقبة.
- وضع مخطط عام لكيفية وصول فرق الإطفاء الى كل بقعة جغرافية من غابات لبنان وينفذ مناورات نظرية وعملية لذلك.
- تعزيز فرق الإطفاء بالمعدات اللازمة وزيادة عديدها.
- تطبيق قانون حماية الغابات رقم 558 الصادر في 24/7/1996 والمتعلق بالغابات المحمية بحكم القانون كغابات الأرز والشوح واللزاب والشربين وغيرها، والتي لم تتخذ بعد الإجراءات التنفيذية لحمايتها.


لبنان الأخضر يحتضر طبيعيا، فهلا أسرعنا أفرادا ومؤسسات وأسعفناه بقليل من المحبة لخضاره، وعالجناه بعدم قطع أشجاره، وضمدناه بزرع الكثير منها على كل مساحته؟

====== ن.م 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب