تحقيق موني كرم
وطنية - يتميز قضاء بشري في شمال لبنان بالكثير من الهبات التي منحته إياها الطبيعة، او الارادة الالهية، فهذا القضاء يقع جزء كبير منه على ضفاف وادي قنوبين المقدس، حيث يلتقي مع وداي قاديشا. وقد استوحى العديد من الكتاب والشعراء وحيهم من طبيعته المرسومة بريشة إلهية.
بشري وجبران توأمان، إذا ما ذكرت الأولى خيل إليك الثاني والعكس صحيح. فجبران خليل جبران الارث الاهم لبشري ولبنان والعالم. كان شاعرا وكاتبا ورساما في نفس الوقت، كتب الكثير من الكتب والمدونات والمخطوطات في اللغات العربية والانكليزية والفرنسية.
المتحف الصومعة
عاش جبران معظم حياته في الولايات المتحدة الاميركية، ولكن كانت وصيته بأن يدفن في لبنان. بعد وفاته نقل الى صومعته القديمة في بشري، التي قضى فيها معظم طفولته، التي عرف لاحقا بمتحف جبران، تأسس متحف جبران في دير مار سركيس عام 1935.
طلب جبران قبل وفاته من أخته، شراء المبنى لقيمته الروحية ولموقعه المميز، إذ كان هذا المكان خلوة القديس سركيس في القرن السابع.
بعد أن تم تشكيل لجنة وطنية لادارة الارث المالي والعقاري لانه يملك الكثير من الابنية والعقارات في طرابلس وبيروت، والاهم من ذلك إدارة الارث الثقافي الكبير، والغني الذي تركه جبران خليل جبران.
تم توسيع هذا المتحف في عام 1975 و1995 وهو يحتوي على 440 لوحة ورسومات ومخطوطات أصلية له، كما على أدوات محترفه التي استعملها خلال حياته في الولايات المتحدة. ان اول ما يلاحظه زائر المتحف الذي يزوره سنويا نحو 50 الف شخص بين لبنانيين وعرب واجانب تمثال نصفي لجبران بعلو مترين للفنان رودي رحمة، من أبناء بشري، تحيط به بركة ماء. لتصعد بعدها إلى المتحف على درج مرصوف بالحجارة الصفراء والبيضاء، ويمر هذا الدرج تحت صخرة كبيرة جدا، وفي وسطها مغارة لا تشاهد سوى من بعيد.
يتألف المتحف من 16 غرفة ذات سقوف منخفضة، ومساحات ضيقة. تتوزع هذه الغرف على ثلاثة طوابق تتعاقب في أدراج لولبية، وتؤدي في النهاية إلى المغارة التي شاء جبران أن تكون مثواه الأخير. وفيها حيث سجي ، وإلى جانبه مرسمه وطاولة الكتابة التي كان يستعملها ، وكذلك كرسيه الخاص وسريره الصغير الذي يدل على قصر قامته.
ويفاجئ جبران زائر متحفه ومثواه، ذلك أنه قرب قبره كلمات حفرها بنفسه على خشبة أرز، تقول "أنا حي مثلك، وأنا الآن واقف إلى جانبك فأغمض عينيك تراني أمامك".
وفي إحدى الغرف، وضعت مكتبتان كبيرتان إحداهما تضم كتب جبران الخاصة باللغتين العربية والإنكليزية، والأخرى تتعلق بكتب عامة كان يملكها في منزله بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة. وهناك أيضا دفاتر بخطه عليها "خربشات" وأفكار وكلمات، واذا أردت أن تقرأ جبران تستعير الكتب من المكتبة ، وتصل الى مصطبة بشكل عقد فيها مقاعد للجلوس من أجل المطالعة. اللافت في لوحات جبران ارتكازها على جمال طبيعة المكان ومناظره الساحرة.
عند انتهاء زيارتك للمتحف تشعر بعظمة مبدع من لبنان، هيأ قبل مماته مكانا يحتضن إبداعه، وتسلمته أياد أمينة فغدا متحفه مقصدا لمثقفين لبنانيين وأجانب هالهم ما قرأوا وسمعوا عن مبدع فاقت مؤلفته ولوحاته كل التوقعات.
============ ج.س