الحملة الوطنية للوقاية من سرطان الثدي: تجاوب يلامس مستويات عالمية والكشف المبكر ضمانة للشفاء 90 %
تحقيق بهاء الرملي
وطنية - "بتذكرك بكل شي، دورك تذكرا بالصورة الشعاعية"، هو الشعار الذي اختارته اللجنة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي، التي يرئسها المدير العام لوزارة الصحة وليد عمار، هذه السنة، عنوانا لحملتها مكافحة هذا المرض للسنة الثالثة عشرة.
من 11 في المئة، نسبة السيدات اللواتي اجرين الصورة الشعاعية للثدي للمرة الأولى في 2002 ، الى 52 في المئة عام 2013 انجاز كبير حققته الحملة على طريق التصدي لمرض ما زالت نسبة انتشاره مرتفعة بين النساء، بالمقاييس المحلية والعالمية، علما ان نسبة الشفاء التام منه تصل الى 90 في المئة اذا اكتشف في وقت مبكر.
عن نتائج الحملة منذ بدء تنفيذها والتدابير التي اتخذتها وزارة الصحة لزيادة فاعليتها وحفز النساء والمجتمع عموما على التجاوب معها للحد من خطورة هذا المرض، تحدثت ل "الوكالة الوطنية للاعلام" رشا حمرا، رئيسة دائرة التثقيف الصحي في الوزارة والمنسقة بين الحملة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي والنشاطات التي تنفذ على الارض مع المعنيين في الحملة والراغبين في المشاركة فيها.
أشارت حمرا الى أن "الحملة بدأت في لبنان في 2002 بعدما لاحظنا ازدياد اعداد الاصابات بسرطان الثدي. وبعد مرور عام بينت احصاءات عام 2003 وجود 1300 حالة جديدة أمكن تسجيلها من خلال السجل الوطني للاحصاء الخاص بمرض السرطان. وبين هذا السجل استمرار ارتفاع عدد الاصابات الجديدة اذ شخصت في كل من عامي 2008 و2008 اكثر من 1700 حالة جديدة، وباضافة الاصابات الجديدة الى حالات السرطان عموما يصل العدد سنويا الى 8000، ما يعني ان هذا النوع من السرطان يشكل 21 في المئة من كل انواع السرطانات المنتشرة بين النساء والرجال، واذا تمت مقارنتة بالسرطانات التي تصيب النساء فقط تصل نسبته الى 43 في المئة وهذه نسبة مرتفعة جدا".
وشددت على أهمية اكتشافه المبكر استنادا الى "دراسات عالمية اثبتت ان التشخيص المبكر للمرض يرفع نسبة الشفاء التام منه الى 90 في المئة فضلا عن أن التجاوب مع العلاج يكون أسرع وأفضل وأقل كلفة".
وإذ أشارت إلى "طرق عدة تشير الى وجود المرض منها الفحص الذاتي والفحص الطبي"، أكدت أن "أفضل الطرق تبقى الصورة الشعاعية (ماموغرافي)، ومن هنا بدأت الحملة في لبنان لتشجيع السيدات على ضرورة اجراء الفحص والتحلي بالجرأة للكلام على مرضهن من دون خجل لان الافصاح يسرع الاكتشاف والعلاج وتاليا الشفاء".
وأشارت إلى أن "اعتماد التشخيص المبكر عالميا أدى مع مرور الوقت الى تأخير الاصابة بسرطان الثدي، وتبين في الدول المتقدمة في اميركا وكندا واوروبا ان 50 في المئة من الاصابات بسرطان الثدي تسجل بعد الخمسين لذا بات عمر الخمسين هو المتبع لاجراء الفحص، أما في لبنان فتشير الاحصاءات الى ان 40 في المئة من الاصابات بهذا المرض تبدأ قبل سن الخمسين من دون معرفة اسباب واضحة لذلك، ما يعني ان الفحص الدوري السنوي يجب ان يبدأ في الاربعين، وفي حال كان لدى السيدة تاريخ عائلي بالاصابة بسرطان الثدي سواء من جهة الام او من جهة الاب فيفضل البدء باجراء الفحص في عمر الخامسة والثلاثين".
وتحسبا لاي اعتقاد شائع أو خاطىء بأن على المتزوجات فقط اجراء الفحص تؤكد حمرا ان "الفحص يجب ان يشمل غير المتزوجات أيضا لانهن عرضة للاصابة اكثر من المتزوجات بسبب تغير الهرمونات في اثناء فترة الحمل ما يشكل عامل حماية لهن".
هذا بالنسبة الى سبل الوقاية والاتجاهات العالمية التي يحاول لبنان السير في سياقها، على أمل أن يتوصل إلى ما توصلت إليه من نتائج، أما في ما يتعلق بالحملة ونتائجها فتشير الاحصاءات التي أمكن "للجنة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي" جمعها منذ انطلاق الحملة في 2002 أن 11 في المئة فقط من السيدات سبق وأجرين صورة شعاعية وصولا الى 18 في المئة في 2005 و27 في المئة في 2008 وصولا الى 52 في المئة في 2013. وبينت الدراسات تفاوتا كبيرا بين المناطق اذ وصلت النسبة في بيروت الى نحو 60 في المئة فيما اقتصرت على 5 في المئة في بعلبك و10 في المئة في النبطية و6 في المئة في عكار وهي، باستثناء بيروت، نسب متدنية جدا عزتها حمرا الى "عدم تجاوب السيدات لاكثر من سبب منها الكلفة المالية، غياب التوعية والعادات والتقاليد لا سيما اذا كان من يقوم باجراء الصورة الشعاعية رجلا، وهذا ما عملت الوزارة على تخطيه منذ عام 2002 من خلال اجراءات عدة منها:
- انشاء مستشفيات حكومية في كل المناطق وصل عددها الى 24 مستشفى تجرى فيها الصورة الشعاعية (ماموغرافي).
- الطلب الى هذه المستشفيات قدر المستطاع اعتماد تقنيين نساء لاجراء الصورة وليس رجالا.
- عام 2009 قرر وزيرالصحة آنذاك الدكتور محمد خليفة ان تستمر الحملة ثلاثة اشهر من تشرين الاول الى كانون الاول بدلا من اقتصارها على تشرين الاول فقط على ان تكون الصورة مجانية، ما شجع النساء على التجاوب اكثر مع الحملة ولاحظنا ارتفاع النسبة سنة بعد سنة.
- الاتفاق مع المستشفيات الخاصة المشاركة في الحملة على خفض كلفة الصورة من 100 الف ليرة و100 دولار في بعض المستشفيات الى السعر المعتمد في الوزارة اي 40 الف ليرة فقط.
- الاتفاق مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة القبول بدفع النسبة المعتمدة لدى كل منهما لتغطية كلفة الصورة من دون اشتراط ان تقدم السيدة المنتمية اليهما ورقة طبيب، على ان تبرز الصورة وايصال الدفع".
وأوضحت حمرا ان "عدد المستشفيات الخاصة المشاركة في الحملة يصل الى 62 مسشتفى في كل المناطق اللبنانية بالاضافة الى 54 مركز تصوير شعاعي و24 مستشفى حكومية ما يرفع العدد الاجمالي الى 140 مؤسسة"، معتبرة ان "المشكلة في عدم تجاوب النساء في المناطق ليست صعوبة الوصول الى مركز طبي بل هي العقلية السائدة في المجتمعات الريفية، من هنا كان القرار بالتوجه في الحملة الاعلانية هذه السنة الى الرجل ليكون شريكا فيها تحت شعار "بتذكرك بكل شي دورك تذكرها بالصورة الشعاعية" وتلقينا ردود فعل ايجابية في شأنها".
ولرصد نتائج الحملة لجهة التجاوب معها رغم العوائق المرتبطة بالمعتقدات والتقاليد في عدد من المناطق، أوضحت حمرا ان "الوزراة بدأت منذ عام 2008 ، وكانت الحملة ما زالت محصورة بشهر واحد، توزيع استمارات على كل المراكز المشاركة تتضمن اسئلة عن دوافع السيدات لاجراء الصورة وكيف عرفن بالحملة، فتبين ان 3200 سيدة اجرين الصورة للمرة الأولى، وفي عام 2009، بعدما باتت مدتها 3 اشهر، ارتفع العدد 3 أضعاف ليصل الى 10200 سيدة يجرين الصورة للمرة الأولى وهذه الاجوبة وردتنا من 79 مركزا من اصل 140 أو 150 مركزا مشاركا ما يعني ان العدد اكبر بكثير، وفي عام 2010 تخطى العدد 12700 سيدة ليفوق ال 12 الف سيدة في 2012، كما تبين أنهن علمن بالحملة من وسائل الاعلام لا سيما التلفزيون والاذاعة. واظهرت الاحصاءات ايضا انه عام 2009 أفادت 68 في المئة من السيدات انهن يجرين الصورة للمرة الأولى وانخفضت هذه النسبة الى 47 في المئة في 2013، ما يشير الى أن الحملة أقنعت نسبة 21 في المئة من السيدات بإجراء الصورة دوريا وباتت النسبة 50 في المئة لكل من يجرين الصورة للمرة الأولى أو يجرينها كل سنة، واجابت 90 في المئة منهن انهن سيجرين الصورة كل سنة".
ومن الاجراءات العملية التي اتخذتها اللجنة لتطوير الحملة في 2009 القيام بدورات تدريب، بالتعاون مع "الجمعية اللبنانية لاطباء الاشعة"، في المستشفيات المشاركة وقبل ايام من الحملة. واوضحت حمرا ان "الهدف من هذه الدورات ليس فقط التذكير بالحملة وتحسين المستوى التقني لمصوري الاشعة بل ايضا الطلب من المراكز التعاون مع تقنيين نساء في المناطق النائية".
وعن تأثير الحملة في الاكتشاف المبكر للمرض وتاليا على كلفة العلاج التي تدفعها وزارة الصحة، أكدت حمرا "ارتفاع الكلفة بسبب اكتشاف حالات جديدة لكنها استبعدت امكان الربط الدقيق بين الكلفة العامة والحملة بسبب اختلاف العلاجات ووجود أدوية جديدة سنويا مرتفعة الثمن وعوامل أخرى بعيدة عن مجال عمل اللجنة الوطنية لمكافحة سرطان الثدي".
وشددت حمرا على أن "ما تتطلع اليه الوزارة هو نسبة السيدات اللواتي يتجاوبن مع الحملة واكتشاف حالات جديدة في وقت مبكر لأن رصد نتائج الشفاء نتيجة الحملة يحتاج الى ما بين 15 و20 سنة ونحن ما زلنا في السنة الثالثة عشرة، لكن المهم في هذه الفترة ان نسبة السيدات اللواتي يجرين الصورة للمرة الاولى ارتفعت من 11 في المئة الى 52 في المئة وهذه نتيجة جيدة جدا لا سيما مقارنة مع النسب المعترف بها عالميا والتي تراوح بين 50 و70 في المئة، أي أننا وصلنا الى الحد الادنى المقبول عالميا"، آملة في "تحقيق المزيد في حملة 2014 في ضوء ما نرصده من اصداء ايجابية مع الحملة لا سيما من الرجال".
وشددت أخيرا على "أهمية مشاركة كل النقابات ذات الصلة بالقطاع الطبي في الحملة ودعمها كل في مجال عمله، من أطباء وصيادلة ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة ومراكز تصوير وممرضات وجمعيات نسائية، منها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة التي طلبت امدادها بالكتيبات الخاصة بالحملة وبأطباء لإلقاء محاضرات في المناطق النائية بالتعاون مع البلديات، بالاضافة الى جامعات ومدارس طلبت أطباء متخصصين لاجراء محاضرات للطلاب لما لهم من تأثير في محيطهم، مذكرة بالخط الساخن 1214 المعتمد في الوزارة للتبليغ عن اي شكوى أو مركز مشارك يرفض اجراء الفحص او يخالف التسعيرة".
========== ج.س