تحقيق ربيع ضاهر
تتجه الانظار دوما الى بلدة شبعا الحدودية، لما لها من مكانة جغرافية مهمة. ارتفاعها الذي يتجاوز ال1400 متر يجعل شتاءها صعبا وطرقها شبه مقفلة بسبب الثلوج. بين تلال تعلوها مراكز اسرائيلية متربصة بها وطبيعة جغرافية قاسية، اعتاد أهالي شبعا التأقلم مع هذه "القسوة"، مما انعكس على بنيتهم الجسدية الصلبة قدرة على التحمل.
العام الماضي كان استثناء، لكن كل التوقعات تشير الى شتاء قاس هذا العام، فترى اقبالا لافتا من بعض المواطنين على تمون الحطب بسبب قدرته على مواجهة البرد وتدني درجة الحرارة، كما أنه أوفر ثمنا، اذ ان البعض يستفيد من تقليم الزيتون وبعض الاشجار او يلجأ الى الأحراج المحيطة في البلدة، فيما استخدام المازوت يأتي بالدرجة الثانية بسبب تدني فاعليته في مواجهة البرد وسعره المرتفع. يتداول المواطنون أن كلفة بيك اب الحطب (3 الى 4 طن) 800 الف ليرة، في حين أن صفيحة المازوت ال20 ليترا يبلغ ثمنها 15 الف ليرة، تراوح بين مليونين وستمئة الف للحطب ومليون وخمسمئة الف للمازوت تقريبا، وبالتالي الأمر يحتاج الى ميزانية خاصة للتدفئة.
لا يقتصر هم تأمين وسيلة التدفئة وميزانيتها على أبناء البلدة الذين لا يتعدى عددهم شتاء الثلاثة آلاف نسمة (من اصل أربعين الفا غير مقيمين) فقط، وانما على "ضيوف" البلدة، اي اللاجئين السوريين الذي بات وجودهم جزءا منها، لا بل فاق عددهم عدد ابناء البلدة، اذ وصل الى 4800، وهم أيضا قلقون، لأنه حتى الساعة لم تعلن أي جهة رسمية أو دولية استعدادها لتوفير التدفئة لهم، وأكثر ما يرددونه "سنلتحف البطانيات" لأن لا قدرة لهم على تأمين كلفة الحطب او المازوت. أحد اللاجئين السوريين ذكر بأن ما جناه من تقليم الزيتون هو كل ما يملك حتى الساعة رغم انه غير كاف ولا قدرة مادية لشراء المزيد بسبب تراجع فرص العمل، فيما لفت سوري آخر الى أنه في حال لم تساعدهم مفوضية اللاجئين هذا العام كما فعلت العام الماضي، فإن أغلب الظن هو شراء كميات قليلة من المازوت والاقتصاد بصرفها، او اعتماد جفت الزيتون، او العودة الى سوريا!
بعض أبناء البلدة يخشى أزمة تدفئة هذا العام بسبب الوضع الاقتصادي العام ومزاحمة اليد العاملة السورية، اضافة الى تراجع المساعدات التي كان يقدمها سابقا بعض الميسورين في البلدة لأبنائها في فصل الشتاء بسبب عدد اللاجئين السوريين الذي ارتفع خلال العام الماضي.
هاشم هاشم، صاحب احد المحال التجارية في البلدة، ذكر بأن الجميع يعاني ضيقة اقتصادية، مشيرا الى ان "دفتر الديون يشهد على ذلك، فلا سيولة ولا مساعدات كافية".
عفيفة ناصر أرملة لا معيل لها، تقول إن برد شبعا القاسي لا يواجهه سوى الحطب، لكن "العين بصيرة واليد قصيرة، فمن أين نأتي بثمنه؟"
وتجدر الاشارة الى ان فئة كبيرة من أبناء البلدة تعتمد على عدد من الزراعات التي تشتهر بها البلدة والتي تشكل مورد رزق اساسيا لها، كالكرز والجوز، الا أن الجفاف الذي عاناه لبنان العام الماضي أتلف الموسم وقضى على هاتين الزراعتين بشكل كبير، فأصاب أصحابها عجز مالي.
==================