تحقيق ميشال حلاق
وطنية - لا تزال زراعة الزيتون في عكار تشكل الركن الاساسي لاقتصاديات ابناء العائلات العكارية حيث ان هذه الشجرة المباركة بثمارها وزيتها وخشبها ومخلفات عصير ثمارها ايضا، تكاد تزرع في كل بلدة وقرية في محافظة عكار التي يربو عدد المساحات المشجرة بالزيتون فيها على ال 7 الاف هكتار لتعتبر من اكبر الغطاء الشجري المثمر مساحة على الاطلاق.
شجرة الزيتون باركتها الاديان السماوية وهي العنصر الابرز من مؤونة المنازل، فالزيت عماد المائدة اللبنانية هو الان اضحى كما منذ عصور خلت دواء نافع للدهن والشرب ايضا، وزيتون المائدة الاخضر المرصوص والمكبوس بالزيت او بالماء والملح وال"مجرح" مع الزيت والحامض وال"جرجير" ثمار الزيتون الاسود التي لا تزال تكبس وفق الطرق التقليدية القديمة مؤونة الفصول كلها من موسم الى اخر .اضافة الى ذلك الزيتون المحشي بالمكسرات والحر.
كما ان خشب اغصان الزيتون التي يتم تشحيلها كل عام مع نهاية كل موسم حصاد تعتبر ايضا من اهم الاخشاب لمواقد الحطب للتدفئة ذلك ان خشب الزيتون صلد واشتعاله متاجج ويدوم لفترة اطول ، اما مخلفات عصر الزيتون المسمى " جفت" منه يصنع فحم ال"دق" الذي يوضع منثورا على جانب فحم العود وشي الكستناء والبطاطا وفستق العبيد في ناره الحامية يعتبر سلوى الشتاء في بيوت العكاريين .
ومع بدء مواسم جمع محاصيل الزيتون لهذا الموسم يقول المزارع عبدالرزاق خالد:"ان المواسم كما هذه الايام السوداء التي نعبر بها ماحلة ونسبة الانتاج لهذه السنة تقدر بنحو 30 بالمئة فقط امن انتاج السنوات الماضية، والسبب قلة المطر خلال السنة الفائتة وقلة خبرة المزارعين بزراعة الزيتون التي لا تزال تعتبر زراعة تقليدية على اعتبار ان اشجار الزيتون مصنفة اشجار حرجية والاعتناء بها امر ليس بذي أهمية".
ويشير المزارع ميشال نصر وهو صاحب معمل لكبس الزيتون وبيعه في منطقة عرقة الى ان "مواسم الجفاف طيلة السنوات الماضية ربما كانت السبب الرئيسي وراء قلة الثمار لهذه السنة والمزارع هو المتضرر الاكبر وهكذا المستهلك اللبناني اذ ان كثرة الطلب على الزيتون هذه السنة وتوقف استيراد الزيتون من الدول المجاورة لا سيما من سوريا نتيجة الاوضاع الامنية القائمة لا بد سيرفع من اسعار الزيتون للمائدة وكذلك اسعار صفيحة الزيت، حيث ان الزيتون المحلي المنتج بالكاد يكفي سوق الاستهلاك المحلي". وأكد أن "سعر كيلوغرام الزيتون الاخضر للرص والكبس فهو يباع في اسواق "المفرق" ما بين ال 3000 وال 3500 ليرة لبنانية. في حين ان كيلو الزيتون المبكوس "الجاهز" فيباع حاليا ما بين ال 4000 وال 4500 ليرة لبنانية وذلك حسب نوعية الثمار. اما بالنسبة لسعر صفيحة الزيت عشرين ليترا فمن المرجح ان تباع هذه السنة بما فوق المئتي الف ليرة لبنانية".
أما أحمد الاسمر من بلدة برقايل فيقول:"ان زراعة الزيتون تعتبر الزراعة الاهم بالنسبة للعكاريين حيث ان شجرة الزيتون لها حضورها التاريخي في هذه المنطقة وانتاجها لهذه السنة هو الاقل والمزارعون قلقون ازاء ما سترتبه هذه المسألة من تداعيات على صعيد تأمين مصاريف وعيشة أبنائهم ومتطلبات الحياة لسنة كاملة".
ولفت المزارع خالد العبيد الى ان "كلفة الانتاج هذه السنة هي الاعلى، الامر الذي ترك تداعيات سلبية على المزارعين. فارتفاع الادوية والاعمال الزراعية والمبيدات والمغذيات وكلفة اليد العاملة وايجار العصر قد ارتفعت جميعها بمعدلات قياسية وكل ذلك سيتحمله الانتاج، فسعر صفيحة الزيت لا بد سيرتفع، وهكذا الامر بالنسبة الى زيتون المائدة الاخضر والاسود وكذلك سعر الصابون و"دق الفحم" المصنع من مخلفات عصر الزيتون "جفت الزيتون".
الياس سجيع الراسي وهو مزراع وصاحب معصرة زيتون في عكار كرر ما سبق ان قاله المزارعون لجهة ضعف الانتاج، معتبرا ذلك بمثابة "مؤشر سيء على المستوى الاقتصادي للناس الذين يعتمدون على انتاج موسم الزيتون في منطقة زراعية مثل عكار. فالمزارعون بالكاد يجنون مؤونتهم من زيتون وزيت وهذا يعني أن ما كانوا يتكلون عليه من فائض الانتاج لبيعه في الاسواق قد حرموا منه لهذه السنة او ان المردود سيكون شحيحا جدا".
ولفت إلى أن "في عكار ما يزيد على ال 50 معصرة موزعة على مختلف المناطق العكارية تنتج سنويا ما يزيد على العشرة الاف طن من جفت الزيتون ( وهو من مخلفات عصر الزيتون عوضا عن ملايين الليترات المكعبة من زيبار الزيتون الذي ايضا بالامكان تصنيعه كسماد عضوي بدلا من تحويله الى مجاري المياه الشتوية او الانهر للتخلص منه. ورأى أن في لبنان لا سياسة ترشيد زراعية بشكل شامل على الرغم من مجهود وزارة الزراعة المبذول الا ان المزارعين بالغالب يتركون ارضهم وثمة بساتين زيتون قد احترقت بفعل نيران الحرائق المفتعلة وثمة قسم آخر من المزارعين عمدوا الى قطع اشجار الزيتون اما لانشاء ابنية تجارية او لاستبدال زراعة الزيتون بمزروعات جديدة يظن بأنها أفضل".
============== ج.س