اجرت المقابلة: ماري خوري
وطنية - دعا سفير المكسيك في لبنان جايمي غاريسيا آمارال، في حديث مع "الوكالة الوطنية للاعلام"، اللبنانيين الى "الإتفاق في ما بينهم من اجل ان يتخطى لبنان مرحلة الجمود وانسداد الأفق"، مشيدا بالجيش اللبناني وبالقوات المسلحة اللبنانية "المؤسسة الضامنة لوحدة وأمن اللبنانيين"، ومبديا تعاطفه معها.
وشدد على ضرورة "ابعاد لبنان عن تداعيات النزاع في سوريا"، متمنيا "ان يبقى لبنان في منأى عن النزاعات الطائفية الحاصلة في المنطقة".
وأشاد السفير امارال بالجالية اللبنانية في المكسيك "التي تضم حكومتها ستة وزراء من اصل لبناني"، مستغربا عدم استثمار هذه الجالية المهمة والغنية في ارض اجدادها". وأعلن ان من اولوياته خلق مناخ جيد للإعمال التجارية بين البلدين، مشيرا الى مشاريع تعاون مشتركة مع الوكالة الوطنية للاعلام ووزارتي الثقافة والإقتصاد.
وشرح السفير امارال ظروف الإصلاحات التي تمت في المكسيك، وقال: "انها اصلاحات طموحة وشجاعة طالت 12 قطاعا مختلفا بهدف زيادة النمو والإنتاجية والرخاء الإقتصادي، وتهدف الى فتح مختلف القطاعات امام الإستثمارات الأجنبية وايجاد مليون فرصة عمل سنويا وتوزيع العائدات على المواطنين بطريقة عادلة واخراجهم من حالة الفقر".
اضاف: "لقد دعا رئيس المكسيك انريكي بينا نييتو الأحزاب السياسية الثلاثة الكبيرة الى عقد اتفاق سمي "اتفاق من اجل المكسيك" يهدف ورغم الإختلافات السياسية لوضع رؤية واستراتيجية للدولة تمكنها من زيادة النمو والتطور من خلال اصلاحات جذرية جد ملحة. لقد وقع هذا الإتفاق في كانون الأول 2012 وهو مكننا من التوصل الى اصلاحات مهمة صدرت هذا الشهر وطالت 12 قطاعا مختلفا، ستة منها خصصت لزيادة الإنتاجية وهي اصلاحات ضريبية ومالية واصلاحات طالت قطاعي الإتصالات والطاقة، كما ان هناك اصلاحات تمحورت حول تعزيز دولة القانون وحقوق المواطنين، وتفعيل النظام القضائي وتسريع الإجراءات القضائية، تقوية الديموقراطية وتعزيز الحريات".
وأشار امارال الى ان "الإصلاحات شملت ايضا النظام الإنتخابي وتمحورت حول الشفافية ومكافحة الفساد التي تمكن من زيادة الامان وتؤمن الوصول المواطن الى كل المعلومات التي يريد فضلا عن اصلاح النظام التربوي"، معتبرا "ان كل هذه الإصلاحات ستدفع بلدنا الى الأمام".
وركز السفير امارال على اهمية الإصلاحات المخصصة لزيادة الإنتاجية، وقال: "تتمتع المكسيك باستقرار اقتصادي منذ سنوات، وهذا يعود لقرارات اتخذت منذ نحو ثلاثين سنة أدت الى انفتاح اقتصادي مكننا من تحقيق نتائج اقتصادية وتجارية مهمة وزيادة الصادرات". وقال: "لدينا اتفاقيات تبادل حر مع نحو 47 بلدا، ووقعنا اتفاقا مع كندا والولايات المتحدة الأميركية منذ نحو عشرين عاما، كما لدينا اتفاقيات مماثلة مع الإتحاد الأوروبي ودول اخرى في آسيا واميركا الجنوبية".
اضاف: "لقد اصبحنا رابع مصدر عالمي للسيارات، وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 1,3 تريليون دولار".
وأعلن "ان المكسيك بلد منتج للنفط وهو يملك احتياطي كبير منه"، وقال: "لقد بلغت نسبة صادرتنا من النفط منذ عشرين عاما نحو 80 بالمئة، اما اليوم فإن 85 في المئة من صادرتنا تعود لقطاع صناعة السيارات. وهناك قطاع مهم ايضا يتعلق بصناعة الطائرات والصناعات الفضائية وهو يعود لكبريات المحطات والشركات الدولية التي تنتج الطائرات خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية ونؤمن لكل هذه الشركات المعدات المصنعة في المكسيك".
وأعلن ان "حجم النمو الإقتصادي بلغ 3,5 بالمئة في العام الماضي، ولكن نأمل ومن خلال الإصلاحات الإقتصادية التي أقريناها ان يبلغ النمو عتبة 5 بالمئة، كما نطمح الى ايجاد مليون فرصة عمل سنويا وهذا تحد كبير ولكنه سيتحقق بفضل الأجراءات الجديدة التي اتخذتها وبكل شجاعة الحكومة الجديدة".
وكشف "أن الدولة ستظل ممسكة بانتاج الكهرباء والنفط، ولكن الإصلاحات فتحت المجال امام القطاع الخاص للاستثمار، وستقرر الحكومة ما هي القطاعات النفطية التي ستخصص لشركة "بيمكس" شركة نفط المكسيك وما هي القطاعات التي ستخضع للمناقصات العامة، ليتمكن المستثمرون المكسيكيون او الدوليون من الإستثمار فيها".
وتطرق الى الاصلاحات المهمة في مجال الإتصالات والتي تقضي بفتح هذا القطاع بالكامل لمستثمري القطاع الخاص، وقال: "تم انشاء المؤسسة الفدرالية للاتصالات وهي مؤسسة مستقلة مسؤولة عن تنظيم الشبكات والخدمات والتنافس وستؤدي هذا الإصلاحات الى المنافسة الفعالة وتنظيم السوق ومن شأنها ان تجنب الإحتكار ايضا".
ورأى ان "التحدي الكبير في المكسيك هو توزيع العائدات على السكان وبطريقة عادلة وافادة قسم من الشعب الذي لم يستفد من الإزدهار الإقتصادي واخراجه من حالة الفقر".
ولفت الى الجالية اللبنانية في المكسيك، وقال: "لدينا جالية ممتازة نشيطة ومجتهدة ويقارب عددها نحو 600 او 700الف شخص تعمل في كل المجالات وقطاعات الأعمال والسياسة وتضم حكومتنا الحالية سته وزراء من اصل لبناني وهم: وزراء الخارجية، الطاقة، الصحة، والتربية، البيئة والعدل، كما ان هناك عددا من النواب والوزراء والمدراء العامين".
اضاف: "اللبنانيون موجودون بقوة في المجال التربوي والثقافي والعلمي ومندمجون بشكل جيد، ولقد كان لكل منا في وقت من الأوقات زميل او رفيق من اصل لبناني".
ورأى ان "العلاقات الإقتصادية بين البلدين ليست بحجم المصالح المشتركة"، معتبرا "ان العلاقة بين لبنان والمكسيك هي علاقات عاطفية ووجدانية اكثر مما هي علاقات تجارية". وقال: "لقد وضعت لدى وصولي الى لبنان منذ سنة اولوية خلق مناخ جيد للأعمال التجارية، فلا احد يفهم لماذا هذه الجالية المهمة والغنية لا تستثمر في بلد اجدادها؟ كما ان هناك لبنانيين يعيشون في لبنان ويستثمرون في الخارج ولكنهم لا يستثمرون ايضا في المكسيك. واعتقد اننا بحاجة الى مقاربة جديدة ومختلفة لا تنحصر فقط بالترويج للبنان لدى المكسيكيين من اصل لبناني انما الترويج له لدى رجال الإعمال المكسيكيين بشكل عام. انا اطرح يوميا على نفسي هذا السؤال لماذا الأمور لا تسير قدما في مجال الأعمال؟ وكل من اطرح عليهم هذا الأمر يبررون ذلك بعدم وجود اتفاقات تعاون اقتصادية".
وتابع: "عندما ألتقي برجال الإعمال اللبنانيين في غرفة التجارة والصناعة واقول لهم بأن المكسيك هي القوة الإقتصادية الرابعة عشرة في العالم وناتجنا المحلي يبلغ 1,3 تريليون دولار، وأن سيارة من اصل اربع سيارات تسير في الولايات المتحدة مصنعة في المكسيك اقرأ على وجوههم علامات الإستغراب، فهم لا يعرفون شيئا عنا"، مشيرا الى ان "السبب هو بعد المسافة، ولإهتمام المكسيك سابقا بارساء اتفاقات للتبادل الحر وتطوير العلاقات الإقتصادية مع اميركا الشمالية".
وقال: "اعتبر انه ليس من السهل مجاورة اكبر قوة اقتصادية في العالم، فضلا عن الإهتمام بارساء علاقات مع دول الإتحاد الأوروبي، ولذلك أهملنا بقية العالم، ونعي الأن بأنه يتوجب علينا استعادة دورنا واتمنى ان تتحسن الأمور مستقبلا".
مشاريع التعاون
وأعلن السفير امارال انه "في صدد التحضير مع وزير الإقتصاد الان حكيم لخطة عمل على المستوى الإقتصادي"، متمنيا "ان تأتي بالنتائج المرجوة. كما نحضر لإتفاق تعاون مع "الوكالة الوطنية للإعلام" و"الوكالة المكسيكية للأنباء"، فمن المهم أن تتمكن الوكالتان من ارساء علاقات تعاون مباشرة على المستوى الإعلامي، فكل المعلومات والأخبار التي ترد عن البلدين مصدرها الوكالات الإجنبية، ويجب اقامة صلة مباشرة وهذا ما قلته لوزير الإعلام رمزي جريج الذي زرته واتفقنا على التعاون".
وتابع: "هناك اتفاق ثقافي تربوي ورياضي مع لبنان، ولقد التقيت وزير الثقافة روني عريجي ونعمل على برنامج لإعادة اطلاقه. لدينا نشاطات ثقافية مستمرة من معارض، سينما، فن الطهو. وبحثنا والوزير عريجي في إطلاق ايام السينما اللبنانية في المكسيك، والسينما المكسيكية في لبنان، وبتبادل زيارات لفنانين من البلدين، والتعاون من اجل الحفاظ على التراث، فنحن نملك خبرة كبيرة في هذا المجال ولدينا الاف المواقع الأثرية وعدد كبير من المتاحف وخبرات تخصصية مثل علم الأثار البحرية". واكد "أن بيروت هي العاصمة الثقافية للشرق الأوسط".
وكشف السفير آمارال عن زيارتين ستقوم بهما شخصيتان رفيعتا المستوى الى لبنان، وقد تكون من ضمنهما زيارة للرئيس المكسيكي نييتو، مشيرا الى ان زيارة الرئيس ميشال سليمان الى المكسيك عام 2010 كانت مهمة جدا".
الوضع في لبنان
وعن الأوضاع في لبنان والفراغ الرئاسي، قال السفير آمارال: "يجب على المؤسسات اللبنانية ان تعمل بشكل مستمر، ولدينا تقليد في بلدنا بعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى ونحن نحترم هذا المبدأ. ويعود للبنانيين تقرير ما يريدون لبلادهم. ومن المهم ان يتمكن اللبنانيون من الإتفاق على الخطوط العريضة اللازمة من اجل ان ينطلق لبنان الى الأمام ويخرج من هذا المأزق ومن مرحلة انسداد الأفق. ويقع على عاتقنا، نحن اصدقاء لبنان، ان نساندكم ونتابعكم ونكون الى جانبكم. لقد شاركنا في مؤتمر دعم الجيش اللبناني في روما لأننا نعي مدى اهمية القوات المسلحة اللبنانية فهي المؤسسة الضامنة لوحدة أمن اللبنانيين. ونحن نتعاطف مع ما تقوم به من مهام".
ورأى ان "ما حدث في عرسال أمر خطير"، وقال: "ان وجود نزاع مثل نزاع السوري على حدود لبنان ليس بالأمر السهل، وما صمود لبنان لغاية الآن، الا دليل بأنه يجب بذل جهود اضافية من اجل ان يبقى لبنان صامدا وابعاده عن تداعيات هذا النزاع حتى لا يجتاح البلد"، متمنيا "ان يبقى لبنان بمنأى عن النزاعات الطائفية الحاصلة في المنطقة".
وختم السفير المكسيكي حديثه موجها رسالة سلام وازدهار الى اللبنانيين، وقال: "لديكم بلد رائع واشخاص مميزون، وانتم لا تقدرون كم انتم محظوظون لوجودكم في بلد جذاب وجميل، واتمنى ان يبقى لبنان بمنأى عن كل التشنجات الحاصلة في المنطقة".
=========== ن.م