تحقيق رحاب أبو الحسن
وطنية - على مسافة أيام من انطلاق المحاكمات في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في ما اصطلح على تسميته بقضية "عياش وآخرون"، في 16 كانون الثاني الحالي في لاهاي، تعمل المحكمة الخاصة بلبنان على استكمال تحضيراتها كافة، وستشهد جلسات الانطلاقة التي قد تستمر ليوم ونصف اليوم مداخلات لوكلاء الدفاع عن المتهمين،احداها تستمر ل3 ساعات وهي لفريق الدفاع عن المتهم حسين عنيسي، على ان يصار إلى الإستماع تباعا الى 103 شهود وتلاوة شهادات خطية ل 76 واحدا اضافة الى شهادات 23 خبيرا، عدد منها كان أدلي بها خطيا".
وبعد انعقاد غرفة الدرجة الأولى جلسة تحضيرية علنية هي الثالثة برئاسة رئيس الغرفة دايفيد راي وفي حضور فريق الإدعاء وفريق الدفاع إلى جانب الممثلين القانونيين عن المتضررين، ودرسها لبنود عشرة معظمها لوجيستي وتفاصيل سير اعمال المحاكمة واجراءاتها وتحديد إمكان الإدلاء بالشهادة بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة، أعلنت المحكمة أنها ترغب في إصدار توجيهات تتعلق بسير المحاكمة وإجراءاتها وتتعلق خصوصا بعرض الأدلة واستدعاء الشهود والتواصل معهم وآلية مشاركة المتضررين.
وكان فريقا الدفاع عن المتهمين سليم عياش وأسد صبرا أعلنا أمام غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان أنهما لن يدليا بمداخلة افتتاحية عند بدء المحاكمة، في حين أعلن فريق الدفاع عن مصطفى بدر الدين أنه سيدلي بمداخلة مدتها نصف ساعة، أما فريق الدفاع عن المتهم حسين عنيسي فأشار إلى مداخلة مدتها 3 ساعات. ويتوقع أن تكون هذه المداخلات يوم الاثنين في العشرين من الحالي.
في المقابل، لفت الإدعاء إلى أن افتتاحيته لجلسات المحاكمة في 16 الجاري قد تستمر ليوم ونصف اليوم أي أنها تنتهي بعد ظهر يوم الجمعة، وأفادت المحكمة أنها ستعطي الوقت الكافي للمداخلات الإفتتاحية كما أمنت أموالا للمتضررين الحاضرين للجلسات كي يبقوا في هولندا الوقت الكافي ليدلوا بمداخلاتهم.
وسيمثل 8 شهود أمام المحكمة في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الحالي 7 منهم سيحضرون شخصيا وواحد سيدلي بشهادته عبر تقنية المؤتمرات المتلفزة وقد قبلت المحكمة بذلك، كما قبلت المحكمة بشهادة شاهدة عن الإنفجار أدلت بها أمام لجنة التحقيق بعدما تخلفت عن الحضور إلى المحكمة بداعي الخوف. وتم نقاش عن كيفية تحضير الشهود وطلب الدفاع أن تكون عملية التحضير مسجلة بالصوت والصورة ولكن المحكمة لم تتخذ قرارا بعد في هذه المسألة.
جلسات المحاكمة الاولى
وفي هذا السياق، لخص مرجع قانوني مطلع على عمل المحكمة الدولية، جدول أعمال جلسات المحاكمة الأولى، موضحا أنها "ستبدأ بتلاوة موجز عن القرار الإتهامي، وبعد ذلك سيقرر الإستماع الى 66 متضررا تباعا، وفي وقت لم يعرف من سيحضر منهم، توقع حضور ما لا يقل عن 20 ضحية".
في المقابل، أشار المرجع إلى أنه "سيصار إلى الإستماع تباعا الى 103 شهود، فيما ستتلى شهادات خطية ل 76 واحدا منهم، على أن يحضر أحد الشهود المتضررين، ويدلي بشهادته بواسطة مترجم لعدم تمكنه من النطق، فضلا عن ذلك ستتلى شهادات 23 خبيرا، عدد منها كان أدلي بها خطيا".
وكشف أنه " للمرة الأولى، ستأخذ المحكمة بشهادات وصلت اليها عبر الرسائل القصيرة sms، وذلك بعد التأكد من صدقيتها وهوية مرسلها وجدية مضمونها"، مشددا على أن "هذه التقنية ستفتح الباب أمام كل من لديه معلومات لإرسالها الى المحكمة بهذه الطريقة، وذلك عملا بالمادة 155 من قواعد الإجراءات والإثبات، التي تفتح المجال أمام اعتماد كل الوسائل لإثبات الأدلة أو نفيها".
يأتي الإعلان عن بدء المحاكمات الغيابية بمثابة تأكيد استمرار عمل المحكمة، وبعد التأكد من أن السلطات اللبنانية قامت بكل ما يلزم من أجل تبليغ المتهمين مذكرات التوقيف بحقهم وأنه لم يعد بمقدورها القيام بالمزيد.
المادة 22
يشار في هذا الشأن الى أن المادة 22 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان نصت على قيام المحاكمات الغيابية وورد فيها أن "المحاكمات الغيابية لها ما يبررها، وذلك في حال فرار المتهم أو عدم العثور عليه، وبعد أن تكون قد اتخذت الخطوات المعقولة من اجل إبلاغ المتهم او المتهمة بمذكرات التوقيف. وللتأكيد أكثر على هذا المسار عمد مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان الى تعيين ثمانية محامين دائمين للمتهمين الأربعة في قضية اغتيال الرئيس الحريري، وهم كانوا عينوا بصفتهم محامين مناوبين، وستكون مهمتهم الدفاع عن حقوق المتهمين بدون التواصل معهم والمحامون هم:اللبناني أنطوان قرقماز محاميا رئيسيا لمصطفى بدر الدين ويعاونه البريطاني جون آر دبليو دي جونز، الكندي يوجين أوسوليفن محاميا رئيسيا لسليم عياش ويعاونه اللبناني إميل عون، الفرنسي فينسان كورسيل - لابروس محاميا رئيسيا لحسين عنيسي ويعاونه المصري ياسر حسن، البريطاني دايفيد يونغ محاميا رئيسيا لأسد صبرا ويعاونه السويسري غويناييل ميترو.
وكانت المحكمة الدولية، أوضحت أن "محامي الدفاع يواجهون مهمة صعبة، وهي تمثيل المتهمين والدفاع عنهم من دون التواصل معهم"، مؤكدة "ومن مبدأ ضمان تكافؤ وسائل الدفاع، أن مكتب الدفاع سيقدم المشورة القانونية والدعم العملي إلى المحامين"، ولفتت الى أنه "على المدعي العام إطلاع المحامين على المواد المؤيدة لقرار الاتهام في غضون 30 يوم عمل".
وكانت المحكمة اتخذت في شهر كانون الثاني الماضي قرارها التمهيدي للبدء بالمحاكمة الغيابية وتحديد الخطوات القانونية واللوجستية التي يفترض توافرها قبل عقد أول جلسة رسمية لها في ما اصطلحت على تسميته بقضية "عياش وآخرين".
يوسف
وكان الناطق باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مارتن يوسف، قال:"16 كانون الثاني الحالي موعد بدء عمل المحكمة الخاصة بلبنان، يوم تاريخي للمحكمة والعدالة الدولية وأن لبنان والتاريخ والشعب سيشهد على تحقيق العدالة وكشف حقيقة ما جرى في 14 شباط 2005 للشعب اللبناني الذي سيسمعها من الادعاء والمتضررين والدفاع".
وأوضح أن "الجلسة الافتتاحية سيتخللها كلمات افتتاحية وتلاوة القرار الاتهامي وان الوكيل القانوني للمتضررين من الجرائم طلب من عدد منهم أن يتواجدوا داخل الغرفة ويمكن أن يطلب منهم أن يتكلموا".
وعن موضوع ضم ملف المتهم الخامس باغتيال الرئيس الشهيد الحريري حسن حبيب مرعي الى ملف المتهمين الأربعة، اعتبر يوسف أن "القضيتين مختلفتين إلا أن القاضي قد يطلب ضمهما وفي هذه الحال سيطلب من محامي مرعي التواجد في القاعة"، مشيرا الى "ضرورة ان يمنح الوقت الكافي لتجهيز نفسه للمحاكمة".
ولفت يوسف في لقاء اعلامي إلى أن "عدم التأخير في المحاكمات أمر مهم، إلا أن تأمين فرصة محاكمة عادلة للمتهمين أهم من الوقت"، موضحا أنه "فيما خص المحاكمات الغيابية أنه في ظل عدم حضورالمتهمين فإن المحكمة الدولية تطبق القوانين اللبنانية التي تسمح بالمحاكمات الغيابية"، كاشفا أن "جزءا من القرار الذي اتخذ من غرفة الدرجة الاولى بما خص المحاكمات الغيابية يقضي بمنحه فرصة اعادة محاكمته في حال ظهوره الى العلن بعد اصدار المحكمة ادانتها".
واعلن أن "هذه أول محكمة دولية تسمح بالمحاكمة الغيابية بعد 50 عاما وأن كل الإجراءات والقوانين المتعلقة بها متخذة من السلطات اللبنانية والقرارات الصادرة عنها ستطبع المتهمين مدى الحياة".
وأشار إلى "قرار صدر عن رئيس المحكمة طلب فيه من السلطات اللبنانية تجديد الاجراءات المتخذة والجهود للبحث والقبض على المتهمين، وأشارت غرفة الدرجة الاولى انها تقدر الحال والموقف اللبنانيين اللذين لا يسمحا باتخاذ إجراءات معينة للبحث عن المتهمين" مشددا على "ضرورة مواصلة البحث وتقديم تقارير شهرية لرئيس المحكمة عن الخطوات والاجراءات المتخذة وهي تقدمها سريا".
وأكد أن "المحكمة غير مخولة اتهام حزب أو فريق أو جهة سياسية معينة بل الأفراد المنتمين للأحزاب وتحصر إهتمامها بالأدلة التي تثبت علاقتهم بالاعتداء مبديا أسفه للكلام الذي يقول عكس ذلك".
وعن رفض فريق من اللبنانيين الإعتراف بالمحكمة رأى يوسف أن "أي محكمة دولية ستواجه هذه المواقف وهذا ما شهدناه في دول أخرى كيوغوسلافيا"، مؤكدا أن "العدالة لا تتحقق عبرالإعلام بل في غرفة الدرجة الأولى"، مشيرا إلى أن "المحكمة الخاصة بلبنان ستفسح في المجال أمام الشعب اللبناني لمتابعة إجراءاتها وتحركاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها وأن جلسة الإفتتاح ستنقل على الهواء مباشرة وسيتم إعتماد اللغة الانكليزية في المحاكمات وستترجم بعض القرارات لا سيما القضائية منها إلى اللغة العربية وسيسمح بتقديم وثائق باللغة العربية كما يمكنها أن ترفع تقريرا لمجلس الأمن الدولي لتطبيق قراراتها".
كما أوضح أن "اهتمام المحكمة ينصب على إعتداء 14 شباط 2005 يضاف اليها الإعتداءات التي حصلت بين تشرين الأول 2004 وكانون الأول 2005 وأي إضافة أخرى كالإغتيال الأخير للوزير السابق الشهيد محمد شطح يجب أن تأتي بطلب موجه من الحكومة اللبنانية الى مجلس الأمن الدولي".
وعن التسريبات التي حصلت في أسماء الشهود، اعتبر يوسف أن "ليس كل ما يسمى تسريب هو حقيقة"، رافضا "اتهام المحكمة بالتسييس فالقضاة سيصدرون قرارهم بالاستناد إلى أدلة الإدعاء حصرا".
وتحدث عن "إجراءات سرية لحماية الشهود والشخص الوحيد الذي يتواصل معهم هو صديق المحكمة ستيفان بورغ"، مؤكدا أن "كل الإجراءات والعدد والمعلومات الصحيحة ستظهر في 16 كانون الثاني".
وبالنسبة لتمويل المحكمة قال يوسف: "49 % من التمويل من مسؤولية الحكومة اللبنانية في ما 51 % يأتي من 28 بلدا شارك في تمويل المحكمة وما نحصل عليه من مختلف الأفرقاء يسمح لنا بإكمال عملنا"، معربا عن ثقته ب"أن الحكومة اللبنانية ستمول المحكمة وأن عملها سيستمر والمدة التي ستستغرقها مرتبطة بطريقة تقديم الشهادات، اذ يمكن ان يكون الشهود في المحكمة وتتطرح عليهم أسئلة معينة".
وختم: "بالتأكيد لبنان اليوم يؤثر على العدالة الدولية بطريقة غير اعتيادية، فهذه أول محكمة تختص بالارهاب في الشرق الأوسط وستؤثر على الدول العربية والشرق الأوسط برمته".
تعريف بالمحكمة الخاصة بلبنان
عرفت المحكمة الخاصة بلبنان من نشأتها بأنها محكمة ذات طابع دولي، ويقع مقرها الرئيسي في إحدى ضواحي لاهاي في هولندا، ولها أيضا مكتب في بيروت. هدفها الرئيسي محاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 شباط 2005 الذي أدى إلى استشهاد الرئيس الحريري اضافة الى 23 آخرين، وإلى جرح عدد من الأشخاص.
وقد أنشئت المحكمة بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، وعندما رفض لبنان التوقيع على الإتفاق الذي تم التوصل إليه مع الأمم المتحدة نتيجة للخلاف السياسي بين الأفرقاء السياسيين، عمدت الأمم المتحدة إلى إقراره تحت الرقم 1757 عبر مجلس الأمن الدولي.
وكانت المحكمة الخاصة بلبنان بدأت عملها في 1 آذار 2009، وهي تتألف من أربعة أجهزة: الغرف، والادعاء، ومكتب الدفاع، وقلم المحكمة.
والمحكمة هي هيئة قضائية مستقلة تضم قضاة لبنانيين ودوليين، وليست محكمة تابعة للأمم المتحدة ولا جزءا من النظام القضائي اللبناني، غير أنها تحاكم الناس بموجب قانون العقوبات اللبناني، وتعتبر المحكمة الأولى من نوعها في تناول الإرهاب بوصفه جريمة قائمة بذاتها. وتشكل المساهمات الطوعية 51 في المئة من تمويلها، ويساهم لبنان بنسبة 49 في المئة.
كما يشمل اختصاص المحكمة أيضا إعتداءات أخرى وقعت في لبنان بين 1 تشرين الأول 2004 و12 كانون الأول 2005 إذا تبين أنها مرتبطة بأحداث 14 شباط ومماثلة لها من حيث طبيعتها وخطورتها، كما أن ولاية المحكمة تجيز لها أيضا ممارسة الاختصاص على جرائم ارتكبت في أي تاريخ لاحق، ويقرر ذلك الطرفان بموافقة مجلس الأمن، إذا كانت هذه الجرائم مرتبطة باعتداء 14 شباط 2005.
أما المحكمة فافتتحت في 1 آذار 2009 في ضاحية لايدسندام بالقرب من مدينة لاهاي بهولندا، وهي هيئة قضائية مستقلة، وليست من محاكم الأمم المتحدة.
يشار إلى أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الخاصة بلبنان هما منظمتان منفصلتان. وقد انتهت ولاية اللجنة في 28 شباط 2009، ونقل اختصاصها إلى المحكمة الخاصة بلبنان، وسلمت المعلومات التي جمعتها اللجنة إلى المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان.
============= ج.س