الخميس 31 تشرين الأول 2024

08:21 am

الزوار:
متصل:

مكتومو القيد ... لم يولدوا بعد ... ورحلة انهاء المعاناة تبدأ بخطوة أليس سليمان: لدينا مظلة دولية وهدفنا التوعية .. ودلال فراج تدلي بشهادة عدم وجودها

تحقيق ريما يوسف

وطنية - لبنانيون، شئنا أم أبينا، يولدون، يعيشون، ويرحلون من دون اثبات. في المبدأ ولدوا من أم وأب لبنانيين وفي الواقع الملموس غير موجودين اصلا لا في قيد رسمي ولا ديني.

مكتومو القيد، ولدوا أو لم يولدوا بعد؟ الدولة تتجاهلهم مع العلم انها قدمت الجنسية اللبنانية هدية الى الالاف منذ 20 عاما وعجزت عن تثبيت لبنانيين تخاذل أهلهم عن تثبيتهم أصلا بسبب الاهمال واللامسؤولية والخوف من سبب ما، ولما لا، ف "الاباء يأكلون الحصرم والابناء يضرسون"، كما قال السيد المسيح منذ أكثر من 2000 سنة.

غالبيتهم تحولوا، بفعل وضعهم المجهول، الى ارقام في ملفات القضاء والسجون، يصعب تحديد عديدهم ويرزحون تحت عبء فقدانهم "ورقة التعريف"، فيعيشون في غياهب المجتمع، محرومين من حقوقهم المدنية، ويموتون قبل أن يؤكدوا مرورهم في الحياة. أفراد تحكم عيشهم، قوانين "عتيقة" تحول دون تجديدها حسابات سياسية واجتماعية. انهم اللبنانيون المكتومو القيد.

ويعتبر مكتوم القيد، كل شخص او طفل لا يحمل اوراقا ثبوتية رسمية تحدد هويته او جنسيته وتحرمه من ممارسة حقوقه وواجباته، وان عدم تسجيل الاطفال ضمن المهلة القانونية المحددة خلال مهلة سنة من شأنه اعتبار الطفل المكتوم القيد على الرغم من ان والديه يحملان الجنسية اللبنانية وزواجهما شرعي، ويحمل افادة ولادة من المستشفى.

لجنة معالجة
وبسبب وضعهم اللامقبول واللانساني، أسست رئيسة تجمع الهيئات من اجل حقوق الطفل في لبنان المحامية اليس كيروز سليمان لجنة معالجة اوضاع الاطفال اللبنانيين المكتومي القيد.

وفي حديث ل"الوكالة الوطنية للاعلام"، اعتبرت سليمان انه "لدينا مظلة هي الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صدرت عام 1989 وصدق عليها لبنان عام 1991، وأصبحت من ضمن منظومة القوانين اللبنانية، ونحن كتجمع هيئات لدينا برنامج عمل وهو نقل المواد من الورق الى الواقع، لذلك عملنا على شرعنة القوانين المتعلقة بالطفل".

اضافت: "انطلقنا من هنا واجرينا مشاورات مع المعنيين واتفقنا على تشكيل لجنة لمعالجة اوضاع الاطفال اللبنانيين المكتومي القيد من دون ال 18 عاما سنة 2012".

وأكدت سليمان أن "للجنة طابعا رسميا واهليا وهنا تكمن اهميتها لانها تضم ممثلين عن وزارة العدل وهيئة القضايا، ووزارات الصحة والداخلية والشؤون الاجتماعية والتربية والاعلام، ونقابات المحامين والاطباء المستشفيات، وروابط مخاتير وامن عام وامن داخلي والقابلات القانونيات وجمعيات اهلية معينة بالتعاون مع منظمة الرؤية العالمية، وهدفها توعية الاهل والمجتمع، والعمل على المعالجة القانونية والعملية لوضعهم".

اسباب عدم التسجيل
واعتبرت سليمان أن "الأسباب وراء عدم تسجيل الاهل اولادهم في الدوائر الرسمية الخلاف بين الزوجين، او الاب يترك زوجته ويهجرها وهي حامل لاسباب عدة (مادية، حمل غير شرعي،...) أو الإهمال او عدم ثبوت البنوة"، مشيرة إلى أن "عدم تسجيل الطفل بعد سنة من ولادته يحتاج بعدها لدعوى قضائية امام القاضي المدني لتثبيته اضافة الى فحص DNA ومن النسب، ويهمنا كلجنة ان نعمل على مساعدتهم لتأمين المعونة القضائية والتخفيف من سعر فحص الحمض النووي للوصول الى النتيجة المطلوبة وسنقوم بإحصاء في كل المناطق لمعرفة العدد الرسمي للاولاد".

من جهة ثانية، أشارت سليمان إلى أنه "وخلال شهرين أعددنا فيلما تلفزيونيا قصيرا يبين حرمان الطفل من كل الحقوق التي ينص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقية الطفل الدولية، اضافة الى "بوستر" يبين طفلا لبنانيا حزينا يقول ما معناه "اهلي لم يسجلوني اذا انا مكتوم القيد"، اضافة الى حرمانه من حقه في التعلم والعمل والزواج والتملك".

وأكدت أن "دور اللجنة هو اولا واخيرا التوعية ثم التوعية من تكرار ما حصل في الماضي، وهذه التوعية ستطاول الاهل والمجتمع والمستشفيات والمستوصفات، وطلبنا من وزارة الصحة سجلا صحيا لكل مولود يبين آلية قيد المولود في دوائر النفوس، اضافة الى انشاء دليل يبين آلية التسجيل في دوائر النفوس ويكون مستندا في حملة التوعية التي ستعتمد في المناطق".

وأشارت الى أن اللجنة دعت الى "مؤتمر عن الاطفال اللبنانيين المكتومي القيد عند التاسعة والنصف من قبل ظهر يوم الاربعاء في 6 تشرين الثاني المقبل في بيت المحامي، للاعلان عن وضع دراسة قانونية لمراجعة قانون قيد وثائق الاحوال الشخصية الصادر في العام 1951 ومن بين اصحاب العلاقة الذين يتقدمون بالتسجيل الام وقاضي الاحداث، اضافة الى مطالبة أن يعتبر إهمال الاهل بتسجيل المولود جرما جزائيا يعاقب عليه، وان تطبق عليه المادة 25 من قانون حماية الاحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر باعتباره معرضا للخطر وتطبق عليه احكام الحماية".

وختمت مؤكدة ان اللجنة هدفها "تسهيل امور المتضررين والسعي مع نقابة المحامين لاعفاء مقدمي الدعوى من رسومها وتم اعداد فريق من المحامين للتعاون مع اللجنة".

معلوف
من جهتها، اعتبرت المسؤولة في "منظمة الرؤية العالمية" سناء معلوف في حديث ل"لوكالة الوطنية للاعلام"، ان "عملنا يتمحور حول الاطفال وحمايتهم واجرينا مسحا وتبين لنا ان عددهم كبير وهم عرضة للخطر، واكثرهم موجود في عكار والنبعة وبعض مناطق البقاع وليس في منطقة واحدة. نحن كجمعية استطعنا تأمين التمويل لاظهار المشكلة اولا واثرها الخطير على الاجيال، وزرنا اكثر من 100 شخص مكتوم القيد ومقدمي دعاوى ولم يتوصلوا الى نتيجة، فمشاكلهم النفسية والمادية والمعنوية كبيرة جدا، والحالات كثيرة والاسباب كثيرة ايضا".

وشددت معلوف على "أهمية التوعية في تسجيل الاطفال وشهادة الميلاد من المستشفى، واذا كانت القابلة غير قانونية فلن تعطيهم اوراقا ثبوتية، فالمهم ان يكون لدينا اثبات انهم ولدوا على الاراضي اللبنانية"، وتمنت على "السلطة التشريعية النظر بوضعهم وشرعنتهم".

شهادة حية
ودخلت "الوكالة الوطنية للاعلام" الى غياهب احزان احدى المواطنات المكتومات القيد والتي تبلغ 15 ربيعا، ورأت ما رأته من معاناة وقهر دفع المسؤول عنها الى تزويجها وهي في عمر 11 عاما وطلاقها في نفس السنة... دلال فراج:"انا غير موجودة ولا أشعر بالحياة التي يراها الباقون"، هكذا تعرف عن نفسها.

ما تعرفه دلال انها ولدت في مستشفى حكومي وتحمل وثيقة ولادة منها، ووالدها طلق امها أثناء الحمل بها، وأبى ان يعترف بها لأسباب عدة لم تعرفها دلال حتى الآن.

وقالت:"لا أستطيع التعلم ولا السفر عند والدتي الموجودة في كندا، حياتي بلا اوراق بلا معنى، أشعر أنني في سجن من دون قضبان، حتى المستشفى لا يمكنني دخولها، المجتمع يرفضني، ويشير إلي مستغربا وجودي، ولما اعيش طالما اهلي لم يعطوني بطاقة تعريف...".

رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة، ولجنة معالجة اوضاع الاطفال اللبنانيين المكتومي القيد بدأت رحلتها، على أمل أن تستطيع أن تنهي معاناة اصحابها في اسرع وقت وبمعاونة الوزارات المعنية والدولة ومجلس النواب.

=================== ر.ي.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب