تحقيق - ايمان سلامه
وطنية - عام جديد يقبل على التلامذة اللبنانيين عموما وفي صيدا خصوصا، وهي كغيرها من المدن اللبنانية حيث يتفاعل ابناؤها مع الاوضاع الاقتصادية التي وفي كل مرة تأخذ منحى جديدا من التضخم المالي الذي يلقي بثقله على كاهل المواطن دون سؤال عن قدرته الشرائية للكتاب المدرسي والقرطاسية من جهة واعتبار امكاناته المادية منطلقا لاي زيادة يمكن ان تطرأ على الاقساط المدرسية من جهة اخرى، اضف الى ذلك تلك الصفقات التي تقوم بها المدارس والمكتبات على حساب المواطن من خلال حصر بيع الكتب والقرطاسية من هذه المكتبة او تلك بناء على اتفاق مسبق يضع الاهل امام الزامية الشراء الحتمية دون ترك اي خيار لهم.
المدرسة الرسمية باتت هي الملجأ الوحيد الذي يهرع اليها المواطن للتخلص من حمل الاقساط المرتفعة والقرطاسية التي لم يعد قادرا على تحمل نفقاتها في ظل حال اقتصادي يزداد سوءا يوما بعد يوم. فكتب المدارس الرسمية شبه مجانية وتحت سقف مدروس ومتاح لجميع الطبقات الاجتماعية عكس المدارس الخاصة التي برر اصحابها الزيادة الى الدورة الاقتصادية المتردية، والبعض الاخر الى مطالب الاساتذة، والنتيجة دائما اغراق الاهل في أوزار وأعباء مادية تبدأ من حيث لا تنتهي.
القطاع الرسمي
رئيس المنطقة التربوية في وزارة التربية في مدينة صيدا باسم عباس، أكد ان هناك "متابعة جدية وحثيثة لادق التفاصيل عبر التفتيش التربوي والتواصل الدائم مع مدراء المدارس الرسمية ومجالس الاهل لتأمين كل الاحتياجات اللازمة خصوصا كتب الروضات والحلقات الاولى المجانية، اضافة الى ادراج اسلوب التدوير او الاعارة بين طلاب الحلقات الثالثة ولا سيما ان الكتاب المدرسي وتكلفته الباهظة ترهق المواطن".
اما بالنسبة للنزوح السوري وتأثيره على القطاع الرسمي، فقد أوضح عباس ان "الوضع في الجنوب عموما وفي صيدا خصوصا لا يزال تحت السيطرة، وعملت الشبكة المدرسية في صيدا من خلال اجتماعاتها الاحاطة بالامور التربوية كافة ومعالجتها بالطريقة التي تضمن حسن سير العام الدراسي بشكله الطبيعي".
واضاف: "هناك تنسيق مع قوى الامن الداخلي والبلديات لمتابعة اوضاع الطلاب السوريين بشكل متواصل ويومي كي يطمئن الطلاب والاهل لاجواء المدرسة على حد سواء، الا ان المشكلة قد تقع في منطقتي الشمال والبقاع حيث يكمن النزوح الكثيف".
وفي ما يتعلق باستنسابية المدارس الخاصة لناحية الاقساط وأسعار الكتب والقرطاسية وعن وجود لجان رقابية منبثقة عن وزارة التربية، أكد عباس "ان الجميع يخضعون للرقابة ولا احد فوق الرقابة"، وقال: "هناك لجان مختصة تقوم بدورها في هذا الخصوص كما يوجد رئيس مصلحة للتعليم الخاص داخل الوزارة يتابع امور اللجان وكيفية تطبيق التدابير والتعليمات الصادرة عن الوزارة"، مشددا على "ان الامور تسير بشكل افضل عندما يتعاون الجميع في المدارس الرسمية والخاصة والمجتمع المدني ايضا مثلما لديه حقوق عليه واجبات وبذلك يكتمل المشهد التربوي المثالي".
القطاع الخاص
مدير ثانوية راهبات مار يوسف الظهور الخاصة سهام سميا، فقد وصف لجان الاهل "بعين الوزارة" المراقبة والمحاسبة، لانها صلة وصل بين الوزارة والمدرسة من جهة وبينها وبين المدرسة من جهة اخرى.
واشار الى ان "زيادة الاقساط تتم ضمن القوانين التي وضعتها الدولة في بند الزيادة 20% ، الا ان الاهل في كثير من الاحيان يكونون غير راضين عنها، ولولا قدر للمحاكم التي وجدت لفض النزاع في هذه المسائل التربوية المادية في آن بين الاهل والمدارس لكانت الامور اتخذت اتجاها اخر ولما تجرأت مدارس اخرى على الغاء القرطاسية وفرض زيادة خيالية على الاقساط المدرسية"، وقال: "أما بالنسبة لنا، فنحن نعمل على مناقشة مجلس الاهل ونتوافق على حل يرضي الطرفين ألا وهو مبدأ التقسيط في حال عدم قدرة الاهل على دفع القسط بالكامل وكمؤسسة تربوية خاصة نخضع لدائرة التعليم الخاص في وزارة التربية نضع بين ايديهم في كل عام موازنة الثانوية.
وعزا سميا زيادة الاقساط المدرسية الى عدم وجود نظام رقابي حاسم لانه وكما كل شيء في هذا المجتمع بحاجة للمراقبة كذلك التعليم الخاص يلزمه تطبيق فعلي على الارض عبر تنفيذ القوانين للحؤول دون تفلت البعض في هذا القطاع من التزاماته تجاه الدولة والمواطن ككل.
اما مدارس جمعية المقاصد الخيرية المؤلفة من مدرسة الدوحة وعائشة الابتدائية وثانوية البنين وثانوية حسام الدين الحريري وكلها تخضع لمجلس اداري مركزي يقوم بوضع تكاليف الاقساط لهذه المؤسسات كافة دون حسم او تخفيض. وأوضحت امينة سر المجلس الاداري هناء الحلبي ان الاقساط ترتفع مع ارتفاع سلم الزيادات التي تعطى للاساتذة بنسبة 7% وقالت: "لا نستطيع تحمل الاعباء المادية لانها كبيرة فكيف مع هذه الزيادات، اضافة الى ذلك التجهيزات التقنية المكلفة والتي لا يمكننا الا ان نواكبها، وهنا تكمن مشكلة الاهل معنا عندما يأتي العام الدراسي والاسعار مرتفعة وقدرة الدفع محدودة، لذلك ليس امامنا الا عملية التقسيط دون حسم لنهاية العام الدراسي".
وبالنسبة للنازحين السوريين، قالت: "طلب منا استقبال الطلاب السوريين الذين لا يتجاوز عددهم السبعين طالبا، وعملنا على فتح الصف الثالث ابتدائي في مدرسة الروضة وتم تأمين الاساتذة لهم، على ان تتولى الشبكة المدرسية بشخص منسقها نبيل البواب امورهم الا ان هذا الصف بالطبع لا يتضمن الوسائل التكنولوجية المعهودة في مدارسنا".
زيادة الاقساط كانت مختلفة في كل مدرسة، منها 7% واخرى تحت سقف ال20%، التي جعلتها الدولة مساحة لضبط تكاليفهم المادية والتربوية، الا ان المواطن اللبناني وحده عليه ان يجد سقفا لمتطلباته الاجتماعية والاقتصادية في ظل ظروف اقتصادية شلت قدرته على الانتاج من ناحية وشراء كل ما يلزمه من كتب وقرطاسية للاولاد، والمدرسة الرسمية كانت له بمثابة مركب نجاة لاولاده من خطر الجهل والامية في زمن تحكمه الاقمار الاصطناعية وشبكات البرامج الالكترونية العالمية.
======== ن.م