الخميس 31 تشرين الأول 2024

08:19 am

الزوار:
متصل:

الاقتصاد اللبناني في العناية الفائقة والنمو أقل من 2 % بعد تراجع قطاعات السياحة والاستثمارات والتجارة مرفأ بيروت تحول الى محطة توريد للبضائع لتغطية الاسواق السورية

كتب جوزف فرح 

وطنية - صرخة الغضب التي اطلقتها الهيئات الاقتصادية في لبنان من "البيال" خلال حزيران الماضي ليبقى بلدا واقتصادا لم تفعل فعلها، فاستمر التباطؤ الاقتصادي والتراجع في مختلف المؤشرات الاقتصادية، حتى ان نسبة النمو المتوقعة 2 في المئة حسب تقديرات المسؤولين الماليين والخبراء والمؤسسات المحلية والدولية لن ترسو على هذا الرقم بسبب عدم نجاح الموسم السياحي في الصيف من استقطاب السياح والمصطافين الذين يشكل انفاقهم السياحي ارتفاعا في نسبة النمو.

وعبثا يحاول رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار لملمة ما تبقى من هذا الاقتصاد، رافضا "أخذ البلاد والاقتصاد رهينة المغامرات وادخالنا الى عالم المجهول"، ومطالبا ب"تشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها، خصوصا وان اهل الاقتصاد قادرون على استدراك التراجع الحاصل في ما لو استقرت الامور وتوفرت الاجواء السياسية المناسبة"، معتبرا ان تشكيل مثل هذه الحكومة يمكن ان تعيد تعبئة الفراغ الذي يشل كل مرافق الدولة وتنعش الاقتصاد وتعيد اليه الدور الذي كان يلعبه في السابق".

كل المؤشرات الاقتصادية جاءت سلبية في العام 2013 باستثناء القطاع المصرفي الذي سجل نموا تجاوز ال 8 في المئة، واستمرت التوقعات المالية الدائرة ضمن اطار التفاعل بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر وانتعاش الحركة في مرفأ بيروت.

وحده الاستقرار الامني السياسي ينعش الاقتصاد والقطاعات الاقتصادية المختلفة، واذا كانت هذه المقولة صحيحة، فأن لبنان يكون قد فوت فرصا ذهبية عدة اخرها تداعيات "الربيع العربي" التي اتت سلبية بعد ان كان متوقعا لها ان تكون ايجابية، خصوصا في ما يتعلق بالنازحين السوريين الذين باتوا يشكلون ثلث عدد اللبنانيين المقيمين، وما يشكل هذا الوجود من بعد اقتصادي واجتماعي الى جانب بعده الانساني بات يهدد معيشة اللبنانيين، خصوصا بالنسبة لسوق العمل او بالنسبة لما يشكله النازحون من وجود على صعيد حاجاتهم الى الكهرباء والمياه والنقل والتعليم والاستفشاء وغيرها التي باتت تشكل عبئا على حكومة تقوم اليوم بتصريف الاعمال ولو بالحد الادنى من المتطلبات الضرورية.

هذا المشهد الاقتصادي يكرس لبنان في اتجاه انحداري في ظل الغيبوبة السياسية المرتجاة. النمو كان في العام 2010 8 في المئة وتراجع اليوم الى 1,5 في المئة على الرغم من ان صندوق النقد الدولي توقع ان تكون النسبة 2 في المئة عام 2013. السياحة تراجع عدد سياحها بنسبة 12 في المئة في النصف الاول من العام الحالي عن الفترة ذاتها من العام الماضي في ظل قرار خليجي بمنع الرعايا الخليجين من المجيء الى لبنان والذي يشكلون ثلث عدد السياح الذين كانوا يفدون الى لبنان، وفي ظل تراجع عدد السياح الاخرين بسبب عدم الاستقرار السياسي والامني، كما ان الانفاق السياحي تراجع من 8 مليارات دولار في العام 2010 الى حدود ال 4 مليارات دولار متوقعة هذا العام، وفي ظل تراجع عدد اللبنانيين المنتشرين في العالم من المجيء الى وطن الاباء والاجداد للاسباب عينها واخرها خطف الطيارين التركيين وانعكاس ذلك على قطاع السياحة وعلى مطار رفيق الحريري الدولي المتنفس الوحيد والنافذة الوحيدة على العالم الخارجي في ظل الاضطرابات السورية.

نقيب اصحاب الفنادق ورئيس اتحاد المؤسسات السياحية بيار الاشقر اكد ان القطاع الفندقي تراجعت مداخليه بنسبة 54 في المئة مقارنة بالعام 2009 و2010 على الرغم من الحسومات التي قدمتها الفنادق والتي ناهزت ال 30 في المئة.

وفي ظل الاوضاع التي تمر بها سوريا اصبح السوريون يعتمدون مطار رفيق الحريري الدولي للسفر الى الخارج مما انعكس نموا على حركة قطع تذاكر السفر بنحو 17 في المئة، وهذا ما ادى الى نمو في حركة الركاب في المطار بنسبة 7 في المئة باضافة العراقيين الذين بات البعض منهم يعتمد المطار وقطع تذاكر السفر من لبنان.

اذن القطاع السياحي الذي كان يعول عليه لبنان كثيرا اصبح بحاجة الى من ينقذه في ظل ارتفاع صرخة اهل القطاع ومطالبة الدولة بمساعدتهم، كما طالب رئيس نقابة المجمعات البحرية السياحية جان بيروتي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بدعوة اللجنة العليا للسياحة الى اجتماع استثنائي لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل خراب القطاع.
بالنسبة للقطاعين الزراعي والصناعي فقد واصلت التطورات الاقليمية التأثير عليهما كما على قطاعات اقتصادية اخرى.

الميزان التجاري
فارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 13,5 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي وقد احتلت الصادرات المعدنية المرتبة الاولى في قائمة الصادرات، وقد تم ادخال مادة المازوت ضمن هذه الصادرات المعدنية الى سوريا بعد ان كانت هذه الاخيرة تصدر هذه المادة الى لبنان ابان الهدوء، وشكلت الدول العربة السوق الرئيسية للصادرات اللبنانية وتصدرت سوريا المرتبة الاولى بعد ان كانت السعودية هي المستورد الاول للبنان.

ومرد ارتفاع الصادرات الصناعية يعود الى ان القطاع الصناعة تمكن من التصدير بحرا ولو بكلفة اعلى من التصدير البري الذي تعرض لانتكاسات عدة بسبب التطورات الامنية التي تحصل داخل سوريا.

وفي هذا الاطار، حافظ الميزان التجاري الصناعي على مستواه المسجل في النصف الاول من العام 2012، اثر تراجع عجزه من 7,9 مليارات دولار في النصف الاول من العام 2012 الى 7,5 مليارات دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.

اما بالنسبة للقطاع الزراعي فان ما يسرد على القطاع الصناعي يسرد عليه ايضا. فقد نمت صادراته بنسبة 34,4% وكانت حصة السوق الرئيسية منها كبيرة كون المنتجات اللبنانية تقوم بالتعويض عن النقص الحاصل في السوق الرئيسية.

في القطاع العقاري فانه يعيش في حالة ترقب وتريث وتباطؤ بسبب تراجع في الطلب حيث يتم التركيز على الشقق الصغيرة الحجم على الرغم من اجراءات مصرف لبنان التي ساهمت في ضخ السيولة في الاسواق والحفاظ على استقرار هذا القطاع وتأمين مساكن للطبقة الميسورة والمتوسطة الدخل، في ظل ابتعاد المستثمر العربي وتريث المستثمر المغترب واحجام المستثمر المقيم بسبب ضعف امكانياته.

اما اسعار العقارات فانها تراجعت بالنسبة للشقق الكبيرة وبقيت على اسعارها بنسبة للشقق الصغيرة، وقد تراجعت قيمة المبيعات العقارية 8,1 في المئة مقارنة مع السنة الماضية، كما تراجعت حركة المبيعات للاجانب حوالي 8,6 في المئة.

جمعية تجار بيروت
اما في القطاع التجاري فصرخة رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس ما تزال مدوية في اذان المسؤولين والمواطنين مع اتجاه بعض المحلات التجارية الى الافلاس او الاقفال، معلنا ان الوضع الاقتصادي متجه نحو الانحدار والتراجع، مؤكدا ان هناك تجار خسروا وكالاتهم لانهم غير قادرين على دفع المستحقات او لانهم غير قادرين على دفع ضريبة الدخل او الضريبة على القيمة المضافة.

القطاع المصرفي
اما بالنسبة للقطاع المصرفي فانه ما زال يتمتع بالثقة المحلية والاقليمية وحتى الدولية بسبب الادارة الحذرة وتعاليم السلطات النقدية والملأة المالية والسيولة المرتفعة، وهذا ما ادى الى نموه بنسبة 8 في المئة حيث وصلت موجوداته الى 157,9 مليار دولار، ووصلت ودائعه الى 131,9 مليار دولار في حزيران الماضي.
ثم ان حجم الودائع الاضافية والبالغة 6,3 مليارات دولار جاء اكبر نسبيا من نمو الودائع في الفترة ذاتها في العام الماضي مما يعكس قدرة المصارف اللبنانية على اجتذاب اموال المقيمين وغير المقيمين حتى في الاوقات الصعبة.
ويواجه هذا القطاع تحديات كثيرة تمكن من تجاوزها منها وجوده في المناطق التي تتعرض لاضطرابات امنية، والتحذيرات الدولية والعقوبات ضد سوريا ومكافحة تبييض الاموال، اضافة الى عدم الاستقرار السياسي والامني الذي يؤثر سلبا على حركة التسليفات والاستثمارات في البلد.

وانخفضت قيمة الاسهم المتداولة في بورصة بيروت بنسبة 37 في المئة خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الحالي وقد بلغت الرسملة السوقية للبورصة 10,56 مليارات دولار في نهاية شهر تموز من العام الحالي مقابل 10,24 مليارات في شهر حزيران وحوالي 10,25 مليارات دولار في نهاية تموز من العام 2012.

على صعيد تراكمي، انخفضت قيمة الاسهم المتداولة من 291,54 مليون دولار خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الماضي الى حوالي 184,70 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الحالي.

في المقابل بلغ الاحتياطي من العملات الاجنبية في مصرف لبنان اكثر من 36 مليار دولار وهي كمية تعتبر كافية لكي يبقى مصرف لبنان اللاعب الرئيسي في سوق القطع اللبنانية وهذا مايؤدي الى استقرار الليرة اللبنانية.

مرفأ بيروت
اما على صعيد مرفأ بيروت، فانه ما زال يحقق الارقام القياسية بكميات البضائع المستوردة والمصدرة وحركة الحاويات والسيارات التي يتداولها، رغم تفاقم الازمات الداخلية والاحداث الامنية الخطيرة في المنطقة، وقد انعكست هذه الارقام ايجابا على المجموع العام للواردات المصرفية. وقد اوضح رئيس غرفة الملاحة الدولية ايلي زخور ان السبب المباشر لهذه النتائج يعود الى تحول لبنان الى محطة توريد للبضائع لتغطية الاسواق السورية بسبب العقوبات الاقتصادية الضريبية المفروضة عليها، كما ان المخاطر المحدقة بالشاحنات العابرة للاراضي السورية بسبب الاحداث الامنية الجارية فيها، دفعت قسما كبيرا من التجار اللبنانيين الى تحويل مستورداتهم وصادراتهم التي كانت تتم برا من والى الدول العربية الى مرفا بيروت.

واشار زخور الى ان هذه الحركة الجيدة ستستمر الى امد غير منظور، حتى بعد عودة الامن والاستقرار الى سوريا. فالمرفأن السوريان، طرطوس واللاذقية لن يكونا قادرين على استيعاب ما قد تحتاجه سوريا من مواد وبضائع لاعادة اعمار مدنها ومصانعها المدمرة.

واوضح زخور انه في الوقت الذي تشكو فيه كافة القطاعات الاقتصادية من تراجع حركة البيع والشراء في الاسواق اللبنانية نتيجة للاوضاع في المنطقة، نرى ان مرفأ بيروت هو المستفيد الاول من هذه الاحداث، فالتاجر اللبناني الذي كان يستورد عددا محدودا من الحاويات وكميات البضائع لتغطية حاجات الاسواق اللبنانية ضاعف من حجم مستورداته لتغطية الاسواق السورية ايضا.

الاقتصاد في الغرفة العناية
لا بد من التذكير ان الحركة الاقتصادية مستمرة في ظل غياب الحكومة التي تقوم بتصريف الاعمال وفي ظل الحديث عن مشروع قانون لسلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام الذي سيرتب على الخزينة اللبنانية اعباء اضافية مع عدم قدرة المواطن اللبناني على عدم امكانيته تحمل اعباء ضرائبية جديدة وهذا ماسيؤدي الى استمرار العجز في خزينة الدولة دون وجود اية بوادر امل في هذا الموضوع.

يمكن الوصول الى نتيجة ان الاقتصاد اللبناني دخل في غرفة العناية الفائقة لقطاعات اقتصادية بينما تمده قطاعات اخرى ببعض الاوكسجين كالقطاع المصرفي وقطاع النقل عبر مرفأ بيروت، وذلك نتيجة عدم الاستقرار الامني والسياسي في لبنان وامتدادات الازمة السورية الى الداخل اللبناني. وبالتالي فالاقتصاد اللبناني اصبح بحاجة الى عملية انقاذ توفر له الاستقرار، وما الدعوة التي وجهها رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار الى قيام جبهة انقاذية تضم مختلف النقابات والاتحادات والمواطنين والمجتمع المدني من اجل تحييد الاقتصاد في السياسة تصب في هذا الاتجاه.
فهل يفلح في ذلك وهل يتمكن الاقتصاد الوطني من النفاذ؟.

=================

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب