تحقيق هدى منعم
وطنية - تسود أوساط المؤجرين والمستأجرين بلبلة لا سابقة لها نتيجة الآثار التي تركها مرسوم غلاء المعيشة الأخير وتفاوت الآراء في تحديد زيادة النسبة على بدلات الايجار القديمة، فبين ما حدده كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة العمل ووزارة المال وهيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل وكلها آراء غير ملزمة تمسك بها كل من الفريقين بما يناسبه من النسب، فنشأت نزاعات وكثر توجيه الانذارات وإقامة الدعاوى وتوكيل محامين وطلب الحصول على استشارات في ظل غياب مرسوم توضيحي يحدد ماهية النسبةالرسمية الواجب زيادتها على بدلات الايجارالقديمة.
وفي انتظار صدور هذا المرسوم يمكن العودة الى تسلسل مراسيم زيادات غلاء المعيشة والمراسيم التوضيحية التابعة له وكيفية احتساب الزيادة والنسبة وفقا لنصوص المراسيم.
ففي تحقيق مع المحامي اديب زخور نستعرض كل هذه النقاط والزيادة الناتجة من مرسوم غلاء المعيشة الأخير الذي هي 17,5%.
مرسوم الحد الأدنى للأجور وزيادة نسبة غلاء المعيشة والزيادة على بدلات الإيجار المنصوص عليها في المادتين 6 و 13 من القانون الرقم 160 تاريخ 22/7/1992.
مقدمة
ما هي العلاقة بين الزيادة المقررة على الحد الأدنى للأجور وتعيين نسبة غلاء المعيشة والزيادة على بدلات الإيجار؟ سؤال بحاجة دائما الجواب عليه لمعرفة الزيادة المقررة على بدلات إيجار العقارات المبنية، فكل مستأجر ومالك ينتظر صدور مرسوم تعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل ونسبة غلاء المعيشة الذي يحدد نسبة الزيادة الطارئة على الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة وعلى أساسه تزاد نصف هذه النسبة على بدلات الإيجارات وفقا لما هو منصوص عليه في المادتين 6 و13 من القانون الرقم 160 تاريخ 22/7/1992.
وقد صدر أخيرا المرسوم الرقم 7426 تاريخ 25 كانون الثاني 2012 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور، وأثار لغطا لناحية تحديد نسبة الزيادة المقررة على الأجور وعلى نسبة غلاء المعيشة، مما انعكس سلبا على عدم فهم نسبة الزيادة التي طرأت على بدلات الإيجارات المنصوص عليه في المادتين 6 و13 من القانون الرقم 160 تاريخ 22/7/1992، والتي نصتا على زيادة بنسبة تعادل نصف الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول من الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاء المعيشة، وتحديد أجور المستخدمين والعمال وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بكل زيادة كما سنبينه تباعا.
لذلك، يتطلب الأمر معرفة عميقة بقانون العمل ومراسيم تحديد الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة، كما معرفة عميقة بقانون الإيجارات الإستثنائي الرقم 160/92، وتحديد العبارات المستعملة فيها وشرحها وكيفية تطبيقها حاليا طبقا لحالات سابقة مماثلة كل ذلك وفقا للأصول، تمهيدا للتوصل لإعطاء الرأي النهائي المنتظر من الأجير ورب العمل، ومن المالك والمستأجر.
أولا: تعدد الآراء حول نسبة الزيادة المقررة على الحد الأدنى للأجور وغلاء المعيشة وعلى بدلات الإيجار. نتيجة البلبلة التي أحدثها مرسوم غلاء المعيشة في العام 2008، امتنعت العديد من الوزارات والإدارات العامة من دفع الزيادات على بدلات إيجار المباني التي تشغلها، ومنها إدارة تعاونية الموظفين، وذلك بعد مراجعة إدارة الأبحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية التي طلبت منها إنتظار صدور قانون يحدد الزيادة على غلاء المعيشة والتي يحدد على ضوئها الزيادة المقررة على بدلات الإيجار وتاريخ بدء العمل بها.
كما أن القرار الصادر عن إحدى غرف محكمة الإستئناف الناظرة بقضايا الإيجارات بتاريخ 7/2/2013 والذي اعتبر في إحدى حيثياته أنه لا يمكن للمرسوم الرقم 7426/2012 أن يلغي الزيادة التي طرأت عام 2008 كونها تمت بموجب قانون، لا يمكن الإستناد إليه كليا كونه لم يتطرق بصورة أصلية إلى كيفية إحتساب الزيادة الحالية بكافة نقاطها وأبعادها، كما أن مرسوم غلاء المعيشة الرقم 7426/2012 لم يتطرق أصلا إلى الزيادة المقررة على بدلات الإيجار بل ألغى المرسوم السابق رقم 500/2012 بغض النظر عن صحة هذا العمل القانوني، إضافة إلى إمكانية صدور عدة آراء متضاربة ومن محاكم مختلفة كون قرار أي محكمة بما فيها قرار محكمة الإستئناف في موضوع الزيادة على بدلات الإيجار لا يشكل إجتهادا ثابتا ولا يلزم باقي المحاكم التقيد به.
كما أنه على أثر صدور المرسوم الرقم 7426 تاريخ 25/1/2012 المتعلق بتعيين الحد الأدنى للأجور، صدرت العديد من الآراء ومن أكثر من جهة رسمية حول كيفية إحتساب زيادة غلاء المعيشة والزيادة المقررة على بدلات الإيجار، مما أدى إلى زيادة البلبلة والضياع في تحديد النسبة بدقة، وسوف نذكر منها:
1 - تحديد نسبة الزيادة على الأجور من قبل الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي:
بتاريخ 7 شباط 2012، أصدر مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي مذكرة إعلامية رقمها 460 تتعلق بتطبيق أحكام المرسوم الرقم 7426 تاريخ 25/1/2012 المتعلق بتعيين الحد الأدنى للأجور، ولتحديد الإشتراكات معتبرين أن قيمة الزيادة الصافية هي 175,000 ل.ل. وبالتالي، هي ذات نسبة الزيادة المقررة على الحد الأدنى للأجور أي 33 %.
2 - تحديد نسبة الزيادة على بدلات الإيجارات المعقودة في ظل قانون الإيجارات الرقم 160/92 بقرار وزير المالية.
بتاريخ 2 نيسان 2012 صدر عن وزير المالية قرارا تحت رقم 375/1 محددا نسبة الزيادة الطارئة على بدلات الإيجار قدرها 12,8 % وذلك من اجل احتساب القيم التأجيرية، بناء على اقتراح مدير المالية العام وبعد استشارة مجلس شورى الدولة الرأي الرقم 149/2012، وقد جاء هذا القرار بناء على مرسوم غلاء المعيشة الرقم 7426/2012.
ونصت المادة الأولى من القرار الرقم 375/1 ما حرفيته:
"اعتبارا من 1/2/2012 تطبق على بدلات الإيجار المنصوص عليها في المادتين 6 و13 من القانون الرقم 160/92 تاريخ 22/7/1992 (قانون الإيجارات) نسبة زيادة قدرها 12,8 % على البدلات كما هي في 31/1/2012 وذلك من اجل احتساب القيم التأجيرية ابتداء من 1/2/2012".
3 - رأي هيئة التشريع والإستشارات
بتاريخ 24/5/2012 أصدرت رئيسة هيئة التشريع والإستشارات القاضية ماري دنيز معوشي إستشارة بناء على طلب مدير عام وزارة العدل، بموضوع تجديد عقد إيجار مبنى وزارة العدل، بعد أن طالب مالك البناء زيادة على بدلات الإيجار قدرها ½17%، وقد جاءت الإستشارة لتعطيه زيادة 50 % بدل ½17 %، وهذا ما جاء في بعض حيثيات هذه الإستشارة: "حيث أن السؤال الذي يطرح تفسير المادتين 6 و 13 يتعلق بوصف ما نصتا عليه لناحية أصول إحتساب بدلات الإيجار، وحيث أن هاتين المادتين قد تضمنتا معيارا نحتسب على أساسه بدلات الإيجار وهذا المعيار هو عبارة عن مؤشر Index تمثل نسبة مئوية تحتسب إنطلاقا من " نسبة الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول من الراتب المحدد في المراسيم.
وحيث أنه يكتفي وفقا للأحكام المذكورة بالبحث في مراسيم زيادة غلاء المعيشة عن النسبة المئوية المعينة للجزء الأول من الراتب. وحيث أن المرسوم الرقم 7426/2012 قد حدد نسبة الزيادة على الجزء الأول من الراتب نسبة 100% التي تشكل المؤشر المحدد في المادتين 6 و 13 من القانون الرقم 160/92 لذا لا يجب إحتساب الزيادة في ضوء إقتطاع مبلغ مئتي ألف ل.ل بعد إلغاء المرسوم الرقم 500/2008 لاستخراج أساس الراتب الذي يجب إعطاء زيادات الراتب على أساسه لأن هذا الحساب الأخير يجرى لتحديد الراتب وليس لتحديد الزيادة على بدلات الإيجار التي تبقى محكومة بمؤشر وحيد هو نسبة الزيادة المحددة في مراسيم زيادة غلاء المعيشة أي ما ذكر في هذه المراسيم من نسبة دون الرجوع إلى مفعولها العملي إذا تطرقت هذه المراسيم إلى أصول محددة لاحتساب أساس الراتب.
لذلك ترى هذه الهيئة أن الإيجار يجب أن تزاد عقب صدور المرسوم 7426/2012 بنسبة خمسين في المئة. تعرض هذه الإستشارة على حضرة مدير العام لوزارة العدل للتفضل باتخاذ الموقف المناسب.
ثانيا: الجهة المخولة بتعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور وارتباطه بنسبة غلاء المعيشة: جاءت المادة 6 من القانون الرقم 36/67 الصادر بتاريخ 16 أيار 1967 المتعلق بتعيين الحد الأدنى لأجور المستخدين والعمال ومعدل غلاء المعيشة، لتقول "إن الحكومة تحدد بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، عند الإقتضاء وكلما دعت الحاجة الحد الأدنى الرسمي للأجور، ونسبة غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها بناء على الدراسات وجداول تقلبات أسعار كلفة المعيشة التي تضعها وزارة التصميم وعلى الوزارة المذكورة أن تضع هذه الدراسة والجداول كل سنتين على الأقل".
وبعد إلغاء وزارة التصميم العام أنشئت لجنة مؤشر الغلاء بموجب المرسوم الرقم 4206 تاريخ 8 آب 1981. بالإستناد إلى المادة 6 نلاحظ العلاقة الوثيقة بين الحد الأدنى للأجور ونسبة غلاء المعيشة التي تزاد كل مرة من الحكومة بنسب متوازية، بناء على دراسات واضحة من لجنة مؤشر الغلاء. وبالتالي، من الطبيعي أن يحدد المرسوم بوضوح الزيادة الفعلية المقررة على الأجور ونسبة غلاء المعيشة بناء على الدراسات وجداول تقلبات أسعار كلفة المعيشة، وهذا غاية المشترع وهدف المرسوم من وضعه، وإلا أبطل وأصبح بلا فائدة لعدم إعطاء الأجراء لحقوقهم بعد أن تظهرالدراسات وجداول تقلبات أسعار كلفة المعيشة حصول ارتفاع في غلاء المعيشة. بحيث يكون المرسوم الصادر مؤشر فعلي وليس نظري للزيادة الطارئة والتي دفعت عمليا للأجير.
ومن مراجعة هذه المراسيم كافة، نجد أنها اتبعت ذات المنهج أي أن الزيادة على الأجور تكون متطابقة ومتساوية لنسبة غلاء المعيشة المقررة والواردة في ذات المرسوم بهدف إعطائها للأجراء فعليا وليس نظريا، وأحيانا تتخطى الزيادة على الأجور نسبيا نسبة غلاء المعيشة المقررة في ذات المرسوم كما حصل في المرسوم الرقم 6263/95.
ثالثا: تحديد الزيادة على بدلات الإيجار إستنادا إلى قانون الإيجارات الرقم 160/92: نصت المادة 6 فقرة ج من قانون 23/7/1992 على ما يلي: اعتبارا من 23/7/1992 وبعد المضاعفة الوارد ذكرها في البندين " أ" ، "ب" من هذه المادة ترتبط وتزاد تباعا بدلات الإيجار بنسبة تعادل نصف نسبة الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول عن الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاء المعيشة وتحديد أجور المستخدمين والعمال وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بكل زيادة.
كما نصت المادة 13 الفقرة خامسا من قانون 23/7/1992 على ما يلي:
اعتبارا من 23/7/1992، وبعد المضاعفة الوارد ذكرها في هذه المادة ترتبط وتزاد تباعا بدلات الإيجار بنسبة تعادل نصف الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول من الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاء المعيشة، وتحديد أجور المستخدمين والعمال وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بكل زيادة.
بالإستناد إلى المادة 6 و 13 من قانون 160/92 يمكن ملاحظة ما يلي:
1 - إن بدلات الإيجارات مرتبطة بمرسوم زيادة غلاء المعيشة وتحديد أجور المستخدمين والعمال الذي هو مرسوم تقرره الحكومة وليس قانون.
2 - ان المرسوم المذكور يحدد حصرا الحد الأدنى للأجور وزيادات غلاء المعيشة ولا يأتي في مضمونه ليتناول الزيادة المقررة على بدلات الإيجار.
3 - ان الزيادة المقررة على بدلات الإيجار تحدد بالإستناد الى المادة 6 و 13 من قانون 23/7/1992، التي اعتمدت المرسوم المتعلق بزيادة غلاء المعيشة وتحديد أجور المستخدمين والعمال كمؤشر فعلي، بحيث تزاد تباعا بدلات الإيجار بنسبة تعادل نصف الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول من الراتب المحدد في هذا المرسوم، وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بكل زيادة.
وبالتالي، يجب تحديد الجزء الأول من الراتب الفعلي والزيادة الفعلية الطارئة والتي أضيفت فعليا على الراتب، لتحديد نسبة تعادل نصف هذه الزيادة الطارئة عليه في كل مرة لزيادتها على بدلات الإيجار.
5 - سريان الزيادة على بدلات الإيجار اعتبارا من تاريخ العمل بكل زيادة على الأجور الواردة في مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور، وعدم جواز احتساب الزيادة الطارئة مرتين على بدلات الإيجار، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية صدور قانون توضيحي كما حصل في القانون الرقم 63/2009، الذي أوضح اللغط الحاصل في المرسوم الرقم 500/2008 المتعلق بتحديد الحد الأدنى للأجور وحدد نسبة غلاء المعيشة بنسبة 66%، إلا أنه اعتبر أن الزيادة على بدلات الإيجار التي حددها بنسبة 33% تسري من تاريخ العمل بالقانون الرقم 63/2009 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/1/2009، بدلا من تاريخ العمل بالمرسوم الرقم 500 الصادر بتاريخ 14 تشرين الأول 2008.
6 - قراءة وتفسير مرسوم المتعلق بتعيين الحد الأدنى للأجور كما هو محدد بالقانون وهدف المشرع من وضعه، مع الأخذ بعين الإعتبار التطبيق العملي للزيادة الواردة في المراسيم الصادرة سابقا وكيفية إحتساب الزيادة على الأجور وغلاء المعيشة.
7 - تقرير الزيادة الفعلية بناء لما تم زيادته فعليا على الحد الأدنى للأجور ونسبة غلاء المعيشة وقبضه عمليا من الأجير، كما هو وارد في المرسوم المتعلق بزيادة غلاء المعيشة، وتحديد أجور المستخدمين والعمال.
رابعا: كيفية إحتساب الزيادة على بدلات الإيجار تاريخيا واستنادا للمراسيم المتعلقة بتعيين نسبة غلاء المعيشة وتحديد أجور المستخدمين والعمال:
مقدمة:
لمعرفة الزيادة المقررة على بدلات الإيجار واحتسابها وفقا للمادتين 6 و 13 من قانون 160/92، يجب معرفة النسبة الفعلية المقررة على غلاء المعيشة، والجزء الأول من الراتب الذي كان يتقاضاه الأجير فعليا، والزيادة الفعلية التي طرأت على أجره الحالي، والتي قبضها الأجير، مع الأخذ بعين الإعتبار العملية الحسابية التي قد تكون قد أجريت في متن مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور، كما حصل في المرسوم الأخير الرقم 7426 تاريخ 25 كانون الثاني 2012، وذلك لمعرفة المؤشر الحقيقي والفعلي للزيادة التي تم إضافتها على الجزء الأول من الأجر، ومن بعدها نطالب هذا الأجير الذي قد يكون مستأجرا بدفع نصف نسبة الزيادة التي قبضها فعليا وليس وهميا وإضافتها على بدلات الإيجار.
فلا يمكن المطالبة بأي زيادة صورية لم تحصل ولم يقبضها المستأجر من مرسوم غلاء المعيشة. وسوف نستعرض المراسيم المتعلقة بتعيين الحد الأدنى لأجور المستخدمين والعمال في القطاع الخاص وإعطاء زيادة غلاء معيشة، وكيفية احتسابها وتطبيقها الفعلي، والتي تبين التطابق الفعلي بين الزيادة على الأجور والزيادة لمقررة على نسبة غلاء المعيشة، وكيفية احتساب الزيادة على بدلات الإيجار منذ صدور قانون 160/92، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية حصول زيادة على الحد الأدنى للأجور تتخطى نسبة غلاء المعيشة، كما حصل في المرسوم الرقم 6263/95:
1 - بتاريخ 14 تشرين الأول 2008 صدر المرسوم الرقم 500 المتعلق بتعيين الحد الأدنى لأجور المستخدمين والعمال في القطاع الخاص وإعطاء زيادة غلاء معيشة، وحدد في المادة الأولى منه الحد الأدنى للأجور بمبلغ 500,000 ل.ل خمسمئة ألف ليرة لبنانية، وذلك اعتبارا من 1/5/2008. وجاءت المادة 2 وأضافت إلى أساس الأجر الذي كان يتقاضاه الأجير بتاريخ 30/4/2008 زيادة غلاء معيشة قدرها 200,000 ل.ل ولم يحدد المرسوم هذه النسبة كما فعلت المراسيم السابقة.
نتيجة لعدم وجود نسبة محددة واضحة في المرسوم الرقم 500/2008، فقد حدد رجال القانون نسبة زيادة غلاء المعيشة بناء لما تم إضافته فعليا على الأجر الأساسي وهي نسبة 66 %، وهو مؤشر فعلي لما قبضه الأجير من زيادة. وكانت الإضافة على بدلات الإيجار كما هو مقررا في المادتين 6 و13 من قانون الإيجارات الرقم 160/92، نصف هذه النسبة أي 33%.
وبالفعل، فقد جاء القانون الرقم 63/2009 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/1/2009، المتعلق برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور في الإدارات العامة وفي الجامعات اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وإعطاء زيادة غلاء معيشة، ليوضح هذا اللغط بحيث ذكر صراحة أنه "رفع الحد الأدنى للأجور في هذا القطاع إلى 500,000 ل.ل. أي بزيادة نسبتها 66 % على الحد الأدنى للأجور (ولم يذكرالزيادة على نسبة غلاء المعيشة كونها ذات النسبة) وأضاف القانون على بدلات الإيجار نصف نسبة هذه الزيادة اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون".
بحيث جاءت الزيادة في هذا القطاع متطابقة مع الزيادة المقررة في القطاع الخاص وأكد القانون على ذات النسبة المضافة فعليا على الأجر وهي نسبة 66 %، كما حدد نصف هذه النسبة كزيادة على بدلات الإيجار أي نسبة 33%. ومن المهم الإشارة إلى أن القانون 63/2009 حسم الجدل، بإقراره المعيار الفعلي للزيادة على الحد الأدنى للأجور، لتطبيقه على الزيادة الطارئة على بدلات الإيجار، (ولم يستعمل عبارة معيار غلاء المعيشة ولم يميزها عن الزيادة الطارئة على الحد الأدنى للأجور) وهو المعيار الموحد المنصوص عليه في نص المادتين 6 و 13 من قانون 160/92 التي ربطت زيادة بدلات الإيجار بنسبة تعادل نصف الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الأول من الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاء المعيشة، وتحديد أجور المستخدمين والعمال. (بتاريخ 9/4/2009 صدر في الجريدة تصحيح خطأ مادي للقانون 63/2009 الذي لم يذكر المادة 6 فجاء التصحيح التالي:"المادتين 6 و 13 من القانون 160").
وإننا نشرح هذا الأمر، لنوضح أن ما توصل إليه المشرع في القانون الرقم 63/2009 وما قبله في جميع المراسيم المعنية بزيادة الحد الأدنى للأجور، كان نتيجة عملية حسابية لمعرفة أن الزيادة الطارئة على الأجر وعلى غلاء المعيشة هي زيادة فعلية، وأن زيادة 200,000 ل.ل على الأجر الأساسي هي زيادة بنسبة 66 % وهو المعيار الفعلي الواجب إتباعه، وهذا ما يتم تقريره في كل مرة لمعرفة نسبة زيادة غلاء المعيشة، وبالتالي، ما يجب إحتسابه لزيادة نصف هذه النسبة على بدلات الإيجار.
وهذه النسبة هي نتيجة طبيعية بمجرد إحتساب فرق الزيادة الفعلية، بين الحد الأدنى للأجر في العام 2008 مبلغ 500,000 ل.ل والحد الأدنى للأجر السابق للعام 1996 مبلغ 300,000 ل.ل وهو الجزء الأول الفعلي من الراتب الذي كان يتقاضاه الأجير، وهي بالطبع نسبة زيادة غلاء معيشة فعلية قدرها 66 %. وبالتالي، أضيفت نصف هذه النسبة على بدلات الإيجارات أي نسبة 33 %.
وكذلك الأمر كان بالنسبة لجميع المراسيم الأخرى التي سنستعرضها تباعا.
2 - بتاريخ 8 تموز 1996 صدر المرسوم الرقم 8733 المتعلق بتعيين الحد الأدنى للأجور والمستخدمين والعمال وزيادة غلاء المعيشة اعتبارا من 1/1/1996، وعين الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 300,000 ل.ل وجاءت المادة 2 منه لتضيف إلى الأجر الذي يتقاضاه الأجير بتاريخ 31/12/1995 زيادة غلاء معيشة فعلية قدرها:
20% على الجزء الأول من الأجر، وهذه النسبة هي نتيجة طبيعية بمجرد احتساب فرق الزيادة الفعلية بين الحد الأدنى للأجر في العام 1996 مبلغ 300,000 ل.ل، والحد الأدنى للأجر السابق في العام 1995 مبلغ 250,000 ل.ل وهو الجزء الأول الفعلي من الراتب الذي كان يتقاضاه الأجير، أي زيادة مبلغ 50,000 ل.ل. وهي نسبة زيادة فعلية قدرها 20 %. وبالتالي ، أضيفت نصف هذه النسبة على بدلات الإيجارات أي نسبة 10%.
3 - بتاريخ 18 كانون الثاني 1995 صدر المرسوم الرقم 6263 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل وإعطائهم زيادة غلاء معيشة وتعويض نقل ومنحة تعليم موقتين للمستخدمين والعمال.
وجاءت المادة الأولى من المرسوم لتعين الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 250,000 ل.ل اعتبارا من 1/1/1995، وأضافت المادة 2 من ذات المرسوم إلى الأجور التي يتقاضاها الأجراء بتاريخ 31/12/1994 (وهو مبلغ 200,000 ل.ل.) زيادة غلاء معيشة قدرها 20 % من الحد الأدنى للأجر، شرط ألا تقل الزيادة عن خمسين ألف ليرة للأجراء الذين يشملهم الحد الادنى للأجر، وفاقا لأحكام المادتين الاولى و2 من القانون الرقم 36/67 ولا تزيد عن مبلغ مئتي وخمسين ألف ليرة.
وبالتالي، أضاف المرسوم الرقم 6263/1995 على نسبة غلاء المعيشة 20 % شرط ألا تقل الزيادة عن خمسين ألف ليرة للأجراء الذين يشملهم الحد الأدنى للأجر، ولا تزيد عن مبلغ مئتي وخمسين ألف ليرة.
بالإستناد إلى ذلك، أضيفت نصف هذه النسبة على بدلات الإيجارات أي نسبة 10%.
4 - بتاريخ 10 كانون الثاني 1994 صدر المرسوم الرقم 4631 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال وإعطاء العاملين في القطاع الخاص زيادة غلاء معيشة، وعينت المادة الأولى منه الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 200,000 ل.ل اعتبارا من 1/1/1994، وأضافت المادة 2 من ذات المرسوم إلى الأجور التي يتقاضاها الأجراء بتاريخ 31/12/1993 زيادة غلاء معيشة قدرها :1) 70% على الجزء الأول من الراتب حتى مبلغ 150,000 ل.ل. وهذه النسبة هي نتيجة طبيعية بمجرد احتساب فرق الزيادة الفعلية بين الحد الأدنى للأجر في العام 1994 مبلغ 200,000 ل.ل والحد الأدنى للأجر السابق في العام 1992 مبلغ 118,000 ل.ل. وهو الجزء الأول الفعلي من الراتب الذي كان يتقاضاه الأجير، أي زيادة مبلغ 82,000 ل.ل وهي نسبة زيادة فعلية قدرها 70%.
وبالتالي، أضيفت نصف هذه النسبة على بدلات الإيجارات أي نسبة 35 %.
5 - كما سوف نعطي مثلا آخر حول تطابق الزيادة على الأجور ونسبة غلاء المعيشة: بتاريخ 8 تموز 1992 صدر المرسوم الرقم 2502 المتعلق بإعطاء العاملين في القطاع الخاص زيادة غلاء معيشة، وقد جاءت المادة الأولى من من ذات المرسوم لتضيف إلى الأجور التي كان يتقاضاها الأجراء بتاريخ 31/12/1991 زيادة غلاء معيشة قدرها: 60 % على الشطر الأول من الأجر حتى مبلغ 150,000 ل.ل، ولم تعين الحد الأدنى الرسمي للأجور والزيادة الطارئة.
وصدر بعده المرسوم 2658 تاريخ 15 أيلول 1992 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال، وعينت المادة الأولى منه الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 118,00 ل.ل اعتبارا من 1/1/1992، بحيث أتى متطابقا مع نسبة غلاء المعيشة، وهذه النسبة هي نتيجة طبيعية بمجرد احتساب فرق الزيادة الفعلية بين الحد الأدنى للأجر في العام 1992 مبلغ 118,000 ل.ل والأجر السابق 75,000 ل.ل الحد الأدنى الرسمي للأجور بموجب المرسوم الرقم 1146 تاريخ 30 نيسان 1991 ، وهو الجزء الأول الفعلي من الراتب الذي كان يتقاضاه الأجير، أي زيادة مبلغ 68,000 ل.ل.
6 - المرسوم الرقم 7426 تاريخ 25 كانون الثاني 2012 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور والزيادة المقررة على بدلات الإيجار: بالإستناد إلى كل ما تقدم، ينقلنا لفهم أعمق للمرسوم الرقم 7426 تاريخ 25 كانون الثاني 2012 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل ونسبة غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها، حيث ولأول مرة اتبع هذا المرسوم في مواده عملية حسابية يجب فهمها بترابطها ببعضها.
أ - كيفية إحتساب الزيادة في المرسوم الرقم 7426/20012
- جاء هذا المرسوم بعكس كل المراسيم السابقة، ليلغي في المادة الأولى منه أحكام المرسوم 500 تاريخ 14 تشرين الأول 2008 المتعلق بتعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور، وعين في المادة 2 منه الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 675,000 ل.ل اعتبارا من 1/2/2012. وبالتالي، إن هذا المرسوم رفع الحد الأدنى للأجور من 500,000 ل.ل إلى 675,000 ل.ل أي أضاف فعليا مبلغ 175,000 ل.ل على الحد الأدنى للأجور السابق، وهي نسبة زيادة بلغت 33%، واعتبر المرسوم أن هذه الزيادة تستحق من 1/2/2012، وبالتالي عدم سريانها قبل هذا التاريخ.
وكان من الطبيعي أن تزاد بدلات الإيجار بنسبة نصف هذه النسبة أي ½ 17%. ما أثار اللغط أن المرسوم ذاته الرقم 7426/20012 اتبع عملية حسابية للتوصل في نتيجتها إلى ذات نسبة الزيادة، كما هو وارد في المادة 3 منه التي حددت كيفية احتساب الأجر وزيادة غلاء المعيشة، حيث نصت بأنه تضاف اعتبارا من 1/2/2012 إلى الأجر الذي يتقاضاه الأجير بتاريخ 31/1/2012 زيادة غلاء معيشة تحتسب وفق الآلية الواردة في متن ذات المادة: وهنا الملاحظة الأولى: إن الفقرة الأولى من المادة 3 نصت أنه لغاية إحتساب الزيادة تنزل من الأجر مبلغ 200,000 ل.ل الذي كان قد أضيف بحكم المرسوم الرقم 500 تاريخ 14/10/2008 ( وهنا برأي هيئة الإستشارات لا يجب احتساب الزيادة في ضوء إقتطاع مبلغ 200,000 ل.ل بالرغم من احتسابها وتنزيلها في هذه الفقرة من المرسوم الرقم 7426/20012 مما أدى الى التوصل الى النتيجة الخاطئة بإضافة نسبة 100 % دون احتساب هذا التنزيل).
والملاحظة الثانية أنه بعد إجراء تنزيل هذا المبلغ، نصت الفقرة الثانية من المادة "3" على أنه تطبق على الرصيد زيادة غلاء معيشة قدرها: 100% على الشطر الأول منه حتى مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية على ألا تقل الزيادة عن 375,000 ل.ل. ففي المادة 3 فقرة الأولى من المرسوم الرقم 7426/20012 نزل مبلغ 200,000 ل.ل الذي كان قد أضيف عام 2008 وهي نسبة 66 % بالنسبة للأجر الذي كان يتقاضاه الأجير، بعد أن ألغى في المادة الأولى المرسوم الرقم 500/2008 الذي أضاف هذه الزيادة، وبالطبع بهدف إجراء العملية الحسابية، ثم نصت المادة 3 فقرة الثانية أنه يطبق على الرصيد زيادة غلاء معيشة قدرها نسبة 100 % على الشطر الأول منه حتى مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية على ألا تقل الزيادة عن 375,000 ل.ل توصلاً لاحتساب الأجر والزيادة.
فنظريا بعد أن ألغي المرسوم 500/2008، احتسبت نسبة الزيادة منذ العام 1996 وهي آخر زيادة أجور طرأت بموجب المرسوم الرقم 8733/96 الذي عين الحد الأدنى للأجور ب 300,000 ل.ل. وبالتالي، فإن نسبة الزيادة 100 % هي نسبة زيادة 66 % (200,000/ل.ل.) تمثل نسبة غلاء المعيشة للعام 2008 + 33 % (175,000 ل.ل) وهي نسبة غلاء المعيشة المقررة في العام 2012، 375,000 ل.ل، وهي الزيادة التي أوردها المرسوم في المادة 3، مع تنزيل مبلغ 200,000 ل.ل وهي نسبة الزيادة 66 % للعام 2008، فتصبح نسبة الزيادة النهائية والفعلية 33 %، بحيث دفعت للأجير زيادة فعلية مبلغ 175,000 ل.ل فيكون الحد الأدنى الرسمي للأجور 675,000 ل.ل.
300,000 ل.ل + 375,000 ل.ل = 675,000 ل.ل.
الحد الأدنى للأجور 1996 إلغاء المرسوم 500/2008 وينزل من الأجر 200,000 ل.ل الحد الأدنى للأجور 2012، مع الزيادة ألا تقل عن 375,000 ل.ل 2012
300,000 ل.ل + 200,000 ل.ل + 175,000 ل.ل = 675,000 ل.ل
الحد الأدنى للأجور1996 زيادة الأجر 66 % 2008 ، زيادة الأجر الصافي 33% 2012 الحد الأدنى للأجور 2012.
بالإستناد إلى ما تقدم، لا يمكن فهم المادة 3، إلا بترابطها ببعضها البعض بكل فقراتها وبالمادتين 1 و2 وليس بتزجئتها، بحيث تأتي هذه الحسابات بعد تنزيل مبلغ 200,000 ل.ل، أي نسبة الزيادة 66 %، لتكون متطابقة لما هو واقع ومطبق في هذا المرسوم من زيادات فعلية نهائية 175,000 ل.ل. نسبتها 33 % وليس زيادات نظرية.
ب - السؤال الذي يطرح، هل أن مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة هو مؤشر نظري أو فعلي؟ لقد سبق ورأينا أن القانون 63/2009 حسم الجدل، باعتماد المعيار الفعلي للزيادة على الحد الأدنى للأجور كنسبة نهائية الذي يعتبر مؤشرا فعليا، لتطبيقه على الزيادة الطارئة على بدلات الإيجار، وهذا ما كان معمولا به عمليا ومطبقا في كافة المراسيم، كما وسبق ورأينا بتطابق زيادة الحد الأدنى للأجور مع الزيادة المقررة على غلاء المعيشة.
وإن المرسوم الرقم 7426/20012 اتبع عملية حسابية لتعيين زيادة غلاء المعيشة ودفعها فعليا للأجير، مبلغ 175,000 ل.ل وهي نسبة 33 %، في ضوء اقتطاع مبلغ 200,000 ل.ل بعد احتسابها وتنزيلها في المادة "3"، بحيث توصل إلى ذات النتيجة في نهاية الأمر. وبالتالي، إن مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور هو مؤشر عملي وفعلي لما تم زيادته فعليا على الحد الأدنى للأجور، وما دفع بصورة ملموسة للأجير وزادت من قدرته الشرائية.
ج - كما أن السؤال الذي يطرح، هل يمكن إلغاء الزيادات السابقة ومفاعيلها؟ عمليا لا يمكن إلغاء مفاعيل مرسوم 500/2008 والزيادة التي قررها مبلغ 200,0000/ل.ل، لأنها دفعت من قبل أرباب العمل وقبضها الأجراء طوال هذه السنين منذ العام 2008 حتى تاريخ نفاذ المرسوم الرقم 7426/20012، وما يؤكد هذا الأمر أن المرسوم الرقم 7426/20012 نص على أن الزيادة الجديدة 33% تستحق من 1/2/2012، وبالتالي، لا يمكن إلغاء الزيادة على بدلات الإيجارات المستندة إلى المرسوم 500/2008 التي قبضها المالك واستفاد منها، كما أن كل زيادة لا تأخذ بعين الإعتبار الزيادة الفعلية على الأجور تكون غير قانونية وجائرة ومجحفة، وتكون عمليا المطالبة بالدفع غير مستندة على زيادة حقيقية وفعلية.
وعمليا، فإن نسبة الزيادة 66 % التي ألغاها نظريا المرسوم 7426/2012 بإلغائه المرسوم الرقم 500/2008 قد سبق وقبضها الأجير وهي نسبة بلغت 200,000 ل.ل بحيث أصبح أجره 500,000 ل.ل، كما أن المالك قبض نسبته بإضافة نصف هذه النسبة على بدلات الإيجار أي 33%، وبالتالي لا يمكن إضافة نسبة غلاء المعيشة 66 % مرتين، إلا نظريا وفقط بعد عملية التنزيل 200,000 ل.ل، وكما وردت في المرسوم الرقم 7426/20012 ، وما يؤكد الأمر ان الأجير لم يقبض فعليا إلا مبلغ 175,000 ل.ل وهي نسبة 33 %.
بالإستناد إلى ذلك، فإن تعيين الحد الأدنى للأجور وتحديد الزيادة المقررة على غلاء المعيشة هي زيادة فعلية وليست نظرية، كما أن المرسوم هو بالفعل مؤشر فعلي للزيادة الطارئة على غلاء المعيشة وليس مؤشر نظري، بعكس ما ذهب إليه رأي هيئة التشريع والإستشارات، ولذلك عندما أضاف المرسوم مبلغ 175,000 ل.ل على الراتب الأساسي الذي قدره 500,000 ل.ل فيكون الحد الأدنى للأجور الحالي منذ 1/2/2012، هو 675,000 ل.ل وتكون الزيادة العملية 33 % التي قبضها الأجير فعليا، وليس 100 % التي لم يقبضها الأجير مطلقا.
ومن غير المعقول أن نلزم الأجير بدفع زيادة على الإيجارات مبلغ 50 % من أصل مؤشر زيادة غلاء نظري لم يقبضها وهي 100 % وإلا سيدفع المستأجر عمليا أكثر مما أضيف على أجره الفعلي. علما أن مرسوم تعيين الحد الأدنى الرسمي للأجور وتحديد نسبة غلاء المعيشة مرتبطين ببعضهما عمليا وليس نظريا، وإلا تحول المرسوم الرقم 7426/20012 إلى لجنة نظرية للمؤشر الموجودة والمطبقة فعليا، كما يكون المرسوم الرقم 7426/20012 قد حدد زيادة نظرية على غلاء المعيشة ولم يدفعها فعليا للأجير، وليس هذا بالطبع الغاية المطلوبة أو نسبة الزيادة المطبقة فعليا، ولأن الهدف الرئيسي من تحديد الزيادة على غلاء المعيشة هي لدفعها عمليا للأجير وليس للتنظير عليه، وهذا ما حصل عمليا.
في الخلاصة:
- حدد الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بموجب مذكرة إعلامية رقمها 460 تاريخ 7 شباط 2012 المتعلقة بتطبيق أحكام مرسوم الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة الرقم 7426/ 2012 ولتحديد الاشتراكات استنادا إلى الأجر الحالي 6750,000 ل.ل وقيمة الزيادة الصافية 175,000 ل.ل أي زيادة 33 %.
- حدد وزير المال نسبة الزيادة على بدلات الإيجار قدرها 12,8 % بالقرار الرقم 375/ 1 تاريخ 2 نيسان 2012، بناء على اقتراح مدير المال العام وبعد استشارة مجلس شورى الدولة الرأي الرقم 149/2012.
- حددت هيئة التشريع والإستشارات الزيادة على بدلات الإيجار بنسبة 50 % وهو يبقى رأيا إستشاريا لا يلزم جميع المالكين والمستأجرين، لصدور الإستشارة ضمن إطار محدد لا يجوز تعميمه، يتعلق بمطالبة المالك بالأجور المترتبة على الدولة اللبنانية لإشغال وزارة العدل لمبناه بالإيجار، وعدم إمكانية إلزام إلا الجهة التي طلبت منها هذا الرأي مع إمكانية صدور رأي آخر عن رأي الهيئة الإستشارات العليا كما رأينا بموضوع الزواج المدني.
إعتماد هيئة التشريع والإستشارات نسبة زيادة غلاء المعيشة 100% الواردة في مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة الرقم 7426/2012 كمؤشر نظري وليس كمؤشر فعلي للزيادة، وعدم إحتساب عملية التنزيل لمبلغ 200,000 ل.ل بالرغم من ورودها صراحة في متن هذا المرسوم.
- المرجع الرسمي لتحديد نسبة الزيادة على غلاء المعيشة ونسبة الزيادة على بدلات الإيجار هو مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور والقانون وليس أي هيئة أخرى.
- الطلب بإصدار قانون توضيحي على غرار القانون 63/2009 الذي أوضح نسبة الزيادة الطارئة في المرسوم الرقم 500/2008 بإقراره المعيار الفعلي للزيادة على الحد الأدنى للأجور ما تم إضافته فعليا على الأجر، نسبة بلغت 66 % كما حدد نصف هذه النسبة لزيادتها على بدلات الإيجار وقتها وهي 33%، وسريان هذه الزيادة من تاريخ صدور قانون 63/2009 وليس من تاريخ صدور المرسوم الرقم 500/2008 ، مما يؤدي مقابلة إلى عدم توجيه إنذارات إلى المستأجرين إستنادا لزيادة بدلات الإيجار بنسبة 50% إنتظارا لصدور قانون توضيحي كما حصل في العام 2009.
- في وجوب عرض وإيداع ودفع بدلات الإيجار بكل تحفظ لناحية إجراء المحاسبة في حال تم إنذار المستأجر بوجوب دفع بدلات الإيجار، مع إمكان مراجعة محكمة الأساس لإجراء المحاسبة.
- إستنادا إلى المادة 6 من القانون الرقم 36/1967، إن مرسوم تحديد الحد الأدنى للأجور وزيادة غلاء المعيشة هو مرسوم تطبيقي ومؤشر فعلي يعطي الأجير زيادات حقيقية وليس مؤشرا لنسبة نظرية، علما أنه وبعد مراجعة جميع المراسيم الصادرة عن الحكومة بهذا الموضوع، يتبين وجود تطابق بين تحديد الحد الأدنى للأجور والزيادة المعطاة للأجير مع تحديد نسبة غلاء المعيشة وأحيانا تتخطى هذه النسبة.
إن الزيادة المقررة في هذه المراسيم تتم بناء على الدراسات وجداول تقلبات أسعار كلفة المعيشة، وبالتالي إن المرسوم الصادر يحدد بدقة زيادة غلاء المعيشة ويقرر زيادة فعلية على الأجور، وليس مرسوما لإيراد دراسات ونظريات حول زيادات لا يتم دفعها فعليا.
- إن المرسوم الرقم 7426/2012 هو مؤشر فعلي، قرر زيادة 175,000 ل.ل على الأجر الذي كان يتقاضاه الأجير في القطاع الخاص بحيث أصبح أجره 675,000 ل.ل، بعد إجراء عملية حسابية بتنزيل مبلغ الزيادة السابقة البالغة 200,000 ل.ل أي نسبة 66 %، فتكون زيادة غلاء المعيشة وما دفع للأجير عمليا هو نسبة 33 %، وبالتالي، تضاف إلى بدلات الإيجارات نصف هذه النسبة إستنادا إلى المادتين 6 و13 من قانون الإيجارات الرقم 160/92 وهي نسبة ½17%.
- إن الإنذارات الموجهة إلى المستأجرين والمطالبة بزيادات غير جدية على بدلات الإيجار بنسبة 50 %، ترهق المواطن الذي يقع تحت ثقل إجتماعي وإقتصادي، مع تأكيد مطالبة الحكومة ومجلس النواب بإصدار إما مرسوم وإما قانون توضيحي، لبت هذه المسألة الحياتية الملحة، كون المواطن شبع إشكالات ومصائب وهموم في حياته، كما يكفي إغراق المحاكم بدعاوى لا طائل منها، مع العلم أن القانون وجد لتسهيل وتنظيم أمور الناس وليس لتعقيدها أو إدخال المالك والمستأجر بنزاعات عقيمة طويلة الأجل، فضلا عن الأعباء المالية الكبيرة التي يمكن أن يتكبدها الفرقاء نتيجة هذه النزاعات، ومن حق كلا الفريقين معرفة حقوقهما كاملة تمهيدا للمطالبة بها من المالك ودفعها من المستأجر بدقة ووفقا للقانون.
================== ج.س