تحقيق ريم شاهين
كانت دائما وأبدا متوجة على عرش قلب كل رجل مهما اطلق عليها من تسميات، أكانت الأم أم الزوجة أم الإبنة أم الأخت. إنها المرأة، النصف الآخر للرجل الذي لا تكتمل الحياة إلا بوجودها ولكنها أيضا الإنسان الذي يتمتع بالحقوق والواجبات في مجتمعه، من دون انتقاص من الدور التي استطاعت أن تلعبه على كل الاصعدة العائلية والمهنية مع مرور الأعوام، و هي لا تزال تخوض غمار المعركة، مواجهة مجتمع تأصل في تربيته على تهميش وحصر دورها في الأمور العائلية.
ها هي المرأة اليوم تنتفض وتثور، مسلحة بدعم كبير من المؤسسات المدنية والحقوقية لتفرض نفسها كرقما صعبا في المعادلة السياسية، مصممة على الترشح للانتخابات النيابية المرتقبة في العام 2013.
وانطلاقا من النظرة التي لمستها جمعية "نساء رائدات" ومركز "سمارت سنتر" لدى العديد من النساء الراغبات في التغيير، فقد أطلقا مشروع "الإعلام يدعم النساء الرائدات"، الذي يهدف إلى تعزيز مشاركة النساء في الشأن العام، ودعمها من خلال استراتيجية إعلامية وطنية من شأنها بلورة صورة إيجابية للنساء في وسائل الإعلام. وتسعى هذه الحملة إلى تسليط الضوء على دور النساء الأساسي والإيجابي في القطاعين الخاص والعام، والعمل على تثبيت الثقة بقدرات النساء لدى الرأي العام.
أما الهدف من هذا المشروع فزيادة الوعي حول قدرات النساء ليصبحن فاعلات في القطاعين العام والخاص في لبنان ودعم الإعلام اللبناني كمناصرون ومناصرات للنساء الرائدات، والترويج لهن إعلاميا.
في المرحلة الأولى نظمت "نساء رائدات" و"سمارت سنتر" تدريب مجموعة من الصحافيين والصحافيات لتحسين قدراتهم الصحافية حول كيفية ترويج الصورة الإيجابية الفضلى للنساء الرائدات، برعاية وزارة الإعلام، حيث قدمت الوزارة صالة الاجتماعات وصالة التدريب في "الوكالة الوطنية للاعلام" مجانا للمنظمين. كما حرص وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد الداعوق، الذي أطلق هذا المشروع، في مؤتمر صحافي عقد في فندق الريفييرا، على متابعة الإجتماعات شخصيا والتواصل مع المنظمين والصحافيين، أما المرحلة الثانية فكانت تدريب عدد من النساء الرائدات على كيفية تقديم ما لديهم وإبراز قدراتهن بالطريقة الأفضل. وتم تنظيم مناسبة تجمع أهل الإعلام من كل الوسائل الإعلامية مع النساء الرائدات، بهدف توثيق العلاقة بينهم لزيادة ظهورهن الإعلامي.
إضافة إلى أن المشروع سيقوم بتنظيم حملة إعلامية وطنية تقوم على إنتاج ستة إعلانات تلفزيونية مدة كل منها ثلاثين ثانية، تعرض على المحطات المحلية. وأخيرا سيتم تنظيم 6 طاولات مستديرة، مع أعضاء المنظمات غير الحكومية في لبنان والمستفيدين والمستفيدات منها، تناقش دور النساء في المجتمع، انطلاقا من الإعلانات التلفزيونية الستة. كما سيعمل الصحافيون والصحفيات الذين تم تدريبهم في البداية على إجراء المقابلات مع ما يقارب المئتي امرأة، على أن يقوم المنظمون بانتاج دليل يجمع 100 إلى 150 سيرة ذاتية لنساء رائدات، ويتم توزيعه على المؤسسات الإعلامية، لزيادة ظهور النساء في مقابلات تلفزيونية، أو مقالات مكتوبة، والمرحلة الأخيرة تتركز على عمل المسؤولة الإعلامية التي ستهتم بالتواصل مع المؤسسات الإعلامية و معدي البرامج للترويج للنساء الرائدات.
وأشارت مديرة مركز "سمارت سنتر" للاعلام والمناصرة، رندا يسير أن المركز "منظمة لا تبغي الربح، تأسس عام 2009، من قبل مجموعة من الناشطين المتخصصين في المجتمع المدني يمثلون تنوع المجتمع اللبناني، التزموا العمل من أجل تثقيف وتجهيز الأفراد والجماعات بالأدوات اللازمة، ليكونوا أفرادا فاعلين في المجتمع، وناشطين في مجالات الإعلام، حقوق الإنسان، التنمية، حل النزاعات، الديمقراطية والمواطنة. و يعتمد "سمارت سنتر" في أعماله من مشاريع وبرامج على أساليب منوعة كالمناصرة، وخصوصا عن طريق وسائل الإعلام، الضغط لإحداث التغيير، رفع الوعي، الأبحاث وتنمية الموارد.
ويركز "سمارت سنتر" على مبادىء حقوق الإنسان العالمية متوجهة إلى الفئات المهمشة، التي تعمل على حثها على التفاعل، وإدماجها في المجتمع، من أجل توسيع دائرة الوعي. كما يهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان، والمواطنة، وبناء المجتمعات، والقضاء على جميع أنواع التمييز في لبنان، والشرق الأوسط. ويعمل المركز على نشر الوعي والدعم والمناصرة والدفاع عن قضايا حقوق الانسان وعن القضايا الاجتماعية والاقتصادية كافة والمواطنة والديموقراطية وصناعة القرار وبناء السلام وحل النزاعات والمساواة والنوع الإجتماعي، إضافة إلى وضع الاستراتيجيات والخطط الإعلامية والإعلانية، وتقديم الدعم والتدريب الاعلامي والاعلاني للافراد والجمعيات والمنظمات وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات العاملة في الحقل الانساني والحقوقي والمدني والاجتماعي والاقتصادي والبيئي والصحي. كما يهتم بالتخطيط وبتنفيذ مشاريع الدعم والمؤازرة الاعلامية والاعلانية والاستفادة من وسائل الإعلام والإعلان التقليدية والحديثة والمواقع الالكترونية والإعلام الاجتماعي وبانتاج الأفلام الوثائقية والقصيرة وإعلانات الخدمة العامة لتحقيق جميع أهداف القضايا التي تعمل عليها الجمعية وشركائها من الافراد والجمعيات والمنظمات وهيئات المجتمع المدني ومؤسساته".
ونوهت يسير ب "الجهود التي يبذلها وزير الإعلام لدعم المشروع وخصوصا من الناحية اللوجيستية والتنظيمية والإعلانية للبرنامج، لما لذلك من أهمية لهذه الحملة الوطنية، إذ يجب على الحكومات والجهات المعنية دعم المرأة في مسيرتها. كما أن الأموال والتبرعات التي يحصل عليها البرنامج من جهات محلية أو خارجية تستخدم لخدمة المرأة والترويج لها. وأشارت إلى أن المركز كان قد بدأ العمل في دعم النساء الرائدات من خلال برنامج "مناصرات لأصوات النساء"، وهو مشروع يهدف إلى توعية الرأي العام عن أهمية تمثيل دورالنساء وتوسيع مشاركتهن السياسية من أجل بناء مفهوم أفضل للديموقراطية في لبنان، وقد نظم المركز حلقات تدريبية ل 41 شخصا على مفهوم مدراء الحملات في ثلاث مناطق متنوعة في لبنان (الشمال، جبل لبنان، الجنوب)، ليعملوا كمستشارين ووكلاء يسعون لدفع المرأة إلى المشاركة السياسية لإحداث تغيير بالإضافة إلى تدريب مجموعات من المشاركين والمشاركات من المناطق الثلاث الجغرافية.
كما نظمت مناظرات عامة عن "دور المرأة في السياسة" وذلك من أجل حثهن على أن يكن فاعلات في الحياة السياسية كناخبات، ناشطات سياسيا وكمرشحات. وأكدت أنه "يبقى القرار للنساء الرائدات بالترشح أو عدمه، سواء كمرشحة مستقلة أو حزبية ولكن هدف البرنامج يتحدد فقط بتشجيع النساء على الترشح و على الإنتخاب وبإبراز صورة المرأة بالطريقة الامثل.
وسينظم "سمارت سنتر" عدد من المناظرات العامة بين نساء مرشحات و أكثر من 500 إمرأة في ثلاث محافظات (جبل لبنان - الشمال - الجنوب ) لاستهداف النساء و حثهم على الإنتخاب أو المشاركة في الحياة السياسية. وفي الإطار عينه يعمل المركز على مشروع "صوت واحد يحدث التغيير - تمكين الناخبين والناخبات الشباب " الممول من "مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية"، والذي يسعى إلى انخراط الشباب في الحياة السياسية، وتمكينهم من استثمار قدراتهم الإبداعية للتعبير عن أفكارهم، واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لتحويل أفكارهم إلى رسائل هادفة تنشر الوعي حول ديموقراطية الانتخابات، وتصل إلى أكبر شريحة من الناس. ويهدف المشروع إلى تمكين الشباب من مهارات انتاج الافلام القصيرة أو إعلانات الخدمة العامة، مهارات الخطابة العامة، وكيفية حل النزاعات بالطرق السلمية، وتطوير مهاراتهم القيادية للتأثير في المجتمعات و يعمل على زيادة الوعي لدى المجتمعات اللبنانية، والتركيز على دور الشباب الذين سيشاركون في الانتخابات القادمة للمرة الأولى، من مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصا في الجامعات قبيل الانتخابات المقبلة. بالإضافة إلى محاولة بناء التحالفات والشراكات مع وسائل الإعلام، للمساهمة في عملية الإصلاح السياسي والدفاع عن المصلحة العامة".
وختمت يسير مؤكدة أنه "يجب على الناخبين مطالبة المرشحين ببرنامج إنتخابي واضح على أن يطبق الناخبون عليهم سياسة المحاسبة لاحقا في حال وصولهم إلى البرلمان".
أبو فرحات
وسلطت مديرة "جمعية نساء رائدات" جويل أبو فرحات الضوء على "أهمية البرنامج في تعزيز الصورة الإيجابية للنساء الرائدات و حثهن على تحمل المسؤولية ولعب دورهن في الحياة العائلية والإجتماعية والمهنية والسياسية، مشيرة إلى أن "الجمعية تسعى إلى توعية المجتمع فيما يخص موضوع حقوق المرأة من خلال الضغط على وسائل الإعلام من أجل تغيير الرأي العام، بالإضافة إلى العمل على فرض مشاركة المرأة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل".
ولفتت إلى أن "الجمعية تهدف إلى حث 64 امرأة على الاقل للترشح إلى الإنتخابات المقبلة ( %50 من أصل 128 مقعد) و تشجيع أكبر عدد من النساء على المشاركة في الحياة السياسية والتصويت في الإنتخابات، منوهة بدورها بجهود الوزير الداعوق ، مثنية على دعمه للنشاطات الجمعية و للبرنامج الذي تم إطلاقه برعاية وزارة الإعلام.
وأكدت أبو فرحات أن "نساء رائدات" حصلت على دعم واضح من البرلمان الأوروبي من خلال حزب الشعب الأوروبي الذي يضم أحزابا يمينية من 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. ولم يكن هذا ليتحقق من دون الدعم القيم للنائب في البرلمان الأوروبي ماري - تيريز سانشيز شميد الذي سمح "لنساء رائدات" بالحصول على اعتراف الاتحاد الأوروبي وتشجيعه".
وأشارت إلى أن "هذا الدعم قد تبلور من خلال الدعوة الرسمية التي تم توجيهها إلى 11 امرأة لبنانية مرشحة للانتخابات النيابية عام 2013 للسفر لمدة ثلاثة أيام إلى بروكسيل من 10 إلى 12 نيسان الحالي. وتتزامن هذه الدعوة لزيارة البرلمان الأوروبي مع انعقاد الجمعية العامة السنوية للاتحاد من أجل المتوسط، مما سيتيح للنساء اللبنانيات فرصة لقاء نظرائهن المحتملين من شمال المتوسط وجنوبه".
وأضافت :"إن هذه الزيارة تتضمن لقاء مع برلمانيين وموظفين متخصصين في موضوع المساواة بين الجنسين وتبادلات حول وضع المرأة في لبنان. كما ستسمح للمرشحات باكتشاف الآليات الديمقراطية داخل البرلمان الأوروبي".
وأوضحت أن "النساء ال 11 اللواتي يشكلن الوفد اللبناني هن من كل الخلفيات السياسية والطائفية اللبنانية، وقد اجتمعن حول ميثاق أخلاقيات "نساء رائدات" ووقعن على عقد يلتزم من خلاله إصلاح القوانين اللبنانية المرتبطة بحقوق المرأة بهدف تعزيز حوكمة المواطنين وكسر نمط الممارسات الطائفية التي كان يعتمدها النواب التقليديون الذين يمنعون وصول النساء إلى السلطة. وتعرب "نساء رائدات" عن شكرها للنائب سانشيز شميد ولمجموعة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي لدعوتهما هذه التي لا تعبر فقط عن تضامنهما مع نضال المرأة اللبنانية من أجل تحقيق المساواة بل إنها تسلط الضوء كذلك على تشجيعهما ودعمهما للنساء اللبنانيات لخوض معترك الحياة السياسية. وتدعو "نساء رائدات" إلى تحديد نظام موقت للكوتا الإلزامية يهدف إلى تأمين تمثيل ملائم للنساء في البرلمان اللبناني. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان وقع عام 1996 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW /CEDEF)، إلا أنه ما زال يحتل المرتبة 128 من أصل 134 دولة، لجهة نسبة النساء في البرلمان (4 نساء على 128 نائب - 3.12%) كما يحافظ على العديد من القوانين التمييزية ضد المرأة اللبنانية كتلك المرتبطة بالعنف ضد المرأة وبإعطائها الجنسية لأولادها وتطبيق الكوتا النسائية في مجلس النواب.
ختاما، وفي خضم الأوضاع السياسية المضطربة في لبنان والمنطقة، لا يسعنا سوى التمني بأن تلقى هذه المبادرات والجهود الموظفة لتحسين صورة المرأة في المجتمع وإشراكها في الحياة السياسية، إستجابة من النساء أنفسهن ومن دعم المعنيين من أجل بلوغ الأهداف المرجوة.
===========