الخميس 31 تشرين الأول 2024

10:26 am

الزوار:
متصل:

50 عاما من النقد الصامت ... بريشة بيار صادق

تحقيق  ريما يوسف


وطنية -  فن يتجاوز الصورة الفوتوغرافية والكلمات الأدبية والصحافية المنمقة بمقدرة على التحوير وعجن المادة بطريقة مكثفة مع منكهات وبهارات يمتلكها الكاريكاتوري في أصل بنيته، لتصبح الصورة والكلام الصامت.

وليس كل من رسم رسما ساخرا وانتقد سياسيا أو فنانا دخل الى قلوب الناس وحفر زاوية ساخرة في ثناياها، بل للرسم الكاريكاتوري أربابه وقواده، فمن رسم ملامح لبنان منذ 50 عاما، ومن استطاع الجلوس على عرشه امتلك الصولجان وادمن الشعب على احكامه وأصغى بشغف الى آرائه.

بيار صادق... رسام، فنان مبدع، ناقد، قليل الكلام في عمله كما في حياته اليومية، واذا تكلم فجمله صغيرة مقتضبة وكاريكاتورية بحتة، ومعناها كامل، ويشعر من يشاهدها بأنها عبرت عن كل همومه المتكدسة و"قرفه" من الكاريكاتوريين ابطال اعماله. ومن المؤكد أن صادق يحب السياسيين لأنه لولاهم لما أبدع، وابتكر اعماله واشتهرت رسوماته، فهم مادة دسمة تغني ريشته الخلاقة.


واعتبرت رفيقة درب المبدع بيار صادق، السيدة حنان في حديث "للوكالة الوطنية للاعلام"، ان "بيار ليس له صداقات عميقة مع السياسيين، مع العلم أنه على علاقة جيدة معه، حتى يستطيع ان ينتقدهم بحرية مطلقة من دون ان يؤثروا عليه"، مشيرة إلى أنه "تعرض لمشاكل كثيرة وعديدة خلال عمله، إلا أنه كان يستطيع تداركها لأنه مقتنع بما تقوله ريشته".

بيار صادق... صاحب فكرة الكاريكاتور السياسي المتحرك على شاشة التلفزيون يوميا، حتى ان محطة CNN زارته مرة واعترفت بكونه "الرسام الوحيد في العالم الذي خلق كاريكاتورا متحركا تلفزيونيا يعرض يوميا من دون تكرار"، علما أنه أول من اقترح على المؤسسة اللبنانية للارسال عام 1985 فكرة عرضه.

بدأ صادق مسيرته مع النقد المرسوم بعد تخرجه من الاكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، في "دار الصياد" الا انه سرعان ما تركها لينضم الى عائلة جريدة "النهار" "بيته الثاني" باعتراف زوجته التي أكدت أن "جريدة النهار هي جامعته وبيته، قضى فيها 40 عاما، وأضحى تربطه بالراحل غسان تويني صداقة اخوية عميقة، برز اسمه كناقد سياسي تعرض من خلال رسمه الى مشاكل مع السياسيين، الا انه تخطاها، ولم يكل".

واعتبرت أن "اكثر شيء تأثر به هو ورقة عليها 4 أسطر اختصرت 40 عاما من العطاء، محورها الاستغناء عن خدماته في بيته الثاني، وقيل إن السبب يعود لمعاشه الكبير الا ان ذلك لا يمت الى الحقيقة بصلة، فمعاشه في جريدة النهار كان لا يذكر، ومع ذلك تعالى بيار عن الجراح واتصل بالنائبة تويني عن فصله، مؤكدا استعداده للرسم طوال حياته في الجريدة ومن دون مقابل، فكان الجواب الرفض".

ولفتت إلى أنه "تلقى اتصالا من عقيلة الراحل غسان تويني اشارت فيه انه ولدى علم غسان بما فعلته وريثته بذلك بكى بحسرة من بنى معه صرحا حضاريا".

فرحلة العظيم الراحل غسان تويني مع مسيرة صادق قديمة، مرة أغضب برسمة له المكتب الثاني ايام الرئيس فؤاد شهاب فزاره المخابرات في منزله فاستجوبوه ساعات عدة، وهو واقف على قدميه من دون ان يسمحوا له بالجلوس، ما حدا بتويني إلى الاتصال بالمخابرات وابلاغهم انه اذا ارادوا مرة اخرى استجواب صادق "فليأخذوني معه".

ولتكريم المبدع الفريد، وبمبادرة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان منح وزير الاعلام وليد الداعوق باسم رئيس الجمهورية وسام الارز الوطني من رتبة كومندورفي منزله في برمانا.

وكان صادق قد حاز على: وسام الأرز الوطني من رتبة فارس في عهد الرئيس سليمان فرنجية، كما حاز على وسام برتبة ضابط من الرئيسين الياس الهراوي والرئيس رفيق الحريري، ونال جائزة الشاعر سعيد عقل مرتين، ونال عدة جوائز تقدير محلية وعالمية،  درع ووسام أندية "ليونز" العالمية.

أقام معارض عدة في لبنان والخارج، وآخر معرض له في واشنطن العاصمة.

مؤلفاته: "كاريكاتور صادق"، "إضحك مع بيار صادق على السياسيين"، "كلنا عالوطن" و"بشير"، وهو بصدد انجاز كتاب يتضمن مجموعة اعماله على مدى 50 عاما يصدر بعد الاعياد.

بيار صادق اخبرنا الكثير من دون ان يفتح فاه، ووضع اصبعه على الجرح بتفنن ريشته ورسم الاوضاع السياسية بحنكة، واليوم نودعه ونودع ريشته بألم وحزن واسى.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب