الخميس 31 تشرين الأول 2024

12:20 pm

الزوار:
متصل:

وهب الاعضاء.. حين يصبح للموت معنى اسمى حمامة ليشع إستعادت حياتها بفضلها والأديان تشجعها بشروط.. والقرار لكم!!

 

 
كتبت رحاب ابو الحسن
 
 
 
 
 
الموت هو مصير كل كائن حي، مصير كل فرد منا... لكن التطور الطبي والعلمي جعل الموت يتحول أملا ومحبة لدى العديد من المرضى، من خلال هبة حياة من إنسان آخر فقد الحياة وبات جسمه إلى فناء.
 
وهو ما حصل فعلا مع حمامة ليشع البالغة من العمر 41 عاما التي تعتبر أن عمرها الفعلي بدأ منذ 4 أعوام، وتقول: "عمري 4 سنوات"...هكذا تجيب من يسألها عن عمرها الحقيقي. هي تعتبر أنها بدأت تعيش وتتنفس وتتمتع بالحياة منذ أجريت لها عملية زرع كلية في 26 شباط 2008 بعد 17 عاما من معاناة غسل الكليتين.
 
حمامة، التي تبدو اليوم اسما على مسمى كونها تطير من الفرحة بعد ان عادت، وكما تقول، الى الحياة مجددا بعد أن كانت قد فقدت اي أمل بالغد، تتوجه الى كل متردد بوهب أعضائه بعد الممات قائلة: "الله اعطانا حياة مجانية وأعضاؤنا جميعها ستنتهي ترابا فلماذا نحرم انسانا من كلية تعيده الى الحياة أو من قلب ينبض شكرا، أو عينين تلمعان امتنانا؟ كلمة نعم على بطاقة متبرع قد تعيد الى الحياة العشرات، فماذا ننتظر؟"
 
قصتها مع المرض
 
بلهفة تسرد حمامة قصتها مع المرض والمعاناة ايمانا منها بأن تجربتها قد تشكل حافزا للكثيرين بالاتجاه فورا لابداء رغبة رسمية بالتبرع بالأعضاء. أول ما يخطر في بالها، في محاولتها استذكار المرحلة الماضية، لائحة الانتظار التي ضمت اسمها في يوم من الايام وبجانبه كلمة "بحاجة لكلية"، وتقول: "كنت أعد الايام المتبقية لي لأعيش، لكنني لم أفقد يوما الأمل بأنني سأحظى بكلية تعيدني الى الحياة بعد سنوات من المعاناة وتمضية اجمل أيام الشباب في غرف غسيل الكلى، إنتظرت طويلا لكن أملي تحقق في الحياة، وأشكر الله على وجود أشخاص قادرين من خلال موتهم على منح الحياة للآخرين بفضل قرارهم وهب أعضائهم لأشخاص محتاجين ومنحهم الأمل بحياه أفضل".
 
حمامة، تسرد أدق تفاصيل اليوم الذي تبلغت فيه أنها حصلت على كلية تتطابق مع أنسجتها. هي لا تنسى حتى الاسابيع الثلاثة التي أمضتها بعد العملية بانتظار الولادة الجديدة.
 
وتضيف: "تعرفت بالصدفة على عائلة المتبرعة التي كانت قد ماتت جراء سكتة دماغية، هي كانت قد اعربت قبل وفاتها عن رغبتها بالتبرع بأعضائها، زوجها كان ممرضا ولبى طلبها بعد الممات وقد علمت أنها اعادت الى الحياة أكثر من شخص بتبرعها بالكليتين، القرنيتين والقلب".
تحاول حمامة قدرالإمكان حث المترددين بوهب الأعضاء من خلال تجربتها إلى إتخاذ خطوة جريئة في تسجيل أسمائهم لدى "اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء" والحصول على بطاقة يقولون فيها "نعم"، لأن هذه الكلمة ستنقذ حياة إنسان، فالميت قادر من خلال وهب أعضائه على منح الحياة لآخرين، ويبقى ذكرى "فأنا أعيش اليوم حياة جديدة ومع كل طلعة شمس بشكر الله وبدعي الله يرحم المتبرعة ويحمي عيلتها، لأنه بفضلها إستعدت حياتي أنا و6 أشخاص آخرين".
 
وأكدت على أهمية هذا العطاء "لأنه وهب ومحبة، وعندما يهب الإنسان عضوا من جسده يمنح جزءا من حياته، وأفضل مثل على هذا العطاء حالتي، لذلك أدعو كل قادر على العطاء القيام بهذا الوهب لأن فيه خيرا للبشرية جمعاء".
 
 
 
 
 
متبرعة بأعضاء ولدها
 
"الخسارة وقعت والحزن كبير، لكنني فرحة بأن إبني أعاد الحياة لعدد من الأشخاص".
 
السعادة التي بدت واضحة على ملامح حمامة، غابت عن وجه السيدة منى شحادة والدة الشاب الكسي موغاليان إبن العشرين ربيعا الذي قضى في ريعان شبابه، إلا أن فرحة إنقاذ حياة شخص خففت من حزنها "هناك أشخاص كثر بحاجة ليعيشوا، فأفضل التبرع بأعضاء إبني بدل ان يذهب هدرا تحت التراب".
 
وعما إذا كانت على تواصل مع من استفادوا من أعضاء إبنها قالت شحادة: "لا أريد أن أفتق جروحاتي"، داعية كل المترددين بوهب الأعضاء إلى السير بهذه الخطوة: "فكل الأديان واضحة بهذا الصدد وتشجع التبرع بالأعضاء، كما أن التبرع لا يصيب الجثة بأية تشوهات على الاطلاق والجسد فلماذا لا نستفيد منه لنحيي الآخرين. فلنتذكر أن لا أحد فوق راسو خيمة فقد يكون المترددون أول المحتاجين في المستقبل لتلقي عضو".
 
يونان
 
منسقة اللجنة الوطنية لوهب الاعضاء فريدة يونان، تحدثت ل"الوكالة الوطنية للاعلام" عن مفهوم وهب الأعضاء، مشددة على أهمية التوعية في هذا المجال وتقول: "المتبرعون تتراوح أعمارهم ما بين 4 الى 70 سنة لأن العمر لم يعد عائقا علما ان نسبة الواهبين الشباب في لبنان أكثر من المتقدمين في السن لأن معظمهم توفي جراء حوادث سير".
 
 
 
 
 
وتشير إلى أن قرار وهب الأعضاء يتخذه الفرد (الواهب) عندما يكون على قيد الحياة أو تتخذه عائلته بعد موته للسماح بزرع بعض من أعضائه أو كلها في جسم شخص أو عدة أشخاص يعانون من داء معين وبحاجة لهذا الزرع ليتمكنوا من إكمال حياتهم بشكل طبيعي. كما يمكن للواهب أن يهب أحد أعضائه أو بعض الأنسجة أثناء حياته شرط أن لا تكون أساسية ليكمل حياته بطريقة طبيعية وأن تتلائم مع الشروط القانونية والأخلاقية المطلوبة.
 
وعن الحالات التي يمكن الحصول منها على أعضاء، أشارت إلى أن أهمها هوالموت الدماغي، الذي يعني الفقدان الكامل لكل وظائف الجهاز العصبي المركزي الذي لا يمكن الاستغناء عنه من اجل البقاء على قيد الحياة، وهو يعني موت الفرد من وجهة نظر العلم والقانون والأخلاق والدين، لافتة إلى أنه يمكن للواهب الذي حصل له موت دماغي أن يهب الأعضاء التالية:
 
قلب، كليتين، رئتين، كبد، بنكرياس، أمعاء، قرنيتين، عينين، أوعية دموية، صمامات، جلد، نخاع عظمي، أوتار وعظم وبعد توقف القلب والتنفس يستطيع ان يهب: قرنيتين، عينين، أوعية دموية، صمامات، جلد، أوتار وعظم. مع العلم أنه في الدول التي تعتمد طرق متطورة في المحافظة على الأعضاء، يمكن وهب الكلى والكبد بعد توقف القلب، لكن هذه التقنية مكلفة جدا، كما يمكن وهب الأنسجة، موضحة أن لا وجود لسن محدد للتبرع بالأنسجة والسبب يعود الى أن شرايين الأطفال تكون صغيرة جدا، حيث تكون نسبة انسداد وصلة الشرايين للعضو المزروع عالية جدا.
 
وتناولت لشروط الوهب، لافتة في ما خص الواهب الحي، أنه يجب ان يكون راشدا (من 21- 65 سنة)، ويتمتع بصحة جيدة تخوله الخضوع لهذه العملية دون أية مضاعفات. اما فيما خص الواهب المتوفي، فيجب أن يكون قد وقع في حياته بطاقة تبرع بأعضائه وأنسجته، أو اتخذ ذووه القرار بالوهب عند وفاته، مؤكدة على أن موافقة العائلة إلزامية بالرغم من توقيع المريض على بطاقة تبرع أو وصية بالوهب.
 
التشريع القانوني لوهب الاعضاء
 
يذكر ان عمليات وهب الاعضاء في لبنان تستظل بالتشريع القانوني في لبنان لعملية وهب الأعضاء من خلال المرسوم الاشتراعي رقم 1442 الصادر بتاريخ 20 كانون الثاني سنة 1984 ج.د. عدد 5، وتطبيق احكام المرسوم الاشتراعي رقم 109 الصادر بتاريخ 16 ايلول 1983 المتعلق باخذ الانسجة والاعضاء البشرية لحاجات طبية وعلمية.
 
وميز القانون بين زرع الأعضاء من متبرع حي وواهب متوف، محددا الشروط الواجب توافرها في الحالتين لتجوز عملية وهب العضو وزرعه بما يتطابق والاحكام الشرعية. 
 
ففي الحالة الاولى، أي إن كان المتبرع حيا، يسمح باستئصال الانسجة والأعضاء من جسمه، شرط أن يكون راشدا أتم الثامنة عشرة من عمره، متمتعا بصحة جيدة تخوله إجراء عملية جراحية من دون أن يعرضه ذلك لأي خطر أو أعراض جانبية، على أن تكون هذه الهبة مجانية وغير مشروطة.
 
أما في ما يخص وهب الأعضاء بعد الموت، فيجب أن يكون المتوفى أوصى بذلك بموجب وصية أو وثيقة خطية، عندها تتم عملية الوهب بعد الحصول على الموافقة الخطية من عائلة المتبرع الميت، كما تشترط في عمليات كهذه موافقة المستفيد من العملية خطيا من ناحية أخرى، ولا يجوز المساس بجثة متوف وأخذ أعضاء أو أنسجة منها إلا بإذن قضائي إذا وضعت هذه الجثة موضع التحقيق.
 
وتقول يونان أن عدد الحالات المستفيدة من وهب الأعضاء بلغ من سنة 1985 حتى سنة 2011، 1229 كلية منها 158 كلية من واهب متوفى، 33 قلبا، 18 كبدا منها 11 من واهب متوفى و1800 قرنية".
 
وعن الإحصاءات حول عدد الحالات المحتاجة لعمليات وهب أعضاء في لبنان، أشارت إلى عدم وجود سجل وطني منظم (قيد التنفيذ) لكن في الوقت الحاضر هناك 262 مريض بحاجة لكلى وقلب وكبد، وهذه النسبة لا تعكس فعليا حاجاتنا الحقيقية.
 
رأي الديانات
 
تشير الإحصاءات إلى أن 3,53% من اللبنانيين، يوافقون على وهب أعضائهم بعد الموت، فيما يرفض ذلك 46.7%.
 
أما أسباب الرفض فتتنوع بين الخوف من التشويه أو من ردة فعل الأهل أو الألم، إلا أن السبب الأساسي هو الخوف من وجهة نظر الأديان، وهو خوف غير مبرر خصوصا مع إعلان القيمين على كل الأديان دون إستثناء بوضوح وصراحة ترحيبهم بالخطوة شرط ألا يكون الهدف تجاريا، وأن يكون المتوفي وافق على وهب أعضائه قبل وفاته.
 
وضمن هذا الإطار يقول كاهن رعية القديسة ريتا جديدة المتن الخوري جورج رعد، أن الكنيسة تحمل بحد ذاتها ثقافة الحياة على مثال حاميها وراعيها الرب يسوع، والمسيح قال: "أنا جئت لتكون لهم الحياة وتكون لهم بوفرة"، فالإنسان القادر على وهب الحياة هو إنسان عظيم في نظر الرب، من هنا فإن الكنيسة تشجع وهب الحياة انطلاقا من تعاليم الرب يسوع المسيح ومرتكزات ذلك هو الانجيل ليقول لنا أن الله محبة والانسان كريم، ومن هنا يقول لنا السيد المسيح "ليس أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه لمن يحب" والرب يسوع دعانا ليس فقط لمحبة بعصنا وإنما لمحبة اعدائنا ايضا، ولذلك فعملية وهب الانسان عضوا من أعضائه في حياته أو مماته فهو لا يهب شيئا يملكه إنما يعطي جزءا من كيانه وذاته وهذا وهب عظيم". 
 
أضاف: "المسيح في العشاء الأخير قال لتلامذته "خذوا فكلوا هذا هو جسدي الذي يقهر لأجلكم في الحياة الأبدية"، وهذا يعني أن المسيح وهبنا جسده عطية مجانية فحري بنا أن نهب جسدنا الزائل والعائد إلى التراب للمتألمين لنمنحهم حياة جديدة، كما أن الكنيسة على لسان بولس تقول "ما نزرعه لا يحيا إلا إذا مات، يدفن الإثم بفساد ويقوم بغير فساد يدفن بلا كرامة ويقوم بمجده يدفن جسما بشريا ويقوم جسما روحيا"، هذا ما علمته الكنيسة الأولى. ومن هنا، فإننا لن نحتاج إلى أعضائنا في الملكوت، وما نحتفظ به من أعضاء أرضية سيذهب إلى الفساد والموت،أما جسدنا السماوي المبني بروح المحبة هو ما يتبقى، ولذلك على المؤمن الخيار إما أن يعطي الحياة من أعضائه الفانية أو يكون أنانيا وتذهب أعضاؤه إلى الفساد".
 
ويؤكد الأب رعد أن الكنيسة التي تدعم وهب الأعضاء حددت شروطا لذلك وأهمها أن لا تكون عملية الوهب تجارية، وأن تكون عملية زرع الأعضاء بهدف معالجة الإنسان، فليس كل ما هو مقبول علميا وتقنيا مقبول أخلاقيا، ولذلك يجب ان يكون هناك موافقة من الواهب والمتلقي،أما في حال وفاة الواهب فإن الوصي على المتوفي هو من يتخذ القرار بوهب الأعضاء شرط عدم الحصول على بدل مادي في المقابل، أما في حال غياب الواهب عن الوعي والإدراك أي في حالة الموت الدماغي واذا كان المريض قد أوصى بوهب الاعضاء أو لم يوص فيمكن للأهل أن يتخذوا القرار الذي يرونه مناسبا، وهنا دعونا لا ندمج بين العلم والدين، فالموت الدماغي هو موت كلي، والدين يجيب عن سؤال "لماذا"؟ والعلم يجيب عن ال"كيف"؟ والأهم أن توهب الأعضاء من دون ثمن ودون تفريق بين غني وفقير ولا شيء يجب أن يشكل عائقا، لا الجنس ولا الدين ولا العنصر يجب أن يقف عائقا أمام الحياة، فالمسيح قال: "أنا جئت للجميع ولأجل الجميع وكلنا أصبحنا واحدا".
 
واذ أكد رعد أن الكنيستين الشرقية والغربية متفقتان على مبدأ العطاء ويشجعون على وهب الأعضاء، دعا الى وهب الأعضاء عن حب كما المسيح بذل نفسه لأجلنا وبسعادة.
 
الدين الإسلامي
 
ولا يختلف الموقف من وهب الأعضاء لدى الطوائف الإسلامية عنه لدى الطوائف المسيحية، فوهب الاعضاء، سواء من حي الى حي او من متوف الى حي، ببعده الانساني الاخلاقي هو عمل نبيل، وجائز في الاسلام شرط الا يترتب على ذلك ضرر بالغ بالواهب او خطورة على وظائف جسمه الحيوية، بحيث يفوق الخطر اللاحق بالمتبرع النفع المرجو للموهوب له، كما يقول رئيس محكمة زحلة الشرعية القاضي الشيخ أسد الله الحرشي، مؤكدا أنه وفق احكام الشريعة الاسلامية أن وهب الأعضاء بعد الوفاة يجوز في حال كان المتوفى أوصى بذلك بموجب وصية خطية أو شفهية تسمح بإستئصال أعضائه عندما يثبت طبيا حصول الموت الدماغي؛ إذ تصبح حياة الإنسان هي حياة الخلية لا الشخص، وعندها لا مانع شرعيا من فصل الفرد عن كل ما يوصله بالحياة من أجهزة طبية وتنفسية.
 
 
 
 
 
ويؤكد أن الدين الإسلامي يشجع على وهب الأعضاء في إطار الحكم الشرعي لأن فيه فائدة للانسان وإنقاذا لحياته "فعندنا قاعدة التزاحم الفقهية "تزاحم المهم مع الأهم فيقدم الأهم، اي تقدم الحياة على الموت، فللميت حرمة في جسده كحرمته وهو حي، لكن إذا كان الهدف إنقاذ حياة فهو ما نشجع عليه". 
 
أروادي 
 
أما عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الشيخ محمد أنيس أروادي، فأكد على أهمية هذا العمل الإنساني شرط الإلتزام بالشروط التي حددها الإسلام والتي يحتاج تحقيقها إلى فريق من الأطباء منتدبين من المرجعيات الدينية لتحديد إمكانية الوهب أو عدمها، لافتا إلى وجود مفاهيم عدة تحكم هذا الأمر، ولكل فريق أدلته، وان العلماء بنوا ذلك على مفاهيم أساسها آيات من القرآن الكريم ومن السنة الشريفة.
 
وتحدث عن ثلاثة آراء في هذا الموضوع "وأشهر من أجاز ذلك هو المجمع الفقهي الذي انعقد في جدة منذ ثمانينات القرن الماضي، وتلاه الكثير من العلماء في مختلف الدول الإسلامية الذين أجازوا التبرع بالأعضاء، رابطين ذلك بقيود معينة تتصل بحصول موت دماغي لدى المتبرع.
 
وهناك فريق آخر لم يعترف بالموت الدماغي كموت محقق وحيثية لوهب الأعضاء، ووضعوا أدلتهم وبنوا ذلك على مفاهيم وآيات وأحاديث، ومنهم من منع زرع الأعضاء بناء على مفهوم الموت الدماغي، منهم فريق منع زرع الأعضاء نهائيا واعتبره محرما في دين الإسلام، وذلك عائد إلى أن الإنسان لا يمتلك أي جزء من جسده ليمنحه للآخرين وأن المالك الوحيد لذلك هو الله عز وجل، ولا يصح لنا أن نتصرف بذلك، مستشهدين بآيات قرآنية كثيرة وبناء على الحديث الشريف "كسر عظم الميت ككسر عظم الحي"، ومنعوا بذلك وهب الأعضاء، إلا أن فريقا ثالثا وسطيا قال بوهب الأعضاء لكن ضمن الأقرباء وذلك منعا للتجارة".
 
 
 
 
 
 
 
ورأى في ما خص مفهوم "اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء"، أن الأمر إسلاميا ليس سهلا" ونحن في لبنان علينا التقيد بآراء المرجعيات الدينية لأن البت في هذا الموضوع يعود لها، ولأن الأمر ديني والدين لا يسمح بوهب الأعضاء إلا بموجب فتوى دينية، معتبرا أن أي لجنة مدنية لا يمكنها التسويق لزرع الأعضاء إلا بناء على فتاوى دينية من جميع الطوائف الدينية الإسلامية والمسيحية".
 
وفي حال وجود ضوابط لدى اللجنة في هذه المسألة، قال: "إن ضوابط اللجنة تعود لقوانين مدنية وليس لقوانين شرعية، وما يحكم عندنا هو الدين وليس القوانين الوضعية التي يضعها الناس، ونحن لا نثق إلا بالأطباء الذين يستطيعون أن يوصفوا حالة الموت الدماغي، مؤكدا أن ذلك لا يعني أن المرجعيات الإسلامية تمنع زرع الأعضاء، ولكن لنا قيودنا التي يجب الالتزام بها". 
 
وعن رأي الشرع في حالة حصول شخص ما على بطاقة لوهب أعضائه بعد الممات قال: "نسأله عن الأسباب التي دفعته إلى ذلك، ولا يمكننا إجباره على تغيير رأيه، فله الحرية الكاملة في قراره، وهذه إرادته الشخصية ونحن من واجبنا توضيح الأمور دينيا له ونترك الخيار للشخص المعني، فسلطتنا في هذا الأمر معنوية وليس سلطة تنفيذية".
 
وعن رأي الدين في مسألة وهب الأعضاء من شخص مسلم إلى شخص مسيحي، أكد أن لا مانع في ذلك، لأننا نعتبر المسيحي أخ في الإنسانية ودين المريض لا علاقة له في هذه القضية، لأن الأخوة تتقدم في هذا الشأن ولا علاقة لها بحقيقة الإيمان.
 
مكارم
 
ولا يختلف رأي طائفة الموحدين الدروز في وهب الاعضاء عن رأي الدين الاسلامي، ويؤكد القاضي الشيخ غاندي مكارم أن"العقيدة التوحيدية ليست في صدد التناقض مع العلم، بل على العكس هي ترحب بكل إنجاز طبي يساهم في تخفيف آلام الانسان وإنقاذ حياته وعليه، فهي لا تمانع في وهب الأعضاء البشرية، طالما أن عملية الوهب تتم بملء إرادة الواهب وبعيدا من أي بدل مادي أو أذى محتمل".
 
وقال: "عندما يتحقق الموت الدماغي وفق تشخيص طبي دقيق لا تخميني، يغدو المريض بحكم المتوفى، فيصبح وهب الأعضاء جائزا لأنه، ومن الناحية التوحيدية،أن مفارقة الحياة تفقد جسد الإنسان قيمته، ولكن في يومنا هذا بات ممكنا، بفضل تقنيات الطب الحديث، إعادة هذه القيمة الى الجسم البشري الفاني من طريق وهب أعضائه لكل من يحتاج إليها بغض النظر عن دينه أوعرقه أو لونه".
 
 
 
 
 
وفي سياق ذي صلة، يشدد مكارم على أن الإنسان هو مالك لجسده، وبالتالي يحق له في أن يوصي بأعضائه كما يوصي بماله لمن يشاء، شرط أن يكون الموصى له أهلا لذلك، إذ لا يجوز بتاتا للفرد أن يهب أعضاءه لمن سيسيء إستخدامها أو سيستعملها لإقتراف الذنوب، وإلا أصبح الواهب مشاركا في الرذيلة المقترفة. 
 
لمحة تاريخية عن تطور "وهب الأعضاء" لبنانيا
 
يذكر أن لبنان شهد أول عملية زرع أعضاء في عام 1972 في مستشفى البربير، وبعد أحد عشر عاما صدر المرسوم الاشتراعي رقم 109 وتلاه عام 1984 مرسوم آخر يحمل الرقم 1442 اللذين ينظمان عمليات وهب الأعضاء وزرعها، إضافة الى تحديد المراكز المؤهلة لهذه العمليات.
 
وافتتح أول مركز لزرع الأعضاء في لبنان عام 1985 في مستشفى رزق، وتوالت من بعده المراكز المشابهة في المستشفيات الأخرى: عام 1992 في مستشفى أوتيل ديو، عام 1997 في مستشفى الجامعة الأميركية، عام 1998 في مستشفى القديس جاورجيوس، عام 2003 في مستشفى حمود في صيدا، وعام 2004 في المستشفى الإسلامي في طرابلس.
 
وتمت أول عملية زرع كلية من شخص متوف عام 1990 في مستشفى رزق، وأول عملية زرع قلب كانت في مستشفى حمود عام 1998، وأول عملية زرع كبد كانت عام 1997 في مستشفى أوتيل ديو.
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب