الخميس 31 تشرين الأول 2024

12:24 pm

الزوار:
متصل:

موارنة قبرص... صلابة وإيمان وأبواب الجحيم لن تقوى عليهم سويف: لحضور الراعي إلى قبرص قيمة خاصة وسيكون محط انظار موارنة العالم

 

 
تحقيق: سلمى أبو عساف
 
 
 
قواسم مشتركة جمعت بين تاريخي جماعة تحدت الجبال الوعرة وطوعتها، ففاح منها عطر بخور فريد وسكنت الوديان الساحقة، فحولتها سهولا أنبتت قديسين. إن الإضطهاد والتنكيل، القتل والتهجير كانوا من نصيب هاتين الجماعتين اللتين آثرتا الدفاع عن كيان المسيحية. إنهم الموارنة، موارنة لبنان وموارنة قبرص، هذا المذهب المسيحي الذي كتب التاريخ عنه أنه نشأ في القرن الرابع في وادي العاصي في بلاد حمص وحماه.
 
قبرص والمسيحية
 
إنتشرت الديانة المسيحية في قبرص مع تبشير بولس الرسول، ورده حاكم بافوس الروماني سرجيوس بولس إلى الإيمان. فتكنى باسمه متخليا عن إسم شاوول ( أعمال الرسل 13: 4 -13 ). وكان برنابا رفيق بولس قبرصي الأصل أيضا. وفي سنة 51 بعد المسيح عاد برنابا الرسول إلى جزيرة قبرص ليبشر بالمسيح وهناك استشهد. ويعتبره القبارصة رسول جزيرتهم وهم يحتفلون بعيده في الجزيرة كلها. وفي العام 115م قدمت الجزيرة نحو 240 ألفا من الشهداء والقديسين القبارصة أثناء الإضطهادات التي حدثت من قبل اليهود.
 
 
 
 
 
إستقلال ديني
 
كانت جزيرة قبرص تابعة للبطريركية الإنطاكية، وكان بطريرك إنطاكيا يعين رئيس أساقفة الجزيرة. ولكن الإكليروس القبرصي جاهد للحصول على استقلاله الإداري الديني بحيث لا يتعلق ببطريرك إنطاكيا، بل ينتخب هو رأسا رئيس أساقفة. وبعد محاولات عدة لبطاركة إنطاكيا باستعادة سلطانهم على الجزيرة، كادت قبرص أن تخسر استقلالها الديني لو لم يتراء القديس برنابا لرئيس أساقفة سلامينا أنتيموس، وفيها أرشده إلى مكان قبره. وفي اليوم التالي توجه إلى القبر يرافقه الإكليروس والشعب وحفر تحت شجرة خروب فوجد جثمان القديس برنابا وعلى صدره نسخة من إنجيل القديس متى كان نسخها بيده. فأسرع رئيس الأساقفة إلى القسطنطنية وقدم للأمبراطور هذه الذخائر المقدسة فقبلها بسرور وأمر بحفظ الإنجيل في قصره الإمبراطوري. واتخذ رئيس أساقفتها من الذخائر التي اكتشفها دليلا لاستقلال الجزيرة في أمورها الدينية، لأنها لا ترجع بتأسيسها إلى بطاركة إنطاكية بل إلى الرسل رأسا، وقد أقر له الأساقفة المجتمعون بهذه الحقوق، وأثبتها الأمبراطور زينون، مخولا رئيس أساقفة سلامينا سيامة أساقفة الجزيرة وعقد المجامع. وسمح له أن يرتدي الحرير والأرجوان وأن يحمل الصولجان بدلا من العصا وأن يوقع إمضاءه بالشمع الأحمر وأن يلقب بصاحب الغبطة. وقد بنى المسيحيون بالقرب من القبر ديرا على إسم القديس برنابا. وظلت كنيسة قبرص تتمتع باستقلالها الكامل في إدارتها الداخلية عن سلطة أي بطريرك.
 
تاريخ مكتوب بالدماء
 
لم تسلم قبرص من جشع الطامعين. فهوجمت سنة 632 م وارتكب ما ارتكب من مجازر، فقتل العديد من أبنائها وهدمت كنائسها. ولم تعرف الجزيرة السلام والهدوء مع كل الذين تعاقبوا على السيطرة عليها من:البيزنطيين الذين نزعوا منها استقلالها الديني وربطوها مباشرة ببطريرك بيزنطية. إلى اللاتين الذين مارسوا بعضا من انواع العذاب والاذلال في محاولاتهم المتكررة لإقناع أساقفة الأروام بان يصيروا لاتينا. وصولا الى الاتراك . فقتلوا أساقفتها وحولوا الكنائس الى جوامع ومزارب خيل. و تضاعف تنكيل الاتراك مع خوفهم من أن يساعد أهل الجزيرة بلاد اليونان في الثورة التي شنوها ضد الدولة العثمانية. وعندها اصدرت الأوامر في العام 1821 بجمع كل اساقفة الجزيرة وأعيانها في لوكوزيان وإقفال الباب عليهم ومن ثم ذبحهم جميعا. اما الإنكليز فلم يكونوا أكثر عفة. وبعد استيلائهم على الجزيرة، اعلنوها في العام 1925 مستعمرة إنكليزية في وقت كان يطالب فيه أروام الجزيرة ضمها إلى اليونان. ولما لم يتحقق لهم ما ارادوه عبر مجلس الامن لجأ الاروام الى مقاومة الإنكليز على طريقتهم وألفوا جمعية مقاومة عرفت ب "ايوكا" لتناوىء الحكومة الإنكليزية.
 
 
 
 
 
باختصار شديد أوجزنا لمحة مقتضبة عن ما عاناه مسيحيو هذه الجزيرة منذ نشأتهم. واليوم لا يزال قسم منهم وتحديدا الموارنة يدفعون الثمن باهظا. فمن قراهم التي كانت تقدر ب 60 قرية مارونية لم يبق سوى أربع في الجزء الشمالي التركي للجزيرة ومن عددهم الذي كان يفوق ال 80 الف نسمة لم يبق إلا نحو 4 آلاف وخمسمئة.
 
موارنة قبرص
 
من الأرض الممتدة على مساحة 3570 ميلا مربعا إختار الموارنة الكهوف والجبال الوعرة والوديان السحيقة وجعلوا منها مساكن لهم. فاتخذوا من جبال كيرينا قبالة تركيا في الجهة الشمالية ملجأ لهم لمناعتها ولرد غارات الأتراك عنهم.
 
 
 
 
 
ويرجح الكاتب بلمياري أن هجرة الموارنة إلى جزيرة قبرص بدأت في الجيل الثامن وازداد عددهم بسبب الإضطهاد بعد الفتح العربي في سوريا فوجدوا في قبرص الملجأ الأمين. واشتدت هجرة الموارنة إلى قبرص بعد الخراب الذي ألحقه العرب بدير ما مارون على ضفاف العاصي في النصف الأول من الجيل العاشر، وهو أعظم دير للموارنة وكان يرأس جميع أديار الموارنة في سوريا وكان بطركهم يتخذ منه مقرا لإقامته وكان يضم ثمانمئة راهب هاجر قسم منهم إلى الجبال اللبنانية الوعرة ليحتموا فيها وتوجه القسم الآخر إلى قبرص وبنوا هناك دير مار يوحنا كوزباند وهو اليوم يسمى بدير مار يوحنا كريزوستموس.
 
وحتى اليوم لا توجد أي آثار تاريخية عن الحياة المارونية في قبرص ولكن المؤكد أن الموارنة ألفوا جالية مستقلة عن سكان الجزيرة وشيدوا لها الكنائس المارونية وكانوا يخضعون في نظام حياتهم الدينية للبطريرك الماروني في لبنان لا لرئيس أساقفة قبرص الرومي وكان هو من يسمي رؤساء الدير هناك.
 
 
 
 
 
وازداد عدد الموارنة النازحين إلى قبرص، ومع اعتلاء أول ملك على قبرص غي دو لوزنيان العرش في 1192 هاجر إليها عدد كبير من الأرمن والأقباط والموارنة ومنحهم الملك عدة أحياء في نيقوسيا حيث بنوا مساكنهم وكنائسهم. ومنح الموارنة امتيازات عدة ومع ازدياد إضطهادهم في لبنان وسوريا هاجر قسم كبير منهم إلى جزيرة قبرص وبخاصة في الجهة الشمالية منها حتى أن بلدات قبرصية كثيرة تحمل اسم بلدات لبنانية كبلدة كورماجيت التي يقول أبناؤها أن أصلهم من بلدة كور الجندي في بلاد البترون. 
 
 
 واعتبر الموارنة ثاني أكبر جالية بعد الروم في الجزيرة. ولكن مع استيلاء الأتراك على الجزيرة في العام 1571 بدأ عددهم ينقص بسبب ظلم الحكام واضطهاد الإكليروس اللاتيني واليوناني، ففرضوا الضرائب الفادحة وعاد الكثير منهم إلى سوريا وآسيا الصغرى لينجوا من الظلم. حتى أن مطران نيكوزيا اللاتيني وضع يده على كنيسة مار يوحنا المارونية في نيكوزيا وعلى كل أوقافها وبعد طلب البطريرك شمعون الحدثي إلى البابا لاون العاشر سنة 1541 التدخل لتصحيح الوضع أمر البابا المطران المذكور بأمر الطاعة المقدسة إعادة الدير والاوقاف الى البطريرك شمعون الحدثي.
 
عهد الأتراك
 
بعد استيلاء الأتراك على الممالك الإسلامية العربية قاموا بمحاولات عدة للاستيلاء على قبرص منذ العام 1527 إلى أن تمكنوا من ذلك عام 1570 فحاصروا الماغوصة اي فماغوستا وسبوا نحو مئة وثمانين الفا من النصارى وقتلوا من الموارنة نحو ثمانية عشر الفا. وكان استعصى منهم نحو اثني عشر الف جندي في ضيعة تدعى كاليسباسي على راس الجبل فحلف لهم الأتراك انهم اذا سلموا نفسهم لن يؤذوهم وعندما سلموا أنفسهم قتلوا جميعا. حول الأتراك الكنائس إلى جوامع وخانات وباعوا الأوقاف واستعبدوا السكان. وبدأ الإضطهاد التركي للموارنة الذين كانوا يعتبرونهم حلفاء الفرنج ومساعديهم. وفي خلال 25 عاما (1571 - 1596) تلاشت اربع عشرة قرية مارونية بفعل القتل والتنكيل.
 
 
 
 
 
اللينوبامباشي 
 
اللينوبامباشي هم الموارنة الذين اعتنقوا الدين الإسلامي. فبعدما اشتكاهم اروام الجزيرة إلى الباب العالي بانهم يعملون على إعادة البنادقة إلى حكم قبرص، صب الأتراك جام غضبهم على الموارنة وقتلوا الكثيرين منهم ونفوا وسجنوا كثيرين وارغم بعضهم على اعتناق الدين الأورثوذكسي الرومي وانتقل عدد وافر منهم إلى الإسلام ظاهريا لكنهم لم يتركوا الديانة المسيحية ولم يتخلوا عن سري العماد والتثبيت وحافظوا على الختان الإسلامي ولهذا لقبوا ب "الينوبامباشي" اي انهم مسلمون ومسيحيون في آن واحد وأكثرهم في بلدة لوروجينا.
 
 
 
 
 
ومن العوامل التي ساهمت ولو بشكل غير مباشر بتقلص عدد الموارنة في قبرص، إضافة إلى الظلم والإضطهاد من الأتراك والأروام، عدم زيارة مطارنة قبرص الموارنة موارنة الجزيرة. فلقد ظلوا 161 عاما من العام 1687 - 1848 منقطعين عن زيارة موارنة الجزيرة وبذلك أصبح هؤلاء من دون أي عضد أو سند.
 
 
 
 
 
أربع قرى
 من القرى المارونية ال 60 في العام 1224 التي كانت تعج باهلها، لم يبق بعد دخول الإنكليز الجزيرة في العام 1878 سوى أربع قرى هي: كورماجيت، أسوماتوس، قرباشا وآيا مارينا المجاورة لدير مار الياس المطوشي. وعن هذه القرى الأربع الواقعة تحت الحكم التركي يقول راعي أبرشية قبرص للموارنة المطران يوسف سويف إنها "تمثل الارتباط الوثيق للموارنة بأرضهم"، مبديا إعجابه ب"تشبت هذه الجماعة وانتمائها الصلب بأرض الاجداد".
 
سفير قبرص
 
"على الرغم من هجرة سكان هذه القرى الى جنوبي قبرص إلا انهم ولاعتبارات معينة" - بحسب ما أوضح سفير قبرص في لبنان هومر مافروماتيس "سمحت لهم الدولة التركية الدخول والخروج الى قراهم ساعة يشاءون بعكس القبارصة اليونان الذين اتيحت امامهم هذه الفرصة في العام 2003 ولم تتكرر حتى الساعة".
 
وأكد السفير القبرصي أن "هذا التسهيل للموارنة قد يكون سببه ارتباطهم المباشر بالكنيسة المارونية في لبنان"، مشيرا ألى "أهمية زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى قبرص وتأثيرها على الرعية المارونية التي سيزورها ليؤكد الدعم لها". 
 
ولفت إلى أن "عدد سكان القرى الاربع يبلغ نحو 500 نسمة بينهم 200 ماروني تقدمت غالبيتهم في السن"، مشيرا إلى انه "وفق استفتاءات رسمية عدة قررت الاقلية من سكان قبرص الشمالية من أرمن وموارنة ولاتين كاثوليك البقاء في كنف قبرص اليونانية حيث يمارسون حقوقهم وواجباتهم كمواطنين"، لافتا إلى أن "للموارنة ممثلا عنهم في البرلمان القبرصي كذلك للبقية من الاقليات".
 
وعن ميزات هذه الزيارة، قال السفير مافروماتيس:"إنها هامة جدا بنظر جميع القبارصة وليس الموارنة فقط. غبطته يقوم بهذه الزيارة قبل مضي عام على تسلمه الكرسي البطريركي وهذا له دلالة كبيرة في نفوسنا جميعا من دون استثناء، بدءا من رئيس الجمهورية الذي سيلتقيه في أكثر من مناسبة في خلال هذه الزيارة، كذلك رئيس الكنيسة الأرثوذكسية كريزوستموس الثاني وعدد من الفاعليات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها نظرا للتقدير العميق لهذه الزيارة ولشخص البطريرك".
 
وختم:"قبرص فرحة وتفرح دائما باستقبال من تربطهم علاقة تاريخية بها"، لافتا الى "زيارة البابا بندكتوس التي مدت اهل هذه الجزيرة المتوسطية بالمزيد من الإيمان، وضرورة العمل دائما لتثبيت العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين تماما كما هو الامر في لبنان".
 
سويف
 
ويصف المطران يوسف سويف هذه "القرى المارونية بجهات الصليب الأربع لانها تشهد لهذا الصليب الذي حمله الموارنة منذ نشأتهم في سوريا وهو يبقى حتى الساعة الصليب الظافر بالنسبة الينا جميعا"، لافتا الى ان "هذه القرى التي تروي تاريخ جهاد وتضحيات هي نوع من الحماية وارتباط دائم بالتراث للحفاظ على الهوية".
 
وقال:"ان زيارة البطريرك الراعي هذه البقعة من الارض لها اهميتها وارتباطها المتين بحاضر الموارنة. وحضوره، مع ما يمثله من ارث وتاريخ على مستوى لبنان والعالم، له قيمته الخاصة وستكون زيارته محط انظار لكل موارنة العالم للتعرف الى تاريخ هذه الجزيرة، ثاني أكبر الجزر المتوسطية".
 
وختم:"أفتخر، كراع لهذه الابرشية، بزيارة أبينا صاحب الغبطة أبرشيتي وخلقه هذه المناخات الجميلة التي تظهر تاريخ الموارنة. وعلى الرغم من هجرة سكان هذه القرى الا انني أحتفل فيها بالقداديس في المناسبات وايام الآحاد فيأتي ابناؤها ويصلون في كنائسها ليعودوا بعدها الى مقر اقامتهم .المذهل في الامر ان ابناء هذه المنطقة لم يتخلوا عن شبر من الارض وان موارنة الجزيرة عموما ازدادت اراضيهم واملاكهم لتعلقهم بالأرض لأنها تمثل تاريخهم وأرض أجدادهم".
 
المدن القبرصية والموارنة
 
نيقوسيا
إنها العاصمة، استوطنها الموارنة وبنوا فيها كنيسة القديس مار يوحنا التي استولى عليها الأتراك ولا تزال معهم حتى اليوم. تتميز بهندستها المارونية من حيث القناطر وخلوها من القبب اليونانية، وفيها مدرسة لراهبات مار يوسف الظهور.
 
 
 
 
 
قرباشا
ضيعة مارونية صرفة قريبة من أسوماتيس وهي أصغر القرى المارونية وكنيستها على اسم الصليب المقدس وهي قديمة جدا.
 
أسوماتوس
 
تقع في السهل القائم وسط الجزيرة وتبعد عن العاصمة 20 دقيقة. يقال إن اسمها مشتق من كلمة شامات في بلاد جبيل. كنيستها على اسم الملاك ميخائيل.
 
 
 
 
 
كورماجيتي 
 
وهي عاصمة الموارنة في الجزيرة وقيل إن سكانها الأولين من كور الجندي في بلاد البترون وكانوا يرددون عبارة "نحنا جينا وكور ما جات"، فدعيت بلدتهم كورماجيتي وفيها أربع كنائس : مار جرجس القديمة، ومار جرجس الجديدة مار جرجس البحر وكنيسة السيدة وهي من أقدم الكنائس في كورماجيتي وكانت جدرانها الداخلية مصورة إلا إنها طليت بالكلس فاختفت الصور. غزاها الأتراك في العام 1534 فنهبوا كنائسها وأحرقوا بيوتها. ومن العادات المارونية لبلدة كورماجيتي أنه في العرس وقبل ان يذهب العريس إلى الكنيسة يدعو الكاهن إلى بيته ليبارك ثياب العروس التي يكون العريس قد اشتراها لها كما يبارك ثياب العريس. ثم يحلق له الخوري رأسه بالموس وبشكل صليب. وفي عشية يوم الزواج يدعو أهل العروس الكاهن ليتناول عندهم العشاء ويدعوه أهل العريس صباح يوم العرس ليتناول عندهم الفطور.
 
 
 
 
 
آيا مارينا
 
تحمل هذه القرية المارونية اسم القديسة مارينا راهبة دير قنوبين ما يدل صراحة على ان سكانها الاولين قدموا من وادي قنوبين. وهي تقع في لحف جبل في آخر السهل الممتد من نيكوزيا إلى الغرب. وكانت كل القرى المجاورة لها مارونية إلا أنها أصيحت اليوم خرابا بفعل الاضطهاد والقتل الذي لاقاه الموارنة هناك. وقد أسلم عدد من أبنائها بسبب الإضطهاد وفيها كنيسة صغيرة على اسم القديسة مارينا.
 
لارنكا
 
مدينة بحرية في جنوبي الجزيرة كان لها شأن كبير في التجارة وفيها جالية مارونية صغيرة اليوم بنيت كنيستها على إسم مار يوسف.
 
 
 
 
 
ليماسول
 
وهي كناية عن مرفأ في جنوبي الجزيرة ومدينة جميلة تظللها الاشجار الوارفة. وفي سنة 1583 إستولى الاتراك على قلعتها وقتلوا الكثيرين من موارنتها ونهبوا بيوتهم. وكانت أكبر قاعدة حربية للإنكليز.
 
فماغوستا
 
أي الماغوصة وهي مرفأ جنوب شرق الجزيرة. لها سور عظيم بناه الصليبيون وأقاموا فيها العديد من الكنائس حتى قيل أن عددها بلغ ايام السنة. في وسط المدينة الكاتدرائية العظمى آيا صوفيا وهي اليوم جامع، هندستها غوطية. وكانت من أغنى المدن. ومما قيل عنها في هذا الشأن ان احد تجارها باع سلطان مصر تفاحة من ذهب مطعمة بأربع حجارات كريمة ليضعها في صولجانه. وجاء على لسان القديسة بريجيتا ما يلي:"ستزولين يا عامورة الجديدة، يقول الروح ستزولين محروقة بنار الزنى وبما زاد من غناك وجشعك. ستسقط بناياتك ويهرب سكانك ويتحدثون عن عقابك في الأنحاء البعيدة لأني غضبان عليك". تحقق كلام القديسة بريجيتا حرفا بحرف لما استولى عليها الاتراك فحرقوا كنائسها وحولوها إلى جوامع وعاثوا فيها فسادا ونكلوا بسكانها.
 
أما أبرز المزارات المارونية القديمة في قبرص:
 
 
 
 
 
مزار سيدة ماركين
 
ويبعد هذه القرية قليلا عن أسوماتيس. وكانت مارونية صرفة في الماضي ويؤمها عموم موارنة كورماجيت، اسوماتيس، ايا مارينا وكرباشا ونيكوزيا في الثامن من ايلول عيد ولادة العذراء مريم. 
 
مزار سيدة كامبيلي
 
كانت مارونية صرفة ولكن جور الحكام جعل سكانها يهاجرون وبيعت معصرتها للمسلمين في العام 1942 وبقيت كنيستها على اسم السيدة. وفي هذه القرية خط كتاب القداس للعلامة ابراهيم الحاقلي سنة 1535.
 
مار أنطونيوس
تقع قرية كيترايا في لحف جبل كيرينا لجهة الجنوب الشرقي حيث كان العديد من القرى المارونية. وفي رأس القرية نبع فوار أشبه بفوار انطلياس ويعطي القرية لونا من القرى اللبنانية القائمة بقرب الينابيع. وبالقرب من النبع شيدت كنيسة على اسم القديس أنطونيوس الكبير. 
 
 
 
 
 
مار رومانوس فونو
 
لم يبق منها إلا مزار القديس رومانوس شفيعها. وفيها صورة إنزال المسيح عن الصليب وهي رائعة حاول الإنكليز أخذها ولكن وكيل الكنيسة انذاك منعهم. وكانت هذه القرية غنية بالأملاك إلا أن موارنتها الذين كانوا يهربون منها كانوا يهبون أرضهم للوقف ولكن الوقف باع الأرض ولم يبق من هذه القرية ماروني واحد.
 
مار يوحنا كوزباند
 
هو أشهر أديار الموارنة في قبرص وأقدمها. ويعتقد انه يعود إلى الجيل الحادي عشر. ويظهر أن الأروام بعد أن استولوا عليها أبوا أن يقيموا فيها احتفالاتهم الدينية لأنها مختلفة الهندسة فبنوا بالقرب منها كنيسة صغيرة بهندسة يونانية محضة وإلى جنوبي الكنيسة يقع الدير وكان على إسم مار يوحنا فم الذهب. وهو كناية عن طابقين، تكثر فيه القناطر المارونية الهندسة وهو يشبه دير سيدة ميفوق بموقعه وهندسته وقد شيد في الجيل العاشر ولكن الروام استولوا عليه ايضا.
 
دير مار يوحنا فلوذي
 
كانت فلوذي قرية مارونية قريبة من آيا مارينا ومن قرية المطوشي. وكان فيها سبع كنائس ودير مار يوحنا. خربت كلها ولا يزال فيها ثلاثة أجران للمعمودية.
 
دير مار الياس المطوشي
 
كانت المطوشي من أهم القرى المارونية وهي خلف قرية آيا مارينا. خرج منها عدد غفير من الكهنة والرهبان والعلماء ولم يبق فيها اليوم سوى الدير ومعظم املاكها تابعة له ويحرثها المسلمون. لقد تأسس في العام 1740 وتم تجديده في العام 1943 وهو تابع للرهبانية اللبنانية المارونية.
 
 
 
 
 
 
 
مطارنة قبرص
 
كان لقبرص مطران خاص يقيم فيها ولكن مع غزو الأتراك للجزيرة وبسبب ما لحقهم من اضطهاد وظلم أخذ المطارنة يقيمون في لبنان ويزورون الجزيرة مرة بعد اخرى. وكرس لهم المجمع اللبناني المعقود سنة 1736 اذ عين لمطران قبرص قسما من المتن بكفيا وبيت شباب ومزارعهما ثم باقي قرى المتن إلى جسر بيروت يضاف إلى جزيرة قبرص ومن أشهر مطارنة قبرص البطريرك إسطفانوس الدويهي 1668 - 1670 ولد في إهدن في 2 آب 1630أرسله البطريرك جرجس عميرة إلى روميه سنة 1641 حيث فقد بصره لكثرة الدرس. ولما عزم الرئيس على إرجاعه إلى لبنان نزل إلى الكنيسة وركع أمام أيقونة العذراء مبتهلا اليها لتعيد إليه نظره ونذر إليها نذرا. وفي الحال رجع نظره إليه. وبعد انتهاء دروسه ظل يطوف في مكتبة روميه بحثا عن كل ما فيه ذكر للموارنة وكان ينسخ كل ما عثر عليه.
 
عاد إلى لبنان عام 1655 ورقاه البطريرك يوحنا الصفراوي إلى درجة الكهنوت ليعلم الاولاد في إهدن . سافر إلى حلب سنة 1663 وعمل جاهدا لمدة ست سنوات على ارتداد المنفصلين عن الكنيسة. أقامه البطريرك مطرانا على قبرص فزار كل رعاياها المارونية قرية قرية. وفي العام 1670انتخبه المطارنة ورؤساء الأديرة واعيان الشعب الماروني بطريركا.
 
تاريخ جهادي مفعم بالإيمان
 
في أيام رئاسة المطران نعمة الله سلوان عام 1900 جرت في قبرص محاولات فاشلة لنقل بعض الموارنة من لارنكا ونيكوزيا من المارونية إلى اللاتينية. فتألفت في لارنكا جمعية أوهمت بعض الموارنة أنها تجمع المساعدات وطلبت تواقيعهم على العريضة المكتوبة باليونانية فوقع بعضهم عليها من دون أن يفهموا معناها وكان موضوعها طلبا مرفوعا إلى الكرسي الرسولي للسماح لهم بالانتقال من الطقس الماروني إلى اللاتيني بحجة أن رؤساءهم يهملونهم وان بعضهم اعتنق الإسلام دينا والبعض انشق عن الكنيسة. عرف الإكليروس الماروني بالأمر فرفع كتابا الى البطريرك الياس الحويك الذي أرسل الى قبرص موفدين من قبله للتحقق من الأمر وإجراء فحص قانوني على ما جاء في العريضة اللارنكية. وبقي المعتمدان 27 يوما في قبرص جالا في خلالها على كل الرعايا وتأكدا من عدم قانونية العريضة فرفعا كتابا الى البطريرك الذي رفع بدوره كتابا الى الكرسي الرسولي فند فيه ادعاءات العريضة واخطاءها التاريخية. ودعم كتابه بعريضة من موارنة قبرص رفعوها الى غبطته للتأكيد على انهم يريدون ان يحيوا ويموتوا موارنة. وكان لهذا التقرير مفعوله فظل موارنة قبرص موارنة خاضعين لمطرانهم وبطركهم في لبنان.
 
وعلى الرغم من نيلها استقلالها عن الإنكليز في السادس عشر من شهر آب من العام 1960 الا ان قبرص تعرضت لهجوم الجيش التركي في حزيران من العام 1974 الذي احتل القسم الأكبر منها ومعظم القرى الرومانية واقعة تحت سيطرته حتى الساعة.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب