تحقيق : عبيدة محروم ونظيرة فرنسيس
تراه يئن بصمت المتعالي على الصعاب، يأبى بعنفوانه التاريخي ان يحني ظهره، فيبقى شامخ الرأس رابضا على أعلى تلة في بعبدا مشكلا لوحة معمارية عثمانية مرسومة بريشة أمهر المهندسين والبنائين منذ القرن الثامن عشر وتحديدا في عهد المتصرفية (1860 - 1918 )، يستقبل الوافدين اليه بصدر رحب مزقته شظايا القنابل، كما تركت الصواريخ الغادرة بصماتها على حجره الرملي الذي يميز تاريخه العريق، انه سراي بعبدا الحكومي الذي يعتبر اليوم من اهم المباني الرسمية في لبنان وأكثرها اهمالا وحرمانا، فحتى عام 1998 لم يكن ملحوظا على قائمة الجرد التاريخية، وبقي معلما مكتوم القيد لا أوراق ثبوتية لديه تؤكد شرعيته. الاهمال والحرمان ضرباه في الصميم، من الوريد الى الوريد، حتى لم يبق فيه عرق ينبض لاهمال وحرمان كادا أن يقضيا على هويته وأصله وفصله وكينونته. هذا كله، رغم اتخاذه مركزا لمحافظة جبل لبنان وتجمع لعدد من ادارات الدولة الموزعة في ارجائه. ففي الطابق الارضي، مخفر للدرك مع زنزانة ومكتب للشرطة القضائية ومكتب لمأمور النفوس. وفي الطبقة الاولى تتوزع مكاتب محافظة جبل لبنان، قائد منطقة جبل لبنان، مصلحة الصحة، الامن العام ومكتب ل"الوكالة الوطنية للاعلام".
ولان حالته مزرية لم يعد بالامكان السكوت عنها، ووضعه لا يحتمل على وقع تسرب مياه الأمطار الى عدد من الغرف، وشكوى الموظفين من كل هذا الاهمال، كان لا بد من تسريع وتيرة العمل لاعادة الترميم على نحو يعيد اليه وهجه التراثي المعماري المعهود، وذلك بمبادرة من "الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية" التي ترأسها الدكتورة ماري كلود حلو سعادة، وتلقى دعما من عائلات بعبدا. وآخر مبادرات الجمعية توجيه دعوة الى السفير التركي في لبنان للوقوف على حال السراي وما يمكن ان تساهم به دولته، لاعادة احياء هذا المعلم التراثي العثماني الذي قدمه اهل بعبدا ذات يوم من العام 1887، ومن مالهم الخاص، هبة لحكومة المتصرفية في عهد المتصرف العثماني واصا باشا.
سعادة
تشير الدكتورة سعادة الى "ان أعمال الترميم ستطال كل السراي، ما يعني انه ستكون هناك ورشة كبيرة"، مع أملها "أن يأخذ الأتراك هذه الورشة على عاتقهم"، وتلفت الى "ان الجمعية هي في صدد انشاء لجنة دعم للسراي، تتمثل فيها عائلات بعبدا"، وتؤكد "أن مجلس الانماء والاعمار مكلف أيضا بايجاد مصادر تمويل للترميم".
وعما اذا كانت دوائر الدولة ستبقى بعد الترميم في السراي، تشير سعادة الى "ان المحافظ أبدى موافقته على خروج هذه الدوائر باستثناء مكتب المحافظ، لكون بعبدا هي مركز محافظة جبل لبنان، ونحن كجمعية لا مانع لدينا من ذلك، على ان تتحول السراي الى مركز ثقافي وفني يجمع الشبان والشابات في اطار تربوي واجتماعي حضاري يلبي طموحاتهم في سبيل مستقبل واعد".
ويبقى السؤال الاهم، هل تنطلق أعمال الترميم في السراي بتمويل تركي؟ وتاليا هل يتحول الى مركز ثقافي كما تخطط له "الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية"؟ وغيرها من الأسئلة التي تفرض نفسها، خصوصا وان قطار عمل الجمعية انطلق على سكة السراي، لجهة التحرك الى جانب عدد من السفارات وآخرها التركية، بهدف حضهم على المساهمة في هذه الورشة الضخمة، لاعادة احياء هذا الإرث التراثي، والذي يشكل علامة فارقة في بعبدا عاصمة جبل لبنان.
السفارة التركية
تبدي السفارة التركية في لبنان اهتمامها بالسراي، خصوصا وانه مبنى يحمل الطابع المعماري العثماني، وتؤكد "ان هناك نية جدية لديها في عملية الترميم، لكن لغاية الان ليس هناك اي مشروع محدد في هذا الشأن وسيتم التنسيق مع مجلس الانماء والاعمار لوضع الآلية المناسبة للموضوع".
مجلس الانماء والاعمار
ويوضح مجلس الانماء والاعمار، انه "بناء على قرار مجلس الوزراء رقم 19/2009 الذي كلفه تأمين التمويل لترميم سراي بعبدا الحكومي، زار فريق عمل من المجلس مبنى السراي للاطلاع عن كثب على وضع المبنى واجراء كشف اولي عليه وتحديد المشاكل التي يجب معالجتها، كما تم في خلال هذه الزيارة الميدانية الاجتماع مع محافظ جبل لبنان بالتكليف القاضي انطوان سليمان والاستماع الى آرائه والاطلاع على رؤيته المستقبلية للمبنى". ويلخص المجلس نتائج هذه الزيارة، ان المعلم التراثي يعاني من عدة مشاكل وتقسم الى نوعين:
النوع الاول: المشاكل الهندسية، وهي ناتجة عن عدة عوامل ومنها على سبيل المثال لا الحصر: عامل مرور الزمن، اضرار الحرب الاهلية، الصيانة المتكررة غير السليمة الى مشاكل انشائية وتتضمن مشاكل في مواد البناء القديمة، تسرب مياه الشتاء والرطوبة الى داخل المبنى والقاعات، مشاكل في اشغال التمديدات الكهربائية والمياه ومياه الصرف، مشاكل في اشغال المنجور والحديد.
النوع الثاني: المشاكل الوظيفية، وهي ناتجة ايضا عن عدة عوامل على سبيل المثال لا الحصر: وجود العديد من الادارات الرسمية التي تتطلب شروطا غير ملائمة لطبيعة المبنى: ( السجن، مفارز امنية...)، كثرة الادارات الرسمية مع ما تتطلبه من مساحات لا قدرة للمبنى على استيعابها... وقد أدت هذه العوامل الى: اضافات عشوائية وتشويهات معمارية مع ما ينتج عنها من اثر سلبي على كمالية المعلم الاثري، اكتظاظ في عدد الموظفين والمكاتب مع ما ينتج عنها من أثر سلبي على سلامة المعلم".
يضيف: "أما بالنسبة للرؤية المستقبلية للمعلم، فقد ابدى المحافظ سليمان في كتاب ارسله الى المجلس رغبته باعادة المعلم الى وضعه الاساسي والتاريخي قبل التعديلات، على ان يتم في ما بعد وحين تأمين البديل نقل الادارات الى مبنى آخر وتحويل السراي الى متحف لحقبة مهمة واتخاذه كمركز للنشاطات الثقافية المحلية والدولية".
وعن اعداد دراسة الترميم ومتى ستكون جاهزة للتنفيذ، يشير المجلس انه " تم تحضير الضوابط المرجعية لاعداد الدراسات على ان تتم الموافقة عليها من قبل وزارة الداخلية لجهة تحديد واعتماد الوظيفة النهائية للمعلم، فضلا عن الموافقة من قبل المديرية العامة للآثار على البنود المتعلقة بالامور الفنية لتحضير الدراسات كون هذا المعلم وضع على لائحة الجرد العامة للابنية التاريخية: وهنا لا بد من التذكير، قبل الشروع بالدراسات واشغال الترميم بضرورة ايجاد الحلول الجذرية والمناسبة للمشاكل الوظيفية المذكورة اعلاه، كيلا لا تأتي عملية الترميم مجتزأة وغير مستدامة".
الكلفة والمراحل
ويشير المجلس الى "ان كلفة مشروع ترميم السراي ستحددها الدراسات بحسب الوظائف النهائية للمعلم. أما مراحل المشروع فتتضمن عدة محطات اهمها: اعداد الدراسات على ان تتلازم مع ايجاد الحلول والاماكن البديلة للادارات الرسمية غير الملحوظة في الرؤية المستقبلية للمعلم، تأمين مصادر التمويل وتلزيم الاشغال والاشراف عليها، وفي حال لم تبد اي جهة استعدادها لتمويل اشغال الترميم يمكن العودة الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن".
بلدية بعبدا
بدورها، قدمت بلدية بعبدا مبادرة، اعتبرتها اساسية لاطلاق عملية الترميم، عبر تقديم مبنى البلدية القديم ومبنى آخر جديد لتنتقل اليهما الادارات الرسمية الموجودة في السراي.
ويرى رئيس بلدية بعبدا هنري الحلو "ان الادارات الرسمية التي تشغل السراي يتم نقلها الى المبنيين المقدمين من البلدية اي مفرزة الدرك وقيادة المنطقة والصحة والاحوال الشخصية ، بينما تبقى المحافظة ومكتب المحافظ ، وينتقل مبنى البلدية الى الطابق السفلي من السراي وتتعهد البلدية الصيانة الدائمة للسراي".
ويؤكد الحلو "ضرورة ان يكون السراي مركزا اثريا ومقرا ثقافيا وفنيا ويجب ان تحتوي متحفا اثريا لأنها معلم تاريخي اثري وله معان كثيرة في قلوب ابناء بعبدا، وهم مستعدون في حال لم يتأمن التمويل للترميم أن ينظموا حملة تبرعات للقيام بذلك لأنهم لن يتخلوا عنه مهما بلغت الظروف".
مراحل تاريخية
ولأهمية هذا المعلم الاثري، كان لا بد لنا من العودة الى تاريخه والاضاءة على المراحل الطويلة التي مرت به، اذ انه لم يكن مدرجا على لائحة الجرد العام للابنية التاريخية لغاية 10 نيسان 2008 حين صدر القرار الرقم 18 في الجريدة الرسمية، وينص على ادراج العقار رقم 98 من منطقة بعبدا العقارية الذي تقوم عليه سراي بعبدا التاريخية في لائحة الجرد العام للمباني التاريخية ويمنع بموجبه القيام بأي عمل من شأنه تغيير الوضع الحالي للعقار من دون الموافقة المسبقة من المديرية العامة للآثار على الاعمال المنوي اجراؤها والمواد المنوي استعمالها، ولم يكن هذا الامر سهلا بل تطلب جهدا كبيرا ومتابعة ومثابرة من "الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية" التي باشرت العمل في هذا المشروع منذ 10 ايلول 2007 حين عرضت على محافظ جبل لبنان بالوكالة القاضي انطوان سليمان ترميم سراي بعبدا واعادة تأهيلها. فشجع الفكرة سريعا وحض الجمعية على التعجيل في تنفيذها مقترحا تحويل بعض اقسامها لاستقبال نشاطات واعمال فنية وثقافية وتراثية. وبعد ذلك عقد اجتماع آخر مع وزير الثقافة آنذاك الدكتور طارق متري الذي أبدى تجاوبا كبيرا مع الفكرة وطلب الى المديرية العامة للآثار تعيين لجنة خبراء مهمتها اجراء تقويم اولي لوضع المبنى.
وفي 19 تشرين الاول، أكد المدير العام للآثار فريديريك الحسيني اولوية اجراء كشف ميداني للاطلاع على حال السراي، ووعد باتخاذ الاجراءات القانونية لادراجه في "لائحة الجرد العام للمباني التاريخية". وفي هذا اللقاء كانت "المفاجأة الكبرى" حيث تبين ان هذا المبنى العريق الحافل بالاحداث والذكريات التاريخية ليس مدرجا في لائحة المباني الاثرية، الامر الذي شرع الابواب واسعة امام اعمال ترميم عشوائية وأشغال شوهته وتسببت باضرار لا يمكن تصليحها، كذلك لا توجد اي معلومات رسمية عن المبنى وتاريخه ولا حتى خرائطه "على ما تؤكده رئيسة الجمعية اللبنانية للتنمية المحلية الدكتورة ماري كلود حلو سعادة".
لجنة مختلطة
وقد تم تشكيل لجنة مختلطة تضم ممثلين عن السلطات المحلية من محافظة وبلدية ومخاتير وعن الجمعية وعائلات بعبدا تتولى متابعة قضية السراي لدى السلطات الرسمية ومواكبة المشروع لجهة الترميم وتحديد وجهة الاستعمال مستقبلا والبحث عن مصادر التمويل. وتأتي هذه الخطوة استمرارا للبدايات، حين اشترى اهالي بعبدا من مالهم الخاص السراي من الامير ملحم الشهابي وقدموه هبة الى حكومة المتصرفية في عهد المتصرف واصا باشا عام 1887 للمحافظة على تراث بلدتهم، ومن الطبيعي ان تكون لهم مشاركة ومساهمة في هذا المشروع الذي يهمهم ويعني بلدتهم.
وفي 8 تشرين الثاني 2007 تفقد المهندس رولان حداد، من مديرية الآثار، السراي في حضور جوزف زخيا ممثلا محافظ جبل لبنان، واجرى الكشف الميداني الاول وطلب جمع المعلومات والمستندات العائدة للسراي من صور وخرائط لوضع تقريره، لانه سبق ان خضعت لاعمال ترميم عشوائية عام 1993 ايام المحافظ السابق امين حمود بغية اعادة تنظيم دوائر المحافظة.
وفي 23 كانون الثاني 2008، تسلم المدير العام للآثار فريديريك الحسيني من وفد الجمعية الذي زاره، كل المستندات التاريخية التي تم جمعها عن السراي اضافة الى الخرائط الموجودة في وزارة الاشغال العامة. وعلى هذا الاساس انشئ ملف تقني للسراي وبدأ العمل على ادراجه في لائحة "الجرد العام للمباني الاثرية"، وصدر في هذا الشأن القرار رقم 18 في العدد 15 من الجريدة الرسمية تاريخ 10 نيسان 2008 موقعا من وزير الثقافة الدكتور طارق متري.
تاريخ السراي بداية، كان السراي الحكومي قصرا شيد على مراحل عدة بدأت مع الامير حيدر شهاب عام 1775 الذي جاء الى بعبدا بعدما انتقل الحكم بالمصاهرة الى الشهابيين، على ما يذكر المؤرخ جورج عبدو معتوق. وبعد وفاته عام 1851 أكمل ولده الامير ملحم بناء القصر الذي بقي في حوزة الامراء الشهابيين حتى عام 1883.
ومع مجيء حكم المتصرفية تغير مصير القصر، فعند تعيين داوود باشا اول متصرف على لبنان الصغير المستقل اتخذ منزل الامير اسعد شهاب في منطقة سبنية القريبة من بعبدا مقرا للمتصرفية ثم نقلها الى قصر بيت الدين. لكن خلفه فرنكو باشا اعجب بقصر الامير حيدر فاستأجره عام 1868 وجعله مقرا لحكمه.
وفي عهد رستم باشا عام 1872 تعقدت الامور، فهذا المتصرف الذي كان معروفا بكرهه للاكليروس تمكن بمساعدة قنصل فرنسا في لبنان مسيو تريكو من نفي المطران بطرس البستاني الى القدس. فثارت ثائرة اللبنانيين وفي مقدمهم اهالي بعبدا الذين تجمعوا ووقعوا عريضة احتجاج، فغضب رستم باشا ونقل مركز المتصرفية الى قصر الامراء الشهابيين في حارة البطم في الحدث الذي يضم حاليا مقر السفارة الاسبانية، الامر الذي انعكس سلبا على وضع بلدة بعبدا الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي التي عاشت ايام عز وازدهار واقبال سكني كبير مع قدوم الامراء الشهابيين اليها وتحويلها عاصمتهم الثانية بعد دير القمر، فقرروا العمل على استعادة مركز المتصرفية، لكن كان عليهم انتظار انتهاء ولاية رستم باشا عام 1882، وتسلم المتصرف الجديد واصا باشا مقاليد الحكم لشراء قصر الامير حيدر وتقديمه هبة الى حكومة المتصرفية.
شراء القصر
شكل اهالي بعبدا لجنة تضم مختلف العائلات وأخذت وعدا بالبيع من الورثة الشهابيين،ريثما يتسنى لهم تدبير الثمن المطلوب للقصر والذي بلغ 1000 ليرة عثمانية ذهبا. وحصلت من التاجر البيروتي الثري سليم الياس الحلو على تعهد بتسليف المبلغ على ان يتم استيفاؤه مع الفائدة على مدى عشرين عاما. وهذا بالفعل ما حصل بعدما قررت اللجنة لتجميعه فرض ضريبة دخل على السكان وصارت تستوفي الضرائب على الاعناق والاملاك وعلى القيمة التأجيرية، ومن لا يملك مالا قدم عمله. وشرع يوسف بك صعب باتمام ما اتفق عليه الاهالي واتصل بالمتصرف واصا باشا وتمكن من اقناعه باعتماد القصر الشهابي مقرا رسميا للمتصرفية وطلب منه ان يستحصل من مجلس الادارة الكبير في لبنان الموافقة على قبول الهبة ونقل المتصرفية اليها، فلبى طلبهم ووافق المجلس على العرض. عندها اشترى اهالي بعبدا قصر الامير ملحم ودفعوا المال وقدموا الصك الى حكومة المتصرفية. ومنذ ذلك الحين تحول قصر الامير ملحم الى سراي بعبدا واصبحت البلدة عاصمة لبنان الصغير المستقل حتى عام 1918. وكل السجلات والاختام والوثائق العائدة لهذه العملية والتواقيع العائدة لـ 250 عائلة من بعبدا لا تزال محفوظة بعناية لدى فارس الملاط حفيد احد القيمين الاساسيين على هذا المشروع انطوان عواد.
مساحته وبناؤه
يقوم سراي بعبدا على مساحة تبلغ 7852 مترا مربعا، ويتألف من طبقتين تطلان على دار او ساحة كبيرة، تزينهما القناطر والاعمدة الحجرية، ويكللهما سقف من القرميد الاحمر. بعد جعله مقرا له، قام واصا باشا باصلاحه وتجهيزه ليكون مركزا للمتصرفية وادخل عليه الكثير من التحسينات، وأضاف الزخرفة والنقوش والزينات وانشأ جناحين جديدين بعدما نقض البناء القديم وأنجز بناء الدائرتين الشرقية والغربية. أما الدائرة الشمالية فقد بني في عهد خلفه نعوم باشا عام 1897. أما المتصرف مظفر باشا الذي حكم بين 1902 و1907 أقام المدخل بعدما وجد ان باب دار الحكومة في بعبدا ضيق ولا يتناسب مع مظهرها فعمل على توسيعه وتجميله ورفع فوقه الهمايونية المصنوعة على احسن طراز.
وبقي السراي على حال كبير من الاهمال على مدى عقود من الزمن طال بنيانه في الصميم وانعكس سلبا على الغرف والجدران الخارجية والداخلية والواجهات الخشبية وحتى قساطل المياه، فاضطر الامر الى اجراء بعض اشغال الترميم عام 1993 التي "جاءت عشوائية ولا تحترم الحد الادنى من قواعد الترميم المعتمدة في حالات المباني المحمية" على ما يؤكده احد المهندسين، الذي يشير الى ان "الخشب الاصلي من النوع القطراني ذي القيمة المشهودة الذي كان يزين الممر الخارجي وبعض اجزاء المبنى وقد استبدل خلال عمليات الترميم بلوحات من الالومنيوم أدت الى افساد منظره وتشويه مظهره".
الأمل كبير في أن يصب المعنيون والمهتمون بحماية التراث اللبناني اليوم جهودهم لايجاد مصادر التمويل والمباشرة بالدراسات وتحديد الكلفة والبدء بتنفيذ اعمال الترميم والتأهيل لانقاذ هذا المبنى المميز بجماليته الهندسية وحماية أهميته التاريخية، كما ان ابناء بعبدا الذين حافظوا عليه وقدروا قيمته منذ اكثر من 120 عاما يستأهلون ان يتحول هذا السراي صرحا ثقافيا ومتحفا يشع بالنشاطات الموسيقية والمسرحيات والحفلات الفنية التي تضيء ليالي بلدتهم الجميلة.