تحقيق ماري الخوري
في إطار حملة "التعصب بيعميك، إيمانك بيغنيك" تطلق مؤسسة "أديان" فيلمها الوثائقي "عكس السير" في حفل يقام في قصر الأونيسكو السادسة والنصف مساء يوم الجمعة المقبل، والفيلم من إنتاج مؤسسة "أديان" بالتعاون مع وزارتي الإعلام والثقافة ومؤسسة "ميدي" و"بنك بيروت والبلاد العربية"، ومن إخراج ميشال تيان، ويهدف الى إظهار قوة الإيمان بوجه التعصب، ومسؤولية المؤمن ودوره في بناء دينامية السلام والتضامن بين أبناء الوطن الواحد في زمن الأزمات السياسية وتنامي التطرف الديني والصراعات الطائفية.
يسلط هذا الوثائقي الضوء على شخصيات تتمتع بتقدير واحترام وسط جماعتها الدينية، اضطلعت بدور في التضامن مع الجماعات الأخرى، وهي: - الأمير عبد القادر الجزائري، قائد مسلم ومعلم صوفي حمى الآف المسيحيين في منزله ابان أحداث دمشق عام 1860.
- المطران سليم غزال، صيدا عام 1975، بقي في الجنوب رغم تهجير المسيحيين عاملا على تضميد الجروح وإعادة اللحمة بين أبناء المنطقة، انطلاقا من التضامن معا في خدمة الإنسان وقضاياه.
- الإمام موسى الصدر، بيروت عام 1975، اعتصم عن الطعام في المسجد حتى يعتصم المتقاتلون عن العنف، عمل من أجل إيقاف الصراعات الطائفية، خصوصا بعد الأحداث التي جرت في بداية الحرب في البقاع.
- الخوري مكرم قزح، كاهن ماروني نشط في منطقة النبعة والكرنتينا منذ 1960 وسعى الى تحسين شروط الحياة في هذه المنطقة، وترك أثناء الحرب أثرا ومثالا في التضامن والتعالي عن الجروح في نفوس ابناء المنطقة المسيحيين والمسلمين. وسيحضر حفل الافتتاح الرسمي مسؤولون وطنيون وروحيون وتربويون وجامعيون، وسيشارك فيه نحو 5 آلاف مدعو، كما ستنظم 9 لقاءات عامة لعرض الفيلم ومناقشته، وسيكون هناك ثلاثة لقاءات كبيرة لطلاب المدارس، ولقاءان لطلاب الجامعات، ولقاءات في المناطق اثنان منهما في طرابلس وصيدا.
وأعلن مدير قسم "أديان" للانتاج طوني صوما "أن المؤسسة تطمح من خلال هذه اللقاءات الى أن تشمل الشباب الذين نود أن نوصل اليهم رسالة ليتجددوا ويتغيروا، وسيوزع الفيلم على أكثر من 400 مدرسة لعرضه مجانا و30 جمعية أهلية و11 جامعة، وكل هذه المؤسسات ستبادر الى إقامة لقاءات حول الفيلم".
واعتبر "أن الهدف الذي يطمح اليه الوثائقي هو تنقية الذاكرة وليس تعميم الإتهامات المتبادلة والتذكير بأن كل الناس لم تمش بلغة العنف والطائفية والغرائزية، فهناك من ضحوا بحياتهم لحماية أناس من غير طائفتهم، ونقل خطاب مختلف يجعل الآخر يفكر في الموقف المفترض اتخاذه وقت الأزمات".
ورأى "أن الأحدات التي حصلت في لبنان نتج منها مقتل أبرياء، دماؤهم أمانة في أعناقنا، والمفروض أن نعيش حياة مختلفة للحفاظ على دماء من ذهبت حياتهم هدرا، وأن يتحول الخطاب السياسي الى نوع من نقذ ذاتي، فلا يمكن أحدا أن يعتقد أنه يملك الحقيقة وغيره يتعدى عليها، والإمتناع عن الخطابات السلبية والعنفية. يجب التمييز بين انسانية الآخر وخصاله والموقف السياسي والإجتماعي الذي يأخذه، وان يكن مختلفا".
وعن مؤسسة "أديان" وأهدافها قال صوما: "أنشئت المؤسسة عام 2006 وتنشد العودة الى المفهوم الصحيح للدين الذي هو طريق للسلام، وتعمل على توضيح المفاهيم الدينية الأساسية وإيجاد مساحات مشتركة للتلاقي بين أبناء الديانات المختلفة. ويتولى المسؤولية فيها مجلس إدارة يضم السيدات والسادة: الأب فادي ضو، نايلة طباره، طوني صوما، ميراي مطر وسماح حلواني. وتضم "أديان" أقساما وعدة وبرامج منها دراسات التفاعل الثقافي، ومن ضمنها برنامج الفهم والتفاهم عبر الإنترنت، وهو يتم بين جامعات لبنان وبولونيا والقاهرة والأردن، وهو عملية تفاعل ثقافي ودرس حول الحوار عبر الإنترنت، وهذا البرنامج هو من بين الأوائل في الشرق الأوسط منذ سنتين، ولا يزال مستمرا الى اليوم".
أضاف: "هناك برامج عدة ضمن برنامج التفاعل الثقافي، ويجري الآن التحضير لمحاضرة دولية ستعقد في حزيران المقبل في لبنان، يشارك فيها نخبة من المفكرين العالميين في مجال تفاعل الحضارات والثقافات. وهناك برنامج تربية على التعددية وعلى العيش المشترك لأننا نؤمن بأهمية التربية، بدأناه قبل ثلاث سنوات في مدارس خاصة في لبنان، واليوم هناك نواد في أكثر من 9 مدارس خاصة، بالإضافة الى مدارس رسمية بالتعاون مع اللجنة الوطنية للأونيسكو، ويسعى هذا البرنامج الى التوعية على دور الإنتماء الى جماعة دينية، الى الهوية والنظرة الى الآخر والتعرف الى ثقافته ودينه، وإجراء قراءة نقدية وموضوعية لأسباب النزاع في لبنان، التعرف الى أسس العيش معا والمصالحة والسلام.
أما برنامج التنمية المستدامة والتفاهم فيقوم على برامج بين مؤسسات دينية مختلفة تتعاون في ما بينها حول مشروع مشترك. ويعمل قسم الإنتاج الإعلامي على إنتاج أفلام تنقل رسالة المؤسسة وتستخدم في النشاطات المدرسية والثقافية والتربوية، وهذا ثان فيلم ننتجه إضافة الى إطلاق النسخة العربية لفيلم "الإمام والقس" الذي أنتج منذ سنتين. وهناك قسم التعاون الروحي الذي ينظم كل سنة اللقاء الوطني للتضامن الروحي في ذكرى اسيزي الذي بدأناه منذ ثلاث سنوات في حريصا وفي المقاصد وطرابلس وهذه السنة في صور".