الخميس 31 تشرين الأول 2024

02:15 pm

الزوار:
متصل:

اليوم العالمي للمرأة هل بات مجرد مناسبة لتكرار المطالب؟ الخطاب الذكوري ما زال يهمشها وشهادات تضع الاصبع على الجرح

 

 
 
تحقيق هند عطوي 
 
 
 
 
في اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف غدا الثامن من آذار، يحتفل عالميا بالإنجازات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية للنساء، وفي بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم. 
 
 
الإحتفال بهذه المناسبة كرس على أثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي في باريس عام 1945، فيما رجح بعض الباحثات والباحثين ان اليوم العالمي للمرأة كان على أثر خروج آلاف النساء العاملات في العام 1857 في شوارع نيويورك للاحتجاج على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، حيث تدخلت الشرطة بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات، إلا ان المسيرة نجحت في دفع المسؤولين السياسيين الى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية، كما تم تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات النسيج في أميركا بعد سنتين من تلك المسيرة الإحتجاجية. 
 
 
وفي الثامن من آذار 1908، عادت آلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع نيويورك حاملات قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها، بحيث كان شعار المسيرة "خبز وورود"، وطالبت بخفض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الإقتراع، وشكلت مسيرة "الخبز والورود" بداية حركة نسوية إنضمت اليها نساء من الطبقة المتوسطة طالبت بالمساواة والإنصاف. 
 
 
اليوم العالمي للنساء في الثامن من آذار من كل عام تبناه مؤتمر كوبنهاغن الذي عقد في 1910 في الدانمارك واستضاف مندوبات من 17 دولة في العالم. وعام 1977 أصدرت منظمة الأمم المتحدة الدولية قرارا يدعو العالم الى اعتمد الثامن من آذار رمزا لنضال المرأة تخرج فيه النساء عبر العالم بتظاهرات للمطالبة بحقوقهن وتذكر الضمير العالمي بالحيف الذي ما زالت تعانيه ملايين النساء. 
 
 
وفي وقت بدأت الحركة النسائية الدولية تكتسب زخما على الصعيد العالمي والعربي، أعلنت الجمعية العامة عام 1975 السنة الدولية للمرأة، ونظمت المؤتمر العالمي الأول المعني بالمرأة الذي عقد في المكسيك. 
 
 
وعام 1979 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بالسيداو، وحددت الإتفاقية صراحة التمييز ضد المرأة ووضعت برنامجا للعمل الوطني لإنهاء هذا التمييز. 
 
 
وعام 1985 عقد المؤتمر العالمي في نيروبي لتقويم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة بعنوان "المساواة والتنمية والسلام"، في حين كانت الحركة من أجل المساواة بين الجنسين قد اكتسبت اعترافا عالميا، ووصف الكثير هذا الحدث بأنه "ولادة الحركة النسوية العالمية". 
 
 
وفي العام 1993 أصدرت الأمم المتحدة قرارا دوليا ينص على اعتبار حقوق المرأة جزءا لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان. 
 
 
وفي خطوة أبعد من نيروبي أكد مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد في بكين في العام 1995 "منهاج عمل بكين" والتزمته دول العالم بما فيها لبنان، ونص على الإلتزام "بأن حقوق المرأة هي حقوق الإنسان وبأن عدم المساواة بين الجنسين كانت مسألة مثيرة للقلق العالمي، وبأنه من الممكن تمكين المرأة لتأخذ مكانها اللائق كشريكة على قدم المساواة مع الرجل في جميع جوانب الحياة". 
 
 
والعام الماضي اجمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء هيئة واحدة للأمم المتحدة هي جهاز الأمم المتحدة المعني بشؤون المرأة، وكلفته العمل لتسريع التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وعين الأمين العام للأمم المتة بان كي مون، ميشيل باتشيليت، الرئيسة السابقة لتشيلي وكيلة للأمين العام المعنية بشؤون المرأة. 
 
 
يصادف يوم المرأة العالمي الثامن من آذار هذا العام والساحات العربية تشهد مخاضا عسيرا لثورات وانتفاضات وتظاهرات ضد الظلم والقمع والفقر والعوز والتمييز والتهميش، ضد العابثين بالأمن الإجتماعي للشعوب، ومنتهكي كرامة الإنسانية، ضد المقيدين للحريات والمستأثرين بالسلطات وبلقمة العيش، في ظل الحراك الإجتماعي على الساحات العربية، ونحن نشاهد النساء في قلب الحدث في ساحات تونس ومصر والبحرين والعراق والمغرب والجزائر واليمن وليبيا يلبين نداء الوطن في الدفاع عن استقلاله ووحدة أراضيه وتحرر أبنائه وبناته ومساواتهن في الحقوق والواجبات، نحيي المرأة الفلسطينية المناضلة الدؤوبة ومنذ أكثر من ستين عاما ضد المحتل الإسرائيلي لأرض فلسطين. 
 
 
الحركات النسائية العربية تطرح قضايا وإشكاليات منذ عشرات السنين: - الى متى تبقى النساء مهمشات لا يعترف بأهليتهن ودورهن في الحياة الإجتماعية والسياسية؟ - متى سيعترف بحق المرأة كمواطنة على قدر المساواة مع الرجل في التشريعات والنصوص القانونية؟ - متى سترفع الوصاية عن النساء وهي التي ترافقهن من المهد الى اللحد؟ - هل ستعد تابعة وملحقة كما فعلوا بالمرأة الجزائرية إبان مشاركتها الأساسية في ثورة المليون شهيدة وشهيد؟. - هل ستبقى المرأة هي نفسها عائقا أمام تطوير نفسها وتحديث مجتمعها من خلال إصطفافاتها الطائفية والمذهبية والعشائرية والعائلية؟ 
 
 
في بعض المجتمعات العربية استطاعت الحركات النسائية المطلبية بفعل نضالاتها إقرار حقوق متساوية وإجراء تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية، وإستحداث مدونات للأحوال الشخصية وقوانين للأسرة وتطبيق "اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (السيداو) وإستحداث قوانين تحمي النساء من العنف الأسري، فضلا عن اعتماد نظام الكوتا النسائية في مواقع القرار، على سبيل المثال المرأة التونسية ممثلة في البرلمان بنسبة 23 في المئة مقابل 20 في المئة للمرأة الفرنسية في البرلمان الفرنسي. في حين توقف قطار النهوض بالمجتمع اللبناني عند محطة الإعتراف بحق النساء في الإقتراع والترشح عام 1953، فيما أجندات المنظمات النسوية وهيئات المجتمع المدني تكاد تنوء بثقل القضايا المطروحة التي نظمت حملات على امتداد السنوات العشرين الماضية حيث شهدت الساحة اللبنانية حراكا ناشطا لمؤسسات المجتمع المدني وبخاصة منها المعنية بقضايا المرأة (والتي فاق عددها ال 180 هيئة ومنظمة منتسبة الى المجلس النسائي اللبناني) فعقدت المؤتمرات والندوات والمحاضرات وورش العمل التدريبية والحوارية التي تناولت قوانين الأحوال الشخصية الطائفية والمذهبية- المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، تطبيق إتفاقية السيداو وفع التحفظات عن بنودها، تنزيه القوانين المجحفة بحق النساء، تغيير وتطوير الذهنية الإجتماعية حيال دور المرأة في المجتمع. 
 
 
وبنتيجة التوعية التي نظمتها الهيئات النسائية فقد بلغ عدد النساء اللواتي فزن في الإنتخابات الإختيارية عام 2010، 199 في المناطق اللبنانية كافة، مقارنة بعدد النساء اللواتي فزن في الإنتخابات الإختيارية عام 2004 (128 امرأة). 
 
 
فيما عدد النساء اللواتي فزن في الإنتخابات البلدية عام 2010 (530 سية) مقارنة بعدد النساء اللواتي فزن في الإنتخابات البلدية عام 2004 كان (207 سيدات). 
 
 
- ماذا عن عمليات الرجم والجلد التي ترتكب بحق النساء في عدد من البلدان العربية وغير العربية بحجة الحفاظ على الشرف؟ وماذا عن عمليات القتل المتعمد التي ترتكب بحق النساء تحت ستار ما يسمى "بجريمة الشرف" ويكون من بين الدوافع الإستئثار بالميراث؟. 
 
 
ووفق دراسة لمنظمة "كفى عنف واستغلال" أجرتها الباحثة عزة شرارة بيضون بعنوان "جرائم قتل النساء أمام القضاء اللبناني"، فقد تم إزهاق أرواح 66 أمرأة بين عامي 1999 و2007 قتلن باسم ما يسمى الشرف، هؤلاء النسوة هن فقط من صدر بقضيتهن أحكاما أمام المحاكم في لبنان، علما ان جرائم القتل عامة غير موثقة لعدد من الأسباب ومعظمها إخفاء المجرم لمسرح الجريمة. 
 
 
وماذا عن عمليات الإتجار بالبشر الرائجة في القرن الحادي والعشرين وبخاصة في صفوف عاملات المنازل؟. 
 
 
وهنا يقفز الى الذهن السؤال: "أين أصبح مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري الذي أقره مجلس الوزراء اللبناني عام 2010 ولم يصل الى المجلس النيابي؟. 
 
 
كيوان 
 
 
جاء في دراسة تحليلية لأوضاع المرأة في لبنان للباحثة والأستاذ الجامعية الدكتورة فاديا كيوان "ان عمل المرأة ما زالت تعترضه معوقات عدة لجهة المساواة في الأجر للعمل نفسه بين المرأة والرجل ولجهة فرص الترقي الى مواقع القيادة وصنع القرار، ولا زالت المرأة العاملة تلقى تمييزا في مجال التقديمات الإجتماعية لأفراد أسرتها، وكذلك في تقديمات الضمان الصحية". ولفتت الى ان "مشاريع القوانين التي تم إعدادها بهدف تنزيه القوانين اللبنانية بقيت في أدراج مجلس النواب، ومنها ما يتصل بقانون العمل وبقانون الضمان الإجتماعي وبقانون العقوبات وقانون الجنسية بالإضافة الى قوانين عدة في مجال الأحوال الشخصية". 
 
 
وأكدت الدراسة "ان موضوع الأحوال الشخصية هو الأساس في التمييز ضد المرأة، ودون قانون مدني للأحوال الشخصية عقبات كثيرة، أولاها عدم اتحاد النساء اللبنانيات حول الإقرار بأولويته وإنخراطهن في سياقات مذهبية أو طائفية أو حتى حزبية لا تقيم وزنا للمرأة ولا تعير موضوع المساواة بين الجنسين الإهتمام الكبير الذي يستوجيه هذا الموضوع".
 
شهادات 
 
 
ماذا قالت المناضلات النسويات وأحد المناضلين ل"الوكالة الوطنية للاعلام" في يوم المرأة العالمي؟ امين سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية المحامي فادي كرم قال: "في هذه المناسبة قمنا بجردة حساب لواقع حقوق المرأة في لبنان، وهالنا الأمر، إذ ما زالت الحقوق الأساسية تتقاذفها أمواج السياسة الذكورية والطائفية، فهل يعقل ان تبقى قوانين هامة كالجنسية، والعقوبات والكوتا الجندرية، والعنف الأسري ضمن مخاض هذه الأمواج العاتية؟. ألم يحن الوقت للانتهاء من إعطاء المرأة حقوقها الأساسية؟ ألم يحن الوقت لرفع الإجحاف والتمييز اللاحقين بها؟ لماذا لا يطبق الدستور اللبناني والمواثيق الدولية المصادق عليها من الدولة اللبنانية؟ لقد قررت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وبالشراكة والتعاون مع المجتمع الأهلي رفع الصوت بخصوص ادنى المطالب، إذ لا يعقل أن يتغنى لبنان بديموقراطيته وبدستوره وبكونه دولة حقوق الإنسان وواضع شرعتها، وما زالت القوانين التمييزية تشكل وصمة عار على مسار تطبيق دستوره الملتزم في مقدمته شرعة حقوق الإنسان؟ لذا، وسعيا الى إزالة وصمة العار، قررت الهيئة والمجتمع الأهلي في يوم المرأة العالمي هذه السنة، إطلاق الحملة الوطنية لتنزيه التشريعات ذات الأثر الإقتصادي السلبي على المرأة، دون أن ننسى استراتيجية مطالبنا الأساسية كالعقوبات والجنسية ومشروع حماية المرأة من العنف الأسري. 
 
 
وقدمكت الهيئة الوطنية عبر نواب أصدقاء الى البرلمان: مشروع تعديل المادة 31 من قانون ضريبة الدخل، مشروع تعديل فقرة من المادة 94 من قانون الدفاع الوطني، مشروع تعديل فقرة 5 من المادة 9 من قانون رسم الإنتقال، وكل مشاريع القوانين هذه تتطلع الى إزالة التمييز بين الجنسين، وباشرت الهيئة بالشراكة مع المجلس النسائي اللبناني تنفيذ مشروع "المرأة والبيئة". 
 
 
مطر 
 
 
الرائدة والمناضلة النسوية، الرئيسة السابقة للجنة حقوق المرأة اللبنانية ليندا مطر قالت: "ان يوم المرأة العالمي يعني لي الكثير، هو يوم لتجديد نضال المرأة ضد الظلم والفقر والتمييز والتهميش والحروب، هو محطة لتفعيل مطالبة النساء حول العالم بحقوقهن المشتركة. عام 1945 تنادت النساء المنتسبات الى "الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي" من معظم دول العالم التي شاركت في الحربين العالميتين الأولى والثانية وبحثن في كيفية تحقيق السلام والأمن الإجتماعي للنساء، وتبنين يوم الثامن من آذار من كل عام يوما عالميا للنساء حول العالم، وكانت بين صفوف النسوة المجتمعات المناضلة المصرية سيرا نبراوي، وكانت العربية الوحيدة في الإجتماع. 
 
 
عام 1948 انتسبت لجنة حقوق المرأة الى الإتحاد النسائي الديموقراطي العالمية وقررت الإحتفال بيوم الثامن من آذار في المسرح الكبير الذي أحيط بعناصر من الدرك سلفا، ومنعت النساء من الدخول بحجة ان هذا الإحتفال مستورد من الخارج، عندها خرجت النساء في تظاهرة في شوارع العاصمة بيروت، وعمد عنصر من الشرطة الى توقيف بعضهم في أحد المخافر، وبعد تدخل محامين أصدقاء تم الإفراج عن النسوة. 
 
 
وفي العام 1970 اعترفت جامعة الدول العربية بيوم الثامن من آذار، وعام 1975 أعلنت الأمم المتحدة تبنيها للسنة العالمية للمرأة. 
 
 
يوم المرأة العالمي انطلق إثر الحدث المؤسف الذي وقع عام 1857 حيث استشهدت عاملات من معامل النسيج في نيويورك على يد الشرطة أثناء تظاهرهن إحتجاجا على ساعات العمل الطويلة التي يقضونها في العمل، وطالبن بخفضها من 16 ساعة الى 12 ساعة يوميا". 
 
 
وأضافت مطر: "نحن النساء نخجل وقد أصبحنا في القرن الحادي والعشرين ولا نزال نطالب برفع الغطاء القانوني عما يسمى "جريمة شرف" عبر إلغاء الماة 562 من قانون العقوبات، وبالأجر المتساوي للعمل المتساوي وبخاصة بعدما أثبتت النساء كفايتهن في جميع ميادين العمل، ونطالب بإصلاح النظام الإنتخابي الذي يوزع الحصص طائفيا ويحول دون مشاركة أوسع للنساء، وبأن يقر البرلمان اللبناني قانون الأسرة للطوائف والمذاهب، وبتشريع يحمي النساء من العنف الأسري، ونحن في حاجة الى استحداث قانون مدني للأحوال الشخصية تتوحد أمامه النساء والرجال". 
 
 
وتوجهت الى الشابات اللواتي ما زلن في كنف عائلاتهن لوعي حقوقهن ورفع الصوت من أجل إحقاقها. ورأت "أن همنا الأكبر كنساء هو وحدة بلدنا الواقع دائما تحت هاجس الحروب". 
 
 
شعراني 
 
 
رئيسة المجلس النسائي اللبناني الدكتورة أمان كبارة شعراني، رأت "أن تقدما طرأ على أوضاع النساء العربيات، فيما نحن في لبنان نحتاج الى توحيد أنفسنا كما نحتاج الى شجاعة أكثر لممارسة الضغوط على الحكومة من أجل تكريس حقوق النساء أسوة بالبلدان المتقدمة". 
 
 
وحيت "المرأة العربية الموجودة في الساحات العربية الى جانب الرجل"، معتبرة "أن مشكلتنا في لبنان أكبر بكثير من مشاكل الدول العربية الأخرى لكوننا ننتمي الى 18 طائفة ولا ننتمي الى الوطن. فالأحزاب في لبنان لا تتبنى معايير المساواة بين المرأة والرجل، فيما الخطاب السياسي ليس صادقا حيال الإعتراف بأهلية المرأة، وفي التعيينات في المناصب والمواقع العليا، سواء للمديرين العامين او للمجلس الاعلى للقضاء أو عند تأليف الوزارات، لا تعتمد الكفايات النسائية، وإذا حصل وسميت امرأة للوزارة فتكون محسوبة على زعيم طائفة أو على رئيس، لا لكونها تملك كفايات. هذا الواقع المكرس بالممارسة السياسية يتنافى مع رؤية المنظمات النسائية في العدالة الاجتماعية والمساواة. وفي هذا الوقت لا تزال أكثرية الفئة المثقفة من النساء تعتبر نفسها خارج القضايا النسائية، فيما التمييز في حق النساء قائم على كل المستويات". 
 
 
وحملت شعراني المسؤولية في تهميش المرأة للدولة اللبنانية وكذلك للاسرة التي تمنح الامتيازات للذكور. ولفتت الى أنه "من غير المعقول أن نحقق أيا من التعديلات على القوانين في لبنان دون الضغط الاجتماعي من الرجال والنساء على السواء. ومنذ عشرات السنين ونحن ندعو الرجال الى مؤتمراتنا، ويشارك بعض الرسميين في جلسة الافتتاح وتقتصر جلسات النقاش على النساء فقط، وهذا مؤشر الى أن الرجل لا يريد أن يسمع ولا أن يقتنع بمطالب المرأة، وأكثر من ذلك فهو يعتبر أن الامر منافسة دون الافصاح عنها فضلا، عن انه اذا استطاع ان يعرقل موضوع تعديل اي قانون، كالكوتا النسائية مثلا او الجنسية او قانون العقوبات، يبذل كل جهده لعرقلة التعديل". 
 
 
مرعي 
 
 
منسقة منتدى النساء العربيات "شبكة عايشة" السيدة جمانة مرعي أكدت تمسك الناشطات في المنتدى بالنظام العلماني كخيار وجزء أساسي من الهوية وشرط للنهوض بأوضاع النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين، ورأت في العلمنة "حماية وتجذرا للديموقراطية والتعدد والتنوع الثقافي الذي يحمي حقوق الانسان والمساواة بين الجنسين، وشددت على التمسك بالمرجعيات والمواثيق الدولية كمرجعية لحقوق النساء وللتشريع الذي يحمي النساء من العنف والتمييز، والتمسك بالتغيير الديموقراطي العلماني الذي يحقق مصلحة الشعوب وحقوق النساء. 
 
 
الباحثة الدكتورة عزة شرارة بيضون قالت: "إن النساء لم يطرحن قضاياهن ولم يطالبن برفع التمييز اللاحق بهن في مواجهة الرجل، انما في مواجهة النظام الاجتماعي المتخلف، القائم على الطائفية والعشائرية، ولا أقول إن الرجال اللبنانيين يساندوننا في مطالبنا الرافضة للتمييز اللاحق بنا، فهذه المطالب تقع في اسفل سلم اهتماماتهم لكنهم في المقابل ليسوا ناشطين ضدنا. نحن لا نعرف في بلدنا ظاهرة الفتاوى التمييزية التي تشهدها بلدان أخرى، غير أن هؤلاء الرجال يتركوننا نصارع وحدنا القوى المناهضة للمرأة، وهذه القوى تقودها المؤسسات الدينية من كل الطوائف التي تقف حاجزا صلبا في وجه تعديل قوانين الاحوال الشخصية الطائفية البالية مثلا، التي لم يطرأ عليها أي تعديل منذ أكثر من ثمانين عاما، وينضم الى القوى المناهضة السياسيون المتمسكون بنظامهم الطائفي البائس، وهؤلاء يمنعون عن اولاد المرأة المتزوجة من غير اللبناني مثلا الحصول على الجنسية اللبنانية بحجة عدم المساس بتوازن طوائفهم، وصانعو القرار من هؤلاء الرجال يتحججون بخصوصيتنا الثقافية ويتلكأون في تعديل مواد من قانون العقوبات تنطوي على تمييز فاضح بحق المرأة، وتتعارض مع أبسط حقوق الانسان". 
 
 
وعن استراتيجية الحركة النسائية اللبنانية في طرحها لمساندة الرجل لقضاياها، أجابت عزة: "في لقاءاتهم المشتركة، يلتزم النساء والرجال أصول اللياقة في التخاطب، ومنذ انطلاق الحركة النسائية في عشرينات القرن الماضي، كانت النساء حذرات من إعلان الصراع الصريح مع الرجل، وطلب مناصرته في طلبهن لإحقاق المساواة الجندرية (النوع الاجتماعي) وحجة الحركة النسائية في ذلك كانت على الدوام أن رفع التمييز على المرأة في المجالات جميعها يحررها من الجهل والتخلف، ويجعلها أكثر ملاءمة لمشاركة الرجل في العمل على تقدم المجتمع، أو على تحريره من المستعمر أو على تنميته". 
 
 
ولاحظت "أن الشابات يسعين الى العلم والعمل والاستقلال المادي الذي أصبح شرطا ملازما لهوية الشابة المعاصرة، ولم يعد ترفا او امتيازا، وشابات هذا العصر حريصات على الاحتفاظ بزمام أمورهن ويستعددن للاستقلال الاقتصادي ليحررهن من التبعية". 
 
 
صليبي 
 
 
ولاحظت نائبة رئيسة "التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني" الباحثة كارولين سكر صليبي أنه "بعد مرور أكثر من مئة وخمسين سنة على حادثة سقوط عاملات في مواجهة مع السلطات الاميركية، ما زالت النساء تحمل الخطاب نفسه، وما زالت جذور العنف ضد النساء واحدة في جميع انحاء العالم في ظل سيطرة النظام البطريركي الابوي. 
 
 
ونحن النساء نقول في يوم المراة العالمي ان لا سلام من دون إعلاء النساء الى موقع المواطنة ومن دون حماية الدولة لأمنهن الانساني والتوقف عن اضطهادهن القائم على "النوع الاجتماعي"، وان الحياة السياسية ستبقى ناقصة دون حضور المرأة الفاعل فيها، وهي التي ستحدث فرقا في قواعد اللعبة القائمة. نريد تأنيث السلام عبر إرساء أنظمة ديموقراطية حقيقية، وان تكون دولة الحق قبل ان تكون دولة القانون. فلا سلام حقيقيا دون العدالة الاجتماعية، ومبدأ تأنيث السلام لا يكون بدخول المرأة اللعبة فقط، بل المطلوب خلق هيكلية بديلة تتضمن رؤية النساء وتحفظ ميزان القوى بين النساء والرجال. وفي خضم هذا الحراك على الساحات العربية يسجل لبنان تراجعا في دور الحركات الديموقراطية التي تطالب بالمساواة والحرية وحقوق الانسان، وإذا أردنا تحديث الدولة على هذه الاسس، فمشاركة المرأة في وضع السياسات العامة هي حاجة أساسية وجزء لا يمكن فصله عن عملية الاصلاح والبناء الديموقراطي". 
 
 
رحيم 
 
 
من جهتها قالت المحامية برناديت رحيم: "فيما يحتفل العالم بيوم المرأة، لا تزال المرأة اللبنانية تلهث مطالبة بحق أولادها في الحصول على جنسيتها، هل من رابطة دم اقوى واصدق من رابطة دم الام؟ 
 
 
المرأة تنتظر صدور قانون موحد يرعى حضانة الاطفال، وهل من قوانين ظالمة بحق النساء والاطفال في هذه القضية أكثر من القوانين اللبنانية (ينزع الطفل من حضن أمه في حال انفصال الزوجين بعمر السنتين، والطفلة بعمر السبع سنوات). وفي معظم الاحيان يخيل لها انها بزواجها ستخسر اسم عائلتها المولودة به، لتأخذ اسم عائلة زوجها. المرأة تحاول جاهدة الوصول الى مراكز تمكنها من المشاركة في التخطيط وصنع القرار، عل المجتمع يقتنع بقدراتها واهليتها". 
 
 
وأشارت الى "أن المراة في بلدي لا تزال ضحية سهلة لما يسمى جرائم الشرف، وتقوم بمحاولات للضغط على أصحاب القرار من أجل الغاء الغطاء القانوني والاجتماعي لما يسمى العذر المخفف، هذه الجرائم التي لا تربط بالشرف ولا بالكرامة الانسانية تحرمها القوانين والمواثيق والاعراف الدولية. 
 
 
المرأة انسانة كاملة الاهلية، والتجارب أثبتت ذلك، ومن حقها أن تتمتع بحقوق المواطنة الكاملة. وفي لبنان ستطلق لمناسبة الثامن من آذار حملة وطنية لتنزيه القوانين ذات الاثر الاقتصادي، من الاحكام التمييزية ضد المرأة بالتنسيق بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والمجلس النسائي اللبناني. وتعقد منظمة "كفى" مؤتمرا صحافيا للمطالبة برفع التحفظات التي وضعها لبنان على بعض بنود اتفاقية "السيداو"، الى سلسلة ندوات ولقاءات وورش عمل تطرح قضايا المرأة انطلقت في بداية شهر آذار، وهي مستمرة بشكل مكثف الى الاسبوع الأخير من شهر آذار - شهر المرأة، علما أن المنظمات النسائية ناشطة في تناول قضايا المرأة على امتداد ايام السنة. 
 
 
"المجموعة النسوية" ومجموعة "لا حقوق - لا نساء" مجموعات من الشابات لم يكد يمضي ثلاثة اعوام على انطلاقتهن، سيتظاهرن على امتداد الخط البحري في العاصمة، وسيعتصمن أمام حديقة سمير قصير. 
 
 
وللمناسبة، تطلق ست منظمات أهلية ومدنية تعمل في الوسطين اللبناني والفلسطيني حملة لتفعيل دور المرأة في صنع القرار. 
 
 
وفي مصر تنطلق اليوم مسيرة نسائية مليونية، وكما في بقية الدول ستأخذ مطالب النساء في هذا اليوم أشكالا متنوعة ومتعددة من التحركات والاحتجاجات. وفي المملكة العربية السعودية تقدمت مجموعات من المثقفات والمثقفين الى الملك بسلسلة من الاصلاحات تضمنت إقرار حقوق النساء وعدم التمييز ضدهن. 
 
 
فتحية للمرأة المناضلة والعاملة في أصقاع الأرض بيوم عيدها. 
 
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب