الخميس 31 تشرين الأول 2024

02:14 pm

الزوار:
متصل:

الشهداء المصورون في يومهم ... ينقشون في نفوسنا آثارا تبقى الى الأبد

 

تحقيق رحاب أبو الحسن 
 
 
 
 
 "هي الحياة... وجودنا فيها ليس غاية بل طريق نحو المجد الحقيقي. لذا فإن ما نؤديه هو رسالة نسأل الله أن يثيبنا عليها في الحياة الأبدية". هذا ما يقوم به الاعلاميون في العالم وليس في لبنان وحده، يؤدون رسالتهم المجبولة بالتعب والركض وراء الخبر والصورة غير آبهين بالأخطار التي يتعرضون لها حتى ولو وصل الأمر الى حد الاستشهاد، وهو ما يحصل في أحيان كثيرة. 
 
 
شهداؤنا الاعلاميون عرفوا أن كلماتهم الكبيرة تطلق في فضاء ضيق، وعرفوا في قلوبهم ان الحقيقة ليست مقبولة في مكان يعج بالأقاويل، وعرفوا ايضا ان خبرا في جريدة وقصة في فضائية وصورة في صحيفة أو على شاشة التلفزيون قد تكون الاخيرة. ربما لم يخافوا وربما لم يدركوا أن الموت سيكون قريبا منهم الى هذا الحد أو سيدهمهم بهذه السرعة في ساحة معركتهم الاعلامية، وسلاحهم الوحيد فيها كلمة وكاميرا.
 
 
 
 بالامس أحيت نقابة المصورين الصحافيين ذكرى يوم المصور الشهيد ككل عام في 22 شباط في ساحة الشهداء، رافعة شعار "لنتذكر شهداءنا ونقف دقيقة صمت ونحي الذكرى لأن المصور الصحافي هو الضمير الذي يسجل مختلف الأحداث على الرغم من المصاعب الكبيرة التي تعترض وصوله الى الحقيقة". 
 
 
 
 
معهم استذكرنا شهداء المهنة ولا سيما منهم المصورين ليس في لبنان وحده وانما في العالم العربي أيضا في ظل ما يتعرض له هؤلاء من اعتداءات أودت بحياة الكثيرين، ولأن هؤلاء ايضا "بعملهم وتفانيهم الكبيرين صنعوا الذاكرة الحقيقية البعيدة عن  الانحيازات الآنية والعابرة، وسجلوا للمستقبل دقائق اللحظة وتفاصيلها"، كما قال أصدقاء الشهداء في نقابة المصورين.
 
 
 
 
وبدمعة حارة تذكروا وتذكرنا معهم كل الشهداء: النقيب جورج سمرجيان الذي يعتبره عارفوه إرثا إنسانيا وتاريخيا تجاوز الصور الصحافية وارتقى إلى مرتبة الفن المؤثر وقناص الزمن الاستثنائي، والياس الجوهري، وخليل الدهيني، واحمد حيدر، وعبد الرزاق السيد، وحبيب ضيا، وربيع فحص، وعدنان كركي، وعلي الموسوي وبهجت دكروب وليال نجيب وعساف أبو رحال. 
 
 
 
 
 أما من العالم العربي فنتذكر صحافيي فلسطين المحتلة ومصوريها الذين يواجهون يوميا بكاميراتهم آلة الحرب الإسرائيلية، وهو ما حصل مع المصور الشهيد فضل شناعه مصور وكالة "رويترز" في غزة، والذي واجه قذيفة الدبابة الاسرائيلية التي وجهت نحوه بكاميرته التي التقطت الاعتداء السافر عليه وشاهده العالم أجمع بفضل رفاقه. 
 
 
 ولا ننسى طارق أيوب الذي استشهد على الهواء وهو ينقل عبر قناة الجزيرة الفضائية وقائع الغزو الاميركي-البريطاني للعراق، كما لا يمكن ان ننسى ليال نجيب التي كانت الصحافية الأولى التي قتلت خلال أداء عملها منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على لبنان، في الثاني عشر من تموز 2006 في غارة جوية إسرائيلية على منطقة صور جنوب لبنان. اذا، إنه يوم نتذكر فيه شهداءنا الذين يذكروننا بدورهم "بأوجاعنا ومتاعبنا مع المهنة وما ينتج عنها من تعرض للمصور الصحافي"، كما يقول نقيب المصوريين الزميل كريم الحاج، "إذ نتذكر جرحانا والمخطوفين منا، وكذلك الاعتداءات المتكررة علينا حين لا يختلف فيها مجموعة أولاد في الشارع عن مرافقي قيادي ما.  فنحن نركض في كل مكان ومع كل الاطراف، ننقل معاناة الناس وجلبهم الماء تحت رصاص القنص او بين القذائف، نحمل خوف الاطفال وكذلك فرحهم وأملهم بحياة كريمة، ونكون موجودين في مؤتمراتهم السياسية، نقفز فوق الجدران بحثا عن الصورة الاجمل. نعمل لتصل الصورة الحقيقية والواقعية الى كل الناس في كل مكان، وفي كثير من الوقت نبقى المجهولين الذين يسبقون المقاتلين او يلحقون بهم، ندفع من دمنا ثمن الاختلافات السياسية والصراعات، ويحتاج كل الاطراف الينا ليظهروا صورتهم، وندفع ايضا ثمن التوافق والسلم، كأننا المسؤولون عن سياسات المؤسسات التي نعمل فيها، مع أن الكل يعرف أننا ناقلو الحدث ولسنا أصحابه". 
 
 
 كذا أرادها الحاج صرخة من القلب في وجه الجميع لاحترام هذا المصور وعمله "فهو ليس صانع الحدث ليتحمل تبعاته، وانما هو ناقل للحدث الذي يراه أمامه، طارحا سؤالا دون الحصول علي جواب عنه، "وهو كيف نصنع من شهداء الاعلام خط دفاع أول عن حقوقنا وعن حمايتنا، وكذلك عن وحدتنا بطلب من الدولة؟" 
 
 
 ولكن رغم كل معاناة "مهنة المتاعب"، فإن الآثار التي يتركها الاعلاميون خلفهم، ولا سيما المصورون منهم هي كما قال ميخائيل نعيمة: "إن آثارا يتركها الإنسان في الحجر تندثر باندثار الحجر، لكن آثارا ينقشها الإنسان في روح الإنسان لباقية إلى الأبد". 
 
 

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب