كتبت رحاب أبو الحسن
حملوا ورودهن البيضاء بحنان، ضمّوها الى صدورهن وكأنها طفل صغير خائفين عليه ويريدون أن يحموه، بين "بتلات" الوردة برزت وجوه لشباب في"عمر الورود"،يبرزونها مع كل وردة يوزعونها على المارة في ساحة رياض الصلح في بيروت، بهدف التذكير بقضيتهم، أنهم أهالي المخطوفين والمفقودين خلال الحرب الأهلية.
إلى جانبهم نشرت الناشطات في حملة "لأنهم أولادي،جنسيتي حق لهم"على حبال الساحة ذاتها مطالبهن من أجل المساواة في منح المرأة اللبنانية الجنسية لزوجها وأولادها على غرار الرجل، فامتلأت الساحة بحملة التوقيع التي نظمتها الحملة مطالبة المجلس النيابي اللبناني بتعديل المادة الأولى (الفقرة الأولى) من قانون الجنسية الصادر بالقرار رقم 1925/15 لتصبح "يعد لبنانيا" كل شخص مولود من أب لبناني وأم لبنانية" .
وفي حديقة "جبران خليل جبران" تجمع عدد من الشباب الأكراد السوريين يطالبون بوقف المشاريع العنصرية ضد الأكراد ورفض التمييز المستخدم ضدهم، مطالبين الحكومة السورية بتحسين وضع حقوق الإنسان وإلغاء حكم الطوارئ والأحكام العرفية .
تجمعوا إذا في موقع واحد ومكان واحد (ساحة رياض الصلح) من دون تنسيق رافعين شعارا واحدا مشتركا "حقوقهم كبشر" في اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف اليوم العاشر من كانون الأول من كل عام، هذا اليوم الذي يشكل واحدا من أهم منجزات الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وكان بمثابة المحاولة الأولى من مؤسسة دولية لتسليط الضوء على الإنسان الفرد وحقوقه. وهدف الى تقديم فهم مشترك لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة،مؤكدين قول عالمة الاجتماع الاسترالية "روث روشا" أنه" بغض النظر عن عرقك، بغض النظر عما إذا كنت رجلاً أو امرأة،بغض النظر عن أي لغة تتكلم، أو ما هو دينك،أو آراؤك السياسية، أو إلى أي بلد تنتمي أو من هي عائلتك، بغض النظر عما إذا كنت غنياً أو فقيراً، بغض النظر عن أي منطقة من العالم تأتي منها، أو هل دولتك مملكة أم جمهورية فإن هذه الحقوق والحريات ينبغي أن يتمتع بها كل شخص"،
ويعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ترجم لأكثر من 220 لغة أول وثيقة حقوق إنسان شاملة تصدر عن منظمة دولية عالمية ،ولقد اكتسب الإعلان وضعاً أخلاقياً وأهمية قانونية وسياسية مع مرور الأعوام وهو يمثل حجر الزاوية في كفاح الجنس البشري من أجل الحرية والكرامة الإنسانية .
وعلى الرغم، من أن الإعلان ليس اتفاقية تلتزم الدول بتنفيذها إذ أن الجمعية العامة اعتمدته كقرار ليس له إلزام قانوني إلا أنه اكتسب قيمة أخلاقية ومعنوية كبيرة كما اكتسب أهمية قانونية وسياسية وأصبح مصدر لكثير من الإعلانات والاتفاقيات التالية له وللدساتير .
فقد أشارت العديد من دساتير الدول التي وضعت بعد عام 1948 إلى الإعلان العالمي ونصت على ما جاء فيه في دساتيرها وقوانينها الداخلية.
وتستشهد هيئات الأمم المتحدة -بما في ذلك الجمعية العامة ومجلس الأمن- في العديد من القرارات الهامة بالإعلان، ويستند قضاة المحكمة العدل الدولية أحيانا إلى المبادئ الواردة في الإعلان.
نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مواده الثلاثين علي حقوق كثيرة منها المدنية والسياسية والاقتصادية، فنادى بالمساواة وعدم التمييز، والحق في الحياة وفي الحرية وفي الأمان لكل شخص، والتحرر من الاسترقاق والاستعباد، وعدم الخضوع للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو غير الإنسانية ، وحق الإنسان في كل مكان في أن يعترف له بالشخصية القانونية ، وحق اللجوء للقضاء لانتصاف الفعلي، وعدم اللجوء إلى الاعتقال أو الحجز أو النفي تعسفا ، وحق كل إنسان أن تنظر قضيته محكمة مستقلة محايدة نظراً منصفاً وعلنياً ، والحق باعتبار كل شخص بريء حتى تثبت إدانته، وعدم جواز التدخل التعسفي في حياة الإنسان الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه ، وحرية التنقل والإقامة ، وحق اللجوء ،والحق في أن تكون للفرد جنسيه، والحق في الزواج وتأسيس أسره وحق التملك ، وحرية الفكر والوجدان والدين وحرية الرأي والتعبير وحق تكوين الجمعيات وعقد الاجتماعات وحق كل شخص بالتساوي مع الآخرين في تقلد الوظائف العامة في بلده .
أما على صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فأكد الحق في الضمان الاجتماعي والحق في العمل ،والحق في الراحة وأوقات الفراغ، والحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية، والحق في التعليم والحق في المشاركة في حياة المجتمع الثقافية، والحق في تمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان تحققا تاما.
النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الديباجة
لمّا كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدمًا وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان إطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها.
ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
فإن الجمعية العامة
تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الإعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.
المادة 1
يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا عقلاً وضميرًا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء.
المادة 2
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء.
وفضلاً عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
المادة 3
لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
المادة 4
لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص. ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.
المادة 5
لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 6
لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
المادة 7
كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يُخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.
المادة 8
لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
المادة 9
لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
المادة 10
لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه له.
المادة 11
كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
لا يدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلاّ إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب. كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.
المادة 12
لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته. ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.
المادة 13
لكل فرد حرية النقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
المادة 14
لكل فرد الحق أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هربا من الاضطهاد.
لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
المادة 15
لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا أو إنكار حقه في تغييرها.
المادة 16
للرجل والمرأة متا بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين. ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملا لا إكراه فيه.
الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
المادة 17
لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا.
المادة 18
لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين. ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة.
المادة 19
لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود