تحقيق قاسم صفا
تسابق مشكلة النفايات في قضاء صور الحلول التي تضعها الهيئات والمؤسسات المعنية الاهلية والمحلية والدولية، الخاصة والرسمية، في ظل الانتاج اليومي الهائل للنفايات في المنطقة وعدم قدرة البلديات على التعامل مع هذا الملف بشكل صحي وكامل.
وتقض هذه المعضلة مضجع قضاء تبلغ مساحته 418 كيلومترا مربعا، وعدد سكانه 320 ألفا، يتوزعون على 65 بلدة وقرية، إضافة الى المخيمات الفلسطينية التي لا يقل عددها عن سبعة بين رسمي وغير رسمي. ولا تقتصر ذيول المسألة على الأهالي، بل تتعداهم الى مواقع "اليونيفيل" في المنطقة.
والمشكلة هي في المكب المعتمد في منطقة رأس العين، والذي يحتل موقعا كان قبل جبل النفايات من أجمل المواقع، لمحاذاته الشاطئ وقربه من ينابيع رأس العين التي تعد من الأغزر في لبنان، وترتوي منها قرى عديدة، كما أن مياهها تروي البساتين الواقعة في سهل الناقورة.
والأدهى أن القضية تتفاقم يوميا حتى أضحت شبيهة بجبل النفايات في مدينة صيدا، لا بل أخطر، لكن حتى الآن لم يستشعرها عموم الناس، ولا يدرك فداحة حجمها سوى المسؤولين في البلديات والجمعيات البيئية التي تكتفي بعقد اللقاءات في المطاعم والفنادق.
ولا تنحصر الأضرار بحجم النفايات، بل تتعدى ذلك الى الدخان الذي يتصاعد باستمرار من المكب، كما أن المنطقة باتت موبوءة، وتحمل أمواج البحر النفايات التي تصل شمالا وجنوبا حسب اتجاه الرياح.
الحسيني
ويقول رئيس اتحاد بلديات قضاء صور عبد المحسن الحسيني: "الخطر ليس داهما، بل هو قائم ويزداد يوما بعد يوم، ولا سبيل لنا بالمساعدة لحل هذه المشكلة الكبيرة سوى الدول المانحة التي تأتي عبر جمعيات وتطرح علينا الحلول من أجل المحافظة على البيئة والنظافة وعدم تلويث المياه والهواء وكل أنواع الآفات التي تنتجها النفايات".
ويوضح أنه استنادا الى الاحصاءات، "تبلغ كمية النفايات المنتجة في منطقة صور نحو 192 طنا لا تتحول كلها الى مكب رأس العين، بل هناك عدد من المكبات العشوائية التي تتخلص من تراكم النفايات عبر الحرق والرمي العشوائي والطمر غير الصحي".
ويضيف: "كل لبنان يعاني وليست منطقة صور وحدها، ونحن بدورنا نسأل الدولة أي حلول وضعت؟ ونسأل وزارة البيئة ماذا قدمت؟ ونسأل كل الوزارات ماذا فعلت لمشكلة النفايات الصناعية والزراعية والطبية، وهي الاخطر؟"
ويذكر "بأننا تحدثنا أكثر من مرة عن هذا الملف عبر الاعلام، والآن عبر الاعلام الرسمي مشكورا، وهو سيف قاطع، لكن الآن لا أحد يهتم، ونحن نتحدث عبر الاعلام لكي يسمع كل المسؤولين لعلهم يتجاوبون، لأن مشكلة المكبات العشوائية ستكبر، وعندئذ لا يستطيع أحد أن يجد لها الحلول".
ويشير الى معمل عين بعال لفرز النفايات ومعالجتها "والذي يستوعب أقل من ربع المشكلة، ويحتاج ذلك الى وعي لم نتوصل اليه حتى الآن، حتى تأتي النفايات من المصادر مفروزة (الصلبة والمواد العضوية: الورق، الكرتون والخشب ...الخ).
وإذا توصلنا الى هذا الوعي، نستطيع أن نضع بعض الحلول الخجولة للمشكلة".
ويتحدث الحسيني عن معمل فرز النفايات في عين بعال والوعي البيئي والصحي والمساهمة في فرز النفايات من المصادر، "ويستطيع المعمل أن يستقبل 150 طنا يوميا. لكن كلفة نقل النفايات على البلديات باهظة وتتطلب جهدا ووقتا أكثر، وتبعد بعض قرى قضاء صور مثل بلدة صريفا عن معمل عين بعال أكثر من خمسة وثلاثين كيلومترا. ونظرا الى الكلفة الباهظة، تضطر بعض البلديات الى إيجاد حلول غير بيئية مثل المكبات العشوائية والتي يتم فيها الطمر غير الصحي والحرق الذي يلوث البيئة والاجواء".
ويؤكد الحسيني "أن معمل فرز النفايات في عين بعال من أهم المعامل، وهو ذو مواصفات عالمية، ولكن يا للاسف، لم نتوصل الى إيجاد قطعة أرض نقيم عليها المطمر الصحي".
ويخلص الى القول "إن البلديات والدولة والدول المناحة شركاء في المشكلة لوضع الحلول المناسبة".