الخميس 31 تشرين الأول 2024

04:24 pm

الزوار:
متصل:

الخط العربي فن وعلم وإبداع يجسد الحضارة العربية وتعليمه في المدارس الرسمية يهذب طرق الكتابة

 

  
                                             
 تحقيق: رحاب ابو الحسن
 
 
 
 
 
 وصلت في الوقت تماما الى الندوة التي نظمها نقيب خطاطي الصحف والمجلات جوزف حداد عن "الخط العربي أداة أساسية في المناهج التربوية"، في نقابة الصحافة، لكن ما فوجئت به هو الحضور الذي اقتصر على مراسلة لإحدى الفضائيات العربية ومجموعة صغيرة تبين لاحقا أنهم خطاطون حضروا للتعبير عن أسفهم "لغياب مثل هذا الفن الراقي عن التعليم في لبنان وعن الصحافة اللبنانية، بعدما كان سابقا فنا أساسيا في صفحاتها لما فيه من إبداع وجمال".
 
أمور كثيرة قيلت للدلالة على "أهمية الخط العربي"، أهمها ما ورد في القرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم"، وقول النبي "قيدوا العلم بالكتابة".
 
وردد الحاضرون قول الشاعر: "الخط يبقى زمانا بعد كاتبه وكاتب الخط تحت الأرض مدفون"، وقول شاعر آخر: "إن افتخر الأبطال بسيفهم وعدوه مما يكسب المجد والكرم كفى قلم الكتاب عزا ورفعة مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم".
 
 
وعلى وقع هذه المقولات، أمضى النقيب جوزف حداد 40 عاما متنقلا بين مدارس متعددة حاملا معه حلمه ب"إدخال الخط العربي مادة تدريس في المدارس الرسمية"، لينتقل لاحقا الى العمل في بعض الصحف اللبنانية خطاطا لعناوينها ومانشيتات الصفحات الأولى فيها، "يوم كان الخط العربي في عصره الذهبي حينها". 
واضاف: "لكن اليوم، مع تراجع هذا الأمر لدخول خطوط مكتوبة على الكومبيوتر، جربنا أن نطور عملنا في تدريس الخط العربي عبر وزارة التربية في المدارس الرسمية والخاصة أيضا"، لافتا الى تجربته مع "أربعة وزراء للتربية لجعل تدريس الخط العربي مادة أساسية في التعليم التربوي"، متوقعا أن "يتحقق ذلك قريبا مع اتجاه وزير التربية الحالي حسن منيمنة الى ادراج تدريس الخط العربي مادة أساسية في المناهج التعليمية"، معلنا عن موعد معه في 27 الحالي لبت الموضوع.
 
ويقول حداد انه "لا يسعى من طلبه هذا الى الحصول على وظيفة، انما تحسين طريقة كتابة أبنائنا في المدارس وتهذيبها، من جهة، وتعليمهم مهنة قد يستفيدون منها في المستقبل".
 
وللدلالة على أهمية مهنته وجمال الكتابة بالخط العربي، يحمل حداد أينما ذهب إنتاجه الفني عارضا لقصاصات من الصحف ألصقها على أوراق ذيلها بكتابة "المانشيت" نفسها بخط اليد ليبرز الفرق بين خط الكومبيوتر وخط اليد. "فقبل عام 1989، كان لكل جريدة خطاطها: اشتهر ميشال غفري بالخط ألنسخي الذي اعتمدته جريدة "النهار"، وكان جبران مطر أهم من كتب بالخط ألرقعي عناوين "لسان الحال".
 
ويضيف: "مثل الخط أحد معايير شخصية الجريدة. إلا أن التطور التكنولوجي استبدل الخطاطين ببرامج الخط العربي والريشة بجهاز الكومبيوتر، فكسر الخطاطون ريشهم ومكثوا في البيت".
 
عاصي
 
 نقابة الخطاطين تضم أربعين خطاطا يجتمعون مرة كل ستة أشهر "ليتبادلوا همومهم ولتأكيد مطالبهم"، كما يقول الخطاط علي عاصي الذي اعتبر أن "الخط هو فن راق يجسد تاريخ حضارة عربية راقية عاشت على مر السنين، ولذا يجب أن يدرس في الجامعات ويعود الى مانشيتات الصحف".
 
 
 
 
 
 
 
 الخط العربي
 
ويعتبر الخط العربي فنا قائما بذاته، إنه الفن الإسلامي بامتياز يحمل رسالة وحضارة. انتشر قبل الإسلام في مناطق مجاورة لشبه الجزيرة العربية وبخاصة في الحيرة والأنبار في العراق ومنه وصل إلى الجزيرة عن طريق الحجاز ونجد. وفي هاتين المدينتين وضعت الأسس الأولى للخط العربي، ثم انتقل إلى مكة الكرمة والمدينة المنورة. وهذا ما يشير إلى أن العربي اهتم بالكتابة قبل الإسلام. فقد كتب عقودا ومعاهدات ووثائق سياسية وتجارية ودون شعرا ونثرا. ولما جاءه القرآن لم يكن العربي أميا وإلا فكيف تمكن من أن يستوعب هذه الآيات ذات العمق الديني والفكري والتي أنزلت بلغة على درجة عالية من الفصاحة والبلاغة؟
 
 
 
80 نوعا من الخط
 
وتطور هذا الخط مع الزمن من وسيلة لنقل المعرفة إلى تعبير لابراز الجمال حتى وصل في زمن العباسيين إلى ثمانين نوعا من الخط. وقد ارتبط هذا التنوع بعد انتشار الإسلام بالجغرافية البشرية من بلدان وأعمال وعلوم وحرف إلخ.. ومنه:
 
 الخط الكوفي وهو من أجود الخطوط شكلا ومنظرا وتنسيقا وتنظيما.ً فأشكال الحروف فيه متشابهة وزاد من حلاوته وجماله أن تزين بالتنقيط وقد بدأت كتابته من القرن الثاني الهجري، ثم ابتكر الإيرانيون الخط الكوفي الإيراني وهو نوع من الخط الكوفي العباسي تظهر فيه المدات أكثر وضوحا. ثم ظهر الخط الكوفي المزهر وفيه تزدان الحروف بمراوح نخيلية تشبه زخارف التوريق، وشاع استعمال هذا النوع في إيران في عهد السلاجقة وفي مصر في العهد الفاطمي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
خط النسخ: وضع قواعده الوزير ابن مقلة وأطلق عليه النسخ لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها لأنه يساعد الكاتب على السير بقلمه بسرعة أكثر من غيره، ثم كتبت به المصاحف في العصور الوسطى الإسلامية وامتاز بإيضاح الحروف وإظهار جمالها وروعتها، وهوأول خطوط مجمع الملك.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 خط المصحف، وهو الخط الذي كتبت به المصاحف بحروف خط الثلث وبعد العناية والاهتمام به وتجويده سُمي بالمحق قثم تطورت الكتابة لتكون على صورة أخرى سمي الخطت المصحفي جمعت بين خط النسخ والثلث
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخط الديواني، هو الخط الرسمي الذي كان يستخدم في كتاب الدواوين وكان سرا من أسرار القصور السلطانية في الخلافة العثمانية ثم انتشر وصارت لطرق كتابته مذاهب كثيرة وهو يمتاز بأنه يكتب على سطر واحد وله مرونة في كتابة جميع حروفه.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخط الأندلسي – المغربي: مشتق من الخط الكوفي وكان يسمى خط القيروان نسبة إلى القيروان عاصمة المغرب. وهو موجود في نسخ القرآن المكتوبة في الأندلس وشمال إفريقيا، ويمتاز هذا الخط باستدارة حروفه استدارة كبيرة وبمتحف المتروبوليتان عدة أوراق من مصاحف مكتوبة بالخط الأندلسي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
خط الرقعة: يمتاز هذا النوع بأنه يكتب بسرعة وسهولة وهو من الخطوط المعتادة التي تكتب في معظم الدول العربية، والملاحظ فيه أن جميع حروفه مطموسة عدا الفاء والقاف الوسطية.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 الخط الفارسي: يعد من أجمل الخطوط التي لها طابع خاص يتميز به عن غيره إذ يتميز بالرشاقة في حروفه فتبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد، وتزيد من جماله الخطوط اللينة والمدورة فيهلأنها أطوع في الرسم وأكثر مرونة لا سيما إذا رسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع وقد يعمد الخطاط في استعماله إلى الزخرفة للوصول إلى القوة في التعبير بالإفادة من التقويسات والدوائر، فضلا عن رشاقة الرسم، فقد يربط الفنان بين حروف الكلمة الواحدة والكلمتين ليصل إلى تأليف إطار أو خطوط منحنية وملتفة يظهر فيها عبقريته في الخيال والإبداع.
 
 
 
 خط الثلث: من أروع الخطوط منظرا وجمالا وأصعبها كتابة وإتقانا، يمتاز عن غيره بكثرة المرونة إذ تتعدد أشكال معظم الحروف فيه، لذلك يمكن كتابة جملة واحدة مرات عدة بأشكال مختلفة ويطمس أحيانا شكل الميم للتجميل ويقل استعمال هذا النوع في كتابة المصاحف ويقتصر على العناوين وبعض الآيات والجمل لصعوبة كتابته ولأنه يأخذ وقتا طويلا في الكتابة.
 
 
 
 
 
 وتعود تسمية الخط الثلث الى وجود خط قبله كان اسمه (الطومار) وهو ورق محدد حجمه وكبير فيقتضي أن تكون قصبة الخطاط تتناسب وحجم الطومار إذ كان عرض القصبة 18 شعرة من شعر الحمار لكنهم رأوا أن الخط عريض أكثر من اللزوم فاختصروا ثلثه وأبقوا 16 شعرة وسموه خط الثلثين، ثم اختصروا الثلث الثاني الى 8 شعرات فبقي خط الثلث الذي نسمع عنه الآن.
 
 
 
 ويعتبر خط الثلث أستاذ الخطوط وعملاقها وسيدها، ونظرا الى ان أشكال حروفه كثيرة ومتنوعة وتمتاز بالمرونة والطواعية، فيمكن كتابة الجملة الواحدة بأشكال وتكوينات يختلف بعضها عن بعض وقد طوره الخطاط محمد شفيق بك ابن سليمان ماهر بك الذي استطاع إن يحقق انجازا واسعا بتكويناته الابتكارية في خط الثلث وخاصة تلك الكتابات في (الجامع الكبير). ويمتاز هذا الخطاط بكتابة نماذج ولوحات بمقاييس دقيقة وثابتة مزاوجا بين الخطوط وبتراكيب عجيبة مراعيا سعة مساحتها والفراغات التي يمكن أن تحدثها.
 
 
 
 
 
 ويعتبر خطا الثلث والطغرا أجمل الخطوط على الإطلاق وهما أصعب خطين باليد والقليل القليل من يتقن هذين الخطين ويعتبر من يتقنهما وصل إلى درجة التعليم فيعتبر معلم خط، وهذه أعلى درجة بين الخطاطين ويمكن كتابة خط الثلث الآن ببرنامج ألكلك ولكن ليس بإتقان خط اليد وإبداعه وجماله.
 
 
 
 
 
 
 
 يشار الى أن العربي استعمل قبل الإسلام الخط ليستنسخ الكتب والخطب وليدون ما احتاج إلى تدوين. وكان الكتاب قليلي العدد وعرفوا بالمستنسخين. ولما جاء فن الخط إلى الحجاز وانتشر نحو مكة أطلق عليه اسم الخط المكي. وبعد الإسلام، عندما هاجر النبي إلى المدينة دعي بالخط المدني. ولما أنشأ عمر بن الخطاب مدينة الكوفة عام 640 توسع استعمال الخط. فالبصرة، جارة الكوفة، كانت متقدمة في أكثر من فن، فتأثر الخط العربي بهذا التقدم وأصبحت الكتابة جالسة على خط مستقيم وتحسنت كتابة الحرف. ونشأ في زمن قصير نمط جديد من الحرف العربي عرف بالكوفي في الكوفة والبصري في البصري. ثم توحد الكوفي والبصري تحت اسم كوفي، والمكي والمدني باسم المكي. ومع نمو الحاجة إلى الكتابة أدخلت تحسينات على المكي والكوفي بما يمكن دعوته بالحرف اللين والحرف المقور. وعندما أدخلت الكتابة على الخشب والحجر عند بناء بيوت الصلاة تبين أن اللين والمقور في حاجة إلى تبديل فحل محلهما الخط "الجاف" و"اليابس". أما المصحف فكان له منذ البدء خطه الخاص والذي عرف بالمصحفي أو الكوفي المصحفي.
 
 
ويعتمد الخط الجيد على أربعة عوامل أساسية: القلم، الحبر، الورق، ومهارة الخطاط. وقد صنع العرب أقلامهم من أضلاع أوراق النخيل أو القصب أو جذوع الخيزران، كما جلبوا الحبر من الصين قبل أن يصنعوه من السخام والرتنج (مادة صبغية) والعفصة الجوزية. أما الورق فجلبوه في أول الأمر من الصين قبل أن يصنعوه من الكتان ودعوه بالخرساني وما لبثت أن انضمت إليه أوراق أخرى عرفت بالسليماني والطالحي والفرواني والجعفري. أما الرق الذي كان استعماله قبل الورق فقد ظل يستعمل حتى القرن التاسع بينما ظل البردى يستعمل حتى القرن العاشر.

تابعوا أخبار الوكالة الوطنية للاعلام عبر أثير إذاعة لبنان على الموجات 98.5 و98.1 و96.2 FM

  • خدمات الوكالة
  • خدمة الرسائل
  • تطبيق الوكالة الالكتروني
  • موقع متجاوب